روسيا والازمة المالية: التخلّي عن منظمة التجارة العالمية والحنين لسِياط ستالين

 

شبكة النبأ: فيما حذر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف انه من المبكر جدا الاحتفال بالتعافي الاقتصادي، قال وزير المالية الروسي في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي انه لا مفر من التعرض لموجة ثانية من الازمة الاقتصادية في روسيا المثقلة بديون مشكوك في تحصيلها، محذرا من ان الآتي اعظم بالنسبة الى البلاد.

وقال مدفيديف في المنتدى "برز مؤخرا نوع من الانتعاش يوحي بان الازمة الاقتصادية ولت فيما بدأت مرحلة التعافي". واضاف "لكن برأيي، من المبكر جدا البدء بالاحتفال. وليس من العبث ان يلفت محلل اقتصادي اخيرا الى ان الازمة المالية حالة تستمر طويلا".

وتعرض الاقتصاد الروسي الذي يعتمد على تصدير المحروقات والمواد الاولية لضربة قاسية نتيجة التباطؤ الاقتصادي الدولي، فيما تتوقع الحكومة تقلصا بين 6 و8% في اجمالي الناتج الداخلي هذا العام مقارنة بالعام 2008. غير ان المهمة الاولى لمدفيديف ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين تكمن في تجنب الاشارة الى اقتراب الاقتصاد الروسي من انهيار مشابه لازمة 1998 عندما لم يتمكن الروس من تسديد الديون السيادية.

وتوقع مدفيديف ان تؤدي الازمة الى "اعادة ترتيب" للاقتصاد العالمي، يتم فيها تغيير رؤوس حربة التطور العالمي. واضاف ان على الدول تحسين اسسها الاقتصادية لتعزيز استعدادها لمواجهة ازمات اخرى في المستقبل. ولطالما تعرضت روسيا للانتقادات بسبب امتناعها عن تنويع اسس اقتصادها المرتهن لقطاع المحروقات.

وقال مدفيديف "في حال تجاوزنا الازمة كلنا، سنكون تراجعنا اعواما، وان برزت ازمة اخرى لاحقا، فستكون اكثر ماساوية مما نشهد الان". بحسب فرانس برس.

كما حذر الرئيس الروسي من ان انقاذ المصارف من الاموال والديون الهالكة شكل على المدى القصير "اخطر تحد لنا ولدول اخرى".

كما ستتخذ روسيا اجراءات اخرى على غرار ضخ اموال الدولة في المصارف لحل المشكلة، برايه. واعرب عن رفضه انشاء مصرف خاص للاموال الهالكة.

الشيوعيون يحنّون لِسياط ستالين للخروج من الازمة الاقتصادية

ووضع الشيوعيون الروس لوحات اعلانية ضخمة للدكتاتور الراحل جوزيف ستالين الذي حكم ابان العهد السوفيتي في مدينة جنوبية مروجين لأساليبه القاسية باعتبارها افضل علاج للازمة الاقتصادية العالمية.

وقتل ستالين ملايين الناس خلال حكمه الذي دام 30 عاما وحتى وفاته عام 1953 ولكن كثيرين في روسيا التي تعاني من الركود يحنون الى الماضي ويتذكرون قيادته الحازمة وقد جاء في المركز الثالث في استطلاع اجري في انحاء البلاد عن اكثر الشخصيات التاريخية شعبية. بحسب رويترز.

وقال سيرجي روداكوف المسؤول البارز في الحزب الشيوعي في بلدة فورونيزه لرويترز عبر الهاتف "الجميع يعلم انه في عهد ستالين حقق اقتصادنا اعلى معدل للنمو الاقتصادي والتنمية في مجالات اخرى والانتصار العظيم (علي المانيا النازية)."

ودفع الشيوعيون المحليون لوكالة اعلانات 80 الف روبل (2534 دولارا) لوضع صورة ستالين لمدة شهر واحد على 10 لوحات اعلانية ضخمة في انحاء فورونيزه وهي مدينة يبلغ اعداد سكانها نحو مليون نسمة.

اكبر متجر في روسيا يخفض الاسعار بعد توبيخ من بوتين

وفي نفس السياق قال اكبر متجر للبقالة في روسيا "اكس 5" انه سيخفض اسعار المواد الغذائية بعد ان وبخ رئيس الوزراء فلاديمير بويتن رؤساء المتجر خلال زيارة مفاجئة لأحد فروعه. ويقوم بوتين الذي تقاعد من رئاسة الكرملين في العام الماضي بعادة التأنيب العلني لبعض كبار رجال الاعمال في روسيا لاهمالهم الناس العاديين في أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقد.

وقام بوتين ضابط المخابرات السابق بالتوقف بموكبه قرب فرع بيريكريستوك المملوك لمتجر "اكس 5" بالقرب من مقر الحكومة ووبخ رؤساءه لرفعهم اسعار النقانق واللحوم وذلك أمام المتسوقين المذهولين.

وقال متجر "اكس 5" للبيع بالتجزئة في بيان انه يشعر بسرور ازاء اختيار بوتين لفرعهم واعلن عن "خفض كبير" مع خصومات تتراوح بين 30 و80 في المئة على اكثر من ثلاثة الاف سلعة.

وقال ليف خاسيس الرئيس التنفيذي لمتجر "اكس 5" في بيان "نتقاسم بشكل كامل موقف رئيس الحكومة بشأن ضرورة تشكيل سوق متحضر للمستهلكين". بحسب رويترز.

وقال خاسيس ان المتجر يتفق على انه يتعين التوصل الى توازن بين الموردين والبائعين بالتجزئة وانه يتعين اخذ احتياجات المستهلكين بشكل كامل في الحسبان.

روسيا: وداعاً يا منظمة التجارة العالمية

ورغم أن روسيا كانت قاب قوسين أو أدنى من الانتساب إلى منظمة التجارة العالمية، بعد أن قطعت حوالي 95 في المائة من مفاوضات الانضمام إلى المنظمة، إلا أنها قررت وقف هذه المفاوضات بشكل فردي.

هذا القرار من جانب موسكو، دفع الكثير من الخبراء الاقتصاديين الروس إلى تنفس الصعداء لأن الانضمام إلى هذه المنظمة  قد يؤدي، في رأيهم، إلى انهيار غالبية قطاعات الاقتصاد الروسي أمام تدفق السلع الأجنبية على أسواق روسيا، ربما باستثناء صناعة الحديد والصلب وصناعة الأسمدة.

ويرى هؤلاء الخبراء أن الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية تنظر إلى روسيا باعتبارها مورداً للمواد الأولية ومستوردة للسلع المصنعة فحسب، وفقاً لتقرير نشرته وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي."

على أن القيادة الروسية ستبدأ مفاوضات انضمام ثلاث دول - روسيا وكازاخستان وبيلوروسيا - مجتمعة، بوصفها أعضاء في تكتل اقتصادي يعرف باسم "الاتحاد الجمركي."

وهذا يعني في حقيقة الأمر أن موسكو "قبرت" فكرة الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، لأنه لا توجد قاعدة قانونية تتيح لهذه المنظمة قبول عضوية مجموعة دول، ولهذا لا يُنتظر أن تجري المنظمة مفاوضات انتساب "الاتحاد الجمركي" إلى عضويتها. بحسب سي ان ان.

وسرعان ما استغل بعض المنتجين الروس قرار وقف مفاوضات انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، حيث أعلنت وزارة الزراعة الروسية ارتفاع الجمارك على بعض السلع الغذائية المستوردة.

وتعليقاً على ذلك قال الخبير الاقتصادي الروسي، يفغيني إيفانوف، من معهد أبحاث سوق السلع الغذائية إن قرار الحكومة الروسية "أطلق يدنا، إذ بات بإمكاننا بذل ما بوسعنا لحماية السوق المحلي لأن أعضاء منظمة التجارة العالمية لم يعودوا يستطيعون محاسبة روسيا". وكان بوتين قد ألغى في التاسع من يونيو/حزيران مفاوضات انضمام روسيا إلى المنظمة العالمية.

وقال نائب رئيس الحكومة الروسية، ألكسي كودرين، إن الاتحاد الجمركي سيبدأ مفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2010.

وجاء هذا القرار بعد أسبوع على تصريح لرئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، مكسيم ميدفيدكوف، قال فيه إن روسيا ستصبح عضوا في المنظمة في منتصف عام 2010 إذا تمكنت من استكمال المفاوضات قبل نهاية عام 2009.

وقال ألكسي بورتانسكي، مدير المكتب الإعلامي لانضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية، إن القوانين الخاصة بمنظمة التجارة العالمية تراعي إمكانية انتساب مجموعة من الدول إلى عضوية المنظمة، ولكن هذا القرار أدهشه، "فلقد قطعنا 95 في المائة من طريق المفاوضات، وحققنا نتائج مُرضية في المسائل الأساسية المتعلقة بشروط الانضمام."

ويرى بعض المحللين أن روسيا لم تعد تأمل في انضمام سريع لمنظمة التجارة العالمية ولهذا قررت التركيز على إنجاز الاتحاد الجمركي في الساحة السوفيتية سابقا. وأشار المحلل دميتري بادوفسكي إلى أن موسكو تقدم إنجاز الاتحاد الجمركي على الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 29/تموز/2009 - 6/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م