تشهد مدينة القدس في هذه الفترة أخطر مرحلة من مراحل التهويد منذ
عام 1967 في ظل وجود الانقسام الفلسطيني المخزي, والموقف العربي
والإسلامي المتشرذم والمستسلم, وغياب الموقف الموحد للتصدي للهجمة
الشرسة ضد القدس وتهويدها, وللوقوف في وجه العدو الصهيوني, ووقف
اعتداءاته على المدينة المقدسة.
لقد حاول المستوطنون ومازالوا اقتحام باحات المسجد الأقصى مرات
عديدة بحجة هيكل سليمان المزعوم لولا بسالة وصمود أهلنا في القدس
وفلسطيني ال48, وحاملي الراية الإسلامية مشغولون بدويلاتهم, والردح على
الفضائيات, وكأن الأمر لايعنيهم ولم يتعلموا من دروس الماضي, وكأن
القدس تخص سكانها فقط. ولأنهم تعودوا على بث الخطب الرنانة عبر
الفضائيات, حيث نشعر وكأن القدس قد حررت وسنسافر غدا للصلاة فيها.
لم يتعلم هؤلاء القادة المناضلين والمجاهدين, ومن يعتبرون أنفسهم
قادة الأمة الإسلامية من دروس الماضي, والقدس تضيع يوميا وهم كشاهد لم
يشاهد حاجة, ولم يستخلصوا العبر في وضع آليات عمل حقيقية لمواجهة
مايقوم به العدو الصهيوني من تهويد للمدينة على سمعهم وبصرهم, ولكي
يستطيعوا جميعا التصدى للصهاينة ووقف هذا التهويد الذي يضيع مدينة
القدس.
ومن حقنا كشعب فلسطيني أن يتساءل كل فرد منا:
أين لجنة القدس؟؟؟ وأين المجلس الأعلى لعلماء فلسطين؟؟؟ وأين الشيخ
القرضاوي الذي سافر إلى أفغانستان على رأس وفد من اجل أصنام؟؟؟ أين
الإخوان المسلمين وتباكيهم على القدس وفلسطين ؟؟؟ أين إيران وزعمها
بدعم القضية الفلسطينية و مساعدة الشعب الفلسطيني؟؟؟؟ أين هم جميعا مما
يحدث في مدينة القدس؟؟؟أين علماء الأمة؟؟؟ أم هوفقط مجرد كلام يتغنوا
به لتنفيذ سياساتهم في فلسطين واستخدامها كورقة لتنفيذ مصالحهم؟
ان الشعب الفلسطيني يدرك تماما مواقف هذه الهيئات واللجان والدول ,ويعرف
أنها لم ولن تفعل شئ, وستكتفي ببيانات الشجب والإدانة. أن قضية القدس
ومشكلة فلسطين, أصبحت قضية فلسطينية فقط ألان لا يحلها إلا أبناء الشعب
الفلسطيني.
ان تهويد مدينة القدس يجري على قدم وساق سواء من حفر الأنفاق, وشق
الطرق, وطرد للسكان,وهدم للمنازل, وإغلاق المؤسسات الفلسطينية,ومحاصرة
المدينة بالبؤر الاستيطانية,ومصادرة أملاك الغائبين,وطمس الثقافة
الوطنية, ودفع المواطنين لمغادرتها, ومحاولة تدمير الآثار التاريخية
داخل المدينة والمسجد الاقصي , ومنع عمليات الترميم, وإقامة الأحياء
اليهودية بداخلها, وأخرها إقامة المنتزهات, وفندق من9 طوابق بحجة تنشيط
السياحة.
وبالإضافة إلي كل هذا أعلن نتنياهو وليبرمان, أن القدس عاصمة
إسرائيل وغير خاضعة للتفاوض.
ان عملية تهويد القدس ترجع إلى عدم قبول إسرائيل لعملية السلام
,وهذا نتيجة ضعف الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي في مواجهة
إسرائيل, وعدم ضغط المجتمع الدولي, واللجنة الرباعية,والأمم المتحدة
على إسرائيل لإيقافها, وكذلك محاولة الحكومات الاسرائيلية استخدام
القدس كورقة انتخابية, ولإخفاء الإخفاقات الداخلية لإسرائيل لتحسين
مواقفها أمام شعبها.
لكن المدينة المقدسة عصية على التهويد مهما جري فيها من تغيير
للمعالم ,وإبعاد لسكانها ,لأنها رمزا للصمود والمقاومة,والدليل على ذلك
مواجهة أهل القدس بصدورهم العارية للصهاينة والمستوطنين في كل المواقف
التي واجه بها الاقصي المخاطر.
ان فشل رجال الآثار في العثور على بقايا هيكل سليمان المزعوم ,ووجود
الوثائق التي تؤكد عروبة وإسلامية القدس ,ستكون أحد الأوراق الهامة في
حسم هذه القضية اذا أحسن استغلالها وعدم التفريط بها.
إن تقديم الدعم الكامل للقدس وسكانها هو واجب وطني وشرعي وأخلاقي
,ولقد أقرته كل المبادئ والقيم والشرائع السماوية, حتى يستطيع المواطن
المقدسي الصمود والثبات والدفاع عن بيت المقدس, ويجب أن يساهم به كل من
هو عربي ومسلم ,وتوجد القنوات الصحيحة لإيصال هذا الدعم إلى أهلنا في
القدس, وليس إلى من يتغنون بالقدس فقط ويتاجرون بها.
إن معركة القدس هي معركة مصيرية ويجب حسمها ,لأنه بدونها لن يكون
هناك لا دولة ولا استقلال, إما إذا ظل الوضع على ماهو علىه, والكل
يتفرج من مقعده فستضيع القدس, ولن يكون هناك دولة ولا استقلال. |