معركة أفغانستان الانتخابية وتحديات كسب الشرعية

سيناريوهات مستقبلية حول جدوى الانتخابات

 

شبكة النبأ: تكتسب الانتخابات الرئاسية الأفغانية، التي أجريت في أغسطس من العام الجاري، أهميتها ليس فقط من كونها ثاني انتخابات رئاسية تُجرى في تاريخ البلاد، لكن أيضًا لأن الانتخابات كانت بمثابة معركة بين الولايات المتحدة وطالبان؛ فنجاح الانتخابات وبزوغ حكومة أفغانية تحظى بالمصداقية والشرعية من شأنه أن يدعم جهود الولايات المتحدة وقوات حلف الناتو. أما فشل الانتخابات والطعن في شرعيتها لن يخدم إلا حركة طالبان، ويعزز من نفوذها، بل قد يؤدي إلى هزيمة الولايات المتحدة، والتعجيل بخروجها من أفغانستان.

وفي هذا الإطار نظم معهد بروكينجز حلقة نقاشية، في 25 من أغسطس الماضي، تحت عنوان أفاق مستقبل أفغانستان: تقييم نتائج الانتخابات الرئاسية الأفغانية، أدارها مارتن إنديك Martin Indyk، مدير برنامج السياسة الخارجية بالمعهد. وشارك فيه كل من مايكل أوهانلون Michael Ohanlon، مدير الأبحاث ببرنامج السياسة الخارجية بالمعهد، والمتخصص في شئون الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية والأمن القومي، وكيمبرلي كاجان Kimberly Kagan، مديرة معهد دراسة الحرب، ومؤرخة عسكرية درست في الأكاديمية العسكرية وجامعات ييل وجورج تاون، وأنتوني كوردسمان Anthony Cordesman، الخبير الاستراتيجي المعروف بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بالإضافة إلى بروس ريدل Bruce Riedel، الباحث المرموق بمركز سابان، ومستشار الشرق الأوسط وجنوب آسيا لثلاث رؤساء أمريكيين؛ بوش الأب، وبيل كلينتون، وبوش الابن. بحسب موقع تقرير واشنطن.

جوانب إيجابية وسلبية

من وجهة نظر مايكل أوهانلون فإن الانتخابات الأفغانية، كان لها عديد من الجوانب الإيجابية، والجوانب السلبية في الوقت ذاته. وتمثلت أهم الجوانب الإيجابية في الآتي:

أولاً: إن آليات إدارة العملية الانتخابية كانت جيدة. فالمشرفون الذين أداروا العملية الانتخابية تم إعدادهم بصورة جيدة جدًّا، وأدوا عملهم باحتراف. كما أن جميع مراكز الاقتراع في كابول ومعظم مناطق أفغانستان كان العمل فيها يجري بدرجة عالية من التنظيم والبراعة. علاوة على نجاح قوات الشرطة الأفغانية والجيش في توفير الأمن لحد كبير في تلك المواقع.

ثانيًا: بقطع النظر عن العنف الذي شهدته البلاد ومئات الهجمات التي شنتها طالبان قبيل وأثناء العملية الانتخابية فإن أعداد الوفيات كانت متواضعة بشكل عام. كما أن معظم مراكز الاقتراع بدت مؤمنة إلى حد معقول من قبل قوات الأمن الأفغانية.

ثالثًا: شهدت الحملات الانتخابية نقاشات حول "روح" النظام السياسي الأفغاني. وهو أمر يبدو جيدًا بالنظر إلى كون الديمقراطية ما زالت وليدة في أفغانستان. حيث شهدت الانتخابات مناظرات تليفزيونية بين المرشحين، إضافة للتجمعات الانتخابية في جميع أنحاء البلاد. وطرحت خلال هذه المناظرات والتجمعات قضايا هامة تتعلق بروح النظام الأفغاني. فعلى سبيل المثال ناقشت بعض التجمعات للمرشح "عبد الله عبد الله" فكرة انتخاب المحافظين في أفغانستان مباشرة من قبل الشعب، (هناك 34 محافظة في أفغانستان)، بدلاً من التعيين، وذلك على غرار منصب الرئيس.

رابعًا: وجود منظمات مستقلة تؤدي عملها بشكل جيد في أفغانستان مثل اللجنة الانتخابية المستقلة، ولجنة الشكاوي الانتخابية المستقلة. فهاتان اللجنتان وقفتا بحزم ضد الرئيس "كرزاي" وأي مرشح آخر يحاول أن يعلن نتائج فورية للانتخابات بينما النتائج الفعلية لم تعلن بعد، بسبب عدم تمكن هذه اللجان حتى الآن من التدقيق في عدد الأصوات التي تم توثيقها وتخزينها، ومن ثم الخروج بالنتائج.

وبجانب هذه الجوانب الإيجابية، تحدث أوهانلون عن بعض الجوانب السلبية للعملية الانتخابية، من أهمها:

أولاً: تحيز وسائل الإعلام الحكومية بشكل كبير للرئيس "كرزاي".

ثانيًا: حماسة الشعب الأفغاني للانتخابات لم تكن عالية بشكل كاف؛ لأنهم لم يروا في أي مرشح القدر الكافي من الكفاءة التي يرغبون فيها. ورغم أن الأفغان، كما يشير أوهانلون يحبون الرئيس كرزاي ويتعرفون على اسمه، وعلى استعداد لرؤية فضائل معينة لاستمراره في الرئاسة، فإنهم يعلمون أيضًا أنه لم يقم بعمل عظيم لبلدهم.

ثالثًا: كانت البيئة الأمنية التي أجريت في ظلها الانتخابات فقيرة إلى حد ما. وبرغم تصدي قوات الشرطة لكل هذه الهجمات بشكل جيد، فقد كان هناك ما يقرب من 300 هجمة من قبل طالبان حدثت يوم الانتخابات وحدها. وانفجرت سيارات مفخخة ضخمة في كابول مرتين خلال أسبوع الانتخابات.

رابعًا: إن الإقبال على التصويت كان متواضعًا جدًّا، فنسبة المشاركة تقترب من 30 في المائة، بدلاً من نسبة 50 في المائة التي توقعها كثيرون. وهذا يعكس مزيجًا من الخوف واللامبالاة، وهو أمر غير صحي على الإطلاق، بحسب أوهانلون.

معركة انتخابية وتحديات كسب الشرعية

من جانبه يعترف بروس ريدل بالصعوبة الكبيرة التي تواجهه في التحليل نظرًا لعدم الإعلان عن نتائج للانتخابات حتى الوقت الحالي. فبعد أسبوع من الآن لا يستطيع أحد أن يقدم تفسيرًا عن طبيعة ما يحدث. ومع ذلك يرى ريدل أنه لا يجب أن تؤخذ إدعاءات كرزاي أو معاونيه حول تحقيقه نصرًا كبيرًا في الانتخابات، على محمل الجد، "فأي سياسي سيقول بعد أي انتخابات خاضها لقد حققت نصرًا كاسحًا".

ويورد ريدل مجموعة من الملاحظات حول الانتخابات، أهمها أن هذه الانتخابات كانت بمثابة تحديًّا واختبارًا للطرفين، طالبان وقوات حلف الناتو.

فقد سعى كل طرف لإثبات شيء ما، وواجه في سبيل ذلك تحديات جمة. فمن ناحية، تمثل التحدي أمام قوات الناتو والحكومة الأفغانية في الحصول على عدد معقول من الأصوات لإعادة بناء شرعية الحكومة الأفغانية، والتي فقدتها على مدى السنوات الخمس التي قضتها في السلطة. وتمثل إعادة بناء الشرعية طبقًا لريدل، خطوة هامة لدعم أي جهد لمواجهة الزخم الذي حظيت به طالبان. كما أن وجود حكومة أفغانية شرعية يعتبر أمرًا مطلوبًا للولايات المتحدة، "فإذا لم يكن لدينا حكومة لديها بعض أسس الشرعية في أفغانستان، فإن أفضل الجنرالات وأفضل الاستراتيجيات لن تكون ذات جدوى في تحسين الوضع في أفغانستان".

وكان التحدي الآخر أمام الناتو وحكومة أفغانستان هو إكساب الانتخابات مصداقية، خاصة في ظل التساؤلات الكثيرة حول حدوث عمليات ونسبة المشاركة في الانتخابات، وهي تساؤلات تبقى بلا إجابات حتى الآن. وليس من الواضح الآن، كما يقول ريدل، ما إذا كان المواطنون في أفغانستان سيحكمون على الانتخابات بأنها كانت تتمتع بالمصداقية أم لا.

ومن ناحية أخرى، مثلت الانتخابات تحديًا لطالبان والأطراف التي تعمل معها، فطالبان أعلنت عزمها على إفساد الانتخابات، وأنها لن تدع الناس يذهبون للتصويت في الانتخابات. وإلى حد ما نجحت في تحقيق هذا الهدف، حسبما يقول ريدل. ففي الجنوب نجحت جهود طالبان في التقليل من عدد الذين أدلوا بأصواتهم بشكل كبير. ومع ذلك فإن طالبان لم تنجح في الحيلولة دون إجراء الانتخابات.

وبجانب التحدي السابق، كان هناك تحديًا آخر أمام طالبان، فالحركة نُظر إليها، طيلة الـ 15 عامًا الماضية على أنها "حركة بشتونية". وطبقًا لريدل فإن ما تواجهه الولايات المتحدة في أفغانستان في الوقت الحالي ليس "تمردًا" قوميًّا، ولا يشبه بأي حال ما واجهه السوفيت في الثمانينيات عندما انخرط كل جزء من أجزاء أفغانستان في "تمرد ضدهم". بل على العكس تواجه واشنطن "تمردًا" وسط أقلية من السكان هم البشتون. وما تحاول طالبان أن تفعله طيلة السنوات السابقة هو أن تظهر أنها قوة وطنية.

ومع تشديده على أن نتائج الانتخابات لم يتم الإعلان عنها بعد، فإن ريدل يعتقد أن طالبان فشلت في تحقيق هذا الهدف، فرغم قدرتها على العمل بكفاءة في المناطق البشتونية، فإنها لا تشكل قوة حقيقية في المناطق غير البشتونية.

تدني المشاركة في الانتخابات الحالية

وطبقًا لريدل فإنه من المهم مقارنة نتائج الانتخابات الحالية حين الإعلان عنها بنتائج الانتخابات السابقة التي أجريت في أفغانستان، للحكم على مدى تنافسية الانتخابات مصداقيتها، ونجاح طالبان في إفساد العملية الانتخابية من عدمه. فقد شهدت أفغانستان استحقاقين انتخابيين سابقين؛ انتخابات الرئاسة في عام 2004، والانتخابات التشريعية والمحلية في عام 2005. ووصلت نسبة المشاركة في انتخابات 2004 إلى 70% وفاز فيها الرئيس كرزاي بـ 56 % من الأصوات، لكنه لم يواجه منافسًا حقيقيًّا، رغم وجود أربعة مرشحين ينتمون لإثنيات مختلفة ضده، لكنهم لم يكونوا يسعون لهزيمة كرزاي بل إلى إثبات سيطرتهم على إثنياتهم، مثل عبد الرشيد دستم الذي أراد إحكام سيطرته على مجتمع الأوزبك ونجح في ذلك.

أما في الانتخابات الحالية، 2009، فلدينا منافسة حقيقية، كما يقول ريدل. فبرغم الخلط في الأصوات والاتهامات بوجود تزوير على غرار ما حدث في إيران، "فإن لدينا انتخابات تستحق المتابعة".

وبجانب انتخابات 2004، توفر انتخابات 2005 قاعدة جيدة للمقارنة بنتائج الانتخابات الحالية. فنسبة المشاركة في انتخابات عام 2004 كانت دون الـ 50%، وادعت الحكومة أنها وصلت إلى 49%، لكن معظم المراقبين يقولون إنها قريبة من 40%.

وكان هناك تفاوتًا في نسب المشاركة في المحافظات المختلفة، فبعض المحافظات شهدت إقبالاً مرتفعًا من الناخبين، حيث وصل في محافظة مثل باميان Bamyan، والتي شهدت تدمير تماثيل بوذا من قبل طالبان، إلى 75%.

لكن على الجانب الآخر كان هناك إقبالٌ ضعيفٌ جدًّا في بعض المحافظات، وتحديدًا في مناطق البشتون في الجنوب، ففي محافظة زابول Zabul، كانت نسبة المشاركة أقل من 20%، ووصلت نسبة المشاركة في أورزجان Oruzgan، موطن الملا عمر زعيم حركة طالبان، إلى 21%. ولم تكن قندهار أفضل حالاً، حيث وصلت نسبة المشاركة إلى 25%.

واعتمادًا على هذه الأرقام، يتوقع ريدل أن تشهد الانتخابات الحالية هبوطًا كبيرًا في نسب المشاركة مثل عام 2005. ويستنبط من نتائج انتخابات 2005 أمرين قد يكونا ضروريين في الحكم على نتائج الانتخابات الحالية:

الأول: إن البشتون في الجنوب كانوا حقًّا غاضبين مما يجري، بدليل تدني نسب المشاركة في المحافظات الجنوبية، فهم لم يعترفوا أبدا بشرعية ما يجري في البلاد عقب عام 2001.

الثاني: إن نسبة مشاركة المرأة في التصويت كانت متدنية جدًّا، بعد أن شهدت انتخابات 2004 إقبالاً كبيرًا من قبل المرأة الأفغانية. بشكل عام كانت نسبة مشاركة المرأة في انتخابات 2005، أقل بنسبة 20% عن نسبة مشاركة الذكور. وكانت مشاركة المرأة أقل في المناطق التي تسيطر عليها طالبان، فـ 96% من الناخبين في محافظة زابول هم من الذكور، و4% فقط من النساء، وفي محافظتي أوزرجان وهلمند كانت النسبة 86% ذكور إلى 14% إناث. وحتى في محافظة كابول كانت نسبة المشاركة 33%، وكان 70% من الناخبين من الذكور.

ويستنتج ريدل مما سبق أن تدني نسبة مشاركة النساء في الانتخابات الحالية لن يكون أمرًا مفاجئًا، كما أنه يرجع إلى مرحلة ما قبل تدهور الأمن بشكل كبير في البلاد.

سيناريوهات مستقبلية

وعن سيناريوهات المستقبل، يشير ريدل إلى احتماليين أساسيين:

السيناريو الأول: فوز كرزاي في الانتخابات، وسيكون ذلك راجعًا إلى الدعم الذي حظي به قبل أيام من الانتخابات من عديدٍ من أمراء الحرب، من أهمهم عبد الرشيد دستم، المعروف بوحشيته، والذي كان أحد أعضاء الجيش الشيوعي الأفغاني، الميليشيا المسلحة الوحيدة المؤيدة للسوفيت، في الثمانينيات، وتم الإطاحة به من الشمال عن طريق طالبان، ثم أعيد بعد الغزو عام 2001. لكن الخطورة هنا، طبقًا لريدل، تتمثل في أنه إذا عاد كرزاي إلى السلطة بدعم دستم فإن الحديث عن محاربة الفساد والحكم الرشيد لن يكون لهما مكان في حكومة كرزاي الجديدة.

السيناريو الثاني: أن يكون جولة ثانية في الانتخابات، ويشير ريدل إلى أن هناك عديدًا من السيناريوهات فيما يتعلق بهذه الجولة، وهي سيناريوهات متشابكة بصورة معقدة:

السيناريو الفرعي الأول: إمكانية حدوث صفقة في الخفاء بين كل من كرزاي وعبد الله عبد الله، يتقاسمان السلطة بموجبها، ولكن ريدل يشكك في حدوث ذلك. ففي حالة ذهاب عبد الله عبد الله إلى جولة ثانية فإن رغبته ستتعزز في الفوز بالانتخابات.

السيناريو الفرعي الثاني: أن تشهد الجولة الثانية عديدًا من الصفقات، فدعم عبد الرشيد دستم لكرزاي في الجولة الأولى لا يعني أنه سيدعمه في الجولة الثانية، والأمر ذاته ينطبق على أمراء الحرب الآخرين الذين دعموا كرزاي، فكل منهم سيسعى للحصول على وعود بشأن الوظائف التي سيحصلون عليها في الإدارة القادمة.

السيناريو الفرعي الثالث: أن تضع حركة طالبان وتنظيم القاعدة على أولوياتهما القيام بشيء لم يستطيعا القيام به في المرات السابقة، وهو اغتيال أحد المرشحين. وفي حالة اغتيال طالبان لأحد المرشحين الأربعين، حتى لو كان أقلهم أهمية، فإن الانتخابات ستؤجل تلقائيًا. أما إذا نجحت في اغتيال كرزاي أو عبد الله عبد الله فإن الأمر برمته سيتبخر في الهواء.

السيناريو الفرعي الرابع: إذا كان هناك جولة ثانية فإنها قد توفر بعض المصداقية والشرعية للعملية الانتخابية، وستكون بمثابة إشارة للأفغان بأن أصواتهم لها فائدة. وستضمن هذه الجولة المصداقية والشرعية لأي من الفائزين في الانتخابات، كما ستوفر الأساس للناتو لاستغلال الفرصة الأخيرة لديه.

وأخيرًا يشير ريدل إلى أن نتائج هذه الانتخابات، وكيف تمت إدارتها؟ وما مدى مصداقيتها وشرعيتها؟ لن تقتصر انعكاساتها على أفغانستان، بل ستمتد أيضًا إلى باكستان. فإذا اعتبرت باكستان أن هذه الانتخابات مزورة، وأنها تفتقر للمصداقية وأنتجت حكومة أفغانية غير شرعية، فإن الباكستانيين، وتحديدًا الجيش الباكستاني، سيعتبرون أن الأساس الذي بنيت عليه عمليات الناتو في أفغانستان قد انتهى، وسيعزز هذا الأمر الاعتقاد الدفين لديهم بأن القوات الأمريكية وقوات الناتو ستفر من أفغانستان خلال العامين أو الثلاثة القادمين، وكل ما عليهم فعله هو انتظار حدوث ذلك، وسيطرة أصدقائهم في طالبان على نصف البلاد.

الانتخابات لن تحدث فارقًا

على عكس الطرحين السابقين، يرى أنتوني كوردسمان أن الولايات المتحدة لن تجد أناسًا قادرين على الحكم في أفغانستان، بقطع النظر عمن يفوز في الانتخابات. وعلى حد قول كوردسمان فإن "كرزاي فاسد ويفتقر إلى القدرة اللازمة، وعبد الله عبد الله لا يحكم أي شيء، وأينما ذهبنا، سمعنا عن الفساد والافتقار إلى القدرة في عديد من حكام المحافظات الذين ليسوا من المنتخبين، والوضع في المحليات أسوأ بكثير".

ومن ثَمَّ بدلاً من التركيز على الانتخابات، يركز كوردسمان على ضرورة وضع استراتيجية أمريكية ملائمة للوضع في أفغانستان، فخلال سبع السنوات الماضية لم يكن هناك أي انسجام في الاستراتيجية الأمريكية تجاه أفغانستان، أو في التخطيط المدني- العسكري. وتم إهدار معظم أموال المساعدات نتيجة للفساد. واستغرق الأمر أكثر من نصف عقد من الزمان لتبدأ الولايات المتحدة في توفير الموارد للحرب بشكل جاد. بل ولم تنشأ الولايات المتحدة قوات أفغانية على نحو جاد إلا في عام 2006. إضافة إلى أن مستوى وكفاءة القوات الأمريكية العاملة في أفغانستان لم تقترب من مستوى نظيرتها في العراق. وكان نتيجة لذلك أن فقدت الولايات المتحدة السيطرة في نحو 40 في المائة من البلاد، في ظل عملية مطردة من التدهور منذ عام 2003.

هذا التدهور للوضع في أفغانستان كان نتيجة غياب الشفافية والنزاهة، والموارد الكافية لهذه الحرب، بحسب كوردسمان، ومن ثم فإن الحل يكمن في توافر "الشفافية والأمن والموارد اللازمة للحرب".

ولم يختلف الطرح الذي قدمته كيمبرلي كاجان كثيرًا عن طرح كوردسمان، غير أنها أكدت على أن تدهور الوضع في أفغانستان لا ينبغي أن يتم إرجاعه فقط إلى الجانب الأمريكي وفشل المؤسسات الأمريكية، بل لا بد من النظر إلى الجانب الآخر وهو وجود عدو قوي لديه استراتيجية ينفذها بوضوح. فالأمر في أفغانستان، بحسب كاجان، ليس مجرد هجمات تنفذ هنا أو هناك ولكن يتعلق بوجود عدو لديه هدف واضح يريد تحقيقه. وهذا العدو مكون مجموعات تتفق على هدفين: السعي لهزيمة القوى الغربية الموجودة في أفغانستان، وتوزيع القوة بينها داخل أفغانستان، بحيث يكون لكل مجموعة نصيب. ومن ثم يكمن الحل، من وجهة نظر كاجان، في ضرورة تنفيذ الاستراتيجية الصحيحة بالموارد المناسبة وهو أمر لم تفعله الولايات المتحدة حتى الآن

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/أيلول/2009 - 23/رمضان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م