من حق أي إنسان في الوجود وبالخصوص في بلاده أن يحصل على حقوقه
ومنها ممارسة حريته العبادية كاملة، وهذا حق ضمنته الرسالات السماوية
والقوانين الدولية الوضعية، وهي من أهم القضايا.. لأنها تتعلق بالغاية
من وجود الإنسان وبحريته وكرامته، وليعيش الإنسان عزيزا ومحترما في ظل
المحبة والتسامح والتعددية الدينية والفكرية، لا الكراهية للآخر لمجرد
الاختلاف في الطائفة والرأي.
في المجتمع الذي يتسم بروح التسامح والإيمان بالتعددية وتقبل الفكر
الآخر؛ تنمو وتزدهر فيه روح المحبة والاحترام والتعاون المتبادل،
وتتقوى فيه اللحمة الوطنية، وتكون علامات السعادة والرضا واضحة على
الناس المواطنين والمقيمين والزائرين، وتتلاشى بين أفراده مظاهر
الكراهية والعنصرية، وبالتالي اختفاء أعمال الاعتداء على الآخر بالقول
والفعل.
أما إذا كان التشدد الديني والفكري والتعصب للقبيلة وللمذهب هي
الثقافة السائدة في البلد، وتشويه فكر الأطراف الأخرى، والتشكيك في
إيمان ووطنية الآخر، ومنعه من ممارسة حريته الفكرية والدينية، ورفض روح
التعددية، ومنع دخول وتداول كتب الأطراف الأخرى، لأسباب مذهبية وفكرية
ضيقة. وكذلك منع الأعمال الفنية كالسينما وإقامة المهرجانات.. بحجة ان
المجتمع غير بقية مجتمعات العالم، فكل ذلك دليل على موت روح التسامح
وتنامي الكراهية والعنصرية والقبلية والتعصب الأعمى والطائفية البغيضة
وضعف الوازع الديني والتلاعب بالحقوق الوطنية وتعريض الوحدة الوطنية
للخطر.
وفي الحقيقة ان داء الكراهية الطائفية بين أفرد الوطن الواحد قد بدأ
ينتشر بقوة في الفترة الأخيرة في العديد من بلدان المنطقة، وهو يمثل
اكبر خطر على الوطن والمواطنين لأنه داء معد خطير على الواقع والمستقبل
يصعب علاجه. وللأسف الشديد وجد هذا الداء الأرضية المساعدة والمشجعة
على نموه وانتشاره إلى هذا الحد المخيف في وسط مجتمعاتنا بسبب وجود
التشدد والكراهية والتعصب وغياب التسامح والتعددية الفكرية والدينية،
وسيطر هوس الكراهية الطائفية على عقول البعض الذين يرون الآخر من خلال
المذهب، فينتصرون لمن من مذهبهم ويعادون الآخرين ولو كانوا على حق، ومن
وطنهم، وقد أصبح التعامل والعلاقات وتوزيع المناصب قائما على أساس
طائفية سلبية بغيضة.
وقد شاهدنا الكثير من المواقف والأحداث التي كادت تؤدي إلى ما لا
تحمد عقباه. لماذا الكراهية للآخر لمجرد الاختلاف في الطائفة؟، الم
يسمعوا قوله تعالى «لكم دينكم ولي دين». وقوله عز وجل «إنما المؤمنون
أخوة». وقول الإمام علي (ع) «الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير
لك في الخلق». من المسؤول عن تنامي الكراهية الطائفية والفتنة بين
أفراد المجتمع وتعريض الأوطان للمخاطر؟
الناس المواطنون هم السبب في تنامي الكراهية الطائفية الذين رضوا أن
يكونوا حطبا لنار الطائفية البغيضة التي يحاول أعداء الإنسانية
والأديان السماوية والتسامح والمحبة إشعالها دائما، نتيجة سيطرة روح
التعصب وعدم الوعي لدى شريحة كبيرة من شعوبنا، يا عالم يا ناس ان نار
الكراهية الطائفية إذا اشتعلت لن تميز بين أبناء الطوائف فالكل سيصبح
حطبا لها. |