القاعدة.. تتلوَّن وسط تغيّر في الاستراتيجيات

احتمالات اختراق جهاز المخابرات البريطاني وموطيء قدم جديد في اليمن

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: كشفَ استجواب عضوين غربيين من خلايا القاعدة أن أهداف التنظيم مازالت تنحصر في هجمات توقع أعداداً كبيرة من الضحايا وسط تغيّر في الإستراتيجيات، ويجري تدريبات على عمليات الاقتحام والاختطاف واستخدام كواتم الصوت، فيما قد يعدّ دلالة على تطوير الحركة الإرهابية لبرنامج اغتيالات بالاستهداف.

من جهة ثانية دعا رئيس لجنة برلمانية بريطانية لمكافحة الارهاب الحكومة الى توضيح ما اذا كان نشطاء بتنظيم القاعدة حاولوا التسلل الى جهاز المخابرات الداخلية ام آي 5، حيث بيّنَ انه قد علِم بطرد ما يصل الى ستة عملاء مسلمين من جهاز المخابرات الداخلية بسبب مخاوف تتعلق بماضيهم.

تنظيم القاعدة يتغيَّر ومازال يدرِّب ويرسِم مخططات

وسلطت إفادات الأمريكي، براينت نيل فيناس، أمام محققين بلجيك، في مارس/آذار الفائت، الضوء على أجندة وبرامج تدريبية مثيرة ومرعبة، في آن واحد، للتنظيم.

ويشار إلى أن فيناس اعتقل في باكستان أواخر عام 2008، بعد مزاعم تلقيه تدريبات في مخيمات القاعدة في مناطق الحدود الأفغانية الباكستانية.

في يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد تسلميه للولايات المتحدة، أقر بتهم التأمر لقتل مواطنيه الأمريكيين، وتقديم الدعم لمنظمة إرهابية أجنبية، وتلقي تدريبات، تماثل التدريبات العسكرية، على أيدي منظمة إرهابية أجنبية.

وأكد، خلال استجوابه من قبل محققي مكتب التحقيقات الفيدرالية، أنه سافر إلى باكستان للانضمام للقاعدة في مهاجمة وقتل القوات الأمريكية في أفغانستان، حيث تطوع لتنفيذ هجمات انتحارية.

وبعد قليل من اعتقاله، أعلنت حالة الاستنفار القصوى في وسائل النقل العام في مدينة نيويورك، بعد أن أشارت مستندات مدع عام بلجيكي، إن فيناس قدم تفاصيل كاملة عن نظام شبكة المواصلات تلك.

وكشف خلال استجواب محققين بلجيك له أنه التقى عدداً من أعضاء جماعة بلجيكية-فرنسية، أثناء تلقيه التدريبات العسكرية في مناطق القبائل في باكستان، من بينهم وليد عثماني، فرنسي 25 عاماً، تعتقله السلطات الفرنسية، بتهم التآمر الجنائي بهدف بهدف القيام بعمل إرهابي. بحسب سي ان ان.

وسلطت المدة التي أمضاها فيناس وعثماني في التدريب بمعسكرات القاعدة في باكستان، الضوء على أسلوب التأقلم من أجل الحياة الذي انتهجه التنظيم بعد هجمات 11/9 في 2001، على الولايات المتحدة، ومواصلتها النشاط في مرتفعات باكستان النائية.

ووفرت نظرة من الداخل للهيكل التنظيمي للقاعدة، وبرامجها التدريبية، والتدابير الوقائية التي تبنتها لتخفيف تأثير الضربات الصاروخية للجيش الأمريكي.

وتشير تلك الإفادات إلى قدرة القاعدة على التأقلم والالتزام بنهج سياساتها بشن هجمات على الغرب بتركيز أولوياتها على ضرب وسائل النقل الجماعي.

كما كشفت عن برنامج تدريبي جديد للهجمات، يعتمد فيه التنظيم على اقتحام المساكن وتنفيذ اغتيالات بالاستهداف.

وفيما يقول مسؤولو  الاستخبارات الأمريكية أن الضربات الصاروخية، وتسدد بواسطة طائرات دون طيار، نجحت في تحجيم قدرات التنظيم منذ نهاية العام الماضي، إلا أن تلك الإفادات تقول إن التنظيم نجح في حماية ومواصلة برنامجه التدريبي باقتصاره على منشآت أصغر حجماً في وزيرستان.

ورغم تقلص حجم تلك المعسكرات إلا أنها مازالت توفر نطاق واسع ومختلف من التدريبات للمجندين، والتركيز على كيفية صنع المتفجرات، وبعضها معقد للغاية، فيما قد يعد مؤشر على استمرار الخطر الهائل الذي تمثله القاعدة.

القاعدة ربما اخترقت جهاز المخابرات البريطاني

وفي سياق متصل دعا رئيس لجنة برلمانية بريطانية لمكافحة الارهاب يوم السبت الحكومة الى توضيح ما اذا كان نشطاء بتنظيم القاعدة حاولوا التسلل الى جهاز المخابرات الداخلية ام آي 5.

وقال باتريك ميرسر من حزب المحافظين المعارض ورئيس لجنة فرعية لمكافحة الارهاب بمجلس العموم البريطاني انه علم بطرد ما يصل الى ستة عملاء مسلمين من جهاز المخابرات الداخلية بسبب مخاوف تتعلق بماضيهم.

وقال ميرسر لصحيفة ديلي تلجراف ان اثنين من العملاء الستة الذين حاولوا الالتحاق بجهاز المخابرات الداخلية بعد تفجيرات لندن الانتحارية في السابع من يوليو تموز 2005 حضروا دورات في معسكرات تدريب بباكستان بينما ظهر في السير الذاتية للاربعة الاخرين فترات انقطاع لم يجر تفسيرها او تبريرها.

وقال لمحطة سكاي نيوز "سأكون مندهشا جدا جدا اذا لم يكن اعداؤنا حاولوا ذلك لكنني اود بعض الايضاحات من الحكومة لنرى مدى نجاحنا في رصدهم."بحسب رويترز.

وقال ميرسر انه يريد من وزير الداخلية الان جونسون اعطاء تفصيلات عن مدة عمل هؤلاء الاشخاص قبل طردهم والتأكد من ان عملية التدقيق كانت على اكبر قدر ممكن من الاحكام. واضاف لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية " ما يقلقني هو انه ليس كل هؤلاء الافراد قد جرت بالضرورة ادانتهم."

ولم تدل وزارة الداخلية باي تعليق عن مزاعم ميرسر غير ان مصدرا امنيا كبيرا لم يتم الكشف عن اسمه ابلغ صحيفة التلجراف بانه لم تصدر اوامر الى اي شخص بترك جهاز المخابرات الداخلية بعد بدء العمل او التدريب لوجود صلات لهم بمتطرفين.

وزاد حجم جهاز المخابرات الداخلية بشكل كبير بعد تفجيرات 2005 التي نفذها اربعة شبان من المسلمين البريطانيين وهي زيادة قال ميرسر انه كان يجب البدء فيها سريعا بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة.

وقال ان عمليات التجنيد التي تمت بشكل مندفع اعطت القاعدة فرصة رغم انه جرت عمليات مراقبة للمتعاطفين مع المتشددين وهو ما يشير الى ان اجراءات التدقيق كانت جيدة.

موطيء قدم جديد في اليمن

وأصاب مقتل أجانب اختطفوا في شمال اليمن وهو أمر نادر الحدوث الحكومة اليمنية بصدمة خشية ظهور جديد لتنظيم القاعدة في البلد المضطرب.

وفي الشهر الماضي عثر على جثث لالمانيتين وثالثة من كوريا الجنوبية كانت برفقتهما عقب اختطافهن مع ستة غربيين اخرين في محافظة صعدة الشمالية قرب السعودية في هجوم قال محللون انه يحمل سمات هجمات القاعدة.

وقال كريستوفر بوسيك المحلل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن "انه تطور مقلق للغاية. انها المرة الاولى التي يختطف فيها أجانب في اليمن ويعدمون على الفور."

وتابع "ينبيء الوضع بشكل متزايد بنوع العنف الذي تتبناه القاعدة غير ما رأيناه في أماكن اخرى (في اليمن)."

وأنحى اليمن باللائمة على متمردين من الشيعة يقاتلون حكومة صنعاء وهو ما نفته الجماعة ويراه المحللون مستبعدا رغم قوة الشيعة في الشمال. بحسب رويترز.

وكثيرا ما اختطف افراد من قبائل غاضبة بسبب تهميش الحكومة المركزية لها أجانب غالبا من السائحين ولكن من النادر أن ينتهي الامر بمقتلهم.

وقال سعيد ثابت الباحث والمحلل السياسي في صنعاء "حادثة اختطاف الالمان في اليمن ادت الى احراجات كبيرة للحكومة اليمنية وايضا الى ارباك في عملية مكافحة الارهاب."

ورغم تنظيم عمليات بحث واسعة النطاق بمساعدة محققين المان وبريطانيين وعرض الحكومة مكافات لمن يقدم معلومات لا يزال الخاطفون طلقاء ولم يعرف مصير بقية الاجانب المختطفين.

وقال وزير الاعلام حسن اللوزي في مؤتمر صحفي الشهر الجاري "الحكومة لم تقصر والاجهزة الامنية تقوم بدورها وعلى نطاق واسع وهناك تعاون كما اشرت مع الجانبين الالماني والبريطاني."

واستهدف اليمن والجيش الامريكي شخصيات من القاعدة في البلد الفقير الذي ينحدر منه اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وذلك عقب هجمات 11 سبتمبر ايلول.

واطلقت طائرة بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية صاروخا قتل زعيما للقاعدة في اليمن في 2002.

وفي يناير كانون الثاني أعلن متشددون يمنيون تبني اسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية واختاروا سعوديين افرج عنهما من سجن جوانتانامو لقيادتهم.

واعلن متشددون ينضوون تحت لواء القاعدة مسؤوليتهم عن مقتل أربعة سائحين من كوريا الجنوبية في مارس اذار فضلا عن هجمات بقذائف مورتر على سفارات أجنبية ومجمع سكني في العام الماضي.

وفي الاسبوع الماضي قلل وزير الخارجية اليمني من شأن فكرة انتقال متشددي القاعدة من العراق وافغانستان ووصفها بانها "مبالغ فيها" ولكنه لم ينف التقارير.

واتهم الوزير القاعدة بانها تحاول تأجيج التمرد الشيعي في الشمال والعنف في الجنوب حيث وقعت مصادمات بين المتعاطفين مع النزعة الانفصالية وقوات الامن من أجل زعزعة الاستقرار بصورة أكبر.

وذكر جريجوري جونسون المحلل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى أن حادث هروب مشتبه في انتمائهم للقاعدة من سجن في عام 2006 يمثل بداية عودة نشاط القاعدة الى اليمن.

وكتب الشهر الجاري "يضم الظهور الحالي للقاعدة في اليمن عددا أكبر من الاعضاء واعضاء اصغر سنا أكبر من اي وقت مضى."وفي فبراير شباط اصدرت السلطات السعودية قائمة باسماء 83 متشددا مطلوبا من بينهم يمنيان.

احد ابناء بن لادن قد يكون قتل بصاروخ اميركي في باكستان

من جانب اخر ذكرت محطة الاذاعة الاميركية "ان بي ار" أن سعد بن لادن، احد ابناء اسامة بن لادن، قد يكون قتل في غارة جوية اميركية على باكستان مطلع العام ولكن لم يعرف ما اذا كان برفقة والده عند مقتله.

وقال مسؤول اميركي كبير في جهاز مكافحة التجسس للاذاعة ان امكانية ان يكون سعد بن لادن، ثالث اولاد زعيم القاعدة، قد قضى في القصف تتراوح بين "80 و85%".

ومع ذلك، اقر هذا المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته بان اجهزته لم تضع يدها على جثة سعد بن لادن الامر الذي حال دون اجراء اي تحليل لمادة "دي ان آي" التي يمكن ان تؤكد موته.

ومن ناحيتهم، قال مسؤولون في وكالة المخابرات المركزية الاميركية والقيادة الاميركية الوسطى التي تتبع لها العمليات العسكرية في الشرق الاوسط خصوصا، لوكالة فرانس برس، انهم لا يستطيعون تأكيد مقتل سعد بن لادن الذي يجب ان يكون في العشرين من العمر.

ولم توضح الاذاعة مكان القصف ولكنها اشارت الى انه حصل "هذا العام من طائرة بدون طيارة" تابعة للجيش الاميركي.

وفي كانون الثاني/يناير 2009، جمدت وزارة الخزانة الاميركية اموال سعد بن لادن بقرار من القضاء الاميركي بتهمة الانتماء المفترض الى تنظيم القاعدة.

وحسب الوزارة، فان سعد "اتخذ قرارات مهمة للقاعدة (...) وهو يقود التنظيم الارهابي من ايران" حيث اعتقل عام 2003.

وبعد ان وُضع في الاقامة الجبرية في الجمهورية الاسلامية "تمكن من الفرار او انه قد اطلق سراحه"، كما قال مايك اونيل المدير السابق للمخابرات الاميركية، في كانون الثاني/يناير 2009.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 5/آب/2009 - 13/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م