الامام الهادي (ع) نور العلم والمعرفة

عباس يوسف آل ماجد

ولد الامام الهادي بن الامام محمد الجواد عليهما السلام في 2 رجب سنة 212 هــ، وقد تسلم الإمامة عندما كان عمره ست سنوات وقد ساهم بعلمه وتوجيهه الى في مدرسة الرسول (ص) في المدينة الى توجيه الامة بفقهه وكان اغلب العلماء يرجعون اليه في حل المسائل الفقهية والعقائدية والفلسفية من خلال أسئلة أصحابه والمناظرات التي كان يجيب فيها على تساؤلات المشكّكين والملحدين بالحجة والمنطق...

وبذلك احتل مكانة محترمة في قلوب الناس الامر الذي سبب ازعاجا للسلطات العباسية التي كانت تعتمد سياسة الحرب المفتوحة تجاه اهل البيت عليهم السلام لذا عملوا على خطط بإحاطة الامام الهادي (ع) بالرقابة والتجسس عليه ومتابعة تحركاته.

 ومع مرور الوقت شهدت دولة بني العباس ضعفا سياسيا واضحا بسبب تغلغل العنصر التركي بين مفاصل دولتهم من جهة، وضعف شخصية الخلفاء العباسيين ومن ضمنهم المعتصم من جهة اخرى، مما سمح بهذا المناخ الفكري الخصب والتحرك الواسع للإمام الهادي (ع).

 ولكن الأمور تغيّرت في عهد المتوكل العباسي الذي كان يحقد حقداً شديداً على ال البيت(ع) فكان يحاول الحط من سمعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) والاستهانة به. كما قام بفعلته الشنيعة بحق الحائر الحسيني المقدّس فأمر بهدمه والتنكيل بزواره.

وقد عانى منه العلويون شتى ألوان الأذى والاضطهاد، وأخيراً كان الإمام الهادي يحمل الرمز الهاشمي العلوي ويمثل محوراً دينياً لا يستهان به في البلاد الإسلامية آنذاك. لذلك استعمل المتوكل على المدينة أحد أشد أعوانه وأخبثهم عبد الله بن محمد فكان يتحيّن الفرص للإساءة الى الإمام ويعمل على أذيته ويرسل التقارير والوشايات للإيقاع به، فكانت تصل إلى المتوكل أخبار الإمام مشحونة بالتفاف الجماهير حوله وورود الأموال الطائلة إليه من مختلف أقطار العالم الإسلامي مما يشكّل خطراً على الدولة.

 وإتماماً لهذه المؤامرة المدبّرة يرسل المتوكل إلى المدينة أحد أعوانه "يحيى بن هرثمة" بهدف إحضار الإمام الهادي (ع) إلى سامراء والتحرّي عن صحّة نيّة الإمام مناهضة السلطة. وقد عمد المتوكل الة انتهاج سياسة خاصة لمحاربة الامام الهادي عليه السلام تتلخص في : فصل الإمام عن قاعدته الشعبية الواسعة والموالية.، و إدانة الإمام مباشرة. ولذلك قام يحيى بن هرثمة بتفتيش دار الإمام (ع) تفتيشاً دقيقاً فلم يجد شيئاً سوى المصاحف وكتب الأدعية. ووضع الإمام تحت المراقبة المباشرة. ولذلك أكره على مغادرة المدينة والحضور إلى سامراء بصحبة أفراد عائلته حيث خضع للإقامة الجبرية عشرين عاماً وعدّة أشهر كان الإمام فيها مكرّماً في ظاهر حاله، يجتهد المتوكل في إيقاع حيلة به للحط من مكانة الإمام (ع) في قلوب الناس".

ومن ذلك أنه عند دخول الإمام (ع) سامراء احتجب المتوكل عنه ولم يعيّن داراً لنزوله (ع) حتى اضطر الإمام إلى النزول في خان يقال له "خان الصعاليك" وهو محل نزول الفقراء من الغرباء. ومن ذلك أنه كان يوجّه إليه الأتراك فيداهمون منزله ويحضرونه ليلاً إلى مجلس المتوكل العامر بالخمر والمجون.

 ولكن هذه السياسة لم تثمر شيئاً بل كانت ترفع من مكانة الإمام ومقامه واستطاع بذلك أن يكسب ولاء عدد من حاشية المتوكل إلى درجة أن والدة المتوكل كانت تنذر باسمه النذور. وأمام هذا الواقع قرّر المتوكّل التخلص من الإمام فسجنه مقدمة لقتله. ولكن إرادة الله حالت دون ذلك فلم يلبث إلاّ قليلاً حتى هجم عليه الأتراك في قصره وقتلوه شر قتلة.

ولم تنته محنة الإمام الهادي (ع) بهلاك الطاغية المتوكل، فقد بقي تحت مراقبة السلطة باعتباره موضع تقدير الأمة وتقديسها.، ولكن جميع المحاولات التي انتهجها الخلفاء العباسيين باءت بالفشل الذريع، وفي زمن المعتز العباسي زادت الضغوط على انصار اهل البيت عليهم السلام وقد اقدم على اقتراف جريمته الجبانة حين دس السم في طعام الامام الهادي عليه السلام فاستشهد سنة سنة 254 هــ وقد ناهز الحادي والاربعين من العمر ليدفن في ارض سامراء في العراق.لقد كان الامام عليه السلام منارا للعلم والمعرفة والاخلاق وارثا ذلك من جده الامام الحسين عليه السلام معنى القيم والإباء، فاليوم نستذكر تلك الفاجعة الاليمة ونستنكر تلك الجريمة الوحشية، صلى الله على محمد وال محمد.

* كاتب عراقي

abbasmajedy@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 28/حزيران/2009 - 5/رجب/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م