الازمة المالية: الأسوأ مضى لكن الانتعاش ليس قريباً

الأزمة تطال الفقراء وتحذيرات من التداعيات الاجتماعية والسياسية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما حذَّر أحدث تقرير للمصرف المركزي الأوربي من أن الركود سيقضي على فرص النمو الاقتصادي الذي لن يبدأ في النمو مجدداً حتى 2010، قال رئيس البنك الدولي ان الاقتصاد العالمي سينكمش خلال العام الحالي بحدة اكبر مما حدث خلال الاشهر الثلاثة الماضية وهو ما يؤكد على الحاجة الى الاستعانة بمصادر الثروة المتوفرة من اجل مساعدة البلدان الفقيرة التي لازالت تاثيرات الازمة تفتك بها كل لحظة وتلقي عليها ضلالا مدمرة من التاثيرات الاجتماعية والاقتصادية والانسانية والسياسية ايضا...

لكن غرفة التجارة البريطانية  قالت إن الأسوأ في الأزمة المالية قد انتهى، بيد انها ذكرت ان التعافي مما أحدثته من تأثيرات جمّة لا يبدو قريباً، مع أن قطاعي الخدمات والصناعات أبديا تحسناً في نتائج الربع الثاني من العام الحالي...

تقرير أوربي يحذّر من استمرار شبح الأزمة الاقتصادية

وحذَّر أحدث تقرير للمصرف المركزي الأوربي من أن الركود سيقضي على فرص النمو الاقتصادي، الذي لن يبدأ في النمو مجدداً حتى 2010، رغم مؤشرات التعافي الأخيرة.

وأوضح التقرير أن نمو الاقتصاد سيتواصل عند معدل صفر في المائة حتى نهاية العالم، مرفوقاً بتصاعد أرقام المعدلات واحتمال استمرار تهاوي الشركات.

وقال رئيس المصرف المركزي الأوروبي، ريتشارد لامبرت، إن المملكة المتحدة من أكثر دول العالم تأثراً بالركود، مما يعني استمرار قيود تقديم المصارف لقروض وتراجع معدلات الاستهلاك.

وأورد التقرير الأوروبي أن المؤشرات تظهر أن تراجع  الاقتصاد لم يعد بالسرعة التي اتسمت بها الأزمة المالية فور احتضار "ليمان برازرز"، في سبتمبر/أيلول الماضي، كما استردت معظم الأسواق الرئيسية ثقتها فيما بدأت بعض الشركات جني الأرباح. بحسب سي ان ان.

وسينكمش إجمالي الدخل العام للملكة المتحدة بواقع 4.8 في المائة، دون معدل 5.9 في المائة، التي بلغها في مطلع الثمانينيات.

وتزامن اصدار التقرير مع ختام اجتماعات وزراء مالية دول مجموعة الثماني في إيطاليا، والتي أعلنوا خلالها، بأن الاقتصادات الكبيرة في العالم بدأت تستقر إلا أنها ما زالت تواجه مخاطر كبيرة نتيجة الركود العالمي المستمر.

وأشار وزراء المالية، وفي اجتماعهم في ايطاليا، إلى ارتفاع مؤشرات أسواق الأسهم واستقرار أسعار الفائدة وعودة ثقة المستهلكين.

إلا أن وزير الخزانة الأمريكي، تيم غيثنر، حذر من أن الوقت لا يزال مبكراً للتوقف عن طرح خطط التحفيز الاقتصادي، وشدد على أهمية استمرار عمليات التحفيز حتى يبدأ التعافي الاقتصادي.

العالم لم يتجاوز أسوأ فترات الأزمة الاقتصادية بعد

من جهته قال دومينيك ستراوس رئيس صندوق النقد الدولي، ان العالم لم يتجاوز بعد أسوأ فترات الازمة الاقتصادية العالمية.

واتفق وزراء مالية مجموعة الثماني في مطلع الاسبوع على أن الاقتصاد العالمي يبدى بوادر استقرار مشجعة وبدأوا في دراسة انهاء الخطوات التي اتخذت لانقاذ اقتصادات هذه الدول.

وقال ستراوس كان الذي يقوم بزيارة قازاخستان انه يتفق الى حد كبير مع موقف المجموعة ولكنه طالب بالحذر في تقييم وضع الاقتصاد العالمي . بحسب رويترز.

وقال قبل محادثات مغلقة مع رئيس وزراء قازاخستان كريم مسيموف "موقف (مجموعة الثماني) هو أنه بدأت تظهر بعض البراعم ولكن بالرغم من ذلك ينبغي ان نتوخى الحذر. لم نتجاوز بعد الجزء الاكبر مما هو أسوأ."

وأشار ستراوس كان لنمو الائتمان كمؤشر على بدء انتعاش النشاط المالي ولكنه لم يذكر ما اذا كان صندوق النقد مستعد للمساعدة في استراتيجية محتملة لتجاوز الازمة حين يتأكد الانتعاش الاقتصادي.

رئيس البنك الدولي يدعو الى انقاذ الدول الفقيرة

الاثار السياسية والاجتماعية الأسوأ للازمة المالية لم تأت بعد

وفي نفس السياق قال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي، ان الاثار الاجتماعية والسياسية الاسوأ للازمة الاقتصادية "لم تات بعد" محذرا من زيادة الحمائية التجارية التي قال ان مجموعة الثماني ستقاومها.

وصرح لامي للصحافيين انه يعتقد ان "الأسوأ في الازمة الاقتصادية لم يأت بعد مما يعني ان اسوأ مراحل الازمة من الناحية السياسية لم يأت بعد".

وقال انه بالتالي فان "الاختبار الحقيقي لنظام منظمة التجارة الدولية كنظام يمنع الحمائية الشديدة لم يأت بعد". واعلن لامي ان "النضال لا يزال مستمرا" ضد تقييد التجارة. بحسب فرانس برس.

وتسببت الازمة الاقتصادية في فقدان العديد من الوظائف في الدول المتقدمة، حيث وصلت البطالة في دول منطقة اليورو ال16 الى 9,5 بالمئة في ايار/مايو وهي اعلى نسبة لها خلال عشر سنوات.

وفي الولايات المتحدة بينت الارقام الرسمية التي نشرت الخميس ارتفاعا في معدل فقدان الوظائف في حيث فقد 467 الف شخص وظائفهم في حزيران/يونيو وحده، مما رفع معدل البطالة الى اعلى مستوى لها منذ 26 عاما عند نسبة 9,5%.

ومع ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير، تنتشر مخاوف بأن الدول ستتحرك باتجاه حماية الوظائف والصناعات المحلية للحيلولة دون حدوث اضطرابات اجتماعية.

وقال لامي انه يوجد توجه باتجاه تقييم الممارسات التجارية رغم الجهود لكبح الحمائية منذ انعقاد قمة مجموعة العشرين في لندن في نيسان/ابريل، حسب تقرير قدمته منظمة التجارة الدولية الى الدول الاعضاء الاسبوع الماضي.

وجاء في التقرير انه "في الاشهر الثلاثة الاخيرة، تم تسجيل انحدار باتجاه المزيد من القيود التجارية". واظهر التقرير ان عدد اجراءات تقييد التجارة منذ اذار/مارس الماضي بلغت اكثر من ضعف اجراءات تسهيل التجارة.

صندوق النقد: الازمة تطال الفقراء

وقال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك ان الاقتصاد العالمي سينكمش خلال العام الحالي بحدة اكبر مما حدث خلال الاشهر الثلاثة الماضية، وهو ما يؤكد على الحاجة الى الاستعانة بمصادر الثروة المتوفرة من اجل مساعدة البلدان الفقيرة.

واوضح زوليك، قبيل انعقاد مؤتمر وزراء مالية الدول الثماني الصناعية الكبرى في العالم يومي السبت والاحد، ان المؤشرات تفيد بان الاقتصاد العالمي سينكمش بمعدل ثلاثة في المئة، اي بدرجة اكبر من التقديرات السابقة التي وضعت نسبة الانكماش عند 1,75 في المئة.

وتأتي تعليقات زوليك في وقت صرح فيه مصدر من المؤتمر لوكالة رويترز للانباء بأن صندوق النقد الدولي رفع من نسبة توقعات نمو الاقتصاد العالمي من 1,9 في المئة الى 2,4 في المئة خلال هذا العام.

الا ان الصندوق، حسب المصدر، اكد ايضا على حدوث انكماش نسبته 1,3 في المئة خلال ابريل/ نيسان الماضي في الاقتصاد العالمي. بحسب رويترز.

وقال زوليك، في تصريحات للصحفيين: "انا شخصيا اعتقد ان هناك جوانب معينة من الانتعاش الاقتصادي في عامي 2009 و 2010، لكن من وجهة نظر السياسة (الاقتصادية) لا يعتبر هذا هو القضية الجوهرية، والسبب لاننا امام درجة عالية من القلق والترقب".

واضاف المسؤول الاقتصادي الدولي انه في السابق تعافت الاقتصاديات المتطورة بسرعة من ازمات قوية مر بها الاقتصاد العالمي، لكن هذه المرة هناك مخاوف من ان يكون التعافي من هذه الازمة بطيئا.

يذكر ان من شواهد الكساد الاقتصادي العالمي، الذي تعود جذوره الى ازمة الائتمان العقاري الامريكية وما تبعها من انهيار سوق العقارات السكنية، كانت الزيادة المتصاعدة في عدد العاطلين عن العمل.

واوضح زوليك انه على الرغم من ان النمو قد يعود مجددا في عام 2010 الا ان الدول النامية ستظل تعاني من اثار الازمة الاقتصادية، وستواجه تداعياتها المتفاقمة اذا لم تنتعش حركة صادراتها ويعود تدفق الاستثمارات الاجنبية اليها.

يشار الى ان هذه ليست المرة الاولى التي يحذر فيها زوليك من مخاطر الازمة الاقتصادية العالمية على الدول الفقيرة. فقد حذر في ابريل من وقوع "كارثة إنسانية" فيها ما لم يتم القيام بتحرك سريع وعاجل.

ودعا، في ختام "لقاء الربيع" الذي ينظمه البنك الدولي، الدول الغنية للقيام بجهد أكبر لمحاربة الفقر في دول العالم النامية.

أسوأ ما في الأزمة انتهى، والانتعاش ليس قريباً

من جهتها قالت غرفة التجارة البريطانية إن الأسوأ في الأزمة المالية قد انتهى، لكن التعافي مما أحدثته من تأثيرات لا يبدو قريباً، رغم أن قطاعي الخدمات والصناعات أبديا تحسناً في نتائج الربع الثاني من العام الحالي وفقاً لما أعلنته الغرفة.

ورغم المؤشرات الإيجابية في أغلب القطاعات، إلا أن هذه المؤشرات ما زالت منخفضة وربما ضعيفة مقارنة بما كانت عليه في السابق. بحسب سي ان ان.

وتقول الغرفة إنه على الرغم من أن المؤشرات إيجابية رغم ضعفها في الكثير من القطاعات، إلا أن الخطر ما زال موجوداً، خصوصاً في حال عدم الاستمرار في التركيز على خطط الإنعاش الاقتصادي وأن أي تقصير في هذا الشأن قد يؤدي إلى تراجع الاقتصاد فجأة وبشكل قوي.

وأشارت إلى أن الحكومة في الأسبوع الماضي أعلنت أرقام الناتج المحلي والتي جاءت أكثر انخفاضاً من التوقعات التي كانت أعلنتها الحكومة من قبل، وبينت الأرقام انكماشاً في الناتج بنسبة 2.4 في المائة، ما جعل غرفة التجارة ترى أن التعافي قد لا يكون قريباً.

ويرى كبير الاقتصاديين في الغرفة ديفيد كيرن أن هناك ضغطاً حقيقياً تعيشه جميع القطاعات الاقتصادية، ورغم ذلك يرى أن التعافي ممكناً، لكن الاقتصاد بحاجة لتدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

واعتبر المراقبون أن التحسن الحاصل في القطاعات هو أمر جيد رغم أنه ليس كبيراً، وهذه المكاسب يمكن استمرارها إذا استمرت التدابير الصحيحة لحل هذه المشكلة.

من جانبه دعا المدير العام لغرفة التجارة البريطانية الحكومة إلى تخفيض الضرائب على الشركات والتخلص من البيروقراطية لتتمكن هذه المؤسسات من النهوض بالبد من هذه الأزمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/تموز/2009 - 23/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م