الديمقراطية المنقوصة تزعج حُكام دول الخليج

 

شبكة النبأ: رغم انها ديمقراطية منقوصة، يقول محللون ان حكام دول الخليج يستغلون نجاحات واخفاقات الديمقراطية البرلمانية في الكويت، لتشويه فكرة الحكم النيابي التي تضعف سلطاتهم المتسلطة والتي جاءت بغير وجهة حق...

وبدأت حلقة جديدة في مسلسسل النظام السياسي الكويتي عندما طلب نواب الاقتراع على سحب الثقة من وزير الداخلية وهو عضو بالأسرة الحاكمة.

ومن المتوقع أن تقيله أسرة الصباح المهيمنة على مجلس الوزراء بدلا من مواجهة احد افرادها رفضا علنيا في اقتراع على سحب الثقة يجري في الاول من يوليو تموز.

وفي الشهر الماضي أجرت الدولة البالغ عدد سكانها 3.2 مليون نسمة والتي هي واحدة من اكبر الدول المصدرة للنفط في العالم ثالث انتخابات في ثلاثة أعوام في اطار صراع طويل على السلطة بين الاسرة الحاكمة والنواب المنتخبين بالبرلمان.

لكن الاتجاه في الخليج من التعليقات في وسائل الاعلام التي تهيمن عليها الدول الى البيانات الرسمية كان الاستشهاد بالكويت - المتفردة في انتخاباتها الحرة الواسعة النطاق لبرلمان له نفوذ - كحجة من أجل مزيد من الحكم الاكثر استبدادا للاسر. بحسب رويترز.

كما أثارت أعمال العنف التي أعقبت انتخابات ايران التي أجريت في الاونة الاخيرة مخاوف دول الخليج من زعزعة الاستقرار مما يعطي مبررا اخر لعدم التغيير.

وتم توجيه اتهامات لنواب اسلاميين ونواب من العشائر بعرقلة الخطط التنموية للحكومة لرفضهم تشريعا اقترحته الحكومة وسعيهم لسحب الثقة من عدد من الوزراء الكويتيين.

وقال كريستوفر ديفيدسون الاكاديمي البريطاني المتخصص في شؤون الخليج "في الاشهر الاخيرة كان هناك الكثير من السعادة والشماتة بشأن مشاكل الكويت السياسية. وتم كتابة الكثير من المقالات عن الفوضى التي أوقعتهم بها ديمقراطية الكويت."

وكثيرا ما تستشهد دول الخليج "بالخصوصية" لتبرير الحد من المشاركة الشعبية في الحكم وتفضل تفادي كلمة "ديمقراطية."

وعلى سبيل المثال في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي بالامارات العربية المتحدة عام 2006 كانت نسبة من يحق لهم الانتخاب أقل من واحد في المئة من مواطني البلاد.

وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ونائب رئيس الامارات قد قال في مقابلة في ابريل نيسان هذا العام ان قيادة الامارات لا تستورد نماذج جاهزة قد تكون ملائمة لمجتمعات أخرى لكنها بالتأكيد غير ملائمة للمجتمع الاماراتي.

كما تنظر الحكومات الغربية التي تدعم الاسر الحاكمة بارتياب عندما ترى الاسلاميين يفسدون خططا لتحرير الاقتصاد في الكويت او يبدون معارضة لاي خطط أخرى.

وقال دبلوماسي غربي في الرياض "الطريقة التي تسير بها الامور غير مشجعة حيث يعرقل النواب (مشاريع) التنمية. حتى الكويتيون محرجون من ديمقراطيتهم."

وقال الامير نايف وزير داخلية السعودية ان اكبر دولة بالخليج البالغ عدد سكانها 25 مليون نسمة لا تحتاج الى اجراء انتخابات لمجلس الشورى السعودي وفي الشهر الماضي أرجأت الملكية المطلقة انتخابات المجالس البلدية لعامين لتضع حدا لتجربة ديمقراطية قصيرة في الوقت الحالي.

وكان الاسلاميون المعارضون لتخفيف نفوذ رجال الدين الفائزين الرئيسيين بالانتخابات البلدية السعودية عام 2005 التي أجريت بعد ضغوط غربية من اجل التحول الديمقراطي. والان يتطلع الكثير من الليبراليين في الخليج الى الاسر الحاكمة لحمايتهم من الاسلاميين الذين يتمتعون بدعم شعبي.

وقال المثقف السعودي عبد الله الغذامي ان حكومات الخليج المتحالفة مع الغرب ستصف أقوى قوة معارضة دوما سواء كانت الاسلاميين او غيرهم بأنها عقبة في طريق التقدم.

وأضاف أنه لو كانت السعودية أجرت انتخابات قبل 40 عاما لفاز الاشتراكيون واليساريون حيث كانوا بارزين انذاك أما الان فالهيمنة للاسلاميين.

وتابع أن الديمقراطية لا تستطيع فرض النتائج التي تريدها. وأشار الى أن هذا شكل اخر من أشكال الدكتاتورية.

ويقول محللون ودعاة للديمقراطية انه يتم استخلاص الدروس الخاطئة من نظام الكويت حيث يسعى النواب الى المحاسبة الشعبية لوزراء يرفضون هذا المفهوم.

ولا يشكل البرلمان الكويتي الحكومات، كما أن مناصب رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية والاعلام والداخلية كلها في أيدي أسرة الصباح.

ويخوض نواب مجلس الامة الانتخابات كأفراد مستقلين لان الاحزاب السياسية محظورة. ويتمتع الامير بسلطة تمرير التشريعات باصدار مرسوم وقد علق البرلمان ثلاث مرات وفي احدى المرات علق لعدة سنوات.

غير أن المواقع الالكترونية الحكومية ما زالت تشيد بالكويت بوصفها مجتمعا ديمقراطيا مزدهرا حكومته ديمقراطية.

ويقول الكاتب السعودي تركي الرشيد الذي راقب الانتخابات الكويتية وأدار برنامجا لتشجيع السعوديين على الادلاء بأصواتهم عام 2005 انه لا يمكن أن يحصل أفراد الاسرة الحاكمة على كل شيء.

وأضاف "لا يمكن أن يتمتع المرء بحماية الاسرة وان يكون موظفا يتقاضى أجرا" رافضا فكرة أن الكويت تعتبر مثالا سيئا للديمقراطية في المنطقة. وقال "لا نريد ديكورا بل نريد استجواب الاشخاص الذين يتخذون القرار."وأشار الى أن على الامير ورئيس وزرائه تعيين الوزراء بناء على الجدارة وليس على النسب.

واستقالت حكومات بكاملها حتى لا يمثل أعضاء بارزون بأسرة الصباح امام مجلس الامة المنتخب الذي تسبب في اجراء انتخابات الشهر الماضي فضلا عن العديد من التغييرات الوزارية.

وفي نهاية المطاف فان الحاكم وأسرته وحلفاءهم من عامة الناس في دول الخليج العربية هم الذين ينعمون بعائدات النفط ويحددون اتجاه السياسة الخارجية والداخلية.

ويقول المدوّن الإماراتي احمد منصور "الكويت نموذج منير في المنطقة ويجب أن يظل متوهجا على الرغم من الضغوط التي تمارسها الحكومات المناهضة للديمقراطية عليها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/حزيران/2009 - 6/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م