شبكة النبأ: اكتشف العلماء، في عقد
الثمانينات من القرن المنصرم، أن النشاط البشري يؤدي إلى تآكل طبقة
الأوزون الواقية للغلاف الجوي للأرض.
فاستجابت الحكومات في جميع أنحاء العالم بالتوصل إلى اتفاق للحد من
إنتاج واستخدام ما يقرب من 100 مادة تتسبب في تدمير طبقة الأوزون.
وقد ساعدت اتفاقية بروتوكول مونتريال التي صادقت عليها 191 دولة، في
تقليص ما يُنتَج من المواد الكيميائية المستنزفة للأوزون بنسبة تفوق 95
في المئة من أكثر من 1.8 مليون طن متري في العام 1987 إلى 83 ألف طن
متري في نهاية العام 2005، وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
ونتيجة لذلك، إن طبقة الأوزون فوق معظم أنحاء العالم لم يتناقص
سمكها منذ عام 1998، ومن المتوقع أن تعود إلى المستويات التي كانت
عليها قبل العام 1980 فيما بين عامي 2050 إلى 2075. بحسب موقع أميركا
دوت غوف
ولعل هذه هي أول حالة تسجل بشأن تعاون الحكومات في جميع أنحاء
العالم بنجاح على التوصل إلى حل لأزمة بيئية عالمية وشيكة.
ماهو الأوزون؟
الأوزون هو عبارة عن غاز موجود بطريقة طبيعية في الغلاف الجوي للأرض
ويتكون من ثلاث ذرات متحدة من الأكسجين، والرمز الكيميائي له هو O3 .
ويتشكل الأوزون عندما تُفتت الأشعة فوق البنفسجية للشمس جزيئا من
الأكسجين، ورمزه الكيميائي O2، وينتج عنه ذلك ذرّتين منفصلتين من
الأوكسجين، والرمز الكيميائي لكل ذرة منهما O.
وتتجمع كل ذرة أوكسجين مع جزيء من الأكسجين لينتج عن ذلك الأوزون.
ويتم إنتاج الأوزون بحيث يتوازن مع ما يحدث له من تدمير بواسطة الغازات
الموجودة في الغلاف الجوي، مثل الكلورين والبرومين.
أين توجد طبقة الأوزون؟
توجد نسبة عشرة فى المئة من الأوزون في الطبقة السفلى من الغلاف
الجوي (التروبوسفير)، الواقعة بين سطح الأرض وحتى ارتفاع يصل ما بين 10
و 16 كيلومترا.
أما التسعون في المئة الباقية من الأوزون فهي توجد في طبقة (الستراتوسفير)
وهي الجزء الأعلى من الغلاف الجوي، التي تقع ابتداء من قمة التروبوسفير
ممتدة إلى ارتفاع يصل 50 كيلومترا.
والأوزون في الستراتوسفير – هو ما يشير إليه العلماء على أنه طبقة
الأوزون – وهي ليست بنفس السمك في كل أنحاء الأرض.
إذ إن طبقة الأوزون فوق القطب الجنوبي أرق من غيرها، وذلك بسبب
الأحوال الجوية الفريدة التي تؤدي إلى تركيز المواد الكيميائية التي
تستنفد طبقة الأوزون.
ما الذي يفعله الأوزون؟
يمكن للأوزون، حسب موقعه في الغلاف الجوي، أن يكون عاملا مساعدا
للحياة على الكرة الأرضية أو الإضرار بها.
فالأوزون الموجود في طبقة التروبوسفير فإنه يكون في الغالب عاملا
ملوثا للبيئة – إذ يصبح أحد مكونات طبقة ضبابية دخانية تدمر أجهزة
التنفس لدى الحيوانات ونقصان نمو النبات.
(إن كمية الأوزون التي تتكون بشكل طبيعي في الطبقة السفلى من الغلاف
الجوي منخفضة جدا بحيث لا تشكل خطرا على صحة الإنسان أو البيئة؛ ولكن
الكثير من الأوزون المضر الموجود في الضباب الدخاني يتشكل عندما تتفاعل
أشعة الشمس مع الهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين، التي تولدها عوادم
السيارات ومحطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري).
أما في الستراتوسفير، فإن الأوزون الموجود فيه يمتص بعض أشعة الشمس
فوق البنفسجية الضارة بالكائنات الحية؛ فيحمي البشر من خطر الإصابة
بسرطان الجلد وإعتام عدسة العين؛ ويحمي الحيوانات والنباتات من مجموعة
من الأضرار المختلفة.
كميات صغيرة وتأثيرات كبيرة
لو توفرت لنا إمكانية أخذ كل جزيئات الأوزون الموجودة في الغلاف
الجوي، وجلبناها إلى سطح الأرض، ووزعناها بشكل موحد في جميع أنحاء
العالم، فسيكون سمك طبقة الأوزون الناتجة عن ذلك أقل من نصف سنتيمتر
واحد. ومع ذلك فإن العلماء يعتقدون أن الحياة على الأرض ربما لم تكن
لتتطور، ولم تكن لتوجد اليوم، من دون حماية طبقة الأوزون في
الستراتوسفير.
وقد أثار تآكلها بفعل الغازات الناتجة عن النشاط البشري تحذيرا لدى
العلماء بشكل خاص، نظرا لما يمثله الأوزون من أهمية حاسمة للحياة على
الأرض.
والغازات الأكثر إضراراً بالأوزون الموجود في الستراتوسفير هي
الغازات المحتوية على مادتي الكلورين والبرومين.
وفي عام 1974، اكتشف ماريو مولينا وشيروود رولاند أن من أكثر
الغازات المحتوية على الكلورين إضراراً بالأوزون غازات
الكلوروفلوروكربون، وهي المواد الكيميائية التي تعبأ بها رشاشات
المبيدات الحشرية ومواد التبريد المستخدمة في الثلاجات ومكيفات الهواء.
وفي عام 1985، اكتشف جوزيف فارمان وزملاؤه تآكلا شديدا في طبقة
الأوزون فوق القطب الجنوبي، أدى إلى وجود ثقب في طبقة الأوزون نتج عن
تفاعل الأوزون مع الكلور والبرومين الناشئين من الكلوروفلوروكربون
وغيرها من الغازات التي يسببها البشر.
وقد تم إنتاج غازات الكلوروفلوروكربون في الثلاثينات من القرن
العشرين واستخدمت في أغراض صناعية وتجارية ومنزلية لأنها غير سامة وغير
قابلة للاشتعال ولا تتفاعل مع المركبات الكيماوية الأخرى القريبة من
سطح الأرض.
وقالت آن دوغلاس، نائبة المدير العلمي المسؤول عن مشروع مركبة أورا
الفضائية التابعة لوكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، "إن هذه
المكونات كانت مكونات عظيمة حين تم ابتكارها." وتقوم المركبة أورا برصد
المكونات الكيميائية للطبقتين العليا والسفلى للغلاف الجوي.
وأضافت دوغلاس أنه قبل ابتكارغازات الكلوروفلوروكربون، "كانت
الغازات المستخدمة في الثلاجات خطرة، ومن بينها غاز الأمونيا.
ومن ناحية أخرى فإن غازات الفوروكلوروكربون تُعتبر غازات هامدة أو
خاملة بالقرب من سطح الأرض.
لذا فكما قالت دوغلاس فإن "هذا هو ما يجعلها خطيرة بالنسبة لطبقة
الأوزون، إذ إنها لا تتحلل إلا بعد أن تصل إلى ارتفاع قدره 30 كيلومترا،
وهو بالضبط ما يحعلها آمنة بالنسبة للبشر."
وبمجر أن تدخل غازات الكلوروفلوروكربون الغلاف الجوي، فإنها تنجرف
ببطء إلى أعلى، وتصل الغازات المنبعثة على سطح الأرض إلى طبقة
الستراتوسفير خلال خمس أو ست سنوات. وتتفاعل الأشعة فوق البنفسجية في
الستراتوسفير مع مركبات غازات الكلوروفلوروكربون، فتنبعث ذرات الكلورين
من جزيئات غازات الكلوروفلوروكربون. وتتفاعل ذرة الكلورين مع جزيء
الأوزون فتفتته لتشكل جزيئات من الأكسجين العادي وجزيء من أول أكسيد
الكلورين، وكلاهما غير قادر على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية.
ذرة أوكسجين واحدة قد تتفاعل مع أول أكسيد الكلورين، وتنبعث منها
ذرة كلورين، كما يتشكل جزيئ من الأكسجين العادي.
وتصبح ذرة الكلورين حرة ويمكنها كسر جزيء أوزون آخر . ويمكن لذرة
كلورين واحدة أن تكرر هذه الدورة آلاف المرات، مما يتسبب في القضاء على
آلاف من جزيئات الأوزون.
بروتوكول مونتريال
في يوم 16 أيلول/سبتمبر، 1987، وقع ممثلو 24 دولة بروتوكول مونتريال
حول المواد المستنفدة للأوزون، والحد من إنتاج واستخدام حوالى 100 مادة
تتلف طبقة الأوزون الموجودة في الستراتوسفير (الجزء الأعلى من الغلاف
الجوي).
ومنذ ذلك الحين صادقت علي الاتفاقية 191 دولة. وفي عام 1978 قامت
الولايات المتحدة بحظر استخدام غازات الكلوروفلوروكربون، في جميع
منتجات الإيروسول الأميركية الصنع.
في العام 2006، لا حظ خبراء العلوم الدوليون، في تقرير متابعة مقدم
من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، مؤشرات مبكرة تدل على أن طبقة
الأوزون في الجزء الأعلى من الغلاف الجوي بدأت تتعافى.
وجاء في التقرير أنه "نتيجة لبروتوكول مونتريال، بدأ يتناقص في
السنوات الأخيرة مجمل كمية الغازات التي كانت متوفرة بغزارة والمؤدية
لتآكل طبقة الأوزون في الغلاف الجوي. وفي حال مواصلة دول العالم تنفيذ
ما نصت عليه بنود بروتوكول مونتريال، سيستمر تقلصها على امتداد القرن
الحادي والعشرين."
ويمكن أن تظل غازات الكلوروفلوروكربون في الغلاف الجوي ، حتى 100
سنة، ولذا فإن الأمر سيستغرق وقتا أطول لمعرفة الآثار الكاملة لخفض
انبعاث هذه الغازات على تعافي طبقة الأوزون. |