حزب المؤتمر الهندي... الهوية والقيادة

إعداد: مركز النبأ الوثائقي

 

شبكة النبأ: للهند خصوصية فريدة، ولتجاربها السياسية والاقتصادية أهمية كبرى، ولولا القيادة السياسية التي أتسمت بالديمقراطية لما كانت الهند على ما هي عليه اليوم، ومن بين القيادات الأكثر نفوذا في الهند حزب المؤتمر الذي تأسس على يد المهاتما غاندي ليكون فيما بعد هذا الحزب هو القيادة العليا في البلد. تأسس الحزب في عام 1885، يقود الحزب الآن سونيا غاندي. أصبح حزب المؤتمر هو الحزب الرائد في حركة استقلال الهند، بعضوية أكثر من 15 مليون مشارك والذين واجهوا الاحتلال البريطاني.

أما  زعيمة الحزب اليوم سونيا غاندي (9 ديسمبر 1946)، فهي سياسية هندية، ورئيسة المؤتمر الوطني الهندي الحاكم. تولت زعامة حزب المؤتمر عام 1998، ثم فازت بمقعد بالبرلمان الهندي عام 1999، ونظراً لأن اسم غاندي ما زال راسخاً في وجدان الهند، كان أمل حزب المؤتمر أن تنجح في ترجمة هذا إلى أصوات انتخابية وهو ما نجحت أخيراً في تحقيقه. وقبيل فوز حزبها المفاجئ بالانتخابات الأخيرة، لم يكن هناك أحد على ثقة بشأن مستقبلها السياسي.

فوز الحزب في انتخابات 2009

أما في العام 2009 فقد حقق حزب المؤتمر مع فوز في الانتخابات التشريعية التي جرت في منتصف ابريل/ نيسان ومنتصف مايو/ أيار 2009،  وحصد حزب المؤتمر وحده 180 مقعدا مقابل 90 لحزب الشعب الهندي.

وبهذا يتقدم التحالف الحاكم في الهند الذي يترأسه حزب المؤتمر الوطني الهندي على منافسيه في السباق على السلطة في أكبر ديمقراطية في العالم. فقد أعطى 714  مليون ناخب في البلاد.

ويتيح فوز حزب المؤتمر الذي جاء اكثر وضوحا مما كان يتوقع على ما يبدو تصور تشكيل حكومة ائتلافية اكثر تماسكا مما كان ينتظره المحللون.

يبقى ان لقيادة 1,17 مليار نسمة -- فسيفساء من الاثنيات والثقافات والطبقات مع 18 لغة رسمية ومشهد سياسي متفجر تماما -- تعين على الحزب الحاكم اجراء مساومات صعبة مع احزاب اقليمية لتشكيل ائتلاف مستقر.

وقد جدد حزب المؤتمر في الايام الاخيرة دعواته لحلفائه السابقين الشيوعيين الذين تخلوا عنه في تموز (يوليو) اثر استيائهم من اتفاق اميركي هندي في المجال النووي المدني.

والهند بحاجة لحكومة قوية متماسكة في وقت تعاني فيه من اوضاع سيئة. ذلك ان عاشر اقتصاد في العالم يسجل تباطوءا بسبب الانكماش الاتي من الغرب ما يؤدي الى انخفاض معدل نموه بمستوى النصف (من 8 في المئة-9 في المئة كمعدل وسطي بين 2004 و2008 الى 5 في المئة كما هو متوقع في 2009).

وتبقى الهند ايضا بلد التفاوت الاجتماعي الصارخ -- مع 620 مليون هندي يعيشون باقل من 1,35 دولارا في اليوم -- وتواجه توترات دينية بين الغالبية الهندوسية (80,5 في المئة) والاقليتين المسلمة (13,5 في المئة) والمسيحية (2,3 في المئة).

كما تخشى هذه القوة النووية ايضا ان تقع "وسط حلقة نارية" بين باكستان تغرق في الفوضى وسريلانكا في حالة حرب وبنغلادش او نيبال في وضع هش.

واخيرا تبقى الهند تحت وقع صدمة اعتداءات بومباي في اواخر تشرين الثاني (نوفمبر) (174 قتيل) التي نسبت الى مجموعة اسلامية باكستانية، وما يزيد الوضع تفاقما حركات التمرد الماوية والاسلامية او الاقليمية.

ويقضي دستور جمهورية الهند الذي وضع في 26 كانون الثاني (يناير) 1950 بان تتشكل الحكومة بحلول الثاني من حزيران (يونيو) المقبل.

حزب المؤتمر وسياسته الخارجية

برزت الهند كدولة مستقلة بعد انسحاب الاستعمار البريطاني من شبه القارة الهندية، تبنت السياسة الهندية، بصورة مباشرة، مبدأ عدم الانحياز. وظل صاحب هذا المبدأ، جواهر لال نهرو، ممسكاً بالخيوط الرئيسية للسياسة الهندية حتى وفاته في عام 1964. وظل خلفاؤه بعد وفاته مثل لال بهادور شاستري، وأنديرا غاندي، متمسكين بمبدأ عدم الانحياز، حيث كانوا يكررون ذلك علناً.

أما على الصعيد العملي، فقد اتبعوا سياسة خارجية أقرب إلى العملية، حيث تم تصميمها لخدمة المصالح الوطنية للهند. ومع ذلك ظلت هنالك أصداء لأفكار ومبادئ نهرو الخاصة بالالتزام بنظام عالمي أكثر عدلاً، ورؤيته الخاصة لعالم خال من الأسلحة النووية، والتزامه القوي بإنهاء الاستعمار، على الرغم من ضعف هذه الاتجاهات في السياسة الخارجية الهندية.

من المحزن أن هذه المبادئ الخاصة بمثالية نهرو، والأمور العملية التي تلت ذلك، لم تخدم الهند بصورة جيدة، حتى أن الهند لم تجد لنفسها سوى عدد قليل من الدول الصديقة التي يمكنها الاعتماد عليها لدى نهاية الحرب الباردة. وأما النظرة إلى الهند في جنوب آسيا، فكانت إما عدائية بصورة مباشرة، وإما أنها متوترة بسبب التنافس الاقتصادي مع عدد من دول جنوب شرقي آسيا. يضاف إلى ذلك أنه لم تكن للهند علاقات قوية مع الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط. وكانت علاقاتها مع الدول العظمى تتصف بشيء من اللامبالاة. ووجدنا أنه حتى روسيا، الوريثة الرئيسية للاتحاد السوفياتي، أخذت في تخفيف درجة قوة علاقاتها مع الهند. ولم تعد العلاقات الهندية - الروسية إلى درجة معقولة من القوة، إلا بعد حدوث عدد من التغيرات المهمة على صعيد البلدين.

فكيف استطاعت الهند أن تتبنى في نهاية المطاف سياسة أكثر عقلانية وتوازناً؟ يعود ذلك إلى أن نهاية الحرب الباردة حفزت صانعي السياسة في البلاد على الشروع في عملية تشتد الحاجة إليها، وإن كانت مؤلمة في التنفيذ، وهي إعادة تقييم الأولويات في السياسة الخارجية الهندية. واقتنع المسؤولون الهنود بأنه لم يعد بوسعهم الاعتماد على استمرار تزويد روسيا الهند بالأسلحة، أو استخدامها حق الـفيتو في مجلس الأمن لصالح الهند حول قضية كشمير. وجعلت هذه التطورات أولئك المسؤولين على قناعة بإعادة توجيه السياسة الخارجية للبلاد.

لذلك، قاموا بتعزيز العلاقات مع إسرائيل، والتودد إلى دول جنوب شرق آسيا، وسعوا إلى تقارب جديد مع الصين، وتخلوا عن عداوتهم المعروفة للولايات المتحدة، كما أنهم تحركوا بنشاط للتحول إلى ممارسات اقتصادية أقرب إلى سياسات تحرر الأسواق، كما هو معروف تماماً. وأدت هذه التغيرات إلى مزايا كبرى على وجه السرعة. ولم يقتصر الأمر على أن الهند الآن تسير على طريق نمو اقتصادي قوي، وتراجع في معدلات الفقر، ولكن الهند أصبحت دولة تلعب دوراً نشيطاً على الساحة العالمية ، كما أن لها حضورا مميزا في التجارة العالمية، ومحادثات التغير المناخي.

لا شك أن هذه التغيرات على الصعيدين الاقتصادي، والسياسي، واجهت بعض المعارضة المحلية، حيث ظل المخلصون لمبادئ نهرو، والشيوعيون المتعصبون، معارضين لكل ذلك. وحاول أولئك إبراز أثرهم في السياسة الخارجية، ولذلك فإنها اتصفت بكثير من عدم الاتساق بسبب هذه المعارضة المحلية القوية. واستطاعت الهند خلال خمس سنوات من حكم التحالف الذي يقوده حزب المؤتمر، وكذلك بسبب وفاة عدد كبير من أتباع مذهب نهرو، وتراجع عدد من الشيوعيين عن مواقفهم المتشددة، تحقيق كثير من المكاسب. وظهر الأثر الكبير للشيوعيين حين حاولوا إسقاط الحكومة الهندية على خلفية معاهدة التعاون النووي بين الولايات المتحدة والهند.

واتضح بمرور السنوات أن اتباع نهرو يفقدون تأثيرهم بصورة تدريجية، سواء على الصعيد المحلي، أو في دوائر ممارسة السياسة الخارجية. ولا شك أن الهزيمة النكراء التي حلت بالشيوعيين خلال الانتخابات الأخيرة سوف تعمل على مزيد من الحد من نفوذهم، لأن وجودهم البرلماني تراجع بصورة كبيرة. وفي ظل انتهاء مثل هذه العوائق، فإن من المفترض أن تتمكن الحكومة التي يقودها حزب المؤتمر من اتباع سياسة خارجية يتم توظيفها في خدمة المصالح الوطنية للبلاد.

نمو إقتصاد 6.7% في 2009

أما على الصعيد الإقتصادي قال مستشار حكومي هندي رفيع المستوى أن نمو اقتصاد الهند في السنة المالية 2009/2010 سيضاهي على أقل تقدير معدل العام السابق الذي بلغ 6.7 في المائة، وذلك في ضوء بوادر تحسن بطيء في الاقتصادات المتقدمة بما قد يحفز النمو المحلي.

وقال سوريش تندولكار رئيس المجلس الاستشاري الاقتصادي لرئيس الوزراء الهندي إنني متفائل تماما بأن النمو في 2009 ـ 2010 لن يقل عنه في 2008 ـ 2009 مع استئناف منحنى نمو أعلى بعد ذلك.. كان البنك المركزي توقع في أبريل (نيسان) نمو الاقتصاد نحو ستة في المائة. وقال تندولكار إن فرص تحقيق تعاف اقتصادي مبكر في الشهور الستة القادمة، قد تحسنت بعد إعادة انتخاب الائتلاف الحاكم بقيادة حزب المؤتمر بتفويض أقوى.

وقال مع استقرار السوق المالية العالمية، فإن تدفقات الائتمان العالمية تعود ببطء وفرص التدفقات الرأسمالية تحسنت. وضخ المستثمرون الأجانب 7.2 مليار دولار في الأسهم منذ منتصف مارس (آذار) ليصل صافي عمليات الشراء في 2009 إلى 5.3 مليار دولار.

وفي الوقت نفسه أعلن وزير التجارة والصناعة الهندي أن الحوافز المقدمة إلى الشركات للحفاظ على الصادرات والتجارة ينبغي أن تستمر.

ومن المتوقع تراجع الصادرات إلى 164 مليار دولار في السنة المالية 2010 من 7.168 مليار دولار في السنة السابقة.

ظهور النمر الهندي

من جهته قال الكاتب كيشور محبوباني ليس من الحكمة أن نقلل من الأهمية شبه الميتافيزيقية للانتخابات الهندية الأخيرة. فقد ساعد الجمهور الانتخابي الهندي على نحو حاسم في دفع تاريخ العالم في الاتجاه الصحيح، وذلك بإعادة انتخاب الشراكة القائمة بين مانموهان سينج وسونيا غاندي، اللذين أصبح لديهما الآن من الصلاحيات والسلطات ما يسمح لهما بالضغط من أجل المزيد من الإصلاح والتحرر على الصعيد الاقتصادي.

وأضاف كيشور محبوباني والآن سينطلق النمر الهندي الناشئ. ولا شك أن تزامن نهضة الصين والهند من شأنه أن يعزز من قوى التحديث والاعتدال على مستوى العالم. وفي وقت الأزمة العالمية فلابد أن يحتفي العالم بهذه الدفعة الجديدة من الطاقة.

وتعرض كيشور الى الإنتخابات وعدم توقع النتائج التي ظهرت حيث يقول استخف أغلب المراقبين بقدرة الناخبين الهنود، الذين أدركوا الفوائد العديدة المترتبة على هذه الشراكة بين سينج وسونيا غاندي. فقد أسهمت حكومة حزب المؤتمر أولاً وقبل كل شيء في إحياء التقاليد العلمانية المعتدلة التي تبناها جواهر لال نهرو وأعادت الهند بقوة إلى الوسط السياسي، وانتزعت الحكم من المتطرفين الطائفيين والإيديولوجيين.

ثانياً، أدرك الناخبون أهمية إعادة انتخاب الزعيم المتواضع الحكيم القوي العزيمة الذي أدرك الاتجاه الذي يتعين على الهند أن تسلكه. ولا شك أن سينج سيزيد من انفتاح الاقتصاد الهندي. وكما قال ذات مرة: "رغم السوق المحلية الضخمة التي تمتلكها الهند إلا أن تجربتنا مع السياسات السابقة المنعزلة نسبياً، وكذا التجربة العالمية في هذا الصدد، تشير بوضوح إلى إمكانات النمو التي يوفرها التعاون التجاري والاقتصادي مع الاقتصاد العالمي.

وشخص كيشور محبوباني الصعوبات التي تواجهها الهند حيث أن 300 مليون مواطن هندي يعيشون تحت خط الفقر، والمتمردين الشيوعيين المسلحين، وخطر وقوع هجمات إرهابية على غرار ما حدث في مومباي، وانتشار الأحياء الفقيرة القذرة في المناطق الحضرية. فضلاً عن ذلك فكيف سيعمل سينج على موازنة التسوية بين السياسات الداعمة للسوق والسياسات المناصِرة للفقراء؟ وكيف سيتمكن من التعامل مع تطلعات الطبقة المتوسطة المتنامية المطالبة ببنية أساسية أفضل، وتحسين قدرتها على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، وتوفير الإمدادات الكافية من الطاقة الكهربية والمياه النظيفة، وزيادة كفاءة مرافق النقل؟

وتوقع كيشور محبوباني بأن طبقة متوسطة ستنمو بسرعة في الهند، وهو ما سيزود البلاد بثِقَل موازنة يساعد على إبقائها على ركائز مستوية طيلة العقود القليلة المقبلة. وهناك إحصائية أخرى جديرة بالذكر، ففي المرحلة الحالية من تنمية الاقتصاد في عديد من البلدان الآسيوية، من الممكن أن تؤدي زيادة مقدارها 10 في المائة في الدخل المتوسط إلى مضاعفة تعداد الطبقة المتوسطة. والواقع أن تحقق هذه التوقعات بات وشيكاً.

الفقر والفساد والتهميش السياسي

وتعتبر الهند أكبر ديموقراطية في العالم، كونها تجسد نموذجاً للتطبيق العملي لمبادئ الديموقراطية الليبرالية وسط أضخم تجمع بشري تعددي، سبق أن وصفه ونستون تشرشل بأنه منطقة في خط الاستواء تضم خليطاً غير اعتيادي من الجماعات العرقية وكمّاً هائلاً من اللغات غير المفهومة وتنوعاً في الطبيعة والمناخ والأديان والممارسات الحضارية إلى جانب الفوارق الهائلة بين الرفاهية العالية المتأتية من التقنية الحديثة والفقر المدقع الساحق في الريف. ويعمد النظام الهندي الى كبح جماح التناقضات الاجتماعية والسياسية وترويض ذلك التنوع الإثني والثقافي المخيف، إلا أن رداء التجربة الديموقراطية لا يخلو من الثقوب. فقد أفضى السمت الانتقائي الذي تتسم به التجربة التنموية الهندية إلى عزل مناطق كثيرة وتهميش فئات اجتماعية وجماعات إثنية إلى حد حرمانها من جني ثمار تلك التنمية، ما أبقاها غارقة في مستنقع مزمن من المآسي الإنسانية.

وعلى رغم أن الاقتصاد الهندي ثالث أكبر اقتصاد ناهض عالمياً بمعدل نمو سنوي يبلغ 8 في المئة، لا تزال الهند أكبر مركز للفقراء على مستوى العالم، إذ تبلغ معدلات الفقر فيها نحو 30 في المئة من إجمالي عدد السكان، البالغ 1.25 بليون نسمة يعيش ثلثهم بأقل من دولار واحد للفرد يومياً، ولم يتجاوز متوسط الدخل السنوي للفرد 720 دولاراً، وذلك بسبب انخفاض مستوى وانتاجية العامل الهندي نتيجة خلو خطط التنمية من استراتيجية للتنبؤ بحاجات سوق العمل، فضلاً عن جمود هيكل العمالة في قطاعات الاقتصاد، فعلى رغم تراجع نسبة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من 50 في المئة أوائل الخمسينات إلى 28 في المئة أواخر التسعينات، لا يزال يعمل بها نحو ثلثي عدد السكان، في حين لم يطرأ سوى تغير طفيف على هيكل العمالة في قطاعي الخدمات والصناعة، حيث لا يستوعب قطاع الخدمات سوى 20.5 في المئة من قوة العمل فيما يسهم بنحو 47 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ولا تزال معدلات الأمية تقترب من 48 في المئة من إجمالي عدد السكان، كما يقدر البنك الدولي كلفة سوء التغذية في الهند بنحو 10 بليون دولار سنوياً في صورة ضعف في الإنتاجية وانتشار للأمراض والأوبئة، كالإيدز الذي تفشى حديثاً ووصل عدد الحالات المصابة إلى أكثر من سبعة ملايين، ما يجعل الهند في المركز الثاني بعد جنوب أفريقيا من حيث الإصابة بهذا المرض وتزايد في معدل الوفيات وانخفاض في متوسط العمر المتوقع.

وللوضع الاقتصادي المتردي عواقب وخيمة على الحياة في الهند، في صدارتها انتشار تجارة الرقيق الأبيض، حتى أدرجت الولايات المتحدة الهند ضمن قائمة الدول التي أخفقت في مكافحة مثل هذا النوع من التجارة. وفي موازاة ذلك، ضرب الفساد، بمختلف أشكاله، في جنبات المجتمع وداخل النظام البيروقراطي، حتى أضحت الهند واحدة من أكثر دول العالم فساداً، بدءاً من طلب موظفي الحكومة رشاوى مقابل أداء خدمات أو القيام بإجراءات تخص المواطن، مروراً بدفع ذلك الأخير رشاوى لقضاء مصالحه، حتى قُدِّر إجمالي المبالغ المدفوعة لتلك الأغراض سنوياً في المتوسط بـ 210.68 بليون روبية في قطاعات الخدمة العامة الهندية، وانتهاء بتورط رؤساء حكومات ووزراء وبرلمانيين في صور مختلفة من الفساد، حيث جرم أكثر من 100 عضو من مجموع 552 عضواً في البرلمان بالضلوع في قضايا فساد ما زالت معلقة.

وأرجع الدارسون تفشي تلك الظاهرة على هذا النحو إلى عوامل أساسية تتمثل في: الافتقار إلى الشفافية، وإلى الآليات الفاعلة في الإبلاغ عن الفساد، ثم إلى أمانة المسؤولين في الحكومة، فضلاً عن ظاهرة قبول الرشوة كأسلوب حياة يومي وعادة وثقافة، بالإضافة إلى عدم فعالية النظام القضائي، وتقصير السياسات الاقتصادية، ونقص تدريب وتوجيه المسؤولين الحكوميين، إلى جانب عدم كفاية الرواتب.

ولو راجعنا وضع الهند الديموغرافي نجد انه كالتالي:

-- الوضع الجغرافي : تقع الهند بين بحر عمان غربا وخليج البنغال شرقا ويمتد الساحل الهندي على طول 7516 كلم. اما حدودها البرية الممتدة على طول 15200 كلم فهي بمحاذاة باكستان في الشمال الشرقي، والصين والنيبال وبهوتان في الشمال، وبنغلادش وبورما في الشمال الشرقي.

-- المساحة : 3287263 كيلومترا مربعا.

-- السكان : 1,17 مليار نسمة (تقدير) منهم 714 مليون ناخب.

-- العاصمة : نيودلهي.

-- الديانة : الهندوس (80,5%)، المسلمون (13,5%)، المسيحيون (2,3%)، السيخ (1,9 %) والبوذيون (0,8%).

-- اللغات : هندي (رسمية) والانكليزية اضافة الى 22 لغة اخرى معترف بها.

-- التاريخ : الهند مستقلة منذ 15 اب/اغسطس 1947 اثر تقسيم امبراطورية الهند البريطانية (1764-1947) بين الهند وباكستان، البلدين اللذين خاضا ثلاث حروب (1947-1949, 1965 و1971)، اثنتان منها للسيطرة على كشمير. وفي اعقاب النزاع الثالث، تحديدا في كانون الاول/ديسمبر 1971، انشئت دولة بنغلادش (باكستان الشرقية سابقا).

واعلنت الهند جمهورية في 26 كانون الثاني/يناير 1950.

ومنذ الاستقلال يهيمن حزب المؤتمر (الوسط-اليسار) على الحياة السياسية. وجواهرلال نهرو الذي يعتبر اب الاستقلال مع المهاتما غاندي، كان اول رئيس للوزراء من 1947 الى 1964. وشغلت ابنته انديرا غاندي المنصب نفسه من 1966 الى 1977 ثم تولت مجددا هذا المنصب اعتبارا من 1980 حتى اغتيالها في 1984. وخلفها ابنها راجيف غاندي حتى 1989 ثم اغتيل بدوره في 1991. وتولى القوميون الهندوس في حزب الشعب الهندي ثم حكومة ائتلاف الحكم من 1996 الى 2004. وعاد حزب المؤتمر الى الحكم مجددا في 2004.

اما كشمير التي تسيطر الهند على ثلثيها فيما تخضع بقية اراضيها لسيطرة باكستان، فتشهد منذ 1989 تمردا اسلاميا اسفر عن سقوط 47 الف قتيل. وفي 2003 ابرمت اسلام اباد ونيودلهي اتفاق وقف اطلاق نار على طول الحدود التي تعرف بخط المراقبة بين شطري كشمير. وتنسب الهند الاعتداءات التي وقعت في بومباي في تشرين الثاني/نوفمبر 2008 الى عسكر طيبة المجموعة الاسلامية المتمركزة في باكستان.

-- النظام السياسي : جمهورية فدرالية تضم 28 ولاية و7 مقاطعات. اما برلمانها فهو مؤلف من مجلسين.

وفي 21 تموز/يوليو 2007 اصبحت براتيبها باتيل اول رئيسة للهند وهو منصب فخري. ويقود رئيس الوزراء مانموهان سينغ (76 عاما) منذ ايار/مايو 2004 حكومة ائتلاف من اليسار الوسط بقيادة حزب المؤتمر الذي تتزعمه صونيا غاندي ارملة راجيف. ويتزعم حزب المعارضة بهاراتيا جاناتا (اليميني الهندوسي) لال كريشنا ادفاني (81 عاما).

-- الاقتصاد : الازمة العالمية ضربت الاقتصاد الهندي بقوة. ويتوقع ان يبلغ معدل نموها الذي سجل 9% منذ اربع سنوات، 6% او 7% للسنة المالية 2008-2009، وهو اسوأ رقم منذ 2003. وتراجع معدل التضخم في اذار/مارس قرابة 0%. ويعيش 455 مليون هندي باقل من 1,25 دولار في اليوم.

- اجمالي الناتج الوطني للفرد : 950 دولار (2007 بحسب البنك الدولي).

-- الدين الخارجي : 153,075 مليار دولار اميركي (2006، البنك الدولي).

-- الدفاع : 1288000 رجل و1300586 عنصرا في القوات شبه العسكرية بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية 2008.

تواريخ مهمة في الهند

3500 ق.م بداية انتعاش حضارة وادي السند.

1500 ق.م الغزو الآري للهند .

500 ق.م -800م انتشار البوذية.

326 ق.م وصول الإسكندر الأكبر إلى الهند .

320 -500م توحيد شمال الهند على يد أسرة جبتا.

712م بداية نشر الدعوة الإسلامية في إقليم السند.

1498م وصول فاسكو دا جاما البرتغالي إلى الهند.

1526م تأسيس إمبراطورية المغول على يد بابر.

1757م سيطرة شركة الهند الشرقية على البنغال بعد انتصار روبرت كلايف في معركة بلاسي.

1774م تعيين وارن هيستنجز أول حاكم بريطاني للهند.

1858م سيطرة الحكومة البريطانية على الهند بدلاً من شركة الهند الشرقية.

1885م تأسيس حزب المؤتمر القومي الهندي.

1906م تأسيس العصبة الإسلامية.

1920م رئاسة غاندي للمؤتمر الهندي.

1935م إصدار البريطانيين لدستور هندي جديد.

1940م مطالبة العصبة الإسلامية بدولة منفصلة عن الهند هي الباكستان.

1947م 15 أغسطس استقلال الهند. أصبح جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند.

1948م اغتيال غاندي.

1950م الهند تصبح جمهورية.

1965م الحرب الهندية ـ الباكستانية الثانية.

1966م أنديرا غاندي تتولى رئاسة الوزارة.

1971م استقلال بنغلادش.

1977م هزيمة أنديرا غاندي وحزب المؤتمر في الانتخابات العامة.

1980م استعادة أنديرا غاندي رئاسة الوزارة.

1984م اغتيال أنديرا غاندي، وخلافة ابنها راجيف غاندي لها في رئاسة الوزارة.

1990م قيام حكومة ائتلافية.

1991م اغتيال راجيف غاندي خلال الانتخابات. وفوز حزب المؤتمر بالانتخابات. تولى ناراسيما راو رئاسة الوزارة.

1996م خسر حزب المؤتمر الانتخابات رغم أنه ظل يحكم الهند منذ أن نالت استقلالها في عام 1947م. دخلت الهند في مرحلة من تشكيل الحكومات الإئتلافية.

2001م في ذكرى اليوم الوطني، ضرب الهند زلزال، وتأثرت بصفة خاصة ولاية غوجارات في غربي الهند، وقتل نحو 30 ألف شخص.

ـــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

وكالات + ويكيبيديا + صحيفة الإقتصادية الإليكترونية + جريدة الشرق الأوسط + جريدة الحياة

....................................................

- مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية

للاشتراك والاتصال www.annabaa.org

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/حزيران/2009 - 29/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م