طرُق لمعالجة اليأس والإحباط

لأُبقي رأسي فوق الماء!

عبد الكريم العامري/باحث اجتماعي

 

شبكة النبأ: أنت تقول لنفسك حين تجتاحك الهواجس: اشعر كما لو أنني أفعل شيء يجب عليّ أن أفعله، ولن أكون قادرا أبدا على فعل أشياء أريد حقا ان افعلها..اشعر غالبا بالتعب والاشمئزاز والملل..إنني متعب من الحلم وتخيل كيف يمكن أن تكون الأمور؟ ولا اعتقد انه توجد طريقة اصل بها الى أهدافي أبداً..إنني أعيش بجمود..هذا هو كل ما أستطيع فعله لأبقي رأسي فوق الماء او تقول، لم أعُد قادرا على الاستمتاع بأي شيء في أي وقت.

الحقيقة، لا يمكن رؤية نفسك مباشرة لأن حياتك ليست هي فقط التي أصبحت آلية، لكنك أنت جزء من قوقعتك الخاصة. ليس هناك وجهة نظر، إنك قطعة من أحجيتك الخاصة تماما. ليس ممكنا أن ترى ذاتك المادية كلها مباشرة، يمكنك فقط رؤية ذاتك النفسية في انعكاس سلوكياتك.

إن الرأي الذي تتشبث به عن ذاتك اليوم يعكس التجارب في ماضيك. تلك المؤثرات، التي ربما هي اقل من إيجابية، تفعل شبكة عاداتك وأفكارك ومواقفك ومعتقداتك التي تبقى راسخة مع مفهومك الذاتي المتدني..الآن ممكن ستصبح قادرا على رؤية التأثير الكامل وتأثيرا صورتك الذاتية على سلوكياتك، والجروح المنزلة ذاتيا التي تسببها.

بمجرد أن تتعرف وتفهم أحد نواحي شخصيتك، ستكون قادرا على رؤية نفسك منفصلا عن قوقعتك، ذاتك الحقيقية مقابل مواجهة ذاتك الزائفة..إنه نفس حافز الرجل الأصلع الذي يعرف الناس انه أصلع لكنه يرغب بخداعهم، لا يوجد فائدة من ذلك.

لديك صراع بين (اين أنت الآن) وبين ما تعتقد أنك يجب أن تكون.. ان مشاعر اليأس تنشـأ عندما تعتقد أنك لن تستطيع التحرّك أبدا على الوصول الى حيث تريد ان تكون، او أن تفعل ما تريد حقا أن تفعله..لقد اصطدمت بالحائط ولم تعد قادرا على التحرك. بعد ذلك، يتضاعف هذا الشعور عندما تكون مجبرا على القيام بأشياء لا تريد القيام بها.

إن قضاء وقتك على أشياء تشعر أنك مجبر عليها هو شيء منهك، لذا فأنت لست فقط لا تستطيع فعل ما تريده، لكنك مجبر على فعل أشياء لا تريد القيام بها. وهذه هي الصيغة الخاصة باليأس.

فبدون الأمل، وبقضاء وقتك في أشياء لاتريد فعلها، عندئذ سيكون شبح الاكتئاب قريبا جدا منك.

هل لاحظت يوماً كمْ هو صعب أن تحاول التظاهُر وكأنك تقضي وقتاً ممتعاً عندما تكون في حالة نفسية سيئة؟ إنك تشعر بالإرهاق، ذهنيا وبدنيا..او هناك شخص لا تريد التحدث معه، فإنك تشعر أن طاقتك قد نضبتْ.. تخيَّل كَمْ هو مرهِق أن تعيش في حياة يحوم فيها شبح الكآبة والاحباط من حولك.

لكن رغم كل ذلك، هناك محاولات ستصنع لك بصيص ضوء تتلمّس من خلاله طريقك نحو السكون والطمأنينة ومن هذه المحاولات:

1- اختر شيئا بسيطاً تحب أن تفعله ونفذه: قُم باختيار شيء في العمل او هواية او رحلة؛ أي شيء كان، تأكد من أنه سيمنحك متعة.. كُن مدركاً بأنك عندما تضع هدفا وتتخذ إجراء، فإنك قد أخذت أول خطوة بعيدا عن اليأس نحو الحياة المفعمة بالنشاط.. درِّب نفسك باستمرار على وضع أهداف صغيرة وحققها..فهذا سيعطيك شعورا بالاستمرارية في الإنجاز وإحساسا بالسيطرة على مسار حياتك ومن ثم تدرّج بحجم الاهداف التي تضعها نحو قضايا تمثل طموحاتك الشخصية او العائلية التي تحب ان تقوم بها.

2- انتقِ حلماً تريده وتشعر انه يمكن تحقيقه، ضع زمن وخطة عمل معقولة لإنجازه..خذ الخطوة الأولى في عملك خلال أربع وعشرين ساعة من وضعك لخطتك.

إن اليأس هو نتيجة ثانوية لعدم القيام بأي عمل، والعكس صحيح. لا تقُم بعمل شيء مهم فقط، بل قُم بعمل أي شيء! الشعور بأنك لن تصل أبدا الى حيث تريد أن تكون، يمكن أن ينمحي بلحظة.

هل لاحظت يوما أنك عندما تأخذ خطوة نحو تحقيق شيء ما تريده حقاً فإنك تشعر بأنك على قمة العالم؟ سواء أكان الانضمام الى مركز رياضي او الحصول على فرصة عمل مناسِبة، او مجرد التحرك نحو هدفك. كل ذلك يخلق إحساسا بالقوة والسعادة..إنه يرسل الى دماغك رسالة بأنك في الواقع متحكِّم في حياتك وفي سعادتك.. ببساطة، تحرك في الاتجاه الذي تريد أن تسير فيه، وستبتعد بشكل طبيعي عن الحالة السيئة التي أنت فيها.

3- في جزء من خطة عملك، ضمِّن المكافآت طوال تنفيذك لها: إنك لا تريد الانتظار لحين الوصول الى حلمك كي تمنح نفسك الإذن بالشعور بالسعادة! عندما تصل الى مرحلة هامة او الى موعد نهائي، افعل شيئا لتحتفل. وكلما شعرت أفضل بشكل متواصل، تقهقرت مشاعرك القديمة باليأس أكثر، في النهاية تتلاشى أثناء حصولك على خبرات أكثر في تكوين أحلامك نحو حياة ترضيك وتلبي طموحاتك...  

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 15/تموز/2009 - 22/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م