انتخابات كردستان العراق: نفوذ الحزبَين الرئيسيين وضَعف آمال التغيير

 

شبكة النبأ: اختُتمت انتخابات برلمان كردستان ورئاسة الإقليم والتي تعد الأوسع من نوعها في تاريخ إقليم كردستان العراق، إذ تُعد الثالثة على صعيد البرلمان (الأولى عام 1992 والثانية عام 2005)، والأولى على صعيد الرئاسة، وفتحت مراكز الاقتراع  الـ1184 (بمجموع 5210 محطة انتخابية) أبوابها أمام أكثر من 2.4 مليون ناخب كردستاني، صوتوا لمرشحيهم من بين 24 قائمة وخمسة مرشحين رئاسيين.

وقالت رئيسة الدائرة الانتخابية في اقليم كردستان حمدية الحسيني، أن النتائج الاولية لانتخابات كردستان ستعلن خلال اليومين القادمين بعد اكمال عمليات العد والفرز بالعاصمة بغداد، في وقت رجح فيه مصدر في المفوضية أن تعلن النتائج يوم الاثنين.

واوضحت حمدية الحسيني لوكالة اصوات العراق أن “النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية والرئاسية لاقليم كردستان ستعلن خلال اليومين القادمين، بعد اكمال عمليات العد والفرز في العاصمة بغداد”، مبينة ان المفوضية مستمرة في التحقيق بالطعون التي قدمتها الكيانات السياسية حول مجريات الانتخابات، والشكاوى بوجود خروقات ستخضع للتحقيق لاتخاذ القرار المناسب بشأنها”.

وانطلقت السبت الماضي انتخابات برلمان كردستان ورئاسة الإقليم والتي تعد الأوسع من نوعها في تاريخ إقليم كردستان، إذ تعد الثالثة على صعيد البرلمان (الأولى عام 1992 والثانية عام 2005)، والأولى على صعيد الرئاسة، وفتحت مراكز الاقتراع  الـ1184 (بمجموع 5210 محطة انتخابية) أبوابها أمام أكثر من 2.4 مليون ناخب كردستاني.

من جهته، رجح مصدر اعلامي في مفوضية الانتخابات ان “تعلن نتائج الانتخابات الكردستانية مساء الاثنين”. وقال مصعب المدرس “ان عملية الفرز والعد بدأت داخل المفوضية في بغداد بعد ان وصلت الوجبة الاولى من صناديق الاقتراع، بحضور وكلاء الكيانات السياسية والاعلاميين والمراقبين الدوليين والمحليين”، مضيفا ان عملية ادخال البيانات “بدأت ايضا اعتبارا من الاحد وستعلن نتائج الانتخابات الاولية على الارجح مساء الاثنين.

وكانت المفوضية اعلنت خلال مؤتمر صحفي إن نسبة المشاركة في الانتخابات الكردستانية بلغت في عموم الإقليم 78.5% بواقع 85.930% في دهوك و79% في أربيل و74.5% في السليمانية أما في بغداد فكانت النسبة ضئيلة لم تتجاوز 15%..

فريق من الجامعة العربية يرافق صناديق الاقتراع إلى بغداد

وقال مبعوث الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات محمد الخمليشي، إن فريقا من جامعة الدول العربية سيرافق صناديق الاقتراع الخاصة بانتخابات اقليم كردستان إلى محافظة بغداد لمراقبة عملية العد والفرز.

وأوضح الخمليشي لوكالة اصوات العراق ان “فريقا من جامعة الدول العربية سيرافق صناديق الاقتراع الخاصة بانتخابات اقليم كردستان إلى محافظة بغداد لمراقبة عملية العد والفرز”، مشيرا الى ان “عدد إقبال النساء للمشاركة في التصويت كانت أكثر من الرجال في جميع المراكز الانتخابية الذي زاره الفريق لمراقبة الانتخابات”.

وأضاف الخمليشي ان “الفريق قام بأربع جولات في المراكز الانتخابية في يوم الانتخابات الأولى كانت الساعة الثامنة صباحا للتأكد من افتتاح المراكز في موعدها والثانية كانت في الساعة الـ12 والثالثة في الساعة الرابعة والأخيرة عند اغلاق المراكز”.

وتابع الخمليشي “سجلنا عدة ملاحظات مابين الجولتين أهمها سقوط الأوراق التي تتضمن اسماء الناخبين من الجدران وعدم وجود اسماء بعض الناخبين في سجلات بعض المراكز السبعة التي زرناها”، مبينا انه “تم الاتصال بالمفوضية وأطلعناها على هذه الخروقات وقامت باتخاذ الإجراءات اللازمة وبشكل عام الانتخابات كانت جيدة”.

وأكد الخمليشي “سجلنا قصورا على مجالس البلدية في المحافظات الثلاث كونها لم تسهم بتثقيف المواطنين، حيث لم يكن للمواطن ثقافة جيدة لعملية الانتخابات والملاحظة الأخرى التي سجلناها عدم وجود واقيات من الشمس للمواطنين الذين يقفون بطوابير طويلة تحت اشعة الشمس ما منع بعض الناخبين من المجيء للإدلاء بأصواتهم خلال الفترة التي انحصرت بين الساعة الـ12 ظهرا والرابعة عصرا”.

الطائفة الايزيدية تبدي عدم رضاها من نسبة تمثيلها في برلمان كردستان القادم

من جهتها أبدتْ شخصيات من الطائفة الايزيدية “عدم رضاها” عن نسبة تمثيل طائفتهم التي ستكون محدودة في البرلمان القادم، بعد أن كشفت القوائم الانتخابية عن احتمال فوز مرشح واحد لهم بالانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان.

وعبر مدير شؤون الايزيدية السابق في حكومة اقليم كردستان خيري شنكالي عن عدم رضا الايزيدية عن نسبة تمثيلهم الصغيرة والمتوقعة بمقعد واحد، مشيرا الى أنه “كان يجب مراعاة المصالح الحالية والمستقبلية للطائفة التي اثبتت اصالتها القومية.”

وقال شنكالي لوكالة اصوات العراق “المنافسة كفيلة بتحقيق الكثير، لكن وجود عضو برلماني ايزيدي واحد ربما سيؤدي الى إهمال الكثير من حقوقنا وعدم مراعاة طموحاتنا”، موضحا “قيادة الحزبين الرئيسيين في الاقليم لم تدرس الموضوع بشكل جيد خاصة ان نسبة الايزيدية الى الكرد في العراق تلزم بتخصيص أكثر من خمسة مقاعد لهم”.

الطائفة الايزيدية التي تملك ثلاثة مقاعد في البرلمان الحالي، ستكون حظوظها محصورة بالحصول على مقعد واحد بسبب ترشيح شخصيتين فقط لتمثيلها في القائمة الكردستانية تسلسل احدهما يتوقع أن يكون خارج حدود المنافسة.

وتابع خيري “الحزبان الرئيسيان اتخذا موقفا مفاجئاً لا يمكن ان يحقق طموحات الايزدية في اقليم كردستان في الدورة القادمة”، لافتا الى أنه رغم ذلك فإن “المشاركة الايزيدية في الانتخابات ستكون جيدة، والمنافسة التي ستنشأ في البرلمان القادم يمكن ان تكون في صالحهم”.

وتشارك 19 قائمة وخمسة ائتلافات في انتخابات برلمان اقليم كردستان (المؤلف من 111 مقعدا) بينها القائمة الكردستانية التي يمثلها الحزبان الرئيسان في الاقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) والتي ترشحت عبرها شخصيتان من الطائفة الايزيدية التي لم تحظ بمقاعد كوتا مثل بقية الأقليات في الاقليم.

من جهته قال رئيس الهيئة العليا لمركز (لالش الثقافي والاجتماعي) بير خدر سليمان لوكالة اصوات العراق ان “تجربة السنوات الماضية أثبتت أن الحزبين الكرديين الممثلان ضمن القائمة الكردستانية هما المدافعان الحقيقيان عن مصالح وحقوق الايزيدية”.

لكن سليمان وهو عضو في البرلمان الحالي عن قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني أعتبر أن “من الصعب معرفة الى أي حد يستطيع البرلمان القادم مراعاة مصالح الايزيدية في وقت سيكون البرلمان الجديد أكثر حيوية من سابقه”.

والأيزيدية ديانة غير تبشيرية يتركز أتباعها في شمالي العراق، تعود جذورها إلى أزمان قديمة. ويقدر عدد الأيزيديين في العالم بحسب أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بحوالي 800 ألف أيزيدي، يعيش حوالي 550 ألفا منهم في العراق، يتمركزون في قضاء سنجار 120كم شمال غرب الموصل، حيث يوجد معبد لالش الذي يعد من أقدس الأماكن لدى الأيزيديين، وقضاء الشيخان (50 كم شمال الموصل) وناحيتي بعشيقة (15كم شرق الموصل) والقوش وبعض المناطق والقرى الأخرى في محافظتي نينوى ودهوك.

الإتحاد الكردستاني يعقد اجتماعا لبحث الأوضاع بعد الانتخابات

وفي شأن متصل عقدَ المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني، في السليمانية اجتماعا بحث خلاله الأوضاع الراهنة في اقليم كردستان وأفاد بيان نشر على موقع الأتحاد أن الأمين العام للإتحاد جلال الطالباني ترأس (الأحد) في السليمانية اجتماعا مع أعضاء المكتب السياسي  للحزب، مشيرا إلى أنه” تم بحث الأوضاع الراهنة بعد الإنتخابات في الإقليم”.

وقال المتحدث باسم المكتب السياسي ملا بختيار بحسب الموقع إن المكتب “يشكر جماهير شعب كردستان لمشاركتهم الفعالة في انتخابات رئاسة وبرلمان كردستان”, لافتا إلى أن نسبة المشاركة “اكبر مما كانت عليه في انتخابات عام 2005″.

وأضاف بختيار أن المفوضية لم “تعلن عن نتائج الانتخابات لحد الآن, لكن مهما كانت النتيجة نحن نحترم إرادة الشعب”, منوها إلى أن القائمة الكوردستاني “حققت نجاحاً على مستوى الإقليم” وستشكل الحكومة المقبلة في اقليم كوردستان”, ونعمل على تنفيذ كل ما تعهدنا بتنفيذه, وسنطبق برنامج القائمة الكوردستانية”.

وشدد بخيار أن الحكومة المقبلة “ستعمل على تحقيق إنجازات كبيرة خدمة لشعب فضلا عن العمل على “تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي”.

شبكة شمس: المفوضية أفشلت مشروعنا لمعرفة نتائج الانتخابات مبكرا

من جانب اخر انتقد منسِّق شبكة شمس لمراقبة الانتخابات في العراق، مفوضية الانتخابات لإفشالها تطبيق الآلية الجديدة التي كانت الشبكة تطمح اعتمادها لمراقبة انتخابات كردستان من خلال الهواتف النقالة بنحو يتيح معرفة نتائجها الأولية بعد مدة قصيرة لا تتعدى نصف ساعة.

وقال هوكر جتو خلال مؤتمر صحفي عقده في فندق الشيراتون وسط أربيل، إن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات “لم تسمح لمراقبينا المنتشرين في مراكز الاقتراع باستعمال الهواتف النقالة لإرسال الرسائل القصيرة الخاصة بنتائج عمليات الاقتراع إلى قاعدة البيانات الخاصة بالشبكة للتوصل إلى الأرقام الأولية للتصويت بمدة قصيرة لا تتعدى النصف ساعة بموجب الآلية الجديدة التي خططنا لتطبيقها”.

وأوضح جتو أن هنالك “تقاربا بين نسب المشاركة في الانتخابات التي أعلنتها المفوضية وما سجله مراقبو الشبكة من معطيات بهذا الشأن”.

وكانت رئيسة إدارة انتخابات إقليم كردستان حمدية الحسيني، قالت خلال مؤتمر صحفي، إن نسبة المشاركة في الانتخابات الكردستانية بلغت في عموم الإقليم 78.5% بواقع 85.930% في دهوك و79% في أربيل و74.5% في السليمانية أما في بغداد فكانت النسبة ضئيلة لم تتجاوز 15%.. في حين أعلن رئيس المفوضية فرج الحيدري أن النتائج الأولية للانتخابات ستعلن بعد ثلاثة أيام.

وذكر جتو أن الحبر المستخدم في الانتخابات “تميز بسهولة إزالته”، منوها إلى أن ذلك تسبب بحصول العديد من الخروقات التي تتعلق بتكرار عمليات التصويت لاسيما من قبل عناصر في قوات حرس الإقليم (البيشمركة)”.

وتوقع جتو أن “تعبر نتائج الانتخابات عن الواقع الموجود في الإقليم”ن لافتا إلى أنها “ستتمخض عن تشكيل حكومة قوية إلى جانب معارضة فاعلة”. واستطرد أن ذلك “يعكس الواقع الذي كان يتحدث عنه مواطنو الإقليم”.

حملات تنافُس قوية

وشهدت السليمانية والمناطق المجاورة لها مسيرات ضخمة ومظاهرات عفوية زاعقة من قبل مؤيدي التغيير، ملوحين باعلام الحركة الزرقاء المزينة بشمعة بيضاء.الا ان التاييد لحركة التغيير في مناطق الحزب الديموقراطي الى الغرب من كردستان، مثلما في اربيل ودهوك، اضعف.

لكن حتى في تلك المناطق اصبحت حركة التغيير موضوع الاحاديث والنقاش وهناك اشاعات بان كثيرين سيصوتون لها دون الافصاح عن دعمهم علنا خشية من العواقب من قبيل فقدانهم لاعمالهم على سبيل المثال.

ورد الفصيلان الكبيران على التحدي وشنا حملات دعاية انتخابية قوية على مدى اسابيع اتسمت بالجدية والمسؤولية.

ومما يدل على جدية التحدي ان طالباني نحى مهام وظيفته اليومية كرئيس لكل البلاد وطفق يخطب في التجمعات في انحاء كردستان مروجا لمرشحي حزبه الاتحاد الوطني ومرشحي حلفائه من الحزب الديموقراطي للبرلمان ولمسعود برزاني لرئاسة كردستان.

وبرزاني هو الرئيس الحالي ويطمح لفترة اخرى عبر الانتخاب المباشر للمرة الاولى، وهناك اربعة مرشحين ينافسونه لكن لا يتوقع ان يفوز اي منهم. لكن فكرة انهم ترشحوا من البداية هامة جدا، اذا اخذنا في الاعتبار وضع برزاني، فقد كان والده، الملا مصطفى برزاني، رائدا للصراع الكردي ضد بغداد.

الا ان احد المرشحين للرئاسة يشكل احراجا سياسيا لجلال طالباني، وهو نسيبه هالو ابراهيم احمد الذي يقول: "تحتاج كردستان الى فكر جديد وسياسات جديدة". ويضيف: "ان الاقتصاد والفساد وانعدام الشفافية في عمل البرلمان والحكومة ـ كل ذلك ولد كثيرا من الضغط من قبل القاعدة الشعبية، من رجل الشارع، طلبا للتغيير".

لكن انشقاق نشيرفان مصطفى، بعد 40 عاما في الاتحاد الوطني الكردستاني، هو الاكثر ضررا وسببت الحركة التي يقودها هزة في المؤسسة السياسية الكردية.

وقال في مقابلة مع بي بي سي انه قرر التحدي بعدما فشل في احداث التغيير من الداخل، وقال: "تتدخل الاحزاب السياسية في كل شيء، في البرلمان وفي الحكومة وفي الجامعات وفي السوق وفي السلطة القضائية".

واضاف: "الى جانب الفساد المالي، لدينا المحسوبية ايضا. فاذا لم تكن قريبا لاحد الزعماء او عضوا في احد الحزبين فلا فرصة لديك لان تكون وزيرا او وكيل وزارة او مدير عام او سفير او اي شيء".

وقال طالباني انه حزين شخصيا لانشقاق نشيرفان مصطفى بعد عقود من الولاء للحزب، وتعهد بالاصلاح معلنا انه يرغب في ان يصبح رمز اخر من حزبه، هو برهم صالح، رئيس وزراء كردستان المقبل.

ويشغل برهم صالح حاليا منصب نائب رئيس وزراء العراق وهو تكنوقراطي ذو عقلية اصلاحية.

الا ان رئاسة وزراء كردستان يتولاها حاليا ابن عم مسعود برزاني، نيجيرفان برزاني، ويعتقد ان الحزب الديموقراطي لا يريد التخلي عن المنصب.

ومع اعترافه باخطاء، يصر طالباني على ان التحالف بين الاتحاد الوطني والحزب الديموقراطي قائم ومستمر وقال لبي بي سي: "اعتقد ان الحزبين ما زالا يتمتعان بالشعبية بين الناس".

واضاف: "بالطبع لهما اخطاؤهما، وهناك بعض المثالب. انهما ليسا ملائكة هبطت من السماء. فكما الناس العادية، يرتكبون الاخطاء بالطبع".

واردف قائلا: "لكني اعتقد ان الشعب الكردي والمجتمع الكردي بحاجة الى هذين الحزبين كي نعزز ما حصلنا عليه ونتوصل الى ما زلنا نكافح من اجله".

واطلق الفصيلان الكبيران كذلك مسيرات ضخمة والواضخ انهما ما زالا يتمتعان بقدر كبير من التاييد بالاضافة الى تحكمهم في شبكة واسعة من العلاقات والنفوذ.

وتقول ساز، طالبة علوم الكمبيوتر البالغة 20 عاما من العمر والتي تستعد للتصويت للتحالف الحاكم: "لقد وفرا لنا حكومة ومؤسسات وكردستان الان اكثر ازدهارا من كثير من دول المنطقة".

وتضيف: "اعتقد ان الامور ستكون افضل بكثير هذه المرة، وستشجع حركة التغيير الحزبين على الاداء الافضل، لانها ايقظتهما".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/تموز/2009 - 5/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م