
شبكة النبأ: ما يزال التوتر مستمرا
بين بغداد واقليم كردستان العراق حول امور شتى ابرزها المناطق المتنازع
عليها بالاضافة الى كركوك المتعددة القوميات والغنية بالنفط، ويبدو ان
الحوار وصل الى طريق شبه مسدود بين الجانبين، وابرز مثال على ذلك
التصريحات التي يطلقها المسؤولون.
وتعتبر كركوك حيث يعيش عرب واكراد وتركمان واقلية مسيحية وحقول غنية
في النفط، ابرز نقاط الخلاف خصوصا مع مطالبة الاكراد بالحاقها باقليمهم
ومعارضة الاخرين لذلك.
ويقول دبلوماسي غربي رفيع المستوى ان لا احد يرغب بوقوع "الحرب"،
قبل ان يضيف "لكن يمكن ان تحدث بسهولة، طالما هناك توتر شديد يتزامن مع
تسليح للناس".
واشار تقرير لمجموعة الازمات الدولية صدر مؤخرا، الى ان "المواجهات
والتوتر يمكن ان تؤدي دون قصد، الى صراع اوسع في ظل غياب الدور السياسي
الفاعل".
ويمثل الخلاف حول صلاحيات اقليم كردستان ومدى ارتباطه بالحكومة
المركزية في بغداد، مشكلة منذ سنوات طويلة.
ويسعى القادة السياسيون في اقليم كردستان الى الحصول على مكاسب
تمنحهم القدرة على التصرف بحرية في ادارة شؤون الاقليم الامر الذي
تعارضه الحكومة المركزية.
وبهدف مكافحة الارهاب وحماية البنى التحتية للنفط، ارسلت حكومة
بغداد صيف العام الماضي، الاف الجنود الى المناطق المتنازع عليها حيث
تنتشر قوات البشمركة الكردية منذ سقوط النظام السابق عام 2003.
ونشرت الحكومة العراقية الفرقة 12 في كركوك، بقيادة اللواء عبد
الامير الزيدي الذي يعترض الاكراد على تحركاته.
من جانبهم، يؤكد الاكراد الذين اقروا في 24 حزيران/يونيو الماضي،
مشروع دستور يطلب ضم كركوك الى اقليم كردستان تعهدهم ذلك. بحسب فرانس
برس.
وقال مسعود بارزاني خلال لقائه اكاديميين من وزارة التعليم العالي
للاقليم، في اربيل ان "هوية كركوك كردستانية مثل اربيل والسليمانية
ودهوك وجزء من كردستان وكل الوثائق التاريخية والجغرافية تؤكد ذلك".
من جانبهم، يرفض ذلك العرب والتركمان رفضا قاطعا. وقال المتحدث باسم
التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي لوكالة فرانس برس ان "الدستور الكردي
يثير غضبنا لانه يمثل الخطوة الاولى للانفصال".
بدورها، تطالب الاقلية التركمانية بتشكيل قوة مسلحة لحمايتها من
الاعتداءات المتكررة التي تستهدفها. ويرى الدبلوماسي الغربي ان هذا
الصراع هو الاكثر صعوبة لان كل طرف يسعى الى اثبات وجوده.
واوضح ان "الاكراد من جانبهم، يتحدثون عن بقائهم، قائلين ان العرب
يريدون العودة لتحقيق ما لم يستطيعوه ابان نظام صدام، فيما يرى اخرون
ان الاكراد يعرقلون تشكيل حكومة وحدة".
من جهة اخرى، تسعى الولايات المتحدة والامم المتحدة الى تحقيق
الاستقرار عبر مختلف الوسائل بينها اعتبار كركوك حالة خاصة لا تنضم
لاقليم وترتبط بالحكومة المركزية في بغداد.
لكن تشدد بعض الاطراف السياسية وخصوصا بارزاني، يقف عائقا امام
تحقيق اي تطور، تبحث عنه واشنطن والدول القريبة من حكومة الاقليم مثل
فرنسا عبر وزير خارجيتها برنار كوشنير، وفقا للدبلوماسي الغربي.
البارزاني: بغداد شكلت 16 فرقة عسكرية دون
علمنا
وعبّرَ رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، عن امتعاضه من تشكيل
بغداد 15 أو 16 فرقة عسكرية مع قياداتها بعيداً عن الاتفاقيات مع
الجهات الأخرى المشاركة في الحكم ودون الرجوع إلى رئاسة الجمهورية أو
البرلمان العراقيين.. مبينا ضرورة الحفاظ على توازن الجيش وحق الأكراد
في الاطمئنان.
وقال البارزاني خلال اجتماع جماهيري كبير لأنصار قائمته الانتخابية
(الكردستانية) التي تضم الحزبين الكرديين الرئيسين الديمقراطي
الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حضره في ملعب مدينة السليمانية
إن هناك “شخص يحاول بمفرده إعادة تشكيل الجيش العراقي خارج الاتفاقيات
المبرمة مع الجهات المشتركة في حكم البلاد”، دون أن يذكر اسم ذلك الشخص،
مشيرا إلى أن من الضروري “الحفاظ على التوازن في الجيش العراقي لأن من
حقنا كأكراد أن نطمئن من عدم تربية الجيش العراقي على وفق التراث
البائد حين كانت مهمته إحراق كردستان وتدميرها واضطهاد العراقيين”،
بحسب تعبيره.
يذكر أن الجيش العراقي المنحل قام في نهايات القرن الماضي، بحسب
المصادر الكردية، بتدمير نحو أربعة آلاف قرية كردية وإبادة نحو 200 ألف
مدني كردي بحسب الإحصائيات الكردية، في عمليات عسكرية عرفت باسم (الأنفال)
فضلا عن قصف مدينة حلبجة (83 كم جنوب شرق السليمانية) بالأسلحة
الكيميائية ما أدى إلى مقتل نحو خمسة آلاف مدني ونحو عشرة آلاف جريح.
نيجيرفان البارزاني: بقاء المشاكل يهدد
المستقبل الآمن الذي ننشده
من جهته قال رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان
البارزاني، إن بقاء المشاكل بين الإقليم وبغداد بصورتها الحالية من دون
حل يهدد المستقبل الآمن الذي ننشده ونسعى له في العراق.
وأوضح البارزاني في معرض مشاركته بمراسيم افتتاح أول مصفاة نفطية
بأربيل مؤخرا “من الواضح أن بقاء المسائل العالقة من دون حل بصورتها
الحالية تهدد ذلك المستقبل الآمن الذي نسعى له جميعاً في العراق”.
وبين أن “الذي نريده في حكومة الإقليم هو أن تحل تلك المسائل بطريقة
سلمية ووفق مبادئ الدستور الذي صوت له 80% من أبناء الشعب العراقي”،
مبيناً “إننا وكما في السابق، مستعدون للجلوس على مائدة التفاوض مع
الحكومة الإتحادية، مع أولئك الذين لديهم الإرادة لحل تلك المسائل”.
وأضاف البارزاني أن “حكومة الإقليم تتهم أحياناً بإتخاذ مواقف حادة،
وأننا نتشدد في التمسك بمطالبنا، لكن أود أن يعلم العراقيون والعالم،
تمسكنا بالدستور يأتي بسبب الضمانات بالحرية والديمقراطية. ولأننا في
كردستان ذقنا الكثير من المعاناة بسبب تلك الإتفاقيات والوعود التي
اعطيت لنا ولم تنفذ”.
وتابع قائلا “لكي نعيش بسلام نريد أن تبقى حقوقنا محفوظة. ونعتقد أن
علينا نحن الطرفين أن نلتزم بالدستور”.
ومضى قائلا “نحن نريد أن نكون شريكاً موثوقاً به وحقيقياً للحكومة
الإتحادية ببغداد، وإن سياستنا من السلام والإستقرار في الأقليم تتطلب
أن تكون لنا علاقات سلام وتعاون وتنسيق مع بغداد، وسنستمر على سياستنا
هذه”.
الاكراد في نينوى يهددون بالانسحاب من مجلس
المحافظة
من ناحية ثانية يهدد نزاع بين العرب والاكراد في محافظة نينوى بشمال
العراق بشق المحافظة الى قسمين وبإثارة توتر من شأنه أن يهدد استقرار
البلاد على المدى الطويل.
وقطعَ أعضاء المجلس المحلي الاكراد في جزء متنازع عليه في محافظة
نينوى مختلف الاتصالات مع المحافظ العربي أثيل النجيفي وتعهدوا بتشكيل
مجلسهم المنشق اذا لم يحل خلافهم معه. ويشغل الاكراد 12 من مقاعد مجلس
محافظة نينوى وعددها 37.
ويعتبر الاكراد مناطق من نينوى التي تسكنها أغلبية عربية جزءا من
أرضهم التاريخية ويريدون ضمها الى اقليم كردستان العراق الذي يتمتع
بحكم شبه مستقل. ويشكو الاكراد في المجلس من أن النجيفي قام بتهميشهم
منذ توليه زمام المحافظة في يناير كانون الثاني.
وقال ديرمان خيتاري عضو المجلس "اذا لم يتم التوصل الى حل فسنضطر
الى تشكيل مجلس نينوى لادارة 16 وحدة ادارية." وأضاف أنه سوف يطلب من
الحكومة المركزية تحويل جزء من ميزانية نينوى.
والوحدات الادارية كيانات تديرها مجموعة من اعضاء المجالس المحلية
المنتخبين. وهذه الوحدات منفصلة عن مقاعد مجلس المحافظة لكنها تخضع
لسلطة المحافظ.
وأدى التوتر في الموصل عاصمة نينوى الى استمرار العنف في المدينة في
الوقت الذي تتمتع فيه بقية المدن العراقية بقدر افضل من الامان النسبي
عن السنوات السابقة فيما لا تزال نينوى تعاني من محاربة الجماعات
المتمردة ومن بينها تنظيم القاعدة.
ويرفض الاكراد المشاركة في حكومة محلية جديدة تحت قيادة عربية وهددت
عدة مدن كردية بعدم احترام حكومة الموصل الجديدة.
ولا تزال المحافظة في غاية التوتر فيما يتفادى المحافظ زيارة
المناطق التي تسكنها أغلبية كردية بسبب مخاوفه الامنية بينما صعد
الاكراد والعرب من احتجاجاتهم في نينوى.
وأعادت الانتخابات المحلية التي اجريت اخر يناير كانون الثاني العرب
الى السلطة عندما فاز حزب الحدباء الذي ينتمي له النجيفي منعشا الامال
بأن يخفف فوز العرب من الامتعاض الذي أشعل تمردا عربيا سنيا في نينوى.
وقاطع السنة العرب الانتخابات المحلية الماضية عام 2005 مما جعل
تمثيلهم في المجلس دون نسبتهم. لكن منذ ذلك الوقت والاكراد يقولون ان
النجيفي يتعمد تهميشهم. والمحافظ معروف بتصريحاته المعلنة ضد الاكراد.
وقال النجيفي أنه سيرد بشدة على أي عضو مجلس محلي يحاول الانسحاب.
وحذر من ان مطالبهم ليست مشروعة وان الدستور لن يقرها وأنها تنتهك
لوائح الحكم المحلي وقال انه يملك سلطة حل أي مجلس في هذه المناطق
ينتهك الدستور مع تشكيل مجلس بديل.
وقال النجيفي ان الباب مازال مفتوحا للحوار. ويقوم وفد من الساسة
الشيعة العرب من الحركة التي يقودها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر
بالوساطة لكنه لم يحرز أي تقدم بعد.
الامم المتحدة تريد من أكراد العراق التخلي
عن استفتاء كركوك
وفي تصريح لافت قال دبلوماسي غربي ان الامم المتحدة تحث أكراد
العراق على عدم المضي قدما في اجراء استفتاء بشأن ان كانت منطقة كركوك
النفطية يجب ان تكون جزءا من جيبهم الشمالي قائلة ان مثل هذا الاستفتاء
سيشعل صراعا.
والمنطقة المتنازع عليها التي تقع على مسافة 250 كيلومترا شمالي
بغداد وبها 13 في المئة من احتياطيات العراق النفطية ويقيم فيها مزيج
من الاكراد والعرب والتركمان تقع في وسط صراع على السلطة بين الحكومة
العراقية في بغداد واقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه مستقل في الشمال.
ويطالب الاكراد بكركوك باعتبارها عاصمتهم القديمة ويأملون في ان
تتمكن حكومة كردستان الاقليمية من ضمها هي واراض اخرى متنازع عليها وهي
فكرة رفضتها بغداد وسكان المدينة من العرب والتركمان. ويريد الاكراد
اجراء استفتاء في كركوك يعتقدون انهم سيفوزون فيه.
ويضع دستور العراق خطة لتحديد من يسيطر على المنطقة من خلال اجراء
استفتاء ومساعدة الاسر النازحة على العودة الى ديارها لكن العداء
السياسي أخر ذلك.
وتعتقد الامم المتحدة ان مثل هذا الاستفتاء سيكون مستفزا بدرجة
خطيرة وربما يؤدي الى تجدد القتال من جانب الفصائل المتناحرة في الوقت
الذي يدنو فيه العراق من الاستقرار.
وقال الدبلوماسي الذي يشارك في المفاوضات والذي طلب عدم الكشف عن
اسمه "الامم المتحدة تقول انها لن تدعم استفتاء عدائيا... يسأل.. هل
تريد الانضمام الى حكومة كردستان الاقليمية أم لا... وقال "نعتقد جميعا
ان هذا سيؤدي الى حرب والامم المتحدة... أبلغت الاكراد بذلك."
وينظر الى النزاع المستعر بين الاكراد والعرب بشأن الارض والنفط على
انه خطر كبير على العراق مثل العنف الطائفي الذي ينحسر الان وكاد يمزق
العراق في عامي 2006 و2007 .
وأصدرت الامم المتحدة التي فوضتها الحكومة العراقية للوساطة من اجل
التوصل الى حل للخروج من الطريق المسدود تقريرا في ابريل نيسان استهدف
ايجاز الحلول الممكنة للنزاع.
وتشمل هذه الحلول اتفاقية سياسية جديدة تخفف تنفيذ خطة الدستور بشأن
كركوك بما في ذلك اجراء احصاء واستفتاء وحل اخر يجعل من كركوك محافظة
عراقية مثل أي محافظة اخرى وهو حل يفضله العرب.
والحلول الاخرى تجعل كركوك محافظة لها روابط خاصة مع بغداد وكردستان
أو تمنحها درجة من الحكم الذاتي وهو ما يفضله التركمان. وكل الخيارات
يمكن اقرارها في استفتاء.
السامرائي: حل مشكلة كركوك لن يرضي الجميع
ومشروع المصالحة قاصر
وفي نفس السياق قال رئيس البرلمان العراقي إن مشكلة كركوك مشكلة
خاصة تتطلب تشريعا خاصا وان اي حل لمشكلة كركوك لن يرضي جميع الاطراف.
وأكد اياد السامرائي في مقابلة مع رويترز، ان مشروع المصالحة وضع
وفق مقاييس ورؤية خاصة لنوري المالكي رئيس الحكومة وان مشروع المصالحة
يجب ان يضم جميع المعارضين للعملية السياسية.
واقترح السامرائي حلا لمشكلة كركوك أخذا بمفهوم "التدرج" وقال ان
كركوك "حالة خاصة وبحاجة الى معالجة خاصة وتشريعات خاصة.
"نحن بحاجة الى التدرج بموضوع كركوك.. وبحاجة ان نوجد المراجعة لكل
ما يتعلق بقضية كركوك من مخالفات حدثت في الماضي."
وفسر السامرائي الحالة الخاصة لحل مشكلة كركوك بوجود "مجلس للمحافظة
خاص ومؤقت يأخذ على عاتقه هذه المعالجات وان يكون هناك دور للامم
المتحدة في هذا الموضوع وان تكون بمثابة الشريك وتقديم الخدمة الفنية."
وانتقد السامرائي في حديثه الولايات المتحدة والامم المتحدة لانهما
لم تعملا على ايجاد حل لمشكلة كركوك خلال الفترة الماضية رغم ان
وجودهما ودورهما في العراق كان بارزا لكنه قال ان الفرصة الان باتت
مواتية " وان الوضع بات افضل لان المسؤولية والادارة الان اصبحت عراقية
واصبح للعراق القدرة على معالجة الامر بنفسه."
وتعتبر قضية كركوك الابرز من بين المشاكل والمعوقات التي تواجهها
العملية السياسية العراقية. وتصر السلطات الكردية على ضم المحافظة
الغنية بالنفط الى اقليمها الكردي وهو موقف ترفضه القوى التركمانية
والحكومة المركزية والقوى العربية على مختلف اطيافها.
وبسبب هذه الخلافات وعدم وجود حل لها يرضي جميع الاطراف تم استثناء
المحافظة من الانتخابات المحلية التي جرت نهاية يناير كانون الثاني
الماضي على امل ايجاد قانون خاص لها لاجراء هذه الانتخابات. ولم يتم
حتى هذه اللحظة الاتفاق على الية مناسبة لاجراء هذه الاتنخابات في
المحافظة.
وشكا الاكراد في الماضي من عمليات جرت في عهد الرئيس الراحل صدام
حسين تم خلالها تشجيع عائلات عربية على الهجرة للمدينة واسكانها فيها
من اجل احداث تغيير ديموغرافي. ووصف الاكراد هذه العمليات بانها
محاولات "لتعريب" المحافظة.
وفي المقابل شكت قوى عربية وتركمانية تسكن المحافظة من محاولات
كردية وقعت بعد العام 2003 تم فيها تشجيع العديد من العائلات الكردية
على الهجرة العكسية للمحافظة. ووصفت هذه القوى والاحزاب هذه العمليات
بانها محاولات كردية "لتكريد" المحافظة.
وبسبب هذه الخلافات لم يتم التوصل حتى الان الى الية موحدة لاجراء
الانتخابات البرلمانية في المحافظة والتي من المؤمل اجراؤها في منتصف
يناير كانون الثاني القادم وهو مادعا بعض القوى الى طرح مسألة التأجيل
او استثنائها من الانتخابات. |