مظلة أمن الخليج.. الكود السري

وليد الشيخ

بدأ بعض القادة العرب والخليجيين على وجه الخصوص زيارات مكوكية إلى أمريكا وإيران وبعض دول أوروبا.

واشتعل الحديث عن مسألة التطبيع العربي الكامل مع الدولة اليهودية، كما هناك تقارير عن حلف أمني جديد " أمريكا،إسرائيل - العرب " في وجه إيران، والمتوقع أن يتم في شكل شبكة دفاعية،أو "مظلة أمنية" بين أمريكا وإسرائيل وسبع دول عربية على رأسهم مصر والسعودية،تتكون من مجموعة من نظم البطاريات المضادة للصورايخ "باتريوت"، ومراكز تحميل معلومات رئيسية، وقواعد اتصالات مركزية، و طائرات أواكس، لحماية آبار النفط والمصالح الأمريكية في دول الخليج العربي، وما تشكله إيران من تهديد لإسرائيل وأمريكا والخليج.

ومن الواضح أن مشروع المظلة الأمنية هو نفس المشروع الذي تم طرحه إبان فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش " منظومة أمن الخليج "، والذي كان يعني بتنسيق مصري ــ أردني مع الخليجيون والولايات المتحدة انضمت إليه العراق.، ولكن بصيغة وترتيبات معدلة.

وكان أحد الخبراء في أمن الخليج، قد وصف كلمة "مظلة" دفاعية للخليج، بأنها "كود سرى في غاية الأهمية"، حيث أشار إلى أن "كلمة "مظلة الدفاع" تنطوي على التزام تعاقدى على الدفاع المشترك، أي توفير المساعدات العسكرية في حالة تعرض هذه الدول لهجوم من أي دولة، فعجلة الإقتصاد الأمريكي تحتاج لدفعة في اتجاه النمو من خلال البترودولار الخليجي.

تلك الصياغات الجديدة تضمن تحقيق هدفين: تحجيم النفوذ الإيراني في الخليج ولبنان والعراق واليمن والمغرب وقطاع غزة،وبسط الاستقرار على المنطقة، بما في ذلك تحقيق مطالب إسرائيلية محددة حول تحجيم القدرات التسلحية لأي كيان فلسطيني سينشأ عن هذا الاتفاق.

كان الحديث عن أن تكون البحرين مقراً للمنظومة الأمنية غير مستبعد، خاصة بعد دعوة ولي عهدها في إحدى مقالاته التي نشرت في الصحف الأجنبية إلى ضرورة التحاور العربي الشامل مع إسرائيل، وهي صيغة مباشرة تعبر عن دعمه للتطبيع، مقابل أن يكون لبلده دور في الترتيبات المقبلة بالمنطقة.

جاءت كل هذه التشابكات في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لعدة أطراف، خاصةً إيران التي لم تكد تنتهي من أزمة الإنتخابات، والصراع بين نخب السياسة والدين الذي كاد يعصف بنظام الثورة، وما تم تداوله من هروب بعض الشخصيات من الحرس القديم مثل الرئيس السابق على أكبر رفسنجاني، كما لا نستطيع الفصل بين هذه التشابكات وما يحدث في فلسطين بشكل عام، وحركة فتح ورئيس السلطة على وجه الخصوص بما فى ذلك روية اسرائيل وأمريكا لمؤتمر الحركة بالأمس بهندسة دحلان ورئاسة أبو مازن المتهمان من قبل فاروق القدومي بالتآمر لسم الراحل ياسر عرفات، فالأمور فى الضفة ليست على مايرام، بالإضافة لغموض ما وصلت إليه المفاوضات بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، وازدياد نبرة التهديدات المتبادلة.

من الصعب إخراج سوريا من هذه اللعبة، فالوساطة التركية في المفاوضات الغير مباشرة مع إسرائيل لم تنتهي، بل وأعلنت إسرائيل مراراً إستعدادها على التفاوض المباشر معها، والمبعوث الأمريكي جورج ميتشل لا يكل ولا يمل من زيارة دمشق بالوعود والأماني بعقد اتفاقيات دفاعية عسكرية لحمل سوريا على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل.

ولكن غاب لبنان عن سيناريو إستقرار المنطقة وكأنها في حالة سلم مع إسرائيل، وكأن حزب الله الذي يمتلك قرابة الأربعون ألف صاروخ موجه تجاه تل أبيب، ليس إمتداداً للنظام الإسلامي في إيران، وكأنه بردع إيران وإختراق الأجواء اللبنانية ليل نهار، سيختفي حزب الله من تلقاء نفسه، أو سيتم صعقة في المستقبل – فهناك تحركات عسكرية إسرائيلية على حدود الجنوب اللبناني الآن، وهناك تهديدات بتدمير الدولة اللبنانية بالكامل، فهي المسؤولة أمام إسرائيل وليست حزب الله على حد قول وزير الدفاع الإسرائيلي -، وسعد الحريري لازال لا يشكل ورقة رابحة للتحكم في مجريات الأمور أو على الأقل دفعها لنقول أن السعودية ستتولى شأنه، خاصة بعد مفاجأة وليد جنبلاط التي قلبت الموازين على رأس النظام السياسي اللبناني.

إذن المسألة ليست مظلة لحماية الخليج، لأنها تكاد تكون موجودة بالفعل، فالنفوذ الأمريكي الإسرائيلي طال معظم أجواء وتراب الوطن العربي بالكامل، والشرق الأوسط، لا يعني إيران وشبه الجزيرة العربية فقط.

من المؤكد أن السعودية ومصر ترغبان في موازنة النفوذ الإيراني في منطقة الخليج، ولكن هناك أسباب أخري، فالمملكة تريد استعاده نفوذها كوصية على دول الخليج بعد محاولات تمرد من قبل البعض، كما أن مصر تسعي دائماً للمشاركة في أي ترتيبات لأمن الخليج، والبحرين تود إيجاد دوراً لها على الساحة في المنطقة، في حين عارضت سلطنة عمان فكرة المظلة من منطلق أن الحل يكمن في ضرورة التحرك نحو إنجاز تفاهم إيراني أمريكي يكون هو الضامن لأمن الخليج وللمصالح الأمريكية والاستقرار الإقليمي.

كما انه من المتوقع أن يتم خلق مئات من الإتفاقيات الإقتصادية التي لا تنفصل عن السياسة والعسكر، وذلك لتكتمل صورة التطبيع، فيما معناه، يتم دعم إسرائيل اقتصاديا مقابل الوصاية الأمريكية والتخلص من التهديد الإيراني عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

وبما أن المظلة تأخذ طابع الدفاع، فهذا من شأنه الحفاظ على التفوق النوعي المقدس لدي الأمريكان في موازين القوي لصالح الدولة العبرية، فلا مجال لوجود دولة نووية غير إسرائيل في المنطقة، ولو كانت إيران المشكوك أصلاً في كون برنامجها النووي عسكري من عدمه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12/آب/2009 - 20/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م