أوربا ومُعاداة الحجاب: انتهاك حقوق المرأة بحجّة حمايتها!؟

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: في الوقت الذي قالت فيه منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، إن حظر ارتداء النقاب في فرنسا ينتهك حقوق الإنسان ولا يساهم في تعزيز حرية المرأة حيث انه لايمكن صون حقوق المرأة من خلال مصادرة خصوصياتها الدينية او الاجتماعية بحجّة حمايتها، تصدّى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لهذا الطرح قائلاً ان البرقع او النقاب الذي يغطّي المرأة من رأسها الى اخمص قدميها يشكّل علامة استعباد للمرأة، وأن ارتداءه غير مرحَّب به في فرنسا.

وتأتي تصريحات ساركوزي هذه إثر الجدل المتنامي في فرنسا حول رِداء المرأة المسلمة، فيما يحاول عدد من النواب الفرنسيين فرض حظر عليه انطلاقا من ميول متشددة نحو العلمانية ومحاربة الاسلام بحجة حماية المراة من الاستعباد!.

وقالت المنظمة الدولية في بيان، بعثته عبر البريد الإلكتروني لـCNN بالعربية، ردا على الجدل الدائر في البرلمان الفرنسي حول استصدار تشريع يحظر ارتداء النقاب إن "الحظر الذي يستهدف النساء المسلمات على وجه التحديد قد ينطوي على التمييز الديني والتمييز ضد المرأة."

وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دخل في نقاش خلافي حول حظر النقاب في فرنسا، وأخبر نواب البرلمان في كلمة ألقاها الاثنين الماضي، بأن النقاب "غير مُرحب به على أراضي الجمهورية الفرنسية".

وقالت المنظمة إن "أي حظر من هذا النوع، يقيد من حرية التعبير فيما يخص الهوية الدينية الإسلامية فقط، يُرسل برسالة جديدة إلى المسلمين الفرنسيين مفادها أنهم غير مرحب بهم على أرض وطنهم."

وجاءت تصريحات ساركوزي بعد أن قامت مجموعة قوامها 60 نائباً من بين 577 نائباً بالمجلس الوطني، وهو مجلس ممثلي الشعب بالبرلمان الفرنسي، بالدعوة إلى تشكيل لجنة خاصة لدراسة فرض إجراءات ضد ارتداء النقاب في الأماكن العامة.

وصادق ساركوزي على النقاش البرلماني حول إمكانية فرض الحظر بوصفه الموضوع "مسألة تخص حرية وكرامة المرأة،" وربط أندريه غيرين، المروج الأساسي لطلب إنشاء اللجنة البرلمانية، بين هذا الموضوع ومبدأ العلمانية، الخاص بحيادية الدولة الفرنسية فيما يخص الدين.

ساركوزي: النقاب غير مرحَّب به في فرنسا

وقال ساركوزي في خطاب امام مجلسي البرلمان في فرساي قرب باريس، ان البرقع او النقاب الذي يغطي المراة من راسها الى اخمص قدميها يشكل "علامة استعباد" للمرأة وان ارتداءه "غير مرحب به" في فرنسا. بحسب فرانس برس.

واكد ساركوزي ان البرقع او الحجاب الكامل الذي ترتديه النساء خصوصا في افغانستان، "ليس رمزا دينيا (بل) رمز استعباد" للمراة. واضاف "اريد ان اؤكد علنا ان البرقع غير مرحب به في اراضي الجمهورية الفرنسية".

وتابع "لا يمكن ان نقبل في بلادنا نساء سجينات خلف سياج ومعزولات عن اي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة. هذه ليست الرؤية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية بالنسبة لكرامة المراة".

واعرب عن تأييده لقيام لجنة تحقيق حول مصير الحجاب الكامل في فرنسا التي كان طالب 60 نائبا بها في خطوة اعادت مجددا الجدل حول العلمانية الموضوع الحساس في فرنسا.

واكد ساركوزي "ان العلمانية ليست رفضا للديانات بل مبدا يقوم على الحياد والاحترام". واضاف "لا ينبغي ان نخطىء المعركة، وفي الجمهورية يجب احترام الدين الاسلامي بنفس قدر احترام باقي الاديان".

فيون: ينبغي عدم السماح بـ المس بكرامة المرأة

من جانبه اعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون  انه "لن يسمح ابدا بالمس بكرامة النساء وحريتهن"، وذلك في معرض تعليقه على قضية البرقع المطروحة بحدة وسط جدل محتدم حاليا في فرنسا.

وقال فيون متحدثا خلال اجتماع عام في محيط باريس "البرقع ليس مجرد مسألة حرية دينية. بل ان مسألة البرقع هي في الواقع مسألة حرية المرأة وكرامتها". بحسب فرانس برس.

وتابع "اننا دولة منفتحة، دولة متقبلة للآخر، لكننا ايضا دولة اندماج، دولة مواطنين ومواطنات. والعيش معا وسط المساواة والاخوة يعني ان نتمكن من العيش والنظر الى عيون بعضنا البعض".

وختم "لذلك فانني مسرور لقرار البرلمان اطلاق بعثة تحقيق في هذه المسألة. علينا ألا نسمح بالمس بكرامة المرأة وحريتها اياً كان السبب".

وتصاعد النقاش حول البرقع بعد ان اقترح نائب شيوعي الاسبوع الماضي تشكيل لجنة تحقيق حول هذه المسألة.

وبعد بضعة ايام اعلن الرئيس نيكولا ساركوزي ان ارتداء البرقع "غير مرحب به على اراضي الجمهورية الفرنسية" معتبرا انه "ليس رمزا دينيا (بل) رمز استعباد" للمراة.

وانشئت لجنة برلمانية في مطلع الاسبوع ستجري تحقيقات على مدى ستة اشهر حول ظاهرة البرقع التي تؤكد الجمعيات الاسلامية انها "هامشية" جدا.

وفي نفس السياق قالت متحدثة حكومية إن فرنسا قد تسنّ قانونا يحظر البرقع الكامل اذا وجدت لجنة برلمانية ان العدد المتزايد من النساء اللواتي يرتدين البرقع اجبرن على ذلك.

ووقع حوالي 60 مشرعا اقتراحاً يدعو الى تشكيل لجنة برلمانية للنظر في انتشار البرقع في فرنسا وهو رداء يقولون انه يرقى الى حد "انتهاك الحرية الفردية في وطننا."

وتتمسك فرنسا التي توجد فيها أكبر أقلية مسلمة في أوروبا بقيمها العلمانية وبالمساواة بين الجنسين ويرى كثيرون أن البرقع الذي يغطي المرأة من قمة الرأس حتى اخمص القدم ويخفي عينيها يمثل انتهاكا لحقوق المرأة. وانقسمت البلاد بسبب النقاشات المحتدمة حول أفضل السبل للتوفيق بين تلك المبادئ والحرية الدينية.

وفي تصريحات عبر تلفزيون فرنسا2 قالت لوك شاتل وزيرة الصناعة والمتحدثة باسم الحكومة "اذا تأكد بعد ذلك التحقيق ان ارتداء البرقع كان قسريا.. وبكلمات اخرى انه يتناقض مع مباديء الجمهورية.. فمن الطبيعي حينئذ ان يتخذ البرلمان كل القرارات الضرورية."ولدى سؤالها عن امكانية صدور قانون ردت قائلة "ولما لا..".

لجنة برلمانية للتحقيق في مسالة ارتداء البرقع في فرنسا

من جهة اخرى اعلن رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية برنار اكوييه ان لجنة برلمانية ستجري تحقيقات على مدى ستة اشهر حول مسألة البرقع في فرنسا بعد ان اعلن الرئيس نيكولا ساركوزي ان ارتداءه "غير مرحَّب به على اراضي الجمهورية الفرنسية". وستشكل اللجنة، التي تضم 32 نائبا من كافة التيارات السياسية، في تموز/يوليو.

وقال ساركوزي امام مجلسي البرلمان في فرساي ان "البرقع غير مرحب به في فرنسا" وان هذا النقاب "ليس موضع ترحيب في اراضي الجمهورية" معتبرا انه "ليس رمزا دينيا (بل) رمز استعباد" للمراة.

ولجان التحقيق البرلمانية التي يترأسها احد نواب المعارضة وينقلها عضو في الغالبية يكون عملها موقتا ومن باب الاطلاع.

عميد مسجد باريس: تصريحات ساركوزي حول البرقع منسجمة مع العلمانية في فرنسا

من جانب اخر اعتبر عميد مسجد باريس الكبير، دليل بوبكر، ان تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول البرقع والحجاب "منسجمة" مع العلمانية المطبقة في فرنسا!!!.

وقال بوبكر المؤيد لإسلام معتدل معلقاً على اعلان ساركوزي ان البرقع او النقاب يشكل "علامة استعباد" للمرأة وان ارتداءه "غير مرحب به" في فرنسا، ان هذا الموقف "منسجم مع الروحية العلمانية والجمهورية" في فرنسا.

واعتبر انه "من المناسب" تنظيم مناقشات في البرلمان بسبب "ما يمكن ان يكون لهذه المسألة من وطأة بسبب الطابع المستجد لظاهرة الحجاب في فرنسا ونظرا الى انتشار الاصولية التي يعتبر الحجاب الكامل رمز لها".

من جهته اعرب محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية عن "صدمته" لتشكيل لجنة تحقيق بشأن البرقع، موضحا انه يعول على "التربية" اكثر منه على القانون لتشجيع النساء على التخلي عن البرقع.

وفرنسا الشديدة التمسك بالنظام العلماني هي الدولة الاوروبية الوحيدة التي حظرت الحجاب في المدارس بموجب قانون صدر عام 2004 بعد جدل محتدم. بحسب فرانس برس.

واعرب ابو بكر عن تأييده لقيام لجنة تحقيق حول مصير الحجاب الكامل في فرنسا التي كان طالب 60 نائبا بها في خطوة حركت مجددا الجدل حول مسألة العلمانية البالغة الحساسية في فرنسا.

صحف سعودية تندد بحملة ساركوزي على النقاب

ونددت صحف سعودية بقوة بالموقف الذي اعلنه الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي حول رفض النقاب في فرنسا، واعتبرت انه قد يكون محاولة لدفع المسلمين الى مغادرة هذا البلد.

وكتب داوود الشريان في صحيفة "الحياة" الصادرة في لندن ان "الفرنسيين يحاولون التضييق على المسلمين وتطفيشهم من العيش في فرنسا ولكن بطرق ملتوية وقبيحة".

واعتبر انه لا يوجد اي سبب "يخول الفرنسيين ... مصادرة حرية النساء المسلمات بارتداء زيهن. وما تقوم به فرنسا اليوم تعسف وقمع باسم الحرية والدفاع عن حقوق المرأة وكرامتها".

وتساءل الشريان "ماذا سيكون رد فعل الفرنسيين والاوروبيين لو ان دولة اسلامية قامت بمنع النساء الغربيات من كشف رؤوسهن ووجوههن واعتبرت ان هذا ضد عفة المراة".

من جهته كتب شمس احسان في جريدة "سعودي غازيت" الناطقة بالانكليزية "ما هو غير المحتشم او المسيء للاخلاق العامة، النقاب ام البيكيني؟".

وجاء في رسائل الكترونية ارسلها قراء الى الصحيفة ان النقاب "رمز للحرية" وان "ثقافة العري" هي المذلة للمرأة.

ويتعين على النساء المقيمات في السعودية وحتى غير السعوديات ان يرتدين العباءة التي تغطي كامل الجسد فضلا عن تغطية رؤوسهن.

لكن افتتاحية في صحيفة "اراب نيوز" الناطقة بالانكليزية اعتبرت ان موقف فرنسا من النقاب نابع من علمانية الدولة بينما المواقف الهولندية والدنماركية نابعة من مشاعر متجذرة معادية للمسلمين وللمهاجرين.

وجاء في الافتتاحية "من المناسب ان يقبل المسلمون في فرنسا وفي الدول الاخرى القوانين السارية شرط الا تحول هذه القوانين دون الاحتفاظ بايمانهم وممارسة معتقداتهم".واضافت ان "منع النقاب يحول تماما دون ذلك".

انتخاب امرأة محجّبة في برلمان بروكسل يثير جدلاً

تبدأ شابّة بلجيكية من اصل تركي، انتُخبت لعضوية برلمان بروكسل الاقليمي على قائمة وسطية، المشاركة في جلسات هذا البرلمان مرتديةً الحجاب الاسلامي لتشكّل بذلك الحالة الاولى من نوعها في بلجيكا ما اثار احتجاج بعض البرلمانيين باسم العلمانية.

واستنادا الى الصحف البلجيكية فانها الحالة شبه الوحيدة في اوروبا باستثناء نائبة عن منطقة سبتة المغربية الخاضعة لحكم ذاتي تحت ادارة اسبانيا. بحسب فرانس برس.

ومنذ اسبوعين تعد ماهينور اوزدمير (26 سنة) الحاصلة على شهادة في العلوم السياسية من جامعة بروكسل الحرة اصغر نائبة في برلمان بروكسل.

وماهينور وهي ابنة تاجر تركي مقيم في حي شاربيك في بروكسل الذي تسكنه جالية مهاجرة كبيرة، عضوة في المركز الديمقراطي الانسان، الحزب الاجتماعي المسيحي السابق الناطق بالفرنسية.وتقول ماهينور انها ارتدت الحجاب في سن الرابعة عشرة "عن قناعة شخصية".

والشابة التي تشارك منذ ثلاث سنوات مرتدية الحجاب في اعمال مجلس شاربيك البلدي دون ان يثير ذلك اي جدل تنوي حضور الجلسة الافتتاحية لبرلمان بروكسل بالزي نفسه.

ومن المتوقع ان يكون لها دور رئيسي في هذا البرلمان حيث ستقوم بوصفها اصغر المنتخبين سنا بمساعدة رئيسة الجلسة واكبر اعضاء البرلمان سنا انطوانيت سباك.

الا ان النائب الفدرالي الليبرالي دوني دوكارم والنائب الاقليمي لبروكسل فيليب بيفان الليبرالي ايضا اعتبرا ان هذا الامر يشكل "مساسا بحيادية" البرلمان والعلمانية.واعلنا انهما سيقترحان تعديل قواعد البرلمان البلجيكي لحظر ارتداء الشارات الدينية او الفلسفية المميزة.

الا ان هذا المسعى لا يتوقع له النجاح نظرا لحصول النائبة الشابة على دعم الاحزاب الثلاثة المشكلة للائتلاف الحاكم للمنطقة (المركز الديموقراطي الانساني، الحزب الاشتراكي، حزب الخضر).واوضح المركز الديموقراطي انه "طالب باحترام جميع النوب البرلمانيين لصفتهم هذه ولافكارهم وليس لما يمكن ان يضعونه على راسهم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 5/تموز/2009 - 12/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م