
شبكة النبأ: عقدت لجنة العلاقات
الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي جلسة استماع تحت عنوان"تدعيم القدرات
الدبلوماسية للولايات المتحدة بأفريقيا، لمناقشة الأوضاع في القارة
الأفريقية التي تعج بالصراعات التي كان لها تأثير كبير على هذه القارة،
حيث حصدت أرواح الملايين. وتشهد دول القارة انتهاكات خطيرة لحقوق
الإنسان مخلفة ضعفًا في السلطة والحكم، وحالات عديدة من النهب والفساد
والذي أدى إلى انتكاسة في التنمية الاقتصادية لهذه القارة، فما يزال
الملايين من سكانها يعيشون تحت خط الفقر.
وتأتي هذه الجلسة مع توقع كثيرين داخل واشنطن أن تكون قضايا القارة
على أجندة إدارة أوباما لأصوله الأفريقية، ناهيك عن أن قضايا التنمية
الاقتصادية أضحت أحد القضايا الهامة على أجندة الإدارة الأمريكية،
وإيلاء الإدارة أهمية للمعونات والمساعدة الاقتصادية في تنمية دول
العالم النامي. وقد تجلى هذا التوجه في خطاب "أوباما" من جامعة القاهرة
في الرابع من يونيو الحالي.
وقد تناولت جلسة الاستماع عددًا من القضايا الهامة منها مناطق
الصراع الأفريقية التي أُهملت من قبل الدبلوماسية الأمريكية. وماهية
الوجود الدبلوماسي الأمريكي في أفريقيا والموارد اللازمة لمنع هذه
الصراعات على المدى الطويل. والدور الذي يلعبه المبعوثون المكلفون
بمناطق الصراع، وكيفية التفاعل مع سفاراتهم في هذه المناطق. مع توضيح
أهمية الدور الذي كانت تقوم به الأطراف الفاعلة الإقليمية مثل نيجيريا،
كينيا وجنوب أفريقيا والمنظمات دون الإقليمية والاتحاد الأفريقي في حل
الصراعات. وما الدور الذي ستضطلع به الدبلوماسية الأمريكية في المستقبل.
بحسب موقع تقرير واشنطن.
مناطق الصراع المهملة
أشارت جلسة الاستماع إلى مناطق الصراع الأفريقية التي أُهملت من قبل
الدبلوماسية الأمريكية، والتي أجملتها في:
الصومال: هناك نقاط ضعف كبيرة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية
في الصومال، حيث كانت تركز السياسة الأمريكية على محاربة الإرهابيين
بعد مساعدتها إثيوبيا في التدخل في الصومال في ديسمبر 2006 لإسقاط
المحاكم الإسلامية. وتركيزها الحالي ينصبُّ فقط على محاربة القرصنة في
الصومال. بالإضافة إلى عجز الدبلوماسية الأمريكية عن التواصل مع
اللاعبين الأساسيين في حل مشكلة الصومال مثل المملكة العربية السعودية،
اليمن وقطر.
جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا): على الرغم من الدور
الذي لعبته الولايات المتحدة في مساعدة دول الجوار الإقليمي في المنطقة
الشرقية من الجمهورية ومساعدتها في التغلب على بعض بؤر الصراع داخلها
وتقديم الدعم المالي لقوة الأمم المتحدة داخلها إلا أن الولايات
المتحدة الأمريكية لم تكن مستعدة لدعم وجود قوة تابعة للأمم المتحدة
والتي تكافح للحفاظ على خفض تكاليف عمليات حفظ السلام، وقد نُهبت
الثروات المعدنية لتلك الدولة من قبل جيرانها، الشركات المستثمرة
والمحتالين، وتركت الولايات المتحدة القيادة في هذا النزاع إلى الأمم
المتحدة، جنوب أفريقيا، الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.
نيجيريا: تعد خامس الدول الأفريقية من حيث عدد السكان، وأكبر مورد
للنفط للولايات المتحدة، تمر حاليًّا بواحدة من أصعب فترات الحكم
والاستقرار حيث الصراع في دلتا النيجر يزداد باطراد مما قلل من
الإنتاجية اليومية للنفط حيث بلغت 500000 برميل/يوميًّا بالإضافة إلى
سرقة النفط والأنشطة الإجرامية من استيراد أسلحة متطورة لمختلف
الميلشيات، والاضطرابات التي قد تمتد لدول الجوار والقرصنة في خليج
غينيا كل ذلك سيكون له دور في تهديد الاستقرار والحكومة النيجيرية.
بالإضافة إلى أنه قد يؤدي إلى إغلاق المصانع والتهديد بالبطالة لعدد
كبير من الشباب.
وفي الوقت الحالي الولايات المتحدة ليس لها وجود في منطقة دلتا
النيجر، وموظفوها ممنوعون من السفر هناك لأسباب أمنية، وهذا يحد بدرجه
كبيرة من قدرة الولايات المتحدة على تقييم الوضع هناك، كذلك فإن
السفارة ليس لديها قنصلية في الشمال، أيضًا الحكومة النيجيرية قد رفضت
جُلَّ العروض للمساعدة في حل أزمة دلتا النيجر، وكذلك المساعدة التقنية
المقدمة من الأفريكوم للمساعدة في مواجهة صادرات النفط غير المشروعة.
مناطق تسلل المخدرات: يعتبر الوجود الدبلوماسي الأمريكي وبرامج
المساعدات الأمريكية ضئيل جدًّا في تلك المناطق، وعليه فيجب المضي
قدمًا في إنشاء لجنة رفيعة المستوى تعمل كفرق متطوعة بين الوكالات
الأمريكية المعنية تحت إشراف دول تلك المناطق والعمل مع السفارات
والأفراد عبر الحدود الإقليمية، وإنشاء برامج مضادة، وإذا لزم الأمر
وجب الدفع نحو الزيادة الكبيرة في تقديم المساعدات لتلك الدول وتعبئة
الرأي العام الأفريقي لمواجهة تلك المخاطر.
الدبلوماسية الأمريكية لمنع الصراعات
يعتري الدبلوماسية الأمريكية عدم القدرة على فهم طبيعة المجتمعات
الأفريقية التي تموج بالأقليات والتقسيمات الاجتماعية والتحديات
الاجتماعية، السياسية والاقتصادية. وعليه طرحت جلسة الاستماع عدة
توصيات للدبلوماسية الأمريكية لزيادة كفاءتها وفاعليتها في القارة
الأفريقية.
فالدبلوماسية الأمريكية بحاجة إلى نموذج جديد قائم على فهم طبيعة
المجتمعات الأفريقية والتي تتميز بالتقسيمات القبلية، وعليه فإن
الدبلوماسية الأمريكية بحاجة إلى توعية تلك المجتمعات بأهمية الاعتراف
بالآخر والتعامل مع الأعداء السابقين، والعمل على بناء الثقة بين بعض
القادة الرئيسين والتعامل مع كافة الأطراف المتحاربة، وبناء توافق جديد
في كيفية بناء السلطة وتنظيميها داخل تلك المجتمعات.
تنفيذ هذا النموذج يتطلب نهجًا جديدًا لتدريب الدبلوماسيين حيث إن
معظم الدبلوماسيين الأمريكيين خبرتهم قليلة أو تكاد تكون منعدمة في
مجال تقنيات العمل المؤسسي وتحويل الصراع فهم لا يفهمون سوى سياسية
العصا والجزرة والتي تجعلهم يفعلون أي شيء في سبيل جلب الأطراف
المتحاربة إلى المفاوضات، وبذلك فيجب تدربيهم على أهمية دعم عمليات
السلام المستديمة وبذلك يكون تنفيذ هذا النموذج طبقًا لما قاله الرئيس
أوباما في حملته الانتخابية عن ضرورة إنشاء وحدة للوساطة بين الدول
والتي من شأنها تدعيم فرص السلام في مناطق الصراع.
يتطلب العمل نحو بناء سلام دائم تطوير الشراكة بين الدبلوماسيين من
جهة والمتخصصين التقنيين في مجالات العمل المؤسسي في الصراع حتى نستطيع
استمالة القادة الوطنيين وإدراك طبيعة المجتمعات المنقسمة، ويتحقق ذلك
عن طريق عمل تدريب للدبلوماسيين الأمريكيين.
كما دعت الجلسة إلى بناء تلاحم بين الدبلوماسيين والمدربين من خلال
الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وإنشاء مكتب للتخفيف من حدة
الصراعات والتعاون مع وزارة الخارجية الأمريكية لحشد الخبراء والمدربين
من أجل دعم الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى مساعدة الدول الخارجة من
الحروب، أو الدول التي على شفا الحرب، العمل نحو تعزيز حالة التماسك
والتعاون مع القادة الأساسين والعمل على جمع المعلومات بدقة حول القادة
الأساسين المتورطين في تلك الحروب والصراعات.
وتضيف الجلسة ضرورة العمل على تنمية المهارات اللغوية لدى
الدبلوماسيين حيث إنه من الملاحظ أنه يوجد لديهم قصور لغوي وبالتالي
يصعب عليهم التواصل مع تلك المجتمعات وخاصة التعامل مع السكان الأصليين
ويؤدي ذلك إلى إعاقة فعاليتهم في العمل مع أجهزة أمن الحكومات لدى تلك
الدول المبعوثين لديها. ويضاف إلى ذلك أهمية التنسيق وجمع المعلومات مع
كافة الدول المعنية بدعم عملية السلام.
زيادة المخصصات المالية
يتطلب زيادة الدور الدبلوماسي الأمريكية زيادة المخصصات المالية
فالدبلوماسية الأمريكية بحاجة إلى توفير أموال إضافية في الميزانية
خلال السنوات الخمس القادمة ذلك حتى تكون وزارة الخارجية الأمريكية
قادرة على توفير ما يكفي من المساعدات للأفراد والمتدربين لكي تكون
قادرة على تنفيذ المهام المسندة إليها.
ويوصي تقرير"ميزانية الشئون الخارجية في المستقبل" الصادر عن
الأكاديمية الأمريكية للدبلوماسية American Academy of Diplomacy ومركز
هنري ستيمسون بدعم من مؤسسة أونا تشابمان كوكس Una Chapman Cox
Foundation بتاريخ أكتوبر 2008 بضرورة زيادة الميزانية لكي تصبح 510.
5 مليون دولار سنويًّا بحلول عام 2014. تشمل تلك الزيادة في مناصب
قائمة واستحداث أخرى بالإضافة إلى ذلك زيادة المبالغ المتاحة للتعامل
مع مؤتمرات المصالحة، والمجتمع المدني وتطوير المشاريع الصغيرة والقدرة
على نشر فرق الوساطة والمصالحة، وما شابهها من نشر سريع للشرطة المدنية
والمدربين والمستشارين الذين يستطيعون التعامل مع الحرب الأهلية
الوشيكة.
كذلك يوصي التقرير بزيادة قدرها 100% لفرص التبادل الأكاديمي،
وزيادة 50%زيادة في المنح و25%زيادة في نسبة التبادل بين الشباب، فضلاً
عن التوسع في تعليم اللغة الإنجليزية، وتأسيس 40% من المراكز الثقافية
الجديدة في الخارج وزيادة الدعم لعملاء الحاليين.
بالإضافة إلى إنشاء مكتب خاص بالتغطية الإخبارية متصل بوكالة
المخابرات المركزية الأمريكية CIA لكي يتم متابعة التطورات عن كثب
وتقديم التوصيات والمقترحات للتعامل مع هذه الصراعات عند ظهورها، وإن
أهم شيء هو تدعيم الفرق المتخصصة في الوساطة والتفاوض للتعامل مع
الصراعات ومنع نشوب الحروب، والتركيز على أهمية الفريق الاقتصادي الذي
سيقوم بتقييم اقتصاديات البلدان الضعيفة والمقدر لها الهبوط حتى يتسنى
للولايات المتحدة الأمريكية تجنيب تلك البلاد شبح الانهيار والصراعات.
كذلك ضرورة الاستجابة السريعة للمساعدات الإنسانية والاقتصادية
والعسكرية وبرامج التدريب لاستخدامها لمنع نشوب الحروب والصراعات،
وعليه فيجب أن يتم الاهتمام بالدول الأفريقية المهملة من قبل الإدارة
الأمريكية لكي يتسنى لها التعامل مع تلك الدول بمزيد من المرونة
والقيام بالمهام المطلوبة على نحو مناسب. لذا فإنه يتعين على الرئيس
الأمريكي أن يحدد سلطات سفراء الولايات المتحدة وموظفيها الدبلوماسيين
وقائدي أركان قوات حفظ السلام الأمريكيين في هذه الدول. |