شبكة النبأ: بخلاف ما كان عليه الحال
عند دخولها قبل ست سنوات، غادرَ آخر جندي بريطاني الأراضي العراقية
مؤخرا دون أي ضجيج، لتُنهي بريطانيا بذلك تواجدها العسكري في العراق
بشكل طوعي بعدما فشلت جهود بغداد ولندن لوضع اتفاقية أمنية تنظّم وجود
الجيش البريطاني.
وفيما كشفَ تحقيق بخطف البريطانيين الخمسة في العراق عن دليل على
احتمال تورط مسؤولين حكوميين عراقيين في عملية اختطافهم لإخفاء أماكن
مليارات الدولارات من الأموال المختلسة، ذكرت من جهة اخرى، صحيفة
بريطانية أن لجنة تحقيقية مستقلة ستتولى فحص أحداث تبدأ من هجمات
الحادي عشر من أيلول سبتمبر حتى انسحاب غالبية القوات البريطانية من
العراق في العام الحالي.
احتمال تورط مسؤولين عراقيين في خطف الرهائن
البريطانيين
وكشف تحقيق بخطف البريطانيين الخمسة في العراق عن دليل على “احتمال
تورط” مسؤولين حكوميين عراقيين في عملية اختطافهم لإخفاء أماكن مليارات
الدولارات من الأموال المختلسة، حسب ما ذكرت صحيفة غارديان The
Guardian البريطانية.
وقالت الصحيفة إن مسؤولا عراقيا سابقا رفيع المستوى في الاستخبارات
ومسؤولا بارزا حاليا في وزارة عراقية، كانا يتفاوضان مع الخاطفين، قد
اخبرا غارديان إن عملية خطف الخبير بالمعلوماتية بيتر مور وحراسه
الأربعة في العام 2007 لم تكن مجرد خطف قامت به عصابة مسلحين، بل عملية
محترفة، لا بد أن حصلت على مساعدة من الداخل. ويعتقد أن مور وحده من
بقي حيا الآن.
واشارت إلى إن شهود هذه العملية المعقدة اخبروها إن تحذيرات وصلتهم
من أناس كبار تطلب إليهم السكوت.
وقالت الصحيفة إن احد المصادر قال لها إن “هذه العملية كانت في
مستوى دولة، وليس في مستوى القاعدة. فالدولة وحدها لديها القدرة على
تنفيذ هذا.” ولفتت إلى إنها تكشف الآن وجود شخص غربي سادس كان يعمل مع
مور في وقت الاختطاف. وهذا الرجل ـ الذي تعرف غارديان هويته ـ تمكن
بدقة من تجنب الخطف من خلال الاختباء في المغاسل في وزارة المالية
العراقية، حيث نفذت عملية الخطف.
وتابعت الصحيفة أنها على مدى الشهور العشرة الماضية، التقت بشخصيات
عراقية بارزة وشهود عيان، وكذلك ضابط عسكري بريطاني سابق كان يحقق في
خطف مع مستخدمي المخطوفين. وتزعم معلوماتهم إن الخاطفين كانت لديهم
صلات بالحكومة العراقية.
وكشف التحقيق أيضا، كما تواصل غارديان، عن دليل دامغ على أن احد
الدوافع الرئيسة وراء الخطف قد يكون طبيعة عمل الرهائن الذي كانوا
يؤدونه في محاربة فساد ضخم في الوزارات العراقية.
وكان مور يعمل على وضع برنامج مراقبة الكتروني جديد من شأنه أن
يتتبع مليارات الدولارات من عائدات النفط والمساعدة الخارجية من خلال
وزارة المالية. وان “نظام إدارة معلومات الأموال العراقية” هذا كان على
وشك الاكتمال ويقترب من الدخول في الخدمة وقت حدوث الاختطاف.
وقال المصدر الاستخباري العراقي الكبير، بحسب الصحيفة، إن “العديد
من الأشخاص لا يريدون الكشف عن فساد حاصل في مستويات عليا. لنتذكر إن
الحادث وقع في مركز تكنولوجيا المعلومات [في وزارة المالية]، وهذا
المكان هو الذي تودع فيه كل الأموال العراقية المالية وكل شؤون العراق
المالية.”
يذكر أن في الشهر الماضي سلمت إلى السفارة البريطانية في بغداد جثتي
اثنين من الحراس الأمنيين البريطانيين، جيسون كريسول وجيسون سوندلهارست.
وفي يوم الأربعاء الماضي قال غوردون براون، رئيس الوزراء البريطاني، إن
من “المرجح بشدة” إن الحارسين الآخرين، الان ماكمينمي والك ماكلاشلان،
قد قتلا. ويعتقد أن مور ما زال على قيد الحياة، كما تقول الصحيفة، على
الرغم من عدم ورود أخبار عنه منذ شهور.
انطلاق أعمال لجنة تحقيقية بريطانية في حرب
العراق
من جهة ثانية ذكرت صحيفة غارديان البريطانية أن لجنة تحقيقية مستقلة
ستتولى فحص أحداث تبدأ من هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر حتى انسحاب
غالبية القوات البريطانية من العراق في العام الحالي.
وقالت الصحيفة إن لجنة تحقيق مستقلة في حرب العراق ستبدأ أعمالها
اليوم بفحص الأحداث التي سبقت الحرب في العراق وما تلاها من جهود
لإعادة إعمار البلد.
وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون وصف اللجنة التحقيقية
باعتبارها وسيلة “لتعلم الدروس من أحداث معقدة وكثيرا ما تثير الجدل”
ابتداءً من هجمات 11 أيلول سبتمبر حتى انسحاب غالبية القوات البريطانية
من العراق في وقت مبكر من العام الجاري.
وسيتولى اللجنة التحقيقية مستشارون خاصون ويترأسها الموظف السابق [في
الدفاع البريطانية] جون تشيلكوت.
ورجحت الصحيفة أن المسائل الرئيسية التي ستفحصها اللجنة ستتضمن ما
إذا أوضح توني بلير وبنحو سري إلى جورج بوش بأنه يتعهد بإشراك القوات
البريطانية في غزو العراق قبل المناقشات الديبلوماسية المحتدمة في
الأمم المتحدة، وكم هي نسبة المعلومات التي قدمها رئيس الوزراء
البريطاني في حينها ومستشاروه المقربون إلى بقية أعضاء حكومته والنواب.
وكانت الحكومة البريطانية قاومت الدعوات إلى إجراء تحقيق علني على
مدى سنوات على أساس أنها قد تلحق ضررا بالقوات البريطانية التي ما زالت
عاملة في العراق، لكن بعد سحب القوات العملياتية الحربية وبقاء 150
عسكريا فقط في البلد ـ لأغراض تدريب قوات محلية عراقية ـ فقد أعلن
غوردون براون الشهر الماضي إن الوقت حان لإجراء تحقيق “غير مسبوق”.
ووعد براون، كما تذكر الصحيفة، بتعاون تام من جانب حكومته على الرغم
من ملاحظاته على الطريقة التي ستدار بها اللجنة. وحدثت احتجاجات من
جانب عائلات العسكريين الذين قتلوا في الحرب ومن جانب أحزاب معارضة
عندما أعلن براون عن أن أعمال اللجنة ستكون سرية.
وقال تشيلكوت في ما بعد أن غالبية جلسات الاستماع ستكون علنية ما لم
توجد هناك “أسباب قاهرة”، من قبيل الأمن الوطني، حيث ستكون جلسات
الاستماع سرية. وكان اعتراض براون الرئيس يقوم على عدم توزيع التهم.
وستستمع اللجنة التحقيقية في مركز الملكة اليزابيث الثانية
للمؤتمرات بوسط لندن لأدلة من وزراء، وضباط عسكريين، ومسؤولين. ومن
المقرر أن تقدم اللجنة تقريرها في غضون عام، لكن مسؤولين يأملون في أن
تختتم اللجنة أعمالها في وقت لا يتجاوز ثلاثة شهور. واشتكى حزب
المحافظين من أن تأجيل نتائج التحقيق إلى ما بعد الانتخابات العامة
يناسب الحكومة سياسيا.
فيما قال براون، حسب ما تذكر الصحيفة، إن التقرير النهائي “قد يكشف
عنه كله باستثناء المعلومات الحساسة، وهذا يعني المعلومات كلها
باستثناء تلك التي تعد ضرورية لأمننا الوطني”.
وتأتي أعمال هذه اللجنة، كما تضيف غارديان، بعد تحقيقين ـ كان الأول
برئاسة اللورد هيوتن والثاني برئاسة اللورد بتلر ـ للانتقادات التي
أثيرت بسبب عدم استقلاليتهما.
القوات البريطانية تغادر العراق دون ضجيج أو
مراسم وداع
وبخلاف ما كان عليه الحال عند دخولها قبل ست سنوات، غادر آخر جندي
بريطاني الأراضي العراقية مؤخرا دون ضجيج، لتنهي بريطانيا بذلك تواجدها
العسكري في العراق بشكل طوعي بعدما فشلت جهود بغداد ولندن لوضع اتفاقية
أمنية تنظّم وجود الجيش البريطاني.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنها أتمت سحب جنودها باتجاه الحدود
الكويتية، بالتزامن مع انتهاء العمل بالاتفاقية التي تتيح لهم البقاء
في العراق الجمعة، ليبقى في بغداد ما لا يزيد عن 15 جندياً بريطانياً
ضمن قوة لحلف شمالي الأطلسي "ناتو" تعمل على تدريب أجهزة الأمن المحلية.
بحسب سي ان ان.
وكانت القوات البريطانية قد نشرت في ذروة تدخلها العسكري في العراق
عام 2033 أكثر من 46 ألف جندي من رجالها في ذلك البلد، قبل أن تتراجع
الأعداد إلى أقل من 4100 جندي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصولاً
إلى 150 رجلاً فقط خلال الأيام الماضية، كانوا يتمركزون بقاعدة صغيرة
في البصرة جنوبي العراق.
ولم تشهد مدينة البصرة مراسم احتفالية بمناسبة الانسحاب البريطاني،
الأمر الذي عزته وزارة الدفاع في لندن إلى واقع أن القوات البريطانية
كانت قد أقامت احتفالات رسمية في مارس/آذار الماضي عند بدء الانسحاب،
مضيفة أن وحداتها اكتفت بإنزال العلم وتسليم السيادة على القاعدة
للقوات الأمريكية.
وكانت لندن قد ذكرت أن المفاوضات مع بغداد لوضع اتفاقية جديدة تتيح
استمرار النشاط العسكري البريطاني في العراق مستمرة، وذلك من خلال
البحث في أسس قانونية جديدة، في تطور يأتي بعد شهر على مغادرة القوات
الأمريكية لمدن العراق بموجب ما تفرضه الاتفاقية الأمنية بين واشنطن
وبغداد.
وبهذا الانسحاب سيكون العراق دون قوات بريطانية للمرة الأولى منذ ست
سنوات، عندما تدخلت قوات تحالف دولي تقوده واشنطن إسقاط نظام صدام حسين
في مارس/آذار 2003.
وكان البرلمان العراقي قد أنهى دورته دون الموافقة على مشروع قانون
يسمح بتمديد فترة تواجدهم.
وكانت كتلة التيار الصدري المعارضة قد عملت على إسقاط المشروع بعدما
امتنعت عن حضور الجلسات الخاصة بالاتفاقية، مانعة وضع إطار قانوني جديد
لبقاء الوحدات البريطانية على غرار الاتفاقية التي مددت تواجد القوات
الأمريكية.
وقد علّق النائب العراقي، فوزي أكرم، وهو أحد أعضاء الكتلة الصدرية
على قرار لندن سحب قواتها بالقول إن العراق لا يحتاج للوجود العسكري
البريطاني، وأن العناصر الأمنية العراقية قادرة على تولي الأمن في
البلاد.
ويشمل قرار الانسحاب البريطاني وحدات قوات مشاة البحرية الملكية
البريطانية التي كانت تساعد الجيش العراقي على ضمان أمن المنشآت
النفطية في ميناء "أم قصر."
وكانت القوات الأمريكية قد انسحبت من المدن العراقية في نهاية يونيو/حزيران
الماضي، ليتمركز الجنود، وعددهم 131 ألفاً في قواعد عسكرية خارجها، على
يُسمح لهم بالتدخل في العمليات العسكرية داخل المدن بالتنسيق والطلب من
القوات العراقية.
بريطانيا تسحب قوة حماية منشآت النفط من
العراق الى الكويت
وأكملت القوات البريطانية المتبقية في العراق انسحابها الى الكويت
بنهاية الشهر الماضي مؤقتا على الاقل بعدما أجل البرلمان العراقي
جلساته دون اقرار اتفاق يسمح لها بالبقاء للمساعدة في حماية منشآت
النفط.
وقال جواد سيد المتحدث باسم السفارة البريطانية في بغداد "للاسف ..
بسبب تأجيل اجرائي لم يصدق البرلمان العراقي حتى الان على الاتفاق
الخاص بنا."
وأضاف "نظرا لانتهاء التفويض الحالي لنا في 31 يوليو سنقوم بسحب
قوات التدريب التابعة للبحرية الملكية الى الكويت ريثما نناقش الوضع مع
السلطات العراقية."
وأجّل البرلمان العراقي جلساته حتى نهاية شهر رمضان التي توافق 20
سبتمبر ايلول تقريبا تاركا مجموعة كبيرة من التشريعات التي لم يتم
اقرارها من بينها الاتفاق العراقي البريطاني الذي سيسمح لما يصل الى
100 جندي بريطاني بالبقاء في العراق الى ما بعد موعد اتفق عليه سابقا
للانسحاب.
وبموجب الاتفاق ستركز القوات البريطانية على مساعدة قوات البحرية
العراقية في حماية منصات النفط. وبموجب اتفاق منفصل تم التوصل اليه
العام الماضي كان من المقرر أن تسحب بريطانيا قواتها بحلول 30 يونيو
حزيران.
وكانت بريطانيا أرسلت 46 ألف جندي الى الخليج للمشاركة في غزو
العراق في 2003 وقد سحبت جنودها بالفعل الى مطار البصرة في جنوب العراق
بحلول 2007.
وأحاط تأجيل جلسات البرلمان وضع القوات المتبقية بالشك حتى بعد
تمديد وجودها شهرا بعد 30 يونيو حزيران.
وتعطل التصويت على الاتفاق الجديد عدة مرات في الاسابيع الاخيرة
بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني وبسبب معارضة نواب مقربين من رجل
الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يرفض وجود أي قوات أجنبية. |