الإحداث السريعة التي مرت في إيران وما تزال (عقب فوز احمدي نجادي
بنسبة ساحقة تقدر بـ62.6% على منافسه مير حسين موسوي الذي حصد 33.75%
من الأصوات في الانتخابات الإيرانية التي جرت يوم الجمعة
12/6/2009والتي شارك فيها بحسب الإحصائيات الإيرانية الرسمية 39 مليون
إيراني من 46 مليونا يحق لهم التصويت أي بنسبة مشاركة قدرت بـ 85% )
والتي تعد الأولى من نوعها منذ الثورة عام 1979،تستحق ان تقرأ أكثر من
مرة ومن أبواب عدة كونها الحدث الأبرز الذي انتظره العالم بفارغ الصبر
خصوصا الدول الكبرى التي كانت تعول كثيرا على فوز المرشح الإصلاحي
موسوي وإمكانية إيجاد مخرج للازمة مع إيران الدولة التي أصبح لها ثقل
استراتيجي يحسب حسابه خاصة بعد تفعيل برنامجها النووي الذي تقول انه
للإغراض السلمية وكذلك إنشاء ترسانة عسكرية أضحت مصدر قلق لتلك الدول..
وبعيدا عن التحليل لتلك الأحداث التي خلفت عددا من القتلى والجرحى
والرؤية السياسية لفوز نجاد والتلاعب بنتائج الانتخابات بحسب غريمه
موسوي والتكهن بمستقبل إيران السياسي وإمكانية أن تكون هذه الإحداث
بداية نهاية حكم ولاية الفقيه في إيران بحسب المراقبين والمحللين
السياسيين باعتبار أن رأي ما يقارب خمسة وثلاثين بالمائة من الأصوات
التي رشحت موسوي بحسب نتائج الاقتراع لا يستهان بها أبدا كونها تمثل
ثلثي المصوتين باعتبار ان نسبة المشاركة كما ذكرنا سلفا وبحسب النتائج
المعلنة بلغت خمسا وثمانين بالمائة التي أرادت التغيير ولو بأضعف
الإيمان كون موسوي احد أبناء النظام ولكن للنظام أوجها مختلفة، ويمثل
موسوي الوجه الأكثر اعتدالا وبراغماتية والأقل أدلجة على خلاف نجاد
صاحب السياسة المتشددة الأكثر أصولية وادلجة والتي كانت واضحة خلال
السنوات الأربع الماضية من حكم المحافظين وبالتالي الانفتاح على العالم
وإنهاء الى حد ما مناخ التصعيد العالمي واحتمالات المواجهة وتقليل نسبة
التضخم والعاطلين عن العمل التي تتزايد أعدادهم بحسب إحصائيات دقيقة
بأرقام تصاعدية مخيفة لبلد يمتلك اقتصادا قويا في المنطقة وثروات جمة
تذهب نسبة كبيرة منها لدعم أطراف في دول مختلفة للوصول الى رؤى وأهداف
معلنة وغير معلنة..
الشعب الإيراني الذي سجل إبان الثورة ضد نظام الشاه الكثير من
التضحيات في سبيل التغيير الذي نشده في تلك الفترة نراه اليوم يعيد إلى
الأذهان تلك الصور من خلال التعبير عن الرأي والمطالبة بأصوات الناخبين
التي نشدت التغيير بطرق حضارية،يمكن عدها مثالا رائعا لشعوب القرن
الحادي والعشرين خصوصا العربية منها التي تتحكم بها أنظمة شمولية لا
أعتقد إنها كانت ستقف عند الاعتقالات في حالة لو حدثت تجربة مماثلة
فيها لإيران التي أثبتت انها ايضا ومن خلال المشاهد والصور وكلام
القادمين انها في الطريق الى سياسة غلق الأفواه قسرا..
تجربة ما بعد الانتخابات في إيران أثبتت مدى فعالية هذا الشعب
وتمسكه بالحياة وكيف انه لا يرضى بالسكوت على حقوقه مهما تكن
النتائج،وتعد أيضا درسا مهما للشعب العراقي والدفاع بكل ما يملك عن
تجربته الديمقراطية الفتية ومكتسبات التغيير النيساني عام 2003 وحرية
التعبير وعدم السكوت عن أية جهة تحاول وستحاول وأد هذه الديمقراطية في
المستقبل وإمكانية تسلط حزب او أحزاب معينة على السلطة لان كِلاّ
النتائج واحدة في حزب واحد او عدة أحزاب،ومحاربة جميع الجهات التي تهدر
المال العام وإرساء دعائم دولة القانون الحقيقية وليست التهويم للحفاظ
على حقوق وكرامة أجيالنا القادمة بطرق حضارية سلمية بعيدة عن لغة
التعصب وحمل السلاح والذي تهدر فيه الحقوق ولا تصان الكرامات...
A1980_01@yahoo.com |