المسرح الكربلائي الواقع والطموح في حوارات جادة مع المعنيين

حوار: علي العبادي

 

شبكة النبأ: أعطيني خبزاً ومسرحاً أعطيك شعباً مثقفاً، كعادتهم مبدعينا رافدين الحركة الثقافية في العراق ينبوع يتدفق ابداعاً في مختلف مجالات الفن والثقافة والأدب وان المسؤولين لم يعطوا لهم خبزاً وهو حقاً لهم فأنهم كانوا خميرة لخبزاً لا يستطيع المسؤولين عجنه لأنه ليس لعبة ولا هزالاً وإنما هو حياة بالفعل إن المسرح حياة نستقي منه العبر والدروس ونتخذه منهاجاً عملياً وعلمياً ونطبقه في حياتنا، وحتى نتطلع إلى غداً أكثر إشراقا تحت شمس الجمال والإبداع.

الفنان المسرحي وسام ألقريني احد الشخصيات المسرحية الناشطة في كربلاء وعضو الفرقة الحرة للتمثيل حدثنا عن واقع المسرح الكربلائي ومدى تفاعل الجمهور مع أداء بعض الفرق المسرحية، فضلا عن ابرز معوقات وشجون العمل المسرحي في المحافظة.

س: متى تم تأسيس الفرقة ؟ ولماذا؟

تم اختيار تسمية الفرقة الحرة للتمثيل لمجموعة الشباب الهواة عام 2006 بسبب محاربة بعض الأشخاص المتطفلين على اسم الفن المسرحي ومحاولة تسقيط هذهِ المجموعة الشبابية ،حيث أنها استخدمت أكثر من أسم على طول مسيرتها الفنية.

إما لماذا؟ إن الموهوبة التي امتلكها هؤلاء الشباب وإيمانهم بأهمية الرسالة المسرحية في نشر الثقافات في مختلف المجتمعات، وشعوراً منهم بوجوب ترسيخ فكرة المسرح على نطاق العراق.

وبعد إن مسخت هوية المسرح الحقيقة بما يسمى المسرح (التجاري) ذو المستوى الهابط، حيث إن حضارة الأمم تقاس بمسرحها.

فكيف يمكن أن نواكب العالم ونحن لدينا الكثير من المهرجين الذين أساؤوا إلى الثقافة بشكل عام والتزامها ورسالتها الإنسانية؟ لذا كان لابد لهذهِ المجموعة المتميزة إن تحارب في سبيل مسح هذهِ الهوية المزيفة.

س: ما هي أبرز الإعمال التي قدمتها الفرقة ؟

قدمت الفرقة وتحت مسمى (الحرة) للتمثيل مجموعة من الأعمال البارزة منها (متحف العصور، صبراً، بين جدارين، زقزقة شناشيل) وهذهِ الإعمال قدمتها الفرقة بعد جهد عسير حيث إن هذهِ الإعمال تمول من قبل الفرقة نفسها وهذا ما جعل الفرقة تقدم أعمالها بصورة زمنية متباعدة.

س: هل قدمت الفرقة عملاً خارج المحافظة أو القطر؟

لم تقدم الفرقة أي عمل خارج نطاق المحافظة بسبب الضائقة المالية وانشغال أعضاء الفرقة في كسب العيش حيث إن التفرغ للإعمال المسرحية يؤدي بالضرر على الأعضاء ألكسبه ؟

س: كيف كان تفاعل الجمهور الجمهور العراقي و الكربلائي  بالخصوص بما تقدمة الفرقة من إعمال؟

إن إعمال الفرقة تلاقي نجاحا وتوافقاً مع المجتمع الذي يناشد كثيراً أعضاء الفرقة لتقديم الإعمال كونها إعمالا تناسب أخلاقيات المجتمع ،بعيدة عن الإسفاف والتهريج والضحك اللامبرر.إن الفرقة تقدم إعمالاً تلتزم بالصدق والرصانة وتدغدغ مشاعر المتلقي المتعطش للابتسامة .

هل هنالك حركة مسرحية في كربلاء ؟ وهل تستحق التقييم؟ وما هو دور المؤسسات الثقافية في دعم الحركة المسرحية؟

من جهته كان للأستاذ محمد الميالي مؤسس مهرجان كربلاء الوطني للمسرح التجريبي رأيه في حركة المسرح الكربلائي وتجرة في هذا المضمار حيث توجهنا له بهذه الاسئلة.  

س: كيف تقيمون الحركة المسرحية في كربلاء ؟ وما هو رأيكم بالفرقة الحرة للتمثيل؟

المسرح في كربلاء نهضة نهضةً تميزه فيه ،عن باقي مدن العراق وحتى عن العاصمة بغداد ،وبشهادة كل المختصين في وزارة الثقافة وحتى المعنيين في هذا المجال ومنها( دائرة السينما والمسرح) ولعدة أسباب.

أولاً- هناك حركة في مؤسسة المجتمع المدني ،والتي هي مؤسسة شهيد المحراب التي حركة عجلة المسرح، ما بعد السقوط مباشرةً وقدمت العديد من الإعمال المسرحية بواسطة مجموعة من الأكاديميين والشباب الهواة .

ثانياً- نفس المؤسسة أقامة مهرجان كربلاء الوطني للمسرح التجريبي كان من المهرجانات الكبيرة في العراق. بشهادة كل المختصين حتى قال فيه (الدكتور شفيق المهدي) مدير عام دائرة السينما والمسرح "على وزارة الثقافة إن تفتح عيناها المغمضتين لترى ما يجري في كربلاء" وهو من أبرز المهرجانات الوطني لحد الآن.

ثالثاً- وجود فرق مسرحية متعددة من الشباب الهواة ،أفرزوا واقعاً مسرحياً متألقاً في كربلاء ،ومن أبرز هذهِ الفرق الفرقة الحرة للتمثيل. والتي قدمت العشرات من الإعمال المسرحية الرائعة، التي لم يستطيع تقديمها الرواد والمختصين والأكاديميين ،واعتبرها مفخرة شبابية كربلائية تستحق كل التقدير والاحترام .

س: ماذا كان الهدف من وراء تأسيسكم لمهرجان كربلاء الوطني للمسرح  التجريبي؟

فترة التغير التي حصلت في العراق ما بعد السقوط وظهور المؤسسة الإسلامية في العراق. وتبنيها المشروع الوطني كان حدثاً أقلمه خصوم الدين الإسلامي فظهرت ادعاءات وأكاذيب تظلل مبادئ الإسلام وتخيف المجتمع من النهضة الإسلامية.

فجاءت مؤسسة (شهيد المحراب) باعتبارها مؤسسة ثقافية أسلامية من ضمن مؤسسات المجتمع المدني العاملة لتسقيط كل الادعاءات والأكاذيب، من خلال رسالة صريحة تبين فيها مدى اهتمام الإسلام بالثقافة بشكل عام وفي الأدب والفن بشكل خاص، باعتبارهما عينا الإبداع.

فأقمت مهرجان كربلاء الوطني للمسرح التجريبي بدورته الأولى والثانية ونحن مقبلين على دورته الثالثة بداية تشرين الأول، ولتصحح أيضا المسار الحقيقي للإبداع لكي يقول المبدع ما يريد لا ما تريده منه الأفكار السياسية، كما في السابق لكي يكون مصلحاً ومعلماً يرفض ما ترفضه الإنسانية ويؤيد كل ما تؤيده الإنسانية ،فكان هذا المهرجان بقعة ضوء إنارة كواليس الفن.

س: هل ساهمت وزارة الثقافة في دعم الحركة الثقافية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص؟

وزارة الثقافة لم تكن وزارة ثقافة لحد ألان، وبالرغم من  بعض المحاولات الخجولة التي قدمتها طيلة هذه الفترة وهي لا ترتقي إلى مستوى وزارة.لا تملك إمكانية وزارة الثقافة والسبب يعود إلى التجاذبات السياسية والطائفية بين السياسيين وحتى المثقفين من جهة. ومن جهة أخرى إن الحكومة تنظر إلى وزارة الثقافة مع شديد الأسف وكأنها دائرة بلدية ،ولذلك جاءت المطالبة في مؤتمر الأدب والفن الذي عقده مؤخراً في بغداد بان تكون وزارة الثقافة من الوزارات السيادية، لأننا إذا أردنا إن ننهض بالعراق ونقضي على الإرهاب ونبسط الأمن بخلق ثقافة الديمقراطية والحرية من خلال الثقافة لا من أصوات البنادق والمهاترات السياسيين.

والحق يقال: إن دائرة السينما والمسرح تحاول إن تزرع دونما تعتمد على الدين وقطرات الندى ، وفي نفس الوقت لها موقف عظيم في دعم ومساندة مهرجان المسرح التجريبي في كربلاء. 

س: كيف تنظر إلى الواقع المسرحي في كربلاء ؟

إذا خرجنا من دائرة الترفع ونظرنا إلى المبدعيين بمختلف أعمارهم وثقافتهم بأفق واحد، من حيث تدرج الإنساني لا الإبداعي وامتلكنا إيثارا حقيقاً للاحتراف بإبداع المبدعيين .استطيع القول إن المسرح في كربلاء سيكون بخير وسيكون كلمة تعبر عن الحب والإنسانية والثقافة على ألسنت العالم.

س: ما هو رأي الفنانيين والمثقفين والمهتمين بالمسرح بمسرح كربلاء؟

الفترة الحديثة للمسرح في كربلاء قلبت موازين التقييم للمسرح في كربلاء. كانوا يدعون أو محقتين بان المسرح في كربلاء مغلقاً، لكن في الفترة الأخيرة وخاصة سنوات ما بعد السقوط كان الموقف واضحاً وجلي إمام كل المعنيين في الثقافة في العراق، بان المسرح في كربلاء يقفز نحو النهوض بشكل ملفت للنظر. 

من جهته اجابنا الأستاذ خالد الجبوري مدير البيت الثقافي في كربلاء المقدسة عن بعض التساؤلات حول مدى رعاية الفرق المسرحية وإشكالية بعض العروض المقدمة.

س: ما هي مساهماتكم في دعم الفرق المسرحية في كربلاء ؟

أولاً- رعاية فرقتين مسرحيتين للشباب (الفرقة الحرة للتمثيل) و (فرقة أصدقاء المسرح) وتقديم الإمكانية المتوفرة لدينا.

ثانياً-استقطاب الفرق المسرحية من خارج محافظة كربلاء، والفرق الموجودة في دائرة السينما والمسرح ،وتقديم التسهيلات لها لعرض مسرحياتها في محافظة كربلاء ،وكان أخرها مسرحية (صوت وصورة)

للفنانة الرائدة(ناهدة الرماح) والفنان القدير(سامي قفطان).

س: هناك من يستشكل على بعض العروض المقدمة فهل أثر ذلك على  تعاملكم مع الفرق المسرحية داخل وخارج المحافظة؟

إن اغلب المسرحيات التي عرض كانت جيدة ،وتعبر عن نبض الشارع وهدفها نشر ثقافة المحبة والسلام في ربوع الوطن، ونحن حريصون على أخذ ملاحظات النقاد والمختصين بالشأن المسرحي في عرض المسرحية أو العمل المقدم ،ونرحب بكل الملاحظات التي تردنا ونقوم بدراستها لتطوير العمل المسرحي في المحافظة.

س: ما هي إشكالاتكم على أداء بعض الفرق إن وجدت؟

عروض الفرق المسرحية الشبابية في محافظة كربلاء جيدة وتستحق الدعم والتشجيع ،أنا اعتقد بان العمل المسرحي المقدم من قبل الفرق المسرحية يتعرض للنقد ،حالُ حال بقية الفنون واعتقد إن النقد البناء من قبل الناقد(المختص).هو لتطوير أداء الفرق والممثلين فهذا الشيء فيمكن للنقاد في محافظة كربلاء إن يجيبوا عليه .

س: ما هي سبل النهوض بالمسرح الكربلائي؟

وفي نهاية حديثاً كان سؤالاً عن ماهية سبل النهوض بالمسرح الكربلائي اختلفت الرؤى والآراء في طرح الأجوبة.

فقال الفنان وسام ألقريني في هذا الصدد: المسرح الكربلائي هو مسرح قائم بحد ذاته ،لكن يحتاج فقط إلى تسليط الضوء عليه. من قبل السادة المسؤولين وبالخص ذوي الاختصاص ورفده بكل مستلزمات ومتطلبات النهوض والإبداع، وتقديم كافة التسهيلات للمسرحيين الشباب الذين يعانون الكثير كما أسلفنا ،بالإضافة إلى وضع إلية لتنظيم العروض المقدمة من خلال الاتصال بالجهات الرسمية ،لدعم هذه العروض التي تحمل في طياتها الرصانة الأدبية للمجتمع العراقي والكربلائي وبذلك نكون قد أسهمنا في كسر حاجز صمت همس الستارة. 

اما الأستاذ محمد الميالي وهو كعادته مشاكساً بكلمته فقال: يجب إن تكون هناك علاقة طيبة بين الدمائين لان الاستمرار والديمومة لا يتحقق في أي مجال، إلا إذا ما رفدنا أي حركة بالدماء الجديدة حتى نوازن بين ثقافتين وفكرين ونمزج مابين تطلعين، يحمل كل منهما عطرين يشنفان بهما أنفاس الإبداع، وكذلك الاحتماء واختيار النص الحقيقي الذي يعبر عن التطلعات الإبداعية  الإنسانية الحقيقة.

إما عن رأي الأستاذ خالد الجبوري حدثنا قائلاً: سبل النهوض بالمسرح الكربلائي تتطلب مساهمة ومعاونة جميع المهتمين بالثقافة (مؤسسات أو إفراد).كما تتطلب تقديم الرعاية اللازمة للفرق الشبابية وتقديم التسهيلات والاحتياجات التي تحتاجها هذه الفرق ومشاركتها الخارجية ، حيث يمكنها إن تطلع على تجارب الآخرين والاستفادة منها،

عندما ينتهي عرضاً وتغلق الستارة بالمعنى الحقيقي هو لم ينتهي وإنما بدء بنشر الرسالة التي يحملها في طياته بوضع علامات استفهام ثم وضع بعده نقاط هل سوف تكون في نهاية هاتين الكلمتين الفرق المسرحية علامة الاستفهام ومتى تبدل الاستفهام بالنقطة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/آب/2009 - 18/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م