الحرائق الذكية في مؤسسات الدولة الى متى؟!

جمال الخرسان

حريق في وزارة النفط .. حريق في البنك المركزي .. حريق في مكتب الوزير في مبنى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.. حرائق مصافي بيجي والشعيبة .. اضف لها حريق وزارة التعليم كذلك حرائق مبنى مجلس الوزراء ثم حريق في هيئة الكمارك، ليس ذلك فحسب بل ايضا حريق الطابق الخاص بالحسابات والمخازن في مستشفى الناصرية العام ثم حريق الطابق الثاني لوزارة الداخلية!

الى هذا الحد لا تقف سلسلة الحرائق المدمرة بل تطال ايضا حريقا ضخما قد شب في مستودع لطباعة النقود تابع لوزارة التربية! وسلسلة كبيرة من الحرائق التي استهدفت مراكز تجارية في بغداد والبصرة ناهيك طبعا عن المحاولة الفاشلة لاحراق مخازن وزارة التجارة في مدينة السماوة كما اعلن عن ذلك صباح الساعدي رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي.

لقد اصبحت مطية المفسدين من القطط السمان بغية الهروب من توابع الفساد الاداري هي عبر افتعال الحرائق الذكية التي تستهدف في معضم الاحيان اماكن محددة من اجل التغطية على ما يحصل من ملابسات.

المشكلة الاخرى التي تشجع الحيتان الكبيرة لاشعال الحرائق هي غياب التوثيق الالكتروني الدقيق والذي يشتت جهود عصابات الجريمة المالية.

فالحريق في مبنى وزارة الصحة كان متعمدا وفقا لما اسفرت عنه لجان التحيقيق وليس كما علنت الوزارة من ان الحريق كان نتيجة لتماس كهربائي ! ذلك الحادث المفتعل والذي حصل في يوم 18 حزيران  2009 كان اثناء  الدوام الرسمي! وقد اجهز على مكاتب الشركة العامة لاستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، وقسم العقود  التي تبرم مع الشركات المعنية باستيراد الأدوية اي باختصار فان الحادث نال من الوثائق المتعلقة بالعقود والمناقصات.

اما حريق البنك المركزي الذي حصل في 28/ 1/2008 والذي اعلنت الهيئة القضاية المكلفة بالتحقيق في الحادث انه كان متعمدا فقد ادى ذلك الحريق الى اتلاف وثائق ومستندات تتعلق بارصدة النظام السابق وملف إعادة إعمار العراق، كذلك الموازنات الختامية للدولة، اضافة الى ملفات تتعلق ببرنامج النفط مقابل الغذاء، وعقود وزارة التجارة والوزارات التي يمولها البنك المركزي .

وزارة النفط كانت حاضرة في هذا الملف بقوة وذلك من خلال الحريق الذي حصل في شعبة العقود والمناقصات النفطية بمبنى وزارة النفط العراقية والسبب المعلن للحريق كان في حينها تماس كهربائي ليس الا!!! علما ان مبنى وزارة النفط كان ايضا قد تعرض لحريق غامض آخر عام 2006 في اقسام حساسة للغاية.

قائمة الحرائق طويلة جدا ولا يوجد في الافق ما يساهم في تضييق الخناق على من يحاولون تكرار تلك الظاهرة الخطرة خصوصا وانها لم تعد مقتصرة على السجلات والوثائق بل ايضا اصبحت تفتعل من اجل التخريب تارة او تصفية الحسابات والاضرار بالمال العام والخاص تارة اخرى.

* كاتب عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/تموز/2009 - 5/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م