المالكي في أمريكا: السعي نحو تخطّي هاجس الاحتلال والخروج من البند السابع

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: رسم الرئيس الامريكي باراك اوباما الخطوط العريضة للعلاقة الجديدة بين بلاده والعراق قائلا انه حان الوقت لتوسيع علاقات تشكّلت في ظل ظروف الحرب. وقال اوباما "الولايات المتحدة والعراق عرفا اوقاتاً صعبة معاً. الان كلانا يتفق على ان الروابط التي تشكلت بين الامريكيين والعراقيين في الحرب يمكن ان تمهد الطريق لتقدم يمكن تحقيقه في السلام."

وتشير تعليقات اوباما الى ان ادارته تريد أن تقلب صفحة الحرب في العراق مع تركيزها على الصراع في افغانستان. وقال ان الولايات المتحدة ماضية وفق الجدول الزمني المحدد لسحب جميع قواتها من العراق بحلول نهاية 2011 .

وغزت القوات الامريكية العراق في 2003 للاطاحة بصدام حسين وما زال 130 ألف جندي امريكي في العراق لتأمين البلاد وتدريب القوات العراقية. وقتل حوالي 4300 جندي امريكي وعشرات الالاف من العراقيين وتشرد ملايين اخرون على مدى السنوات الست الماضية.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي كان يقف الى جوار اوباما في حديقة الورود بالبيت الابيض خططا لعقد مؤتمر للاستثمار الاجنبي في اكتوبر تشرين الاول. ويحتاج العراق الغني بالنفط الي اموال للمساعدة في اعادة بناء البلد بعد سنوات من العقوبات والاهمال والحرب.

وقال المالكي ان كل هذا يأتي كرد فعل طبيعي للاستقرار وتوجه حكومة الوحدة الوطنية العراقية لتوفير متطلبات اعادة بناء واعادة اعمار "بلد دمرته الحروب والدكتاتورية". بحسب رويترز.

وبينما يشعر المستثمرون بقلق بشان العنف في العراق يقول مسؤولون امريكيون انهم ربما اكثر قلقا بشان هل القوانين واللوائح في العراق تقدم لهم حماية قانونية كافية للعمل في البلد.

وقال اوباما "يمكن للامريكيين والعراقيين معا ان يوسعوا التعاون الاقتصادي والتجارة بما يفتح ابوابا جديدة للفرص."

ويأتي اجتماع المالكي مع اوباما في وقت حاسم. وتريد واشنطن وبغداد التحرك نحو تطبيع الروابط والابتعاد عن علاقة هيمنت عليها المسائل الامنية.

وتهدف زيارة رئيس الوزراء العراقي الى الولايات المتحدة والتي تستغرق اسبوعا الي اظهار استقلال العراق عن واشنطن وتشجيع المستثمرين الاجانب على العودة وتجديد الضغط من اجل ان ترفع الامم المتحد اجراءات عقابية لتعويضات الحرب.

وحث اوباما مجددا المالكي على السير قدما في المصالحة الوطنية. وعبر مسؤولون امريكيون في السابق عن القلق من عزوف الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة عن مد يدها الي العرب السنة وتزايد التوترات مع الاكراد لكن اوباما.

سعي للتخلص من البند السابع

وطالبَ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مجلس الامن الدولي بإخراج بلاده من الفصل السابع، قبل ان يبحث مع الرئيس باراك اوباما اتفاقية التعاون الاستراتيجي. 

وقال النائب عن الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق المنضوي ضمن الائتلاف الشيعي الحاكم عباس البياتي لوكالة فرانس برس ان المالكي "سيقوم بزيارة الامم المتحدة للقاء الامين العام بان كي مون لمناقشة القرارات الدولية وخصوصا ما يتعلق باخراج العراق من البند السابع".

ويطالب العراق بخفض نسبة الاقتطاع من عائداته النفطية كتعويضات يتوجب عليه تسديدها للكويت في اطار عقوبات الامم المتحدة المفروضة عليه ضمن البند السابع لميثاق الامم المتحدة الذي يتيح التدخل العسكري، وذلك بعد غزوه الكويت العام 1990. الا ان الكويت تتمسك بحقها في التعويضات التي اقرها مجلس الامن الدولي.

وقد ارغم مجلس الامن العراق على دفع 5% من عائداته النفطية لصندوق تابع للامم المتحدة للتعويض عن الاجتياح، في حين يطالب العراق بخفضها الى واحد بالمئة. وسبق للعراق ان دفع اكثر من 13 مليار دولار كتعويضات للكويت ولا يزال يتعين عليه ان يدفع اكثر من 25 مليار دولار فضلا عن ديون مستحقة تقدر بـ 16 مليار دولار.

وتلقّى الصندوق طلبات للتعويض قدرها 368 مليار دولار، الا انه اقر 52 مليار دولار فقط بينها 39 مليارا للكويت، وذلك استنادا الى ارقام من الكويت ومن الصندوق.

من جهته، قال علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي ان "العلاقة مع الولايات المتحدة متشعبة ومقعدة. نجح الطرفان في تحقيق الامن في العراق، كما ان هناك اتفاقية انسحاب القوات الاميركية". واضاف لفرانس برس ان "الجانبين العراقي والاميركي يرغبان في انعكاس هذه النجاحات على جوانب اخرى".

وتابع "بعد زيارة (نائب الرئيس الاميركي جوزف) بايدن، لمسنا رغبة لدى الجانب الاميركي في تعميق التعاون في مجالات مختلفة واعتقد ان الزيارة تشكل فرصة مناسبة، لبحث هذه المسائل وتحقيق تقدم في الصناعة والتعليم والاستثمار".

المالكي بحثَ التزوّد بأسلحة وبقاء جنود اميركيين بعد الانسحاب

وفي شان التعزيزات العسكرية أجرى المالكي محادثات مع وزير الدفاع روبرت غيتس حول احتياجات الجيش العراقي في مجال التجهيز.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) جيف موريل بعد اللقاء ان العراقيين "بحاجة لتجهيزات كبيرة ولا يخافون في التعبير عن ذلك". واضاف "ان الاحتياجات تشمل الجو والبر والبحر". لكنه رفض الكشف عن تفاصيل ما تضمنته طلبات بغداد للتسلح.

وتابع "لقد اكد الوزير (غيتس) بشكل واضح البحث عن وسائل تسريع ذلك واضفاء مرونة على انظمتنا من اجل تسليح وتجهيز القوات العراقية الامنية". بحسب فرانس برس.

وقال المتحدث "نحاول العثور على وسيلة خلاقة لتنظيم وسائلنا بغية تجهيزهم لانهم بحاجة واضحة الى قدرات اضافية لممارسة مزيد من السيادة وحماية انفهسم من التهديدات الداخلية وردع التهديدات الخارجية. نريد التاكد من حصولهم على ما يريدون للقيام بذلك".

وحضر اللقاء مع غيتس وزير الدفاع عبد القادر العبيدي والداخلية جواد البولاني والسفير الاميركي لدى العراق كريستوفر هيل.

الى ذلك، المح المالكي الى بقاء محتمل لقوات اميركية بعد نهاية العام 2011، تاريخ الرحيل النهائي للجيش الاميركي عن العراق.

وقال خلال كلمة القاها في معهد ابحاث في واشنطن "طبقا للاتفاقية الموقعة في تشرين الثاني/نوفمبر بين البلدين، فان الوجود الاميركي ينتهي عام 2011".

واضاف "رغم ذلك، في حال تطلبت القوات العراقية المزيد من التأهيل والدعم، فسنبحث ذلك عندها وفقا لحاجات العراق". وتابع المالكي "انني متاكد ان الاحتمالات والرغبة في التعاون موجودة لدى الطرفين".

وقد اعلن البنتاغون قبل عشرة ايام ارسال كتائب جديدة الى العراق من اجل "تدريب وتقديم النصح" للجنود العراقيين بعد عدة اشهر من انسحاب القوات الاميركية القتالية في آب/اغسطس 2010.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع بريان وايتمان ان "الكتائب الاربع للنصح والمساعدة مكونة من 14 الف رجل" تابعة لسلاح البحرية ستبقى في العراق بعد رحيل القوات الاميركية النظامية.

واضاف ان "مهمة هذه الوحدات ستكون تدريب قوات الامن العراقية. ويجب ان تتصدى ايضا للارهابيين وحماية البرامج المدنية والعسكرية الجارية في البلاد".

ومن المقرر ان يبقى حتى خمسين الف رجل في العراق بعد صيف 2010 على ان لا يبقى اي جندي اميركي على الارض العراقية اواخر العام 2011.

انتقادات لاتصالات امريكية مع فصائل مسلحة مناوئة للعملية السياسية

من جهة اخرى، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان المالكي اعترض لدى الرئيس الاميركي باراك اوباما على اتصالات اجراها اميركيون مع ممثلين عن "المجلس السياسي للمقاومة العراقية".

وفي مقابلة مع قناة "الحرة" الناطقة بالعربية، قال زيباري ان الانباء التي تحدثت عن اجتماع في الربيع الماضي في اسطنبول، بين مندوبين عن "المجلس السيساسي للمقاومة العراقية" ومسؤولين من الجانب التركي والاميركي، كان لها "وقع الصدمة" على الحكومة العراقية.

وقال زيباري ان "هذا الموضوع خلق ردة فعل سلبية من جانب الحكومة العراقية على هذه التقارير والمعلومات. اتصور كان لهذه المسألة وقع الصدمة ذلك ان المجلس السياسي للمقاومة يمثل بقايا حزب البعث وأنصار النظام السابق والمجموعات التي تتبنى العنف والارهاب كوسيلة لتغيير الوضع".

واضاف ان الحكومة العراقية "ستقدم اعتراضات إلى كل الأطراف التي شاركت في هذا الإجتماع بعدما اثارت هذا الأمر مع الجانب الأميركي". واوضح ان اللقاء "عقد على ما يبدو في اذار/مارس في اسطنبول".

وردا على سؤال حول هذه المسألة خلال مؤتمر صحافي عقده في المعهد الاميركي من اجل السلام، اكد المالكي ضمنا انه تحدث بهذا الامر مع اوباما. واوضح انه تلقى الضمانة بان ترفق اي محادثات مماثلة بشروط.

واضاف ان "الحكومة الاميركية والرئيس باراك اوباما قالا لنا انهما لن يتساهلا مع اولئك الذين يقتلون جنودا عراقيين وجنودا اميركيين ومواطنين عراقيين".

وقال ايضا "لن تكون هناك اذن محادثات بين الحكومة الاميركية واي من ممثليها وبين هؤلاء القتلة".

الا ان وزارة الخارجية الاميركية ردت مؤكدة ان اتصالات جرت في اطار جهود المصالحة بين الشيعة والسنة بموافقة الحكومة العراقية.

وقال روبرت وود، المتحدث باسم الخارجية لفرانس برس "يلتقي مسؤولون اميركيون، عسكريون ودبلوماسيون، بانتظام عددا كبيرا من العراقيين لتشجيع جهود المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية". واضاف ان "الاجتماعات المشار اليها، والتي تم ابلاغ مسؤولين في الحكومة العراقية بحصولها، جرت قبل عدة اشهر".

ما الذي يأمل المالكي تحقيقه؟

التقى رئيس الوزراء العراقي المالكي بالرئيس الامريكي أوباما خلال رحلة الى الولايات المتحدة تهدف الى دعم التعاون الاقتصادي وتشجيع المستثمرين الاجانب على العودة الى العراق، ولكن مالذي يأمل المالكي تحقيقه ضمن اجندة قضايا كبيرة ومعقدة ومنها التفاصيل التالية، بحسب رويترز.

ما حالة الاقتصاد العراقي؟

فتحت حكومة المالكي قطاع النفط وتسعى الى اجتذاب الشركات الكبرى لتحديث محطات الطاقة العراقية وبناء مجمعات سكنية واصلاح أنظمة الصرف الصحي وأكثر من ذلك.

لكن الجهود الرامية الى تأمين الاستثمار الغربي حتى في قطاع النفط المربح لم تكن ناجحة بسبب قلق المستثمرين من عدم قدرة الانظمة القانونية والتنظيمية العراقية على حماية حقوقهم وممتلكاتهم.

وأصيب الضالعون في صناعة النفط بخيبة أمل الشهر الماضي من مزاد على النفط والغاز احيط بتوقعات عالية بسبب شروط الدفع التي فرضتها الحكومة العراقية وهو ما أدى في النهاية الى عقد اتفاق لتطوير واحد فقط من ثمانية حقول كبرى في العراق.

وسوف تحتاج الحكومة التي تعتمد على صادرات النفط في أكثر من 95 بالمئة من دخلها القومي الى العملة الصعبة أكثر من أي وقت مضى اذا لم تصل أسعار النفط الى المستويات المرجوة.

ووافقت الحكومة على ميزانية انفاق تكميلية لعام 2009 قيمتها 61 مليار دولار على الاقل بانخفاض عن 69 مليار دولار أنفقت عام 2008 عندما كانت أسعار النفط في أعلى مستوياتها بما يقارب 147 دولارا للبرميل.

ما مدى استقرار العراق؟

بعد سنتين من الصراع الطائفي الدامي الذي دفع العراق الى شفا حرب أهلية انخفضت معدلات العنف بشدة وذلك على الرغم من سلسلة من الهجمات التفجيرية التي حدثت مؤخرا والتي ألقي باللائمة فيها على القاعدة وأثارت المخاوف بشأن قدرة قوات الامن العراقية على حفظ السلام في حالة انسحاب القوات الامريكية الباقية في العراق وقوامها 130 ألف جندي.

وانسحبت القوات الامريكية من المدن العراقية الشهر الماضي في اطار خطة أوباما لسحب كافة القوات الامريكية من العراق بنهاية عام 2011 . ويعمل الجنود الامريكيون في الوقت الحالي من قواعد على أطراف المدن ويخضعون لقيود عراقية على تحركاتهم وهو ما أثار حفيظة الجيش الامريكي لكن ادارة أوباما هونت من امكانية حدوث توتر قائلة ان المشاكل يجري حلها.

ودخل العراق الى مرحلة من الاستقرار النسبي بعد أن شهد تمردا سنيا ضد القوات الامريكية تلته موجة من العنف الطائفي ألبت الاغلبية الشيعية على الاقلية السنية.

لكن الخبراء العراقيين يخشون أن يؤدي النزاع بين أكراد العراق وبين حكومة بغداد التي يهيمن عليها العرب على مدينة كركوك الغنية بالنفط الى اشعال صراع جديد من شأنه أن يهدم المكاسب الامنية الاخيرة.

ما الذي يأمل المالكي تحقيقه؟

استغل المالكي رحلته الى الولايات المتحدة في التأكيد على سيادة العراق. وهو يرغب في تطبيع العلاقات مع واشنطن وتحويل الدفة بعيدا عن الامن وهي رؤية تشاركه فيها ادارة أوباما.

وسعى المالكي أساسا خلال زيارته الى حث المستثمرين على أن العراق وصل الى درجة من الاستقرار تسمح بعودتهم ومن المقرر أن يحضر مؤتمرا للاستثمار. ويحتاج العراق الى المال لاعادة البناء بعد سنوات من الحرب ومن أجل تحسين الخدمات الاساسية مثل المياه والكهرباء لشعبه الذي يبلغ تعداده 28 مليون نسمة.

وقال دانييل سيرور نائب رئيس عمليات السلام والاستقرار في معهد الولايات المتحدة للسلام "رسالة المالكي الى أوباما هي أن العراق مازال مهما وأنه يجب أن يؤخذ على محمل الجد. وهذا لا يعني فقط محاربة القاعدة وانما أيضا تطوير شبكة للتعاون تتخطى مجرد العلاقة العسكرية."

كما سعى المالكي جاهدا خلال لقائه بالامين العام للامم المتحدة بان جي مون في نيويورك الى رفع حالة الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة عن العراق.

وما الفصل السابع؟

وفقا لقرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة الصادر عام 1991 يلتزم العراق بدفع خمسة بالمئة من عائداته النفطيه الى عدة دول كتعويضات عن حرب الخليج التي وقعت عام 1991 ويذهب معظم هذه التعويضات الى الكويت. وتعتبر الحكومة العراقية حجم النسبة المقتطعة من عائداتها النفطية عبئا غير عادل تسبب فيه الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتريد خفض النسبة.

ومن أجل تحقيق ذلك يرغب العراق في رفع حالة الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة حتى يمكنه اعادة التفاوض على مدفوعات التعويضات. لكن الكويت نجحت في احباط هذا المطلب عن طريق حشد الدول الرئيسية في مجلس الامن المكون من 15 دولة لمعارضة هذه الفكرة. وقال دبلوماسيون بمجلس الامن ان المجلس ربما ينظر في رفع حالة الفصل السابع عن العراق بنهاية هذا العام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 26/تموز/2009 - 3/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م