الشارع العراقي بين التفاؤل والخشية من الانسحاب الأمريكي

الاحتفالات في بغداد لم تحجب مظاهر القلق التي أبداها المواطنون

 

شبكة النبأ: تباينت ردود أفعال الشارع العراقي إزاء استكمال الانسحاب الأمريكي من المدن يوم 30 من حزيران، مع الالتزام بتقديم الدعم والإسناد للقوات العراقية، وسط مظاهر احتفالية واسعة ومخاوف، في ذات الوقت، مما قد يحمله الانسحاب الأمريكي.

فرغم اتفاق الجميع على ضرورة وأهمية الانسحاب بدت الآراء منقسمة حول مدى جاهزية القوات العراقية في الحفاظ على المكتسبات الأمنية المحققة.

فيما أبدى بعض الأطراف خشيتهم من تدهور الملف السياسي وعودة الصراعات المسلحة بين الشيعة والسنة او بين الحكومة المركزية والأكراد.

مظاهر الفرح والخوف من القادم

وبدت مظاهر الفرح والاحتفال واضحة في شوارع بغداد والمحافظات، وعلقت اللافتات والعلم العراقي على واجهات الأبنية والدور، احتفاء بتسلم القوات العسكرية العراقية مهام الأمن في البلاد بعد انسحاب القوات الأمريكية. بحسب (CNN).

وقالت المواطنة عواطف جواد: "مشاعري هي ذاتها التي تنتاب أي عراقي.. أشعر بالتحرير والحرية عندما لا أرى أي جندي أمريكي يقف في شارع عراقي."

وبدورها قالت هناء عبد الحسن: "من غير الأمريكان، نحن نخشى بعضنا البعض، والآن مع مغادرتهم سنزداد خشية، نعرف أن الأمريكيين كانوا يحولونهم (دون تحديد من هم) عنا، والآن لا ندري ما سيحدث."

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الداخلية العراقي، اللواء عبد الكريم خلف، أن الحكومة ألغت عطلات جميع قوات الشرطة ووضعتها في حالة تأهب قصوى قبيل انسحاب القوات الأمريكية، كما جرى تشديد الإجراءات الأمنية في أنحاء العاصمة حيث أغلقت قوات الجيش والشرطة الطرق وفتشت السيارات تفتيشا دقيقا.

ومن جانبه قال الناطق باسم البنتاغون، جيوف موريل، لحشد صحفيين في واشنطن، إن الانسحاب الأمريكي لا يتسم بالنمط التقليدي، إذ بدأ الجيش في سحب قواته القتالية من المدن منذ أشهر، وأكملوا الانسحاب بحلول يومي السبت والأحد.

وتأتي عملية الانسحاب تنفيذاً لبنود الاتفاقية الأمنية المبرمة بين الحكومتين الأمريكية والعراقية، والتي تقضي بانسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية بنهاية يونيو/ حزيران 2008، ثم الانسحاب الكامل من العراق في 2011.

وحذر رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، إن الإرهابيين مازالوا يستهدفون وحدة العراق وشعبه ويحاولون إعادة الطائفية من جديد، من خلال القيام بعمليات إرهابية.

وكان المالكي قد ترأس الأحد اجتماعاً لخلية الأزمة ضم كبار الضباط في وزارتي الدفاع والداخلية إضافة إلى وزيري الداخلية والدفاع ووزير الدولة لشؤون الأمن الوطني.

وأكد رئيس الحكومة العراقي أن الطائفية انتهت، وأن اليوم بدأت السيادة.

وشهد العراق خلال الأيام العشرة الماضية سلسلة من الهجمات استهدفت المدنيين، وأوقعت أكثر من مائتي قتيل، وأدى انفجار سيارة مفخخة إلى مصرع تسعة رجال شرطة عراقيين.

إلا أن الناطق باسم البنتاغون أكد قدرة القوات العراقية على احتواء العنف، الذي قال إنه بلغ أدنى مستوياته "في  تاريخ الصراع."

وجزم الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، بضرورة الغزو لإيقاف النظام العراقي من تطوير أسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية، وإمكانية تقديم أسلحة الدمار الشامل تلك إلى أيدي جماعات إرهابية.

وبعد الغزو، فشل الأمريكيون في العثور على تلك الأسلحة، ليجدوا أنفسهم في مواجهة عدد من الحركات المسلحة، يقف ورائها أنصار الرئيس السابق من البعثيين، والجهاديين السنة بقيادة تنظيم القاعدة، ومليشيات شيعية مسلحة بقيادة رجل الدين المناهض للأمريكيين، مقتدى الصدر.

ولقي أكثر من 4300 جندي أمريكي مصرعهم في العراق منذ الغزو.

العرس الوطني

أجمع أعضاء مجلس محافظة بغداد على تسمية يوم انسحاب القوات الأمريكية من المدن غدا الثلاثاء يوم “العرس الوطني”، بحسب بيان للمحافظة الاثنين.

جاء ذلك خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس المحافظة على خلفية الوضع الأمني لمدينة بغداد بعد انسحاب القوات الأمريكية وفق الجداول الزمنية للانسحاب بحضور رئيس المجلس كامل ناصر الزيدي ونائب رئيس المجلس رياض العضاض والمحافظ صلاح عبد الرزاق وبقية أعضاء المجلس، بحسب بيان صدر عن المحافظة.

وأضاف البيان “بدأ الاجتماع بتداول الخروقات الأمنية التي حدثت في مناطق متفرقة من مدينة بغداد والاطلاع على اسبابها وسبل معالجتها”.

وتحدث رئيس المجلس كامل الزيدي، خلال الاجتماع، قائلا إن “مسألة الحفاظ على الملف الأمني هي من صلب عمل مجلس محافظة بغداد”، مؤكدا “على إن التفجيرات الأخيرة التي حدثت في مناطق متفرقة مرجعها أجندات خارجية تريد بذلك العودة الى المربع الأول”.

ووصف الزيدي انسحاب القوات الأمريكية من المدن بانه “انتصار للإرادة العراقية”.

ومن جانبه، طالب رئيس اللجنة الأمنية عبد الكريم ذرب “بضرورة وضع أكثر من جهاز لفحص المتفجرات قرب السيطرات الرئيسية في مداخل المناطق بغية دقة التفتيش وانسيابية السير والابتعاد عن الاختناقات  المرورية الى جانب تفعيل الجانب ألاستخباراتي للقوى الامنية لكل قاطع من قواطع مدينة بغداد”.

ودعا في ذات الوقت إلى “الالتزام بالضبط العسكري واللياقة العسكرية الكاملة واحترام المواطن والابتعاد عن استفزازه بأي شكل من الأشكال”.

واقترح رئيس اللجنة الأمنية “بجعل السيطرات مشتركة من كافة القوى الأمنية وبمختلف الاختصاصات لمنع بناء علاقات مع نقاط السيطرات لتفادي الخروقات الامنية والتأكيد على تواصل القادة الأمنيين ميدانيا مع المواطنين واعتبارهم مصدر رئيسي للمعلومات اللوجستية”.

فيما ناشد رئيس اللجنة القانونية صبار الساعدي “الجهات المسؤولة  بإعادة النظر بالقوات الأمنية المتواجدة في مدينة الصدر (شرقي بغداد) باعتبارها مدينة منكوبة”، مطالبا “بتشكيل لجنة وزارية بالتعاون مع مجلس المحافظة تعمل على تعويض ذوي ضحايا التفجيرات الأخيرة”. بحسب اصوات العراق.

وكان دراجة نارية مفخخة انفجرت مساء الاربعاء (24/6) في سوق مريدي بمدينة الصدر (شرقي بغداد) ما أسفر عن مقتل 62 شخصا وجرح 200 آخرين معظمهم من المدنيين.

ودعا الساعدي إلى “تشكيل غرفة عمليات تحسبا لوقوع انفجارات جديدة ومفاتحة وزارة الصحة بالتنسيق مع لجنة الصحة والبيئة في المجلس بتنسيق عدد الأطباء في المستشفيات لتفادي الزخم في مستشفيات على حساب الأخرى”.

وصاحبت الإجراءات الأمنية المشددة والانتشار المكثف للقوى الأمنية التي صاحبت الاناشيد الوطنية ترقب في الشارع.

الضباط والقادة الامنيون على اختلاف رتبهم اعربوا عن استعداد القوات العراقية والامنية لمثل هذا اليوم.

يقول النقيب عدي سلمان حمادي، ضابط في الجيش العراقي، ان “القوات الامنية جاهزة لاستلام المسؤولية كاملة من القوات الامريكية”، مشيراً الى أن “القوى الامنية وضعت خططاً متكاملة لمسك الارض بعد الانسحاب”.

ويضيف “القدرات الامنية العراقية اختلفت عن السابق فقد تم تجهيز الجيش العراقي بمختلف انواع الاسلحة والمعدات ودربت كوادره وصار بامكانها احتواء اي ازمة امنية يشهدها الشارع العراقي مستقبلاً”. بحسب اصوات العراق.

ودعا “المواطن العراقي الى التعاون مع افراد قوى الامن الداخلي من خلال الاخبار السريع عن العناصر المشبوه التي تنوي استغلال نشوة الانسحاب وتسلم كامل الملف الامني من قبل القوات العراقية” .

وتابع “لا يخفى على عناصر الامن ِانهم امام تحد ٍكبير، لكنَّ مايفرحنا حقاً هو ثقة ُالشعب ِالذي يعتبربنا البديل الصالح عن القوات ِالاجنبية”.

بدورهم اشاد مواطنون بقدرة الاجهزة الامنية وامكانية نجاحها في مهمتها الجديدة .

فقد اعتبر المواطن منير وادي وقد حرص على تزيين مركبته الشخصية “اعتقد ان يوم الثلاثاء 30 حزيران يونيو هو يوم نصر حقيقي للعراق وبداية النهاية لتواجد القوات الاجنبية في اراضيه”.

ولفت الى ان “انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية يشكل انعطافة مهمة بأتجاه ضمان استقلال البلاد”.

واضاف قائلا “يغمرني الفرح وانا اترقب خروج القوات الامريكية التي طالما اكتوى المواطن العراقي بنيرانها”، مبيناً بأن” تسلم العراقيين للملف الامني هو نصر للحكومة العراقية وقواتها الامنية “.

المواطن حميد لازم قام بتوزيع قناني مياه الشرب لافراد الجيش والقوى الامنية المتواجدة في احدى ساحات بغداد اعرب عن فرحه وبهجته بهذه المناسبة والتي اعتبرها عيدا وطنيا .

وقال “هذه المناسبة هي عيد وطني يضاف الى اعياد العراق كون خروج القوات الامريكية هو نصر تحقق بجهد وصبر العراقيين وهي فرحة كبيرة تمناها الشعب منذ فترة طويلة وقد تحققت الان”.

وأضاف “رغم حرارة الجو لكننا سوف نحتفل بهذه المناسبة منذ الصباح وقد تم اعداد مظاهر الزينة والفرح في شوارع وازقة بغداد “.

لكن رنا جاسم وهي موظفة حكومية بدت قلقة من أستلام الاجهزة الامنية للملف الامني واصفة تسلم العراقيين للملف الامني بانه شيء مفرح ومهم “لكن يجب ان يسبقه بناء سليم للمنظومة الامنية في البلاد” .

وقالت “اشد مايخيفني ان يكون الولاء لدى عناصر وضباط الاجهزة الامنية مبني على اسس طائفية وحزبية وهذا بدوره سيعمل على ارجاع العراق الى المربع الاول والى النعرات الطأئفية التي دفع  العراقيون بسببها دما كثيراً “.

كما لم يخلو المشهدَ السائدَ من توجيه ِاتهامات لبعض ِالقوى بمحاولةِ افشالِ الانسحاب ِالمفترض، فقد اكد الشيخ علي الحاتم، شيخ عشائر دليم في العراق، على ان “الاجهزة الامنية لها القدرة على مسك زمام الامور بعد الانسحاب الامريكي بمساعدة العشائر العراقية التي كان لها الاثر الفاعل في تطهير بعض من مناطق العراق من عناصر الجماعات المسلحة” لكنه اتهم جهات سياسية لم يسمها “بمحاولة تعطيل وافشال الانسحاب الامريكي” .

وقال “بعض الجهات السياسية تريد ان ترى الدبابة الامريكية متواجدة بشكل دائم في بغداد وذلك يخدم بعض الاجندات التي جاءت هذه القوى من اجلها او لاطماع مادية”.

وأضاف ” ان القوات الامريكية لم تستطع ان تتواجد في بعض المناطق الساخنة لولا وجود القوات الامنية وابناء العشائر” .

وتابع قائلا “نحن فرحون لخروج القوات الامريكية ومتفائلون بقدرة ابناءنا من ان يكونوا بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم في حماية البلاد من اية اعتداءات داخلية او خارجية “.

وخلص شيخ عشائر الدليم الى القول “ستكون قواتنا الامنية قادرة ومقتدرة على مجابهة العناصر التي تحاول تعكير صفو الامن والاستقرار مبيناً بان اليد الطولى ستكون لابناء البلد الاصلاء لذين طالما سعوا الى دحر الارهاب بكل اشكاله ” .

مشهد من البصرة عشية انسحاب القوات الأمريكية من المدن

والى الجنوب حيث البصرة كبرى مدن العراق بعد العاصمة بغداد، ورغم الغبار الذي يملأ البصرة، ينتشر الجنود والشرطة على مداخل ومخارج المدينة وشوارعها الرئيسة وساحاتها والأماكن العامة.

فمن بوابة البصرة التي تبعد نحو 15 كم عن مركز المدينة  حتى وسطها ينتشر الجنود والشرطة بشكل غير مسبوق للحد الذي لا يبعد احدهما عن الآخر أكثر من عشرة أمتار.

وفي وسط المدينة يزداد هذا التواجد كثافة كما تزداد الحركة الدؤبة للمعدات العسكرية والجنود بخوذهم وسترهم الواقية يحملون الأسلحة الخفيفة المختلفة وقاذفات الآر بي جي 7 .

وفي مدينة الموصل ، 405 كم شمال العاصمة بغداد، كانت احتفالات المواطنين قد تركزت في منطقة الغابات (شمالي الموصل) وهي المنطقة السياحية التي يلجأ اليها الموصليون في احتفالاتهم واعراسهم.

وتوافد المحتفلون بسياراتهم مساء الاثنين، الى منطقة الغابات وكان البعض من هذه السيارات تحمل اعلاما عراقية وترفع اصوات المذياع ومنبهات السيارات وهم يجوبون المنطقة ذهابا وايابا .

وفي تقاطعات المدينة كانت دوريات للجيش العراقي مع افرادا من شرطة المرور يقومون بتوزيع الاعلام العراقية الصغيرة على المواطنبن كتعبير عن فرحهم بانسحاب القوات الامريكية

وفي مناطق اخرى من الموصل  يكاد يكون المشهد اعتياديا كباقي الايام ولم يشهد أي احتفالات بهذه المناسبة ربما بسبب الاوضاع التي تمر بها المدينة فاغلب محلاتها واسواقها تغلق ابوابها بعد صلاة المغرب باستثناء مناطق محدودة مثل الغابات والمجموعة الثقافية والزهور(شمالي الموصل) ويقتصر تواجد البعض في الاحياء السكنية ضمن الرقعة الجغرافية القريبة من محل سكناهم في المنطقة.

موصليون يتوقعون استقرار الاوضاع

من جانبهم توقع مواطنون من مدينة الموصل استقرار الوضع الامني في مدينتهم بعد انسحاب القوات الامريكية منها، فيما عبر آخران عن خشيتهما من ازدياد أعمال العنف بعد عملية الانسحاب بسبب “عدم قدرة” قوات الامن العراقية على ضبط الاوضاع في محافظة نينوى.

وقال محمد أمجد، 33 عاما، “لا أصدق أن تنسحب القوات الامريكية من الموصل، فبسبب تواجدها توقفت الحياة بالنسبة لنا وتسرب اليأس الى نفوسنا، وأتوقع أن تشهد الاوضاع في الموصل هدوءا نسبيا مع انسحابها، فالعمليات المسلحة التي تستهدفهم سوف تتوقف”.

وأضاف أمجد “اصبحت أتكلم بالهاتف بشكل أفضل من السابق بسبب تراجع التشويش على أجهزة الاتصالات التي كانت تستخدمها القوات الامريكية اثناء تنقلاتها في المدينة ذهابا وايابا”.

ومن المقرر أن تغادر القوات الامريكية المدن والاقضية والقصبات العراقية في الـ30 من حزيران يونيو الحالي تمهيدا لانسحاب القوات القتالية من العراق بحلول آب اغسطس 2010 ،حسب خطة الرئيس الامريكي باراك اوباما، فيما نصت الاتفاقية الامنية بين الولايات المتحدة والعراق على مغادرة القوات الامريكية العراق نهاية العام 2011.

من جهته، توقع فتاح المولى، موظف في دائرة الكهرباء بالمدينة، “انخفاض العمليات المسلحة بعد انسحاب القوات الامريكية من الموصل”.

وأضاف المولى أن تواجد القوات الامريكية داخل المدينة هو “السبب الرئيسي لوقوع هذه الاحداث وبخروجها ستهدأ الاوضاع”.

إلى ذلك، توقع داود احمد، ويملك محلا لتصليح الاجهزة الكهربائية، أن “يتحسن الوضع بعد انسحاب القوات الامريكية من مدينة الموصل”.

وأوضح احمد أنه “بخروج القوات الاميركية من الموصل سيتحسن الوضع، لأنه لن يكون هناك داع للمقاومة داخل المدن. ومن يريد ذلك فعليه التوجه الى خارج المدن لاستهداف القوات الامريكية في قواعدها دون أن يلحق ضررا بالمدنيين”.

ورأى احمد أن “عمليات استهداف القوات العراقية ستنخفض هي الأخرى، لأن استهدافها في الوقت الحالي يأتي بسبب عملها جنبا الى جنب مع القوات الامريكية، ومع انسحاب القوات الامريكية ستكرس الولى جهودها لخدمة المواطنين والحفاظ على الأمن وتعود الى واجباتها الطبيعية على ما كانت عليه قبل الغزو”.

وفي السياق ذاته، رأى سالم الحديدي، ويعمل في مجال المقاولات، أن الوضع في الموصل “سيهدأ لأنه بخروج القوات الامريكية من المدينة ستختفي مظاهر استفزاز الناس لتتراجع بالتالي العمليات المسلحة”.

وأضاف الحديدي “اعتقد أن القوات العراقية قادرة على بسط الامن بعد خروج القوات الامريكية، بشرط تعاون المواطن معها”.

وبين أن “هناك اجندة امريكية ستعمل على خلق الفوضى والمساهمة في عدم استقرار الوضع ما بعد انسحابها في المدينة وفي عموم العراق كي يتمنى المواطن عودة القوات الامريكية لضعف اداء القوات العراقية بسبب الفوضى التي خلقها اصلا الامريكان”.

واستدرك قائلا إن “القوات العراقية ستتمكن من بسط الامن في حال تغيير اسلوب تعاملها مع المواطنيين الامر الذي سيشجعهم على التعاون معها لضبط الامن في مدينتهم”.

ولم يختلف رأي ابو قاسم، 56 عاما، عن بقية اهالي المدينة، إذ قال إن “انسحاب القوات الامريكية من المدن يمكن أن يؤدي الى تحسن الوضع الأمني، في حال تحملت القوات العراقية المسؤولية بشكل كامل وتعاملت بخلق عال مع المواطنين”.

وأوضح ابو قاسم أنه “في حال تزعزع الثقة بالقوات الامنية العراقية وتدهورعلاقتها مع المواطنين، فإن الانسحاب الأمريكي سيؤدي الى انهيار أمني شامل على مستوى المحافظة وعموم البلاد”، معتبرا عملية الانسحاب بأنها “سلاح ذو حدين”.

وفي المقابل، رأى ثائر منصور، محامي، أن “الاوضاع الامنية ستسوء في عموم المحافظة بعد الانسحاب الامريكي من داخل المدن بسبب عدم قدرة القوات الامنية العراقية على مسك زمام الامور”.

وأوضح منصور أن “عناصر القوات الامنية في الموصل لاقدرة لديهم للسيطرة على الاوضاع في حال تفجر اعمال العنف بسبب عدم جاهزيتهم، فضلا عن نقص التدريبات التي يجب أن يتلقوها”.

وأضاف منصور “عندما اتجول بسيارتي في الموصل ويتم ايقافي من قبل نقطة تفتيش امريكية اشعر بالاطمئنان، لكن اذا كانت النقطة عراقية، فإني اخشى من تصرفات بعض العناصر الامنية المحلية التي تتصف بالتهور احيانا”.

من جانبه، قال ابو علي، 45 عاما وكان جالسا أمام عتبة محله الخاص ببيع الثياب الرجالية، إن “الوضع سيسوء بعد انسحاب القوات الامريكية لأن القوات العراقية ليست لديها القدرة على السيطرة وضبط الامور في المدينة”.

وأضاف ابو علي أن “اسلوب القوات الامنية غير اللائق مع المواطنين يجبر المواطن على عدم التعاون معها”.

وتشهد مدينة الموصل التي تبعد مسافة 405 كم شمال بغداد، ومحافظة نينوى عموما اعمال عنف يومية على الرغم من الحملات التي نفذتها القوات الأمنية فيها.

مسئولو كركوك يبدون مخاوفهم

فيما أبدى عدد من المسئولين المحليين تخوفهم من تأثير الانسحاب الأمريكي نهاية الشهر الجاري من داخل المدن العراقية على الأوضاع الأمنية في محافظة كركوك، في حين رأى آخرون ان الانسحاب لن يغير شيئا كون القوات الأمريكية غير متواجدة أساسا داخل مركز المدينة.

وقال رزكار علي رئيس مجلس محافظة كركوك إن “انسحاب القوات الأمريكية من داخل المدن سيكون حالة طبيعية، وان بقاء القوات الأمريكية وتواجدها حول حدود وأطراف المحافظة ضروري باعتبارها قوات تمكنت من الحفاظ على حياديتها تجاه المشاكل السياسية الموجودة في المحافظة”.

وكان القائد العام للقوات الأمريكية رايموند أدويرنو قال خلال زيارته إلى كركوك واجتماعه بأعضاء مجلس المحافظة إن الملف الأمني في كركوك “لن يسلم إلى العراقيين  إلا بعد حل مشكلة كركوك”.

وأضاف علي أن “تواجد القوات الأمريكية في أطراف وحدود محافظة كركوك هو أمر ملح وضروري لهذه المرحلة؛ لان القوات الأمريكية استطاعت الحفاظ على حياديتها تجاه المشاكل السياسية الموجودة في المحافظة لهذا فان بقاءها حول حدود المحافظة حالة جيدة”.

ومن المقرر أن تغادر القوات الأمريكية المدن والاقضية والقصبات العراقية في الـ30 من حزيران يونيو الحالي تمهيدا لانسحاب القوات القتالية من العراق بحلول آب أغسطس 2010 ، حسب خطة الرئيس الأمريكي باراك اوباما، فيما نصت الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق على مغادرة القوات الأمريكية العراق نهاية العام 2011.

أما ريبوار الطالباني نائب رئيس مجلس محافظة كركوك عن قائمة كركوك المتآخية فقال إن “القوات الأمريكية لم تكن داخل مدينة كركوك كما هو الحال بالنسبة لباقي المدن العراقية كبغداد و ديالى و الموصل والمحافظات الجنوبية والتي انسحبت القوات الأمريكية من تلك المدن في ضوء اتفاقيات استلام الملف الأمني”.

وأضاف الطالباني “على الرغم من ان محافظة كركوك تعد من أكثر المحافظات العراقية المستقرة أمنيا؛ الا ان القوات الأمريكية كانت ومازالت مستقرة في القاعدة العسكرية بكركوك ولا تدخل المدينة إلا بالتنسيق مع المؤسسات الأمنية في المحافظة”.

وأوضح “لذلك فأن الانسحاب الأمريكي من عدمه يعد أمرا طبيعيا بالنسبة لأهالي كركوك”.

ومن جانبه، أبدى محمد خليل الجبوري، عضو مجلس المحافظة من المجموعة العربية ورئيس الكتلة العربية في كركوك تخوف “العرب من الانسحاب الأمريكي؛ لعدم وجود توازن داخل المؤسسات الأمنية”.

وطالب الجبوري “القوات الأمريكية بتحديد صلاحياتها وإعادة التوازن للقوات الرسمية قبل الانسحاب” .

وأشار “حقيقة نحن في كركوك لا نستطيع أن ننكر بان الحالة الأمنية مستقرة وجيدة؛ الا اننا نطالب باستقدام قوة عسكرية محايدة تضم في صفوفها جميع القوميات تابعة للحكومة المركزية تحافظ على الأمن في كركوك قبل انسحاب القوات الأمريكية من المدن نهاية الشهر الحالي حسب الاتفاقية الأمنية”.

ومن جانبه، ذكر علي مهدي، عضو مجلس المحافظة عن المجموعة التركمانية ونائب رئيس حزب تركمان ايلي، “نتيجة للوضع الخاص بمدينة كركوك نحن لدينا تحفظات أمنية بشأن انسحاب القوات الأمريكية من داخل المدينة  لان هذا الأمر من شأنه تأزيم الأوضاع في كركوك، لذلك نحن طالبنا باستقدام فرقتين عسكريتين من وسط وجنوبي العراق لحفظ الأمن والاستقرار في المحافظة”.

وأضاف “حاليا لا نستطيع القول بان هناك شرطة وطنية في كركوك كما أننا لدينا تجربة مريرة خلال ست سنوات من عبث المليشيات المسلحة في المدينة، ففي حالة انسحاب القوات الأمريكية من داخل المدينة وعدم جلب قوات عسكرية من وسط وجنوبي العراق لحفظ الأمن نعتقد أن الأوضاع ستتدهور وتتأزم في المحافظة”.

ومن جانب آخر، رأى آشور يلدا، ممثل السريان والكلدو أشوريين في كركوك وعضو اللجنة العليا للمادة 140، أن “انسحاب القوات الأمريكية من عدمه غير مهم بقدر أهمية حماية المواطن العراقي” .

وأضاف يلدا أن “قضية انسحاب القوات الأمريكية نهاية شهر حزيران هي قضية تتعلق بالسيادة العراقية ، فهناك من يرغب ببقاء تلك القوات وهناك من لا يرغب؛ الا ان رأي شعب السريان والكلدو الأشوريين هو أن يكون هناك من يحمي المواطن العراقي”.

وأعرب يلدا عن أمله في أن “لا يترك هذا الانسحاب أي فراغ امني قد يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في العراق”.

اما اللواء جمال طاهر مدير شرطة كركوك، فأكد لوكالة (أصوات العراق) أن “الانسحاب الأمريكي لن يؤثر على الوضع الأمني للمحافظة لان قوات الشرطة مسيطرة على الوضع الأمني  بصورة كبيرة وهي على أتم الإستعداد لاستلام الملف الأمني”.

وأضاف طاهر “تعتبر شرطة كركوك هي الوحيدة من بين محافظات العراق التي تعمل منفردة لحفظ الآمن داخل المدينة ومراكز الاقضية والنواحي، فالقوات الأمريكية غير موجودة داخل المدينة وإنما خارجها في في القاعدة الجوية والتي تبعد حوالي  2 كم جنوب كركوك ولا توجد وحدات للجيش داخل مركز المدينة وهذا الأمر تم من خلال مذكرة موقعة بين الجيش العراقي والشرطة منذ أكثر من عام ونصف العام”.

وتطرق مدير شرطة كركوك إلى التوازن بين القوميات داخل جهاز الشرطة، قائلا إن ا”لنسب المعمول بها حاليا هي نسب مثبتة ومتفق عليها بين مكونات كركوك و حتى قوات التحالف وافقت عليها وهي على الشكل التالي (40 % اكراد) و(29 % عرب) و (29 % تركمان) و (2 %  كلد و أشوريين)”.

وأضاف “لكن هذه النسب زادت بعد ان تم تعيين أكثر من 400 شخص من أفراد الصحوة وهم من المكون العربي الى سلك الشرطة إضافة إلى نقل 105 ضباط من القومية العربية إلى مديرية شرطة كركوك”.

وتابع اللواء جمال طاهر “وكذلك تم تعيين 350 شرطيا تركمانيا في مديرية شرطة كركوك بعد زيارة رئيس الجمهورية (جلال الطالباني) إلى المحافظة”.

وخلص إلى القول “لا توجد إي حاجة لجلب مزيد من القوات العسكرية من خارج المحافظة؛ كونها تنعم بالأمن والشرطة قادرة على استلام الملف الأمني”.

اما نجاة حسن، مسؤول الفرع الثالث للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، فقال “كركوك مدينة عراقية كباقي المحافظات وانسحاب القوات الأمريكية من داخل المدينة يأتي ضمن اتفاقية امنية وقعت بين الحكومة العراقية وقوات التحالف وهذا أمر جي”.

وأضافت “لكن يجب ان يكون هذا الانسحاب مدروسا ولا يتم بشكل مستعجل حتى لا ندخل في إشكاليات مستقبلية

وهناك استقرار امني في كركوك؛ لذلك لا حاجة لمجيء إي قوات عسكرية من وسط وجنوبي العراق لحفظ الأمن في المدينة لان هذا الأمر قد يعكر صفو و استقرار المدينة ويرجعها إلى دوامة العنف”.

وتسأل حسن قائلا “لماذا تأتي قوات عسكرية الى المدينة مع وجود الفرقة 12 من الجيش العراقي في كركوك علما أن غالبية أفراد هذه الفرقة هم من ضباط ومراتب من القومية العربية”.

وكان لأهالي مدينة كركوك رأي لا يختلف كثيرا عن اراء المسؤولين المحليين، إذ قال جمال انور (مدرس 45 عاما) “اعتقد ان الوضع سيكون أفضل بخروج القوات الأمريكية؛ لان الانفجارات ستقل بصورة طبيعية لان الذين يدعون المقاومة يقولون إننا نستهدف الاحتلال، بعكس الذي رأينا في كركوك الانفجارات استهدفت الأبرياء وخاصة الانفجار الأخير في ناحية تازة جنوب غرب كركوك”.

وكانت شاحنة مفخخة يقودها انتحاري استهدفت في (21/6) حسينية في ناحية تازة جنوب غرب كركوك.. راح ضحيتها 70 قتيلا بينهم 35 طفلا و15 امرأة، فيما جرح ما لا يقل عن 200 آخرين، حسب مصادر طبية في المحافظة.

وأعرب أنور عن امله في ان “تقل العمليات المسلحة عند الانسحاب الأمريكي ونأمل أيضا من ان يكون الانسحاب خطوة أولية لانسحاب كلي”.

أما كاروان محمد عبد الله (سائق تكسي 37 عاما) فقال لوكالة (اصوات العراق) إن “خروج القوات الأمريكية من المدن حالة ايجابية ويقلل الزحام المروري في الطرق الداخلية والخارجية”.

وأضاف عبد الله “مع الانسحاب الامريكي سنتخلص من عبارة ابعد عني على بعد 50 مترا، وانها عبارة مخيفة كلما اقتربت منها تذكرت ان عددا من سواق التاكسي أصيب على يد الجنود الأمريكان عندما كانوا يقتربون منهم”. بحسب اصوات العراق.

ومن جانبه، قال عماد عزيز (صاحب محل لبيع الهواتف النقالة 28 عاما) لوكالة (اصوات العراق) “برحيل القوات الأمريكية من المدن يعني عمل شبكة الهواتف النقالة بشكل جيد”.

وأضاف عزيز “عند مرور أي دورية أمريكية تختفي شبكة الاتصال مباشرة؛ لان وجود هذه القوات يعطل الشبكة في أية منطقة وبالتالي تعطيل بعض الأعمال خصوصا في الحالات الطارئة كنقل بعض الأشخاص والنساء والأطفال إلى المستشفيات او الاتصال بين الأصدقاء”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/تموز/2009 - 9/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م