شبكة النبأ: تسعى جهات حكومية ومنظمات
بيئية إلى ضمّ مواقع طبيعية في العراق إلى لائحة التراث العالمي، ففيما
أبدت وزيرة البيئة تفاؤلها بإمكانية ضمّ منطقة الأهوار إلى اللائحة
كمرحلة اولى، عبّرَ باحثون بوزارة التعليم العالي عن أملهم في ضم
المواقع الطبيعية الغنية في شمالي ووسط البلاد إلى اللائحة.
ويأمل العراقيون ان تتمكن الجهود المحلية بمساعدة الخبرات الدولية
في انقاذ الأهوار والعشرات من مناطق البلاد المعروفة بطبيعتها الغنية
والفريدة، لكن أمام المختصين عمل طويل قبل ان يتمكنوا من ادراج المواقع
الطبيعية والتأريخية في بلد شهد عدة حضارات انسانية وتضم أراضيه مئات
المواقع المهمة التي تتطلب العمل لسنوات لإظهار قيمتها ونفض الغبار عن
وجهها.
وقالت وزيرة البيئة نرمين عثمان، إن الوزارة “قدمت مقترحات إلى
اليونسكو لضم عدة مواقع للائحة التراث العالمي، بينها منطقة الاهوار
التي تجمع بين الآثار والطبيعة، فهي منطقة تأريخية حافظت على ثقافتها
السومرية، مثل استخدام المشحوف وبناء المضيف بالقصب وطبيعة الاثاث
المستخدم ونوعية المعيشة”.
وبينت عثمان أن منطقة الاهوار “نادرة في العالم كونها حافظت على
ثقافتها وطبيعتها لذا نعمل على ضمها إلى لائحة التراث العالمي، خاصة
بعد أن تم ضم هور الحويزة الى اتفاقية رامسار التي تخص المناطق الرطبة
في العالم”.
ورامسار اتفاقية عقدت في العام 1970 في مدينة رامسار الايرانية
جنوبي بحر قزوين بهدف حماية المناطق الرطبة في العالم، وهي تضم حالياً
158 دولة من ضمنها العراق. بحسب تقرير اصوات العراق.
وأوضحت عثمان أن “الجهود تنصب على ضم هور الجبايش كمرحلة اولى إلى
اللائحة التي تشرف عليها منظمة اليونسكو، ومن ثم سنتحرك على منطقة
سنجار التاريخية التي غادرها 75% من سكانها الأيزيديين في محاولة
للمحافظة على آثارها النادرة وعلى وجود الديانة الأيزيدية”.
ولفتت إلى أن “الوزارة تحاول بناء محميات في هور الجبايش، بالتعاون
مع منظمة طبيعة العراق (منظمة غير حكومية) وبدعم من الحكومة الايطالية
لمراقبة هجرة الطيور، ولدينا محمية في محافظة العمارة تهتم بمراقبة كل
انواع التنوع البايلوجي الطبيعي الموجود في المنطقة والمحافظة عليه”.
والأهوار التي يغذيها نهرا دجلة والفرات هي موطن أنواع نادرة من
الطيور مثل طائر ابو منجل المقدس، كما أانها نقطة راحة لآلاف الطيور
المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا. وظلت الأهوار مسكونة منذ آلاف السنين
لكن النظام البعثي حاول تجفيفها خلال حرب العراق مع ايران (1980-1988).
وانكمشت معها منطقة الأهوار من 9000 كيلومتر مربع في اوائل
السبعينيات الى 760 كيلومتر مربع بحلول عام 2002، ويقول الخبراء انها
مهددة بالاختفاء اذا لم يتم تحرك سريع لانقاذها.
وأفادت وزيرة البيئة بأن “اجتماعا عقد في عمان شاركت فيه الجهات ذات
العلاقة وحصلت الوزارة فيه على الجائزة الاولى من الأمم المتحدة عن
مشروعها الذي قدمته بين مئات المشاريع المقدمة من دول العالم”.
ودعت عثمان إلى اهمية “التعاون مع وزارتي الثقافة والتعليم العالي
والبحث العلمي لانجاز المشروع بدعم من الحكوميتن اليابانية والايطالية
ومن خلال برنامج الامم المتحدة لدعم البيئة (UNEP)”، معبرة عن أملها
“بإضافة العديد من المواقع الطبيعية العراقية الى قائمة المناطق
الطبيعية (الموروثة) على اللائحة العالمية”.
وكان برنامج الامم المتحدة للبيئة قد نبه في عام 2001 المجتمع
الدولي بخطر اختفاء الاهوار، ونشر صور ملتقطة عبر الاقمار الصناعية
توضح فقدان 90% من مساحتها، ومع سقوط النظام السابق تم تحطيم السدود
التي كانت تمنع المياه عن مناطق الاهوار وبدأت عمليات الاغمار.
فيما قال محمد عبد عطية السراج رئيس اللجنة الوطنية للاهوار
والاراضي الرطبة بالوزارة إن “اللجنة التي تضم في عضويتها متخصصين من
الجامعات العراقية ومراكز الابحاث التابعة للوزارة تبحث واقع الاهوار
والمسطحات المائية وترفع توصيات للنهوض بها”.
وأشار إلى “اهمية الاستخدام الامثل لموارد الاهوار وديمومتها وحماية
التنوع البيئي فيها لحماية تلك المنطقة وانجاح جهود ضمها الى لائحة
التراث العالمي”.
وأضاف السراج لوكالة اصوات العراق، أن “اللجنة وفي اطار بناء قاعدة
علمية لحماية الأهوار وجهت باجراء جرد لجميع البحوث والاطاريح ورسائل
الدراسات العليا التي تتناول موضوعة التنوع البيئي والتلوث ومصادر
المياه في الاهوار، الى جانب الدراسات الاجتماعية والسكانية لسكنة
الاهوار، ووضعها في موقع الكتروني يخصص لهذا الغرض”.
ودعا السراج إلى “ضرورة دعم مركز ابحاث الاهوار التابع لوزارة
التعليم العالي وتدريب كوادر متخصصة بشؤون الاهوار وتوفير بعثات دراسية
في مجال تنمية الاهوار”.
وأفاد السراج بأن “اللجنة اوصت بادخال فصل في مادة الجغرافية
للمرحلتين المتوسطة والاعدادية يتناول الاهوار واهميتها البيئية
والسياحية والتراثية واستحداث اقسام في مجال الاهوار والاراضي الرطبة
في جامعات البصرة وذي قار وميسان”.
وكانت وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون العلمية بيريوان مصلح
الخيلاني قد ذكرت في تصريح سابق أن منظمة اليونسكو وافقت على ضم مواقع
منخفض الكعرة في المنطقة الغربية من العراق، وجبل سنجار في المنطقة
الشمالية، وبحيرة ساوة في المنطقة الوسطى، إلى قائمة التراث العالمي في
منظمة اليونسكو كمحميات طبيعية. وكان العراق قد صادق على ميثاق حماية
التراث الحضاري والطبيعي عام 1974.
بدورها قالت الباحثة في علوم الحياة ندى الأنصاري إن “منطقة الاهوار
مهددة اليوم بسبب الجفاف وإنخفاض حصة العراق من المياه القادمة من
تركيا”، داعية إلى “أهمية المحافظة على الثروة النباتية الطبيعية
واطلاق مشروع جرد النباتات الذي بدأ في الخمسينيات وتوقف دون أن يكتمل،
والذي يتضمن دراسات واحصاءات لحفظ المصادر الوراثية لهذه النباتات”.
واوضحت الانصاري “يجب حماية النباتات والطيور الموجودة في الاهوار
من قبل جميع الاطراف المعنية لايصال المواقع الطبيعية العراقية الى
مستوى المقبولية العالمية”، منوهة إلى أن “منظمة طبيعة العراق ارتبطت
باتفاقية مع منظمات مماثلة في دول الجوار لجرد الطيور في كل مناطق
العراق ومن ثم دراستها بالتعاون مع وزارة البيئة”.
وتعاني منطقة الأهوار من تلوثها بمياه الصرف الصحي والمخلفات
الصناعية نتيجة قلة المياه المتدفقة. وللبحث في حجم المشكلة قامت احدى
المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة باجراء تقييم عام للاوضاع
البيئية، كما قامت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية باجراء مسح صحي
عام أظهر أن الماء الصالح للشرب هو من اشد الاحتياجات الحالية لسكان
الأهوار.
إلى ذلك، قال رئيس منظمة طبيعة العراق عزّام علوش إن “جهودا تبذل من
قبل منظمة اليونسكو بالتعاون مع وزارة البيئة لإجراء دراسة حول جدوى
ادخال منطقة الأهوار الوسطى ضمن لائحة التراث العالمي خاصة مع تعرض
المنطقة مجددا للجفاف بعد عودة المياه الى 30% منها”.
وأوضح علوش أن “المشكلة تكمن في تراجع منسوب المياه في نهر الفرات
وهو ما ادى الى تجفيف قسم كبير من الأهوار الوسطى”، مشيرا الى “خطط
يجري التحضير لها من قبل وزارة الموارد المائية لبناء سدود ونواظم على
مخارج هذه الاهوار لإدارتها بشكل مستديم في مواسم الجفاف مستقبلا”.
وكشف علوش عن أنه “في حال نجحت الجهود بضم الاهوار للائحة العالمية
فسيتم استخدم الخبرات المستحصلة للتحرك على بحيرة ساوة ومنطقة بيخال
وأحمد ئاوا ومنطقة قره داغ وغيرها، فالعراق مليء بالمواقع الطبيعية
التي يمكن ضمها الى اللائحة العالمية”.
و(طبيعة العراق)، منظمة غير حكومية مسجّلة في العراق، تعتمد على
البرنامج البيئي للأمم المتحدة (UNEP) وهي عضو مرشح في المجلس العالمي
لحماية الطيور، وتعمل على حماية البيئة العراقية ولديها شراكة مع
وكالات ومنظمات دولية كوكالة التطور العالمي الكندي والأميركي ووزارة
البيئة والأرض والمناطق المائية الايطالية.
ويأمل العراقيون ان تتمكن الجهود المحلية بمساعدة الخبرات الدولية
في انقاذ الأهوار والعشرات من مناطق البلاد المعروفة بطبيعتها الغنية
والفريدة، لكن أمام المختصين عمل طويل قبل ان يتمكنوا من ادراج المواقع
الطبيعية والتأريخية في بلد شهد عدة حضارات انسانية وتضم أراضيه مئات
المواقع المهمة التي تتطلب العمل لسنوات لاظهار قيمتها ونفض الغبار عن
وجهها. |