
شبكة النبأ: أصدرت مجموعة الازمات
الدولية تقريرا جديدا عن العراق حمل عنوان "العراق والاكراد: مشكلات
على خط الزناد"، أشارت فيه الى ضرورة تعاون بغداد واربيل أمنياً
وعسكرياً وسياسياً من اجل حل المشكلات الاساسية العالقة والتوصل الى
سلام دائم، يجنّب العراق حرباً مفتوحة بعد مغادرة القوات الامريكية.
وفي غضون ذلك دعا القيادي في حزب الدعوة الاسلامية علي الاديب الى
اعتماد الدستور كمرجعية لحل الازمات القائمة بين الحكومة واقليم
كردستان لأن هذه الخلافات ليست عميقة ويمكن تجاوزها بالحوار البناء،
لافتاً الى أنها تمثل تركة ثقيلة خلفها النظام السابق ولم تتسبب
الحكومة العراقية ولا اقليم كردستان في صناعتها.
وقالت المجموعة في الملخص التنفيذي للتقرير إنه رغم تراجع العنف
الطائفي في العراق على مدى العام الماضي، الا ان هناك صراعا سياسيا
جديدا مدمرا ظهرَ بين الحكومة الفيديرالية والحكومة الكردية الاقليمية
في اربيل. وقد تجلى هذا الصراع، كما يقول التقرير “في مفاوضات خطابية
وخفيّة ومناورات عسكرية في الاراضي المتنازع عليها، ما صعد من التوترات
ودق ناقوس الخطر في واشنطن في وقت تتخذ فيه ادارة اوباما خطواتها
الاولى لسحب القوات الامريكية من العراق.
ويرى التقرير ان حلا دائما لهذه التوترات لا يمكن ان يكون الا
سياسيا ـ ينطوي على صفقة كبيرة في كيفية تقسيم او تشارك السلطة
والموارد والاراضي ـ لكن في هذه الاثناء “على الجانبين اتخاذ خطوات
عاجلة لتحسين الاتصالات في ما بينهما والتعاون الامني، والادارة
المشتركة لنقاط التفتيش العسكرية والدوريات في الاراضي المتنازع عليها
والامتناع عن اتخاذ خطوات احادية الجانب على طول الخط الفاصل الجديد
الذي فرضه واقع الحال، الذي يدعى بخط الزناد”.
ويقول التقرير ان النزاع “يتركز على الاراضي المتنازع عليها، بخاصة
كركوك، التي لا تضم خليطا من السكان فحسب ـ عرب، واكراد، وتركمان
واقليات اصغر (تشكل الغالبية في بعض الاحياء) ـ انما تحتوي ايضا على
احتياطيات غير معلومة من الغاز والنفط”.
وفي اثناء الفراغ الامني الذي تلا مرحلة غزو العراق، كما يقول
التقرير “هرعت قوات كردية عابرة الخط الاخضر، الذي شكل بحكم الامر
الواقع حدودا تفصل منطقة كردستان عن بقية العراق في المدة بين العام
1991 والعام 2003، كي يثبتوا مطالبتهم بالمنطقة التي يرونها جزءا من
تراثهم التاريخي”.
ويقول التقرير ان هناك جملة من العوامل المحلية والوطنية شكلت تحديا
لهذه المطالبة، وبدأت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي تواجه النفوذ
الكردي في هذه المناطق منذ آب اغسطس 2008.
وكانت النتيجة، بحسب التقرير “تزايد حدة التوتر على طول خط جديد
غامض تشير اليه الدوائر العسكرية بانه خط الزناد ـ وهو خط منحني يمتد
من الحدود السورية حتى الحدود الايرانية، حيث الجيش العراقي والمسلحين
الاكراد الذين تطلق عليهم تسمية البيشمركة، ينتظمون في تشكيلات تتعارض
مع بعضها”. كما ان “نشر الفرقة 12 في كركوك في اواخر العام 2008، بخاصة،
اثار غضب الاكراد وشد من أزر منافسيهم العرب والتركمان”.
ويضيف التقرير “نظرا لتزايد التوترات وتقارب القوات، وكذلك الخطوات
السياسية احادية الجانب بصيغة عقود استخراج نفط وغاز، فقد حدثت مشادات
على طول خط الزناد في مناسبات عدة”، ويرى التقرير ان “ضعف الاتصالات قد
يتسبب بمثل هذه الاحداث المحلية التي تؤدي الى تصاعد غير مقصود، الى
مستوى نزاع اوسع لربما لن يجد أي طرف سهلا احتوائه”.
وردت إدارة اوباما، بحسب التقرير “على وصول الفرقة 12 بارسال لواء
اضافي الى كركوك، الامر الذي ربما حال دون تحول توتر شديد الى حرب
مفتوحة”، لكن النفوذ الامريكي “يقترب الان حتما من نهايته”.
ونظرا لتعهد اوباما المتكرر والقاطع بسحب القوات الامريكية كلها
بنهاية العام 2011، مع مغادرة القوات القتالية في وقت مبكر من اب اغسطس
2010، كما يقول التقرير، فليس هناك “الا الوقت القليل لتمارس الولايات
المتحدة وساطة فاعلة: فكل من الحكومة الكردية الاقليمية والحكومة
الفيديرالية ستنفران من الحل الوسط لقضايا رئيسية قبيل الانتخابات
البرلمانية المقرر عقدها في كانون الثاني يناير 2010، وبعض العراقيين،
بمن فيهم الزعماء الاكراد، على اساس توقعهم انهيار العراق، قد يسعون
الى حماية خارجية، وهذا ما يمكن ان يشيع الصراع في المنطقة”.
وبناء على هذه الحيثيات، قدم تقرير مجموعة الازمات الدولية توصيات
الى حكومة العراق وحكومة اقليم كردستان، منها “البدء بمفاوضات في قضايا
أساسية تهم الطرفين، من بينها ازالة القيود عن اللجان القيادية الخمس
في بغداد واستئناف المناقشات بشان مسائل الاراضي المتنازع عليها،
وتشارك السلطة والاصلاح الدستوري، والامن ووضع البيشمركة، والسياسة
الخارجية والاقتصاد والنفط والغاز”.
ومن بين التوصيات ايضا “عقد محادثات بشان الاراضي المتنازع عليها
كجزء من فريق العمل الذي اقيم برعاية الامم المتحدة، والشروع بخطوات
بناء الثقة في المناطق المتنازع عليها، وعلى وفق توصيات يونامي التي
حملها تقريرها الصادر في نيسان ابريل 2009 بشان الحدود المتنازع عليها”.
وكذلك من الضروري، بحسب توصيات التقرير “دعم الاطراف السياسية في
كركوك بالدخول في مفاوضات، وبوساطة اليونامي، تعزيزا لاهداف المادة 23
من قانون الانتخابات المحلية الصادر في ايلول سبتمبر 2008 المتعلق
بتشارك السلطة، وقوائم الناخبين، وقضايا الملكية في كركوك، بهدف عقد
انتخابات في محافظة كركوك في اقرب فرصة ممكنة”.
واصى التقرير ايضا بـ”الكف عن اطلاق الخطابات الملتهبة في ما يتعلق
بالعلاقات الثنائية، ووضع الاراضي المتنازع عليها، بخاصة قبل
الانتخابات في منطقة كردستان في 25 من تموز يوليو 2009 وفي العراق
عموما في 30 من كانون الثاني يناير 2010″.
كما دعت التوصيات الى “فتح قنوات اتصال وتنسيق العمل بين الطرفين،
والاتصال الدائم بين رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان
مسعود البارزاني او بين ممثلين عنهما رفيعي مستوى، وتسمية مسؤول من كل
جانب، من الحكومة العراقية ومجلس وزراء كردستان لاستباق التوترات ونزع
فتيلها، فضلا عن اقامة مركز للتنسيق العسكري المشترك في المناطق غير
الحضرية في محافظة كركوك وبالتعاون مع قوات الشرطة المشتركة في مركز
كركوك. وادارة نقاط تفتيش مشتركة في الاراضي المتنازع عليها”.
وتطرق تقرير مجموعة الازمات الدولية، الذي تكون من 42 صفحة، الى
تقرير اليونامي السابق بشأن الاراضي المتنازع عليها، واختفاء الخط
الاخضر، والاتصالات الواجب اقامتها بين بغداد واربيل، وتعارض
الاستراتيجيات بين الطرفين، وعقود النفط والغاز، وقضايا اخرى.
الأديب: الخلافات ليست عميقة وهي ترِكة من
النظام السابق
وفي نفس السياق دعا القيادي في حزب الدعوة الاسلامية علي الاديب،
الى اعتماد الدستور كمرجعية لحل الازمات القائمة بين الحكومة واقليم
كردستان، لأن هذه الخلافات “ليست عميقة” ويمكن تجاوزها بالحوار البناء،
لافتا الى أنها تمثل “تركة ثقيلة” خلفها النظام السابق ولم تتسبب
الحكومة العراقية ولا اقليم كردستان في صناعتها.
جاء ذلك في معرض رد الاديب الذي يعد من ابرز حلفاء رئيس الوزراء
نوري المالكي، على التوصيات التي تقدمت بها مجموعة الازمات الدولية
بشأن اليات حل المشاكل القائمة بين الحكومة العراقية والاكراد، لتجنب
ما وصفه التقرير بـ”الحرب المفتوحة”.
وقال الاديب ان ما وصفه التقرير بالحرب المفتوحة “ليس واقعيا على
الاطلاق، لان حجم العلاقة بيننا وبين اخوتنا في اقليم كردستان يستند
الى تاريخ انساني ووطني كبير جدا، لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تؤثر
فيه الخلافات السياسية المبنية على اختلافات في وجهات نظر سرعان ما
ستزول”، منوها الى أن هذه الازمات “يضمن حلها باعتماد الدستور كمرجعية
لحل الخلافات، واللجوء الى المحكمة الدستورية في حال الحاجة الى تفسير
بنود الدستور الذي اشتركنا جميعا في كتابته، ونشترك جميعا في احترامه
والاقرار بما نص عليه”.
وكانت مجموعة الازمات الدولية اصدرت تقريرا جديدا يوم الاربعاء
الماضي عن العراق بعنوان “العراق والاكراد: مشكلات على خط الزناد” اكد
ضرورة تعاون بغداد واربيل امنيا وعسكريا وسياسيا من اجل حل المشكلات
الاساسية العالقة والتوصل الى سلام دائم يجنب العراق حربا مفتوحة بعد
مغادرة القوات الامريكية.
وألمح الاديب الى ان هناك “توافقا بين جميع الاطراف على تجاوز
الازمات القائمة حاليا، وهي في مجملها مبنية على اختلافات في تفسير
المعطيات الدستورية، وليس على خلافات عقائدية”، مضيفا “نحن والقادة
الاكراد ندرك تماما ان مصلحة العراق أن يؤسس على دولة مواطنة يكون فيها
القانون هو ما يخضع له الجميع، والتواصل بيننا وبين القادة الاكراد لم
ينقطع طوال كل المراحل السابقة، كما ان رغبتنا بتوسيع الحوارات وتعزيز
المشتركات الوطنية تزداد كلما تقدمت التجربة العراقية باتجاه الافضل”.
والاديب هو قيادي في الائتلاف العراقي الموحد (83 مقعدا من بين
مقاعد البرلمان الـ275) الذي شكل مع التحالف الكردستاني (53 مقعدا)
الحكومة التي يترأسها رئيس الوزراء نوري المالكي.
واوضح الاديب، أن اغلب الخلافات التي تطرح بين بغداد واربيل، هي
“نتاج الممارسات التي طبقها ورسخها نظام البعث المباد، وهي تركة ثقيلة
نريد لها ان تجد حلا نهائيا لتفاصيلها التي سجلها ووثقها الدستور
العراقي”، مبينا ان هذه الخلافات “لم تصنعها الحكومة العراقية ولا
حكومة اقليم كردستان، بل عليهما معا ايجاد الحلول لها بما يضمن حقوق كل
العراقيين، ولكن بطبيعة الحال يجب ان تكون هذه الحلول دستورية وقابلة
للديمومة والثبات، وهذا ما يحتاجه العراقيون لضمان الاستقرار في
مستقبلهم”.
ووصف الاديب “بعض الترويجات التي وجهت مواقف الحكومة العراقية
باتجاه الخلافات العقائدية”، بانها “ترويجات غير صحيحة مطلقا، للاكراد
تجربة قاسية جدا مع النظام السابق، ولنا ايضا تجربة قاسية يعرفها
الجميع، ولذلك ينحصر الخلاف بيننا في نقاط دستورية نريد لها ان تتوضح
في تحديد طبيعة العلاقة السياسية، خصوصا وان التحالف الكردستاني شريك
اساسي في تجربة الحكم الجديدة في العراق، وشريك ايضا في صناعة مستقبل
العراق”. |