رائحة الموت تفوح في كل مكان، بقع الدماء تلون الجدران، أشلاء
الضحايا المتطايرة عالقة في الأجواء، الضحايا مواطنون أبرياء جرمهم
(عقيدتهم وحريتهم) وتواجدهم في موقع الاستهداف، وكل موقع في العراق
مستهدف فالمجرمون يهمهم قتل اكبر عدد من الناس الأبرياء لا يفرقون بين
شيخ وشاب وطفل صغير ولا بين امرأة ورجل، ولا يفرقون بين المواقع من
مساجد وأسواق ومدارس ومبان بل حتى المقابر لم تسلم من التفجير عبر
العمليات الانتحارية.
لقد شهد العراق خلال الأيام الأخيرة اعنف العمليات الإجرامية منذ
تطبيق ما يعرف باسم خطة فرض القانون الأمنية، عمليات إرهابية إجرامية
دموية ضد الإنسانية والديانات والأعراف في العديد من المدن، عملية
إرهابية منها ما وقع في مدينة البطحاء بالناصرية، والتفجير الضخم خارج
مسجد في كركوك في منطقة فقيرة قديمة دمر الحي بالكامل، عملية إجرامية
استهدفت باص مدرسة الضحايا من الأطفال الأبرياء، تفجير مقهى للشباب
الرياضيين في مدينة الصدر، تفجير هائل استهدف سوق في مدينة الصدر
المكتظة بالسكان...؛ وسقط خلال هذه العمليات الإجرامية الوحشية المئات
من القتلى والجرحى من أبناء الطائفة الشيعية في العراق، وذلك في محاولة
من قبل مروجي الفتنة الطائفية البغيضة لإشعال نار الطائفية في العراق
من جديد كما حدث بعد استهداف مقام الإمامين الهادي والعسكري (ع)
بسامراء. تحدث كل هذه العمليات الإرهابية الدموية الإجرامية في ظل صمت
الحكومات العربية والدول المجاورة وصمت مؤسسات المجتمع الدولي
والإسلامي والعربي ومنها المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، والإعلام
الذي تجاهل كل تلك العمليات والدماء والجثث والصور المرعبة وانشغل
بالانتخابات والمظاهرات وكأن الأمر لا يعني المواطن العربي، بالإضافة
إلى السكوت الدولي المريب الذي لم تهتز مشاعره بمشاهدة الدماء والأشلاء
وارتفاع عدد القتلى وهول العمليات.
ماذا أصاب الضمير الإنساني والعالمي، لماذا لا يتحرك ويصرخ ويندد
بالمذابح والمجازر والقتل والتفجير والتدمير للمساجد والمواقع الآمنة
والأسواق، ألا يستحق الشعب العراقي أن يتحرك العرب والدول الإسلامية
للتضامن معه لإيقاف مسلسل العمليات الإجرامية، اما لان المستهدف
والضحية أبناء طائفة معينة فالأمر غير مهم بالنسبة لهم ولا يستحق
الإثارة والتنديد؟!
هذه العمليات الإجرامية والسكوت العالمي والإقليمي والعربي المخيب
بما يحدث اجبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان يوجه انتقادا
صريحا للحكومات العربية التي تلتزم الصمت أمام ما يحدث حاليا من أعمال
إرهابية، وما يصدر من فتاوى تحريضية وقتل وتكفير ضد الشيعة، مؤكدا ان
مروجي الفتن الطائفية تدعمهم جهات خارجية وراء موجة التفجيرات الأخيرة.
مطالبا المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية بإعلان موقف واضح
وحاسم من هذه الجرائم المروعة، مشددا بان السكوت عليها لم يعد موقفا
مقبولا ولا وديا تجاه الشعب العراقي.
الأمر المثير ان مسلسل هذه العمليات الإرهابية الطائفية انطلقت بعد
صدور فتاوى تحريضية وتكفيرية ضد الشيعة من قبل شخصيات دينية متشددة
ساهمت مؤخرا في تأجيج الخلافات بين أفراد الطوائف الإسلامية، كما ان
هذه العمليات الإجرامية تأتي قبل أيام فقط من موعد انسحاب القوات
الأميركية من وسط المدن العراقية، مما يجعل العراق الحكومة والشعب أمام
تحد كبير.
هل هناك تخطيط وترتيب وتنسيق بين التكفيريين والبعثيين وغيرهم
لمرحلة ما بعد انسحاب القوات الأميركية من المدن، وهل كل هذه العمليات
الأخيرة الدموية رسائل مستعجلة للحكومة بإعلان الحرب عليها؟
إن لغة السكوت المريب وعدم المبالاة من قبل الحكومات العربية، بما
يحدث في العراق من عمليات إرهابية وإشعال الفتنة الطائفية أمر محير،
ولكن عدم استقرار العراق سيؤدي إلى انفجار الوضع..، ولن تسلم منه دول
الجوار. أين الضمير العربي الحي مما يحدث في العراق هل مات أم أصيب
بمرض، لك الله يا عراق؟ |