أزمة المياه في العراق: جفاف وتصحّر وتلوث بيئي غير مسبوق

سياسات دول الجوار المائية عدائية وبعيدة عن الانسانية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما أعلن عضو لجنة المياه في مجلس النواب العراقي وائل عبد اللطيف أن لجنة طوارئ شُكلت في المجلس ستأخذ على عاتقها مناقشة موضوع شح المياه والجفاف في العراق على أعلى المستويات، قال مختصون في الدراسات الجغرافية ان السياسات المائية لدول الجوار سببت اضرارا كبيرة للعراق على جميع المستويات داعين الى ضرورة استخدام التقنيات الحديثة لتقليل الهدر والوصول الى اتفاقيات بين الدول المتشاطئة تضمن المصالح المشتركة.

وفي غضون ذلك ذكرَ مدير ناحية الاصلاح في  ذي قار ان 36 عائلة تشكل نحو 10%  من سكان هور أبو زرك  شرقي المحافظة نزحت من مناطقها بسبب النقص الكبير في مناسيب مياه الاهوار التي يعيشون على حافاتها. وأكّدت وزيرة البيئة العراقية نرمين عثمان أن العراق يشهد مستوى تلوّث غير مسبوق بسبب أزمة المياه وأن التنوّع البيولوجي في مناطق كثيرة من البلاد مهدّد بالخطر نتيجة هذه الأزمة على رغم وجود إجراءات تعمل الحكومة عليها لترشيد استخدام مياه نهري دجلة والفرات في الزراعة والري...

موارد العراق المائية تتناقص بعد إنجاز سد أتاتورك التركي

أعلن عضو لجنة المياه في مجلس النواب العراقي وائل عبد اللطيف أن لجنة طوارئ شُكلت في المجلس ستأخذ على عاتقها مناقشة موضوع شح المياه والجفاف في العراق على أعلى المستويات، مشيراً إلى أن اللجنة ستتوجه قريباً إلى كل من تركيا وسورية وإيران، الدول المعنية بتناقص كميات المياه الواردة إلى العراق، لدرس تبني صيغة تنقذ البلاد من الوضع الحرج الذي تمر به. وأعرب عن أمله في أن تستجيب هذه الدول لمطالب العراق في الحصول على حصص كافية من المياه.

وقال عبد اللطيف: إن اللجنة حريصة على تدارك الأوضاع الصعبة التي يمر بها القطاع المائي في العراق، وتشير الدراسات والتقارير إلى أن مشكلة المياه في العراق ستكون كارثية.

وحذر عبد اللطيف من نتائج الوضع الذي سيؤول إليه القطاع المائي والزراعي والحياتي في العراق، في ضوء تقارير أعدتها منظمات دولية متخصصة، كشفت أن العراق سيخسر واردات نهري دجلة والفرات بالكامل في حلول سنة 2040، وقال: إن الأسلوب الذي تعتمده الحكومة العراقية في معالجة مشكلة شح المياه في البلاد لا يرقى إلى المستوى المطلوب. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وكان مصدر في وزارة الموارد المائية العراقية تحدث عن التقرير الذي أعدته «المنظمة الدولية للبحوث» في شأن «تناقص حاد» بالحصص المائية ضمن حوض نهر الفرات وتبلغ 32 بليون و140 مليون متر مكعب بحلول 2040 مقابل احتياجات العراق التي تبلغ حينها 23 بليون متر مكعب، أما حاجة كل من سورية وتركيا فتصل إلى 30 بليون متر مكعب. ونوّه بان الواردات النهائية للنهر لن تكفي لتغطية الاحتياجات الكلية، ما يؤدي إلى خسارة العراق موارد النهر بالكامل. يذكر أن واردات الفرات الحالية بحسب آخر رصد لمحطة «حصيبة» أواسط الشهر الماضي، بلغت خمسة بلايين و700 مليون متر مكعب تمثل 42 في المئة من المعدل العام بعد إكمال سد «اتاتورك» في تركيا ضمن مشروع «الغاب» الهادف إلى تشييد 22 سداً على حوضي دجلة والفرات.

المصدر نوه أيضاً بأن «منظمة المياه الأوروبية» توقعت جفاف نهر دجلة بالكامل في التاريخ ذاته، بحيث يفقد النهر سنوياً ما يعادل 33 بليون متر مكعب من مياهه، بسبب «السياسة المائية الحالية التي تتبعها تركيا». وإذا لم يتمكن العراق من إتمام اتفاقات دولية تضمن حصصه المائية في شكل كامل، فأنه مقبل على ما سماه «كارثة حقيقية تلحق بملايين الدونمات الزراعية في البلاد، ما يعني تحول العراق إلى جزء من صحراء البادية الغربية خلال مدة لا تتجاوز خمسة وثلاثين عاماً. يذكر أن واردات نهري «دجلة» و «الزاب الأعلى» للسنة الحالية سجلت 12 بليون و940 مليون متر مكعب، تمثل 55 في المئة من المعدل العام. وكانت حالة الجفاف استفحلت خلال العامين الماضيين في جميع محافظات البلاد، بسبب سوء استعمال المياه في الري وقلة الواردات المائية لحوضي دجلة والفرات اللذين يعانيان أصلاً من انخفاض حصصهما بنسب بلغت الثلثين على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، فيما بلغت كمية التراجع المسجلة للسنة الحالية 55 في المئة عن معدلها العام. وبلغ إجمالي كميات المياه الواردة إلى أنهر دجلة والفرات والزاب الأعلى والأسفل وديالى والعظيم حتى الآن 21 بليون و400 مليون متر مكعب. وكان وزير الموارد المائية العراقي عبد اللطيف جمال رشيد صرح لـ «الحياة» بأن سد «اليسو» من ضمن مشروع «الغاب» الهادف إلى تشييد 22 سداً بسعة خزن تتجاوز 100 بليون متر مكعب، سيحرم العراق من ثلث مساحة أراضيه الصالحة للزراعة، فضلاً عن تسببه بنقص الحصص المائية التي تؤثر سلباً في مجالات مياه الشرب وتوليد الطاقة والصناعة وبدرجة كبيرة في إنعاش الأهوار والبيئة، إذ سيستكمل بسد «جزرة» ما يؤدي إلى تحويل جميع كميات المياه إلى الأراضي الزراعية التركية قبل عبورها الحدود التركية - العراقية بكمية لا تتجاوز 211 متراً مكعباً من المياه وصفت بأنها ستكون بدرجة ملوحة عالية التركيز.

يذكر أن حاجة العراق السنوية من المياه تقدر بـ50 بليون متر مكعب، 60 في المئة منها من دجلة والباقي من الفرات، فضلاً عن طاقة خزن فيه للسدود والخزانات والنواظم بنحو 149 بليون متر مكعب، في حين يتوقع أن تبلغ الاحتياجات المائية له حتى سنة 2015 نحو 77 بليون متر مكعب في مقابل انخفاض في الواردات تبلغ أقل من 43 بليون متر مكعب سنوياً.

السياسات المائية لدول الجوار سببت اضرارا كبيرة للعراق

وفي نفس السياق قال مختصون في الدراسات الجغرافية، ان السياسات المائية لدول الجوار سببت اضرارا كبيرة للعراق على جميع المستويات، داعين الى ضرورة استخدام التقنيات الحديثة لتقليل الهدر والوصول الى اتفاقيات بين الدول المتشاطئة تضمن المصالح المشتركة.

وقال د.محمود علي الداود رئيس مركز المستنصرية للدراسات في كلمة القاها خلال الندوة العلمية التي عقدها مركزه في مقر الجامعة المستنصرية لمناقشة واقع الموارد المائية بالعراق، ان “العراق يتعرض الى انكشاف غذائي خطير بسبب عوامل التصحر والجفاف وازدياد درجة الملوحة وتدهور التقنية الزراعية الامر الذي اثر على حجم الانتاج” بالاضافة الى “التحديات الدولية التي تجابه العراق من جراء السياسات المائية لدول الجوار والتي تتناقض مع احكام القانون الدولي وتعرض الامن الغذائي والوطني الى الخطر”.

واضاف الداود ان “اصرار تركيا على الاستمرار في تنفيذ مشروع جنوب شرق الاناضول رغم اعتراضات العراق وسوريا المتكررة يشكل خرقا فاضحا لمباديء وقواعد القانون التي تنظم كيفية استغلال مياه الانهار المشتركة” داعيا الى “الاهتمام بالمراكز البحثية لان لها دورا مهما ورئيسيا في عملية التنمية وهذا نلاحظه من خلال التقدم الكبير الذي احرزته العديد من دول العالم والذي لم يكن من قبيل الصدفة بل كان عن طريق التخطيط والبحث العلميين ” مشيرا الى ان العراق بحاجة الى “استخدام واتباع اساليب علمية جديدة من خلال الاعتماد على الكوادر البحثية عالية المستوى من اجل خدمة اهداف التنمية”.

بدوره اوضح مدير قسم الجغرافية بالمركز قاسم شاكر الفلاحي لوكالة أصوات العراق ان ” نهري دجلة والفرات من الانهر الدولية والتي يتدخل القانون الدولي في حسم الخلافات حولهما” حيث هناك” حالتين يجب التميز بينهما قانونيا، الاولى تلك التي تكون فيها بازاء اتفاقات دولية لتنظيم الافادة من النهر المشترك ولا يكون هناك صعوبة كبير تعترض طريقة التسوية فيها بالرجوع الى احكام الاتفاق او الاتفاقات الدولية ذات الصلة” اما الثانية فهي ” الانهر التي لاتوجد فيها اتفاقات من هذا النوع  وفي هذه الحالة يكون الخلاف واقعا لامحالة لانه يمكن لاحدى الدول ان تتمسك بما يشاع في الفقه القانوني من نظريات باتت مرفوظة مثل نظرية السيادة المطلقة للدولة النهائية على الجزء من النهر الذي يقع داخل اقليمها”.

واشار الفلاحي الى ان العراق ” يقع تنظيم قوانينه الدولية لنهري دجلة والفرات ضمن نطاق معاهدة لوزان التي اقرت العام 1932 وعلى المادة 109 التي تحدثت عن الحقوق والمصالح المشتركة بحيث يتم وفي حالة تعثر الاتفاق بين الدول اللجوء الى التحكيم العام”.

ويرى الباحث د.احمد عمر الراوي ان “سياسات دول الجوار لاسيما دول المنابع تركيا وايران وسوريا اثرت على مستقبل الموارد المائية في العراق بسبب استنزافها من جهة وتعرضها للتلوث من جهة اخرى” مضيفا ان “منسوب نهر الفرات عند منطقة القائم انخفض عن معدله الطبيعي البالغ  28 مليار متر مكعب الى نحو 14 مليار متر مكعب ” معتبرا ان “دول الجوار لم تحترم الشراكة في نهري دجلة والفرات مع العراق”.

وحول السياسات المائية لكل من دول جوار العراق الثلاث اوضح الراوي ان “السياسات المائية لتركيا كانت الاكثر تاثيرا على العراق لانها تتعدى الاهداف الاقتصادية الى تحقيق اهداف سياسية وامنية واجتماعية من خلال تطوير منطقة شرقي الاناضول المضطربة امنيا” مضيفا ان “الجانب التركي يقول انه يستخدم المياه من اجل انتاج الطاقة الكهربائية وبالتالي ليس هناك تاثير سلبي على نوعية المياه لكن الحقيقة ان قلة المياه مع التبخر الشديد بسبب جو العراق ادى الى زيادة نسبة الملوحة وخصوصا في الفرات.”

اما السياسة المائية الايرانية فاشار الراوي الى انها “اقل تاثيرا من التركية لكنها تشكل خطرا على الزراعة وخصوصا المنطقة الجنوبية حيث اقامت عدة مشاريع دون التشاور مع العراق اهمها المشاريع المقامة على نهر الكارون الذي يعد الرافد الرئيسي لشط العرب مما زاد من نسبة الملوحة فيه” اضافة الى مشاريعها المقامة على نهر الوند الذي كان يغذي محافظة ديالى بالماء حيث اقامت مشروعين عليه” اما السياسات المائية لسوريا على نهر الفرات “فتمثلت ببناء السدود التي اهمها سد الثورة حيث القت الخلافات السياسية بظلالها على عملية التنظيم”.

واعتبر ان تاثيرات تلك السياسات اثرت على “كمية ونوعية المياه التي تسببت بزيادة نسبة الملوحة التي اثرت على الانتاج الزراعي بشكل كبير وقد يحتاج العراق الى نصب اجهزة لتحلية المياه اذا استمر الوضع على ماهو عليه” ودعا الراوي الى “مواجهة التحديات عن طريق اتباع استراتيجية لترشيد المياه وتقليل الهدر فضلا عن نشيط التعاون الاقليمي بين الدول المتشاطئة في استثمار المياه بشكل يتناسب ومصالح الاطراف المشتركة”.

العراق يطالب تركيا بتنفيذ وعودها وزيادة كميات المياه المتدفقة اليه

وطلب العراق مجددا، من السلطات التركية "الايفاء بالوعود المتكررة" واطلاق كميات اضافية من المياه وخاصة في نهر الفرات الذي انخفض مستوى المياه فيه كثيرا وهو ما ادى الى تضرر النشاط الزراعي في العراق بشكل كبير.

وقال بيان لوزراة الموارد المائية ان الوزير عبد اللطيف جمال رشيد دعا " الحكومة والمسؤولين الاتراك الى الايفاء بوعودهم المتكررة بخصوص اطلاقات المياه في نهر الفرات كون المياه المطلقة الى العراق في الوقت الحاضر باقية على حالها بدون زيادة ولا تكفي للاحتياجات المختلفة."

ويعاني العراق حاليا من شح شديد في مياه نهر الفرات وهو ما اثر بشكل كبير على الزراعة وخصوصا في منطقة حوض الفرات الاوسط التي تشتهر بزراعة الارز اضافة الى شح المياه الصالحة للشرب.

ويقول مسؤولون متخصصون ان العراق يحتاج الى تدفق المياه بمعدل لا يقل عن 700 متر مكعب في الثانية لتغطية احتياجاته من مياه الشرب والمياه اللازمة للزراعة. ويبلغ مستوى تدفق المياه حاليا في نهر الفرات 230 مترا مكعبا في الثانية.

وينبع نهرا دجلة والفرات من تركيا. ويمر الفرات بسوريا قبل دخوله العراق من جهة الغرب بينما يدخل دجلة مباشرة الى العراق من جهة الشمال. ويصب النهران في شط العرب في جنوب العراق. ويمران قبل الوصول الى المصب بعشرات الاف الهكتارات من الاراضي الزراعية. وتعتمد الزراعة في العراق بشكل رئيسي على مياه هذين النهرين وعدد اخر من الانهر الصغيرة التي تنبع من ايران وتصب في العراق.

وكانت لجنة المياه في مجلس النواب العراقي قد طالبت الحكومة العراقية بعدم التصديق على اي اتفاقية تجارية او اقتصادية مع اي من الدول المجاورة للعراق وخاصة الدول المتشاطئة معه ما لم يتم ربط الاتفاق بشرط يضمن حصول العراق على كامل حصصه من المياه من تلك الدولة.

ووقع العراق أخيرا على اتفاقية شراكة للتعاون التجاري مع تركيا خلال زيارة الرئيس التركي لبغداد في مارس اذار. لكن هذه الاتفاقية لم تتضمن اي اشارة الى مشكلة نقص المياه التي يعاني منها العراق حاليا بشكل كبير في نهري دجلة والفرات وهو ما أثار حفيضة عدد كبير من اعضاء مجلس النواب العراقي.

وليس لدى العراق حاليا اي اتفاقية ثنائية مع اي من الدول المجاورة التي يشترك معها بمجرى مائي تحكم هذه العلاقة وتضمن حصوله على كميات كافية من المياه من هذه الدول رغم ان جميع الانهار التي تمر بالعراق وتفرعاتها تنبع من اراضي الدول المجاورة.

وكانت تركيا قد اعلنت قبل اسابيع انها استجابت لطلب عراقي وقامت بزيادة كميات المياه بواقع 130 مترا مكعبا في الثانية. لكن اعضاء في مجلس النواب قالوا ان هذه الزيادة لم تستمر الا لايام معدودة.

قرية الزيتون احال الجفاف مزارعيها الى عُمال واطفالها الى مرضى

بعيدا عن شوارع المدينة المعبدة، هناك حيث تلتوي الطرق الترابية على غير ما انتظام وصولا الى بيوت قرية الزيتون الطينية التابعة لقضاء النهروان (جنوبي بغداد) التي احال الجفاف مزارعيها الى عمال بناء واطفالها الى ضحايا للأسهال المزمن لغياب الماء الصالح للشرب.

كان هناك ثمة رجل تعدى العقد الخامس من عمره ببضع سنين يرتدي زيه العربي التقليدي يسير وعلى وجهه نظرة عجز واضحة وفي يده بضع ورقات تشير الى انه كان يراجع عددا كبيرا من دوائر الدولة ليحقق حلم حياته الذي نذر من عمره اكثر من عام في سبيله، وهو حسبما يقول إنه “يحلم ان يرى الماء العذب يصل الى قريته التي انهكها الجفاف والماء المالح”. بحسب تقرير اصوات العراق.

ويضيف طالب حميد عكيلة ان قريته التي “اطلق عليها اسم الزيتون تعاني منذ تاسيها في العام 1972 من شحة في مياه الشرب”، موضحا ان “الطريقة الوحيدة التي يحصلون بها على الماء العذب تاتي عن طريق سيارة مياه نملأ من خلالها خزاناتنا كل ثلاثة الى خمسة ايام، وفي حال تعطلها يتوقف الماء لنعتمد بالكامل على الماء المج (المالح) الذي تجود به آبار القرية”.

ويسترسل عكيلة بالقول إن “هذا الماء المالح تسبب بامراض عديدة لاطفال القرية اكثرها شيوعا الاسهال الذي لايكاد يفارقهم حتى يعود لهم، فيما نعتمد بشكل كامل في العلاج على المستوصف الطبي او مضمد القرية الذي تعود على امراضنا المتشابهة لانها كلها بسبب الماء”.

وحول سبب تاخر معاملته دون الاجابة عنها يقول “طرقت كل ابواب الدولة بداية من اصغر موظف ونهاية الى محافظ بغداد، وكانت الاجابة خلال العام الماضي انهم يجب ان ينتظرو التخصيصات بداية العام 2009 وحال سماعي باقرار الميزانية عدت للمراجعة من جديد”.

اما فرحان مطيلب احد سكنة قرية الزيتون فيقول لوكالة اصوات العراق إن قريته “خولت احد ابنائها وهو طالب حميد لمراجعة دوائر الدولة في سبيل الحصول على ماء صالح للشرب ومنذ اكثر من عام لم نحصل على اجابة سوى التاجيل”.

واضاف ان قريته “ليست الوحيدة التي تعاني من شحة الماء فقرية العمال هي الاخرى تعاني من نفس المشكلة التي اضيفت لها اخرى وهي شحة مياه ري المزروعات” حيث كانت القرية”تعتمد على الزراعة في كسب الرزق وخصوصا المزروعات الصيفية، الا ان انقطاع مجرى الماء الذي كان يغذي المنطقة من نهر ديالى ادى الى توقفنا عن الانتاج وبالتالي تحولنا الى البطالة” مشيرا الى ان “قسما من الفلاحين تحولوا الى العمل كاجراء يومين في اعمال البناء المختلفة داخل القرية او خارجها”.

حقول الأرز مهددة بالانكماش

تنحصر زراعة الأرز في بعض المناطق الوسطى والجنوبية من العراق، ولكن المساحة المزروعة بدأت تتناقص بسرعة بسبب انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات وما نتج عن ذلك من ارتفاع في مستويات ملوحة التربة.

وفي هذا السياق، قال عون ذياب عبد الله، مسؤول رفيع المستوى في وزارة الموارد المائية: "إننا نواجه وضعاً صعباً للغاية هذا الصيف بالنسبة للأراضي التي تتم زراعتها بالأرز في وسط وجنوب العراق، إذ سنكون مضطرين لتقليص المنطقة المزروعة إلى النصف". وأضاف قائلاً: "نتوقع موجة من الجفاف في الأهوار هذا الصيف".

وأوضح عبد الله أن 68,750 هكتاراً من الأراضي قد زرعت بالأرز خلال عام 2008 في المحافظات الوسطى والجنوبية في النجف والديوانية والسماوة وأجزاء من بابل ولكن سيتم تقليص المساحات المزروعة بنسبة 50 بالمائة هذا الصيف "بسبب نقص المياه".

ووفقاً لتقرير صدر عام 2007 من إعداد عباس خضر وفليح عبد الحميد جابر من محطة المشخاب لبحوث الأرز في النجف، فقد وصل مجموع المساحة المزروعة بالأرز في تلك السنة إلى 125,000 هكتار أنتجت حوالي 400,000 طن من أنواع الأرز المختلفة المفضلة محلياً.

تركيا تسمح بمرور المزيد من المياه لكنها غير كافية

وفي نبأ لاحق، أفاد علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، أن تركيا التي يصب منها نهرا دجلة والفرات، وافقت على زيادة تدفق المياه في نهر الفرات بمعدل 130 متراً مكعباً في الثانية ابتداء من 22 مايو/أيار.

وإذا كان الدباغ قد رحب بهذه الخطوة، إلا أن عبد الله من وزارة الموارد المائية شكك في جدواها، حيث قال: "هذا لا يكفي. إنها خطوة متواضعة جداً ومتأخرة للغاية ... لقد طلبنا منهم الإفساح عن 350 متراً مكعباً في الثانية في مارس/آذار ورفع ذلك إلى 700 متر مكعب في الثانية بحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني".

وأوضح عبد الله أن الوضع حرج للغاية في ظل امتلاك تركيا لخمسة سدود كبرى على نهر الفرات بالإضافة إلى السدود السورية. وأضاف أن جميع حقول الأرز تعتمد على نهر الفرات بشكل خاص. كما أن بعض روافد نهر دجلة في بعض المناطق تصب في نهر الفرات ولذلك فإن مستويات المياه في النهرين معاً تؤثر على زراعة الأرز في العراق.

بدوره، قال مهدي القيسي، وكيل وزارة الزراعة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "للأسف أصبح من المستحيل بالنسبة لنا زراعة الأرز هذا العام مثلما حدث في السنوات السابقة بسبب النقص الحاد في المياه بالرغم من الزيادة الجديدة في تدفق مياه نهر الفرات".

أما رحيم محمد خزعل، المحلل في جامعة الديوانية، فقد أوضح أن كميات المياه المتدفقة حديثاً "لا تلبي احتياجاتنا الحقيقية للمياه في هذا الصيف". وأضاف أن بعض المزارعين قد يضطرون لمغادرة مناطق الزراعة التقليدية بحثاً عن عمل آخر.

والنتيجة هي أن العراق سيضطر لاستيراد المزيد من الأرز، وهو أمر لن يكون سهلاً نظراً لميزانيته المحدودة نتيجة انخفاض أسعار النفط، حسب خزعل.

نزوح 10% من سكان هور أبو زرك بالناصرية بسبب نقص المياه

وفي نفس الاطار، ذكر مدير ناحية الاصلاح في  ذي قار، ان 36 عائلة تشكل نحو 10%  من سكان هور أبو زرك  شرقي المحافظة نزحت من مناطقها بسبب النقص الكبير في مناسيب مياه الاهوار التي يعيشون على حافاتها.

وأوضح المهندس علي حسين رداد أن ” 36 عائلة تسكن هور أبو زرك التابع لناحية الإصلاح ( 40كم شرق الناصرية) التي تمتهن الزراعة وتسكن على حافات الأفرع الخارجة من منطقة الهور نزحت خلال الايام القليلة الماضية إلى مناطق أخرى بحثا عن المياه. بحسب تقرير اصوات العراق.

واضاف أن” مشكلة النزوح بدأت منذ بداية الموسم الزراعي في 15/10/2008 بحثا عن مناطق أخرى فيها وفرة للمياه.” لافتا إلى أن “نسبة العوائل التي نزحت من هذه المنطقة بلغت 10%من مجموع سكانها.”

واشار الى انه “تم التنسيق مع مديرية الموارد المائية في المحافظة لوضع حل لهذه المشكلة.” منوها الى أن “وزارة الموارد المائية لو قامت بمناورة مياه سد الثرثار على نهري دجلة والفرات التي قامت تركيا بفتحها لساهم كثيرا بحل جزئي لمشكلة شحة المياه في هور أبو زرك.”

وبين أن” هور أبو زرك هو من أعمق الاهوار في العراق حيث يتراوح عمقه من 2- 7 أمتار ومساحته تبلغ 65 ألف دونم منها 40 ألف دونم مغمورة في المياه و15 ألف دونم قد تأثرت بشحة المياه وتحيط به 25 قرية تعتمد معظمها على مهنة تربية الجاموس والأبقار وصيد الأسماك.”

وأردف أن “هذا الهور هو من الاهوار المؤهلة أن تكون محمية طبيعية للتنوع الإحيائي الفريد الذي تتميز به هذه المنطقة سواء كان من الطيور أو الأسماك وان بيئة هور أبو زرك نكاد تكون متكاملة لوفرة المياه في اعماقة ولكثافة القصب والبردي فيه.”

وزاد “كما أن هناك أنواع عديدة من الأسماك التي وصل وزن السمكة الواحدة منها إلى  16كغم وهي نسبة كبيرة جدا للعمق الكبير الذي تتميز به مناطق الهور ووفرة الغذاء الطبيعي فيه.” مبينا أن “هذه الأنواع هي البني والكطان والشلك والخشني والكارب والعجد والجري فضلا عن نوع آخر من هذه الأسماك  يسمى الغريبة.”

وطالب رداد الحكومة المحلية “الالتفات إلى مناطق الاهوار وتوفير كل مستلزمات العيش فيها، ومعالجة نزوح الكثير من العوائل مع انخفاض مناسيب المياه في مناطقها.”

وتشكل الاهوار في الجنوب الحوض الطبيعي لنهري دجلة والفرات وتوابعهما، وتكونت منذ آلاف السنين من تغذية هذين النهرين، وأهم هذه الاهوار اهوار الجبايش في ذي قار  التي تعد اكبر مناطق اهوار جنوبي العراق وتبلغ مساحتها نحو 600كم2 ، فضلا عن اهوار الحمار والحويزة ومجموعة أخرى من الأهوار والمسطحات المائية المتصلة تقريبا ببعضها وموزعة على محافظات البصرة وذي قار وميسان على أرض تزيد مساحتها على ثلاثة ملايين دونم جنوبي العراق.

شحّ المياه يعرّض العراق للتصحّر ويقلص التنوع البيولوجي

من جهة ثانية أكّدت وزيرة البيئة العراقية نرمين عثمان أن العراق يشهد مستوى تلوّث غير مسبوق بسبب أزمة المياه، وأن التنوّع البيولوجي في مناطق كثيرة من البلاد مهدّد بالخطر نتيجة هذه الأزمة على رغم وجود إجراءات تعمل الحكومة عليها لترشيد استخدام مياه نهري دجلة والفرات في الزراعة والريّ، إضافة إلى العمل على زيادة المساحات الخضر لمحاربة التصحّر.

وفي حديث مع صحيفة الحياة، أطلت الوزيرة على هجمات العواصف الترابية التي تجتاح مناطق بلاد الرافدين في شكل غير مسبوق وأرجعتها إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وما يتوّلد عنها من تغيّرات في المناخ، وكذلك إلى الآثار المتولدة عن الاحتلال الاميركي، الذي أدى تحرك دباباته عبر الصحراء العراقية الواسعة عام 2003، إلى تهشّم طبقات الارض فيها.

وأشارت إلى قلّة الإجراءات العملانية التي تهدف الى ردع العواصف الترابية، بالمقارنة مع الآليات اللازمة لمجابهة تلك العواصف فعلياً. وبيّنت أن الأمر عينه ينطبق على الإجراءات المتخذة لمواجهة المتغيرات البيئية التي جعلت من العراق هدفاً لهجمات للرمال الصحراوية خلال السنوات الماضية.

وأشارت عثمان إلى أن البيئة في العراق تواجه مجموعة من الضغوط السلبية، مثل قلة المساحات الخضر وانحسار المياه في منطقة الأهوار (جنوب العراق) وقلّة الامطار وعدم وجود مساحات خضر حول المدن الرئيسة. وأوضحت أن التهشّم الجيولوجي للصحراء وتربتها وطبقاتها، بأثر من زحف الدبابات الاميركية، يحتاج الى سنوات طويلة كي تتماسك تلك الطبقات مجدداً. ورأت أن تلك العوامل تحتاج إلى وضع البيئة في مقدم الأهداف الاستراتيجية عراقياً، إضافة الى تكاتف الجهود لتنفيذها.

وقالت عثمان ان العراق لا يتلقى سوى 50 في المئة من حصته الطبيعية من مياه نهري دجلة والفرات، بالمقارنة مع ما كانته تلك الحصّة في سنوات سابقة. وأشارت إلى أن روافد النهرين الآتية من تركيا وايران باتت تحمل نسباً أقل من المياه بسبب المنشآت والسدود المقامة عليها في البلدين المذكورين، وكذلك بسبب تغيير مسارات بعض تلك الروافد. وبيّنت أن تركيا وإيران توسّعتا في زيادة حجم المساحات المزروعة بالاعتماد على هذه الروافد. وخلصت الى توقّع أن تتفاقم أزمة النهرين في شكل أكبر خلال السنوات المقبلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 24/حزيران/2009 - 26/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م