دول الجوار والضرب على وتر الفتنة الطائفية

قرية (سادة وبعويزة) في العراق تلملم جراحاتها بعد الإرهاب الذي حاقَ بأهلها

 

شبكة النبأ: لم يستوعب حسين احمد بسنوات عمره القصيرة ما حدث لعائلته ومنزله بعد يوم من الانفجار الكبير الذي وقع مساء الاربعاء في قرية (سادة وبعويزة) شمالي الموصل التي واصل سكانها رفع الانقاض وسط حالة من الذهول والحزن والغضب غلفت بيوت القرية واسواقها.

الانفجار الذي خلف 20 قتيلا وعشرات الجرحى هو الأول الذي تشهده القرية التي تعيش فيها طائفة الشبك الشيعية والتي وصف بعض ابنائها منفذي العملية “بمجرمين يحاولون اثارة الفتنة واشعال حرب طائفية”.

حسين الذي لم يبلغ بعد الخامسة من عمره كان يمسك بلعبة صغيرة وهو يجلس على كرسي محطم وسط ما تبقى من منزل عائلته التي فقد افرادها جميعا ليجد نفسه يتيما ينتظره مصير مجهول، فيما احاط به زملاؤه الصغار وهم يتطلعون الى مشاهد الدمار في المنطقة التي شكلت لسنوات ساحة للعبهم ولهوهم وتحولت الى حفرة كبيرة بعمق 3 امتار.

اصوات عويل النساء وبكاء الرجال ظلت تتردد طوال الليل وبعد ساعات من الانفجار الذي الحق اضرارا بأكثر من عشرين منزلا، فيما كانت رائحة جثث الضحايا المحترقة قد اختلطت برائحة المواد المتفجرة في مشهد لم تألفه القرية من قبل، حيث ظلت سادة وبعويزة في منأى عن احداث العنف التي كانت تعيشها باقي مناطق محافظة نينوى، ولم تشهد طوال السنوات التي صبغت البلاد بالعنف الطائفي والقتل على الهوية احداث قتل وتفجير حتى ليلة الحادث.

يقول ابراهيم الاعرجي، احد وجهاء القرية، أن “الانفجار وقع نتيجة سيارة غريبة من الموديلات الحديث دخلت القرية وقام سائقها بالتجوال في المنطقة ثم اوقفها بالقرب من صالة للألعاب مدعيا نفاذ الوقود، وحمل قنينة بلاستيكية صغيرة بحجة البحث عن بنزين وبعد ابتعاده عن المنطقة بدقائق وقع الانفجار.

ورجح الاعرجي، الذي كان يسير وسط ركام البيوت المدمرة وانقاض التفجير، وهو يتفقد احوال السكان، وقوف جهات وصفها بالتكفيرية وراء الحادث، مطالبا “الحكومة العراقية بتوفير الحماية للقرية وتعويض ذوي الشهداء وأصحاب الممتلكات المتضررة. بحسب اصوات العراق

من جانبه وصف ازاد خضر 43 عاما، وهو احد ابناء القرية، مشهد الانفجار بالمرعب، وقال ان “شظايا السيارة وصلت الى مسافة 400 متر عن محل الانفجار، وتضررت غالبية منازل القرية سواء بتحطم زجاج النوافذ او خلع ابوابها، فيما كانت الاضرار في منطقة الانفجار كبيرة جدا”، مضيفا ان “عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض ما تزال جارية، وقد وجدنا بعد منتصف الليل أشلاء جثة تم تسليمها الى الجهات الصحية.

وأشار خضر الى ان الانفجار “هو الاول من نوعه الذي تشهده القرية”، موضحا “وقع الانفجار امام صالة للالعاب داخل حي سكني وفي شارع توجد فيه حسينية ويجتمع فيه الشباب والاطفال لتمضية اوقاتهم في قرية تخلو من وسائل الترفيه والخدمات”، لافتا الى ان “التفجير يستهدف اثارة الفتنة واعادة إشعالها مرة اخرى في العراق بعد ان اخمدت نارها.

عبد الله حميد 24 عاما، الذي كانت ملابسه ملطخة بالدماء، تحدث عن المأساة التي خلفها الانفجار قائلا “حاولت طوال الليل اخراج الضحايا من عائلتي المكونة من سبعة افراد من تحت أنقاض المنزل، لقد فقدت بعضا منهم”، مشيرا الى ان “خاله انتقل قبل اقل من شهر الى منزله الجديد الذي استمر في بنائه لسنوات طويلة لضعف قدرته المالية حيث يمتهن بيع (النخالة)، لكنه قُتل تحت ركام منزله قبل ان يكمل تسديد ديون البناء.

وأوضح حميد إن “عدد القتلى لم يتضح بعد بسبب وجود مفقودين لم يتم العثور عليهم بين الانقاض ولا في المستشفى ولا نعرف مصيرهم.

مازن خالد 30 عاما، قال وهو يهم بانجاز الترتيبات النهائية لدفن عدد من الجثث التي استلمها من دائرة الطب العدلي ان “النقطة الدالة على هذا الانفجار هي الفتنة الطائفية”، متسائلاً عن الهدف من التفجير في قرية آمنة “لقد غادر الامريكان ولا توجد مقرات احزاب او نقطة عسكرية في المنطقة، لابد انهم يريدون اثارة الفتنة والفوضى.

واعرب خالد عن قناعته بأن دول الجوار مستمرة في دعم الجماعات المسلحة “وتغذية العنف في العراق ماديا ومعنويا”، وقال واصفا تأثير قوة الانفجار على الضحايا “جثث بعض الاطفال والشباب والنساء كانت تتمزق بمجرد محاولة اخراجها من بين ركام الانقاض، بعضها اشتعل بصورة كاملة، وهناك اطراف واجزاء جثث لا نعرف الى اية جثة تعود.

وذكر مصدر في شرطة نينوى، ان العدد النهائي لضحايا انفجار قرية سادة وبعويزة الذي وقع نتيجة سيارة مفخخة وصل الى 20 قتيل ونحو 30 جريحا، واوضح ان التحقيقات جارية من قبل قوات الامن العراقية لمعرفة اسباب الحادث والجهة التي تقف وراءه، مشيرا الى ان قوات الجيش العراقي انتشرت بالمنطقة لتامين الحماية للسكان هناك.

وتقع قرية سادة وبعويزة التي يسكنها غالبية من الشبك الشيعة، 3 كم شمال مدينة الموصل، وهي قرية زراعية يبلغ عدد سكانها نحو سبعة آلاف شخص، وتنتشر فيها الفلاحة واعمال البناء. وتقع مدينة الموصل مركز محافظة نينوى على بعد 405 كم شمال العاصمة العراقية بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/تموز/2009 - 2/شعبان/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م