مفهـوم الفـن
تناول مفهوم الفن، الكثيرون، ولكن كل منهم، لم يضع تحديدا واضحا له،
علي الرغم من أهمية ذلك، نظرا لأهمية المفهوم، في تحديد القواعد التي
تحكم مهنة ما، أو عمل ما، وكذلك، وضع للأسس المفرقة، بين الفن والعلم.
ويقول الدكتور محمد ذكي العشماوي[1]،
أنه في ميادين علم الجمال والفلسفة والدراسات الأدبية والنقدية، يصعب
وضع تعريف جامع مانع يصلح لكافة الفنون، فنحن أمام وجه من أوجه النشاط
الإنساني لا يخضع للأحكام المطلقة. ومع ذلك فقد تعجبنا أحيان بعض
المقولات التي تصدر عن الفنانين في تناولهم "لماهية الفن" والتي قد
تتضمن دراستهم أو مبثوثة في بحوثهم أو منطوقة علي ألسنة الناس في
الميادين المختلفة، كأن تسمع بعصهم يقول مثلا " الفن هو إدراك عاطف
للحقيقة " هو تلك الدنيا الغريبة و المبرعة والحبة والمحتفظة بحيوتها
علي الدوام.
ويضيف الدكتور العشماوي " أن مهمة فيلسوف الفن أو عالم الجمال، مهمة
أشد صعوبة عن مجرد تعريف الفن، أن مهمة هاذين، هي تحويل تلك المعرفة
التجريبية التي يمتلكها الفنان أو المبدع، إلي مهمة معرفة نظرية..
فالفنان يشعر بالصور أو يكون عالما بها شعوريا، أثناء مرحلة الإبداع
لكنه لا يستطيع أن يصف لك كيف تمت ولادتها وعلي أي حال استقامت علي
عودها في شكل عمل فني متكامل أما العلم الجمالي فهو القادر علي أن ينقل
لك المعرفة الباطنة أو الكامنة في صميم النشاط الفني إلي دائرة الوعي
أو الشعور.
والفن قد تناول مشكلة أخلاقية أو اجتماعية أو سياسية وقد يتناول
الخير والشر وقد ينطلق من أسس دينية لكن كل هذا لا يتجاوز حدود المضمون
الذي قد يكون في الفن سياسيا، أو اجتماعيا، أو أخلاقيا، لكن الشكل،
أنها تحولت إلي مسرحية قصيدة صورة وصارت أثرا فنيا.
ويركز علي الصدق الفني في الأثر الفني، ويصل إلي أن " تعريف الفن "
ليس وضعا أو تعبيرا عن حالات شعورية بقدر ما هو خلق تتوافر له.
شرائط أساسية:
1- توافر العقل الخالق، عن الفنان ونضوجه، ووعيه بالتقاليد الفنية
التي سبقته وعاصرته.
2- أن الخلق الفني، عملية امتزاج كامل، بين الذات والموضوع.
3- أن الموضوع الخارج عن الذات، يصبح مثل قطعة السكر، التي تذوب في
قدح الماء فتبقى فيه وتنتشر في كل ذرة من ذراته، ولا نستطيع أن تحدد
مكانها، كذلك الحال في الموضوع أو الفكرة، التي يصورها الفنان أو
الأديب سوف تختفي هي الأخرى وتصبح بكاملها صورة أو عمل فني يصبح من
المستحيل بعدها، فصل الموضوع، أو إعطائه قيمة بدون الصورة التي ترمز
إليه والتي خلقها الفنان ذاته.
أما هربرت ريد.. فقد عرف الفن، بأنه ينتهي إلي مبدأين أساسين:
1- مبدأ الشكل: وهو مشتق في رأيه من العالم العضوي، ومن الجانب
الموضوعي العام لجميع الأعمال الفنية.
2- مبدأ الإبداع: الذي يختص به عقل الإنسان، ويدفعه إلي ابتكار،
وتذوق، ابتكار للرموز والأخيلة والأساطير، التي تتخذ لنفسها، وجودا
عاما، معترفا به، ويرجع ذلك إلي الشكل الذي هو وظيفة من وظائف الإدراك.
أما الابتكار فهو وظيفة من وظائف التخيل، ويصل هاذان النوعان، من
النشاط العقلي، في تفاعلهما معا إلي ما هو أبعد بكثير من جميع الجوانب
النفسية للخبرة الجمالية غير أن للفن جوانب أخرى بيولوجية واجتماعية لا
يمكن أن نقلل من أهميتها وفي اعتقاده أن الحياة ذاتها جمالية في
منابعها الجوهرية والخفية إذ أن ناتجة عن تجسيد الطاقة في شكل لا يكون
ماديا بحسب، بل جماليا ايضا وهذا وهو " المبدأ الشكلي " الذي نلحظه في
تطور الكون ذاته، ويبدو أنه كلما استطاع عالم الطبيعة أن يميط اللثام،
الذي نلحظه في تطور الكون ذاته، ويبدو أنه كلما استطاع عالم الطبيعة،
أن يميط اللثام، عن البناء الطبيعي للعالم كلما اعتمد علي توافق عددي
بجوانبه الجمالية الممتعة ولا يقل عالم الطبيعة عن عالم الجمال،
استعدادا في تقبل نظرة إلي الكون ترى أن التباعد بين الخبرة الجمالية،
وما وراء الجمالية.[2]
وبين الخبرة العلمية، وما وراء العلمية هو أساسا تباعد بين ما هو
قابل للقياس وما هو غير قابل له أكثر مما هو تباعد بين الملموس وغير
الملموس.[3]
ويرى د. عبد المنعم تليمة " أن الفـن صورة من صور البناء الثقافي ".[4]
" وأن الواقع في الفن، يبدو أكثر غنى من حقيقة الواقعة لأن الفن لا
يقف عند الواقع، وإنما يتخطى هذه المعطيات، إلي إدراك جديد لها، فيبدو
الواقع في صورة جديدة له، صورته الفنية، و هـي أكثر كمالا من الأصل،
ويعتد بالذات المبدعة، في الفن، ومدى حرارتها الوجدانية، خيالها الذي
يكشف بين الجزئيات جوامع لا تتبدل لكل عين.[5]
ويعرفه بعضهم " بأن الفن هو ما يخرجه الإنسان، من عالم الخيال إلي
عالم الحس، ليحدث في النفس طربا أو إعجابا، أو تأثيرا بالجمال، و آخر
يقول، هو إعادة تنظيم التأثيرات الإصطلاحية، بشكل يكشف عن قيمتها
المميزة للإحساس أو الإنفعال.
ويقول المؤلف أن العمل الفني المكتمل النمو، هو هذه التعاريف جميعا،
وهو في الوقت نفسه أكبر منها... العمل الفني الكامل، فوق الزمان
والمكان والفن أيضا ضروري للنشاط الإنساني عموماً.[6]
ويعرض أحد الباحثين في هذا الموضوع الأراء المختلفة في تعريف الفن "
أن مدلول كلمة " فن " يختلف مدلولها من لغة إلي أخـرى، فالكلمة
الأجنبية |(ART) معنى واسع ليأتي في العربية لفظ " فن " واشتقاته من "
فن " وأن كلمة فن في اللغات الافرنجية، المشتقة من اللاتينية، أو علي
الأدق من وجهة نظر الباحث تعنى القدرة و المهارة ويرى أن العرب قد طوعا
المعنى الذي تعنيه كلمة (أرت) وهو معنى واسع ليستوعبه لفظ ضيق جدا، وهو
لفظ الفن، والتي تعنى "النوع و الضرب " كما أن الأولى في لغتها
الأجنبية، تعنى فنون الموسيقى والتمثيل والسينما.[7]
وقد تعرض الباحث، لتعريفات متعددة وهي بالدرجة الأولى، ربط بين الفن،
وعناصر الحياة المختلفة، من لغة، وعلم، ومن مفردات التعريف الأجنبي،
كالموسيقى والمعمار، ومن ناحية الفلسفة ويتعدى في الحاجة إلي التعريف
ليشمل بجانب المفكرين والفلاسفة أنه يثير أيضا، اهتمام الأفراد، علي
اختلاف ثقافاتهم وذلك لأن الإنسان، فنان بطبيعته، بمعنى أن فيه درجة،
من درجات الفن، وفقا للمعنى الذي ذكره، أفلاطون.[8]
كما يعرض الرأي دائرة المعارف البريطانية، أن الفن و العلم يشتركان
في البحث عن الحقيقة، إلا أن المسار والتقدم والوسائل التي يستخدمها
الفنان من جهة والعالم من جهة أخرى، تختلف بدرجة كبيـرة.
فالعلوم تهدف إلي الاشتمال، علي القوانين العامة، التي تظل قائمة في
جميع الحالات، أما الفنون (ARTS) والأدب (Letters) تمثل إلي كشف ردود
الفعل الشخصية أو النثرية، إلي بسطها، في معاناة ومعاناة فريدة، من
التجربة الإنسانية ويميل العلماء إلي التخصيص ويميل الفنانون إلي
الشمول في نظرتهم إلي العالم.[9]
أما د. أحمد الشايب فإنه يرى " أن العلم هو هذه المعارف الإنسانية،
في أسلوب نظري منسق، وأما الفـن، فهو هذه المعارف نفسها، في شكل عملي
تطبيقي[10] ويقسم الفن
إلي:
1- الفـن العملي النافع: كالنجارة والبناء والفلاحة: وهو ما يكون
عمل الجسم فيه، أظهر من عمل النفس، وغاية هذه الفائدة النفعية.. "
الحرب والصناعات ".
2- الفـن الجميـل: وعمل النفس فيه، أوضح من عمل الجسم، كالموسيقى
والرسم والأدب، فهي التعبير الجميل الصادق، الذي يبعث في النفوس، اللذة
والسرور، ويظهر الناس، علي أسرار الحياة وروحها العميقة، وهذا كلام
يعوذه الإيضاح، وضرب الأمثال وهذا الفن منه السمعي، كالموسيقا، والأدب،
ومنه البصري البارز، كالنحت والتصوير، والبصري السطحي، كالرسم الذي
يعبر عن الجمال بالخطوط والألوان.[11]
ويقول تاجور " الإنسان كالحيوان " لكنه له شعور وإنفعالات وعواطف في
حدود المنفعة، بالنسبة للحيوان، ولكنها تتعدها، لدى الإنسان لتعبر عما
يسمى "الفن للفن" فإنسان له، فيض من نشاط العاطفة، يزيد كثيرا علي ما
تتطلبه حاجته إلي المنعة، وحفظ نفسه وهذا الفيض العاطفي، يصعب علي
النفوس، كبته فهو كالبخار في شكل ما، وهذه الأشكال هي نتاج الفنون،
وهناك عدة فروق بين الفن والعلم " كما يعرض لها د. الشايب "، لأن الفن
أسبق إلي الوجود من العلم، فالشعر وهو فن جاء سابقا للعلم، ففي مجال
الأدب ن كانت العروض والقافية والتعبير الصحيح ن كان قبل النحو وقواعده،
ومما لا شك فيه، أن أصول العرض وقواعد النحـو، مستنبطة من النصوص
الأدبية الأولى.
العلم يتناول الحياة، كما هي في الواقع، ولكن الفن، يتناولها، كما
يريد الفن نفسه، فلا يكتفى بعرضها كما هي خالصة، وإنما يمزج بها، عاطفة
الفن وخياله، فتبدو الحقيقة كما تصورها.
العالم ينظر إلي المقاييس والطرق والأساس والعرض والطول، والأديب أو
الفنان، يراها جملة لا تفصيلا، أما مدحا أو ذما، أو حكمة فالأول يأخذها
طبقا للقوانين عقلية وإدراك الحقائق العلمية والثاني يأخذها بالحس
والشعور والجمال.
يختلف العلم والفن، من حيث الثقافة، فالعلم يغذي الفكر الإنساني،
وعبر عن وظيفة الإنسان باعتباره حيوانا ناطقا مفكرا والفن يغذي الوجدان،
وعبر عن شخصية الإنسان باعتباره حيونا شاعرا له، فيض من وجدانه وضميره.
لكن العصر الحديث، جعل الفن نفعيا هو الأخر، وإلا كان مطروحه منبوذا
من النفع والامتاع.
ويرى الباحث د. أحمد المغازي أن المدلول العربي للفظ فنان قاصرا جدا
ولا يعبر أبدا عن المدلول الأجنبي، لهذه الكلمة كما قلنا بلفظها الأصلي
(ART) ويدعو إلي اختير لفظ جديد، في العربية يكون أكثر قربا أو تطابقا
في مدلولة من كلمة " فن وفنون " ويقترح أن يكون " نظم " و" ناظم "
و"نظمية" ونظيمات ونظم وما إلي ذلك، مقابل قولنا " فن وفنان.. وفنية
وفنون " ذلك لأن معنى النظم مباشرة في العربية " الإنسان والمهارة
والقدرة في آن واحـد " (و لا شك أن الفن مدلول كبير متسع، يشمل كل
التعريفات السابقة فهو يحكم القواعد، غير المنظمة لكل صناعة أو حرفة أو
مهنة أو تجارة، كما أنه يشمل ن الصناعات التي تستخدم الحواس المختلفة
للإنسان، كالأعمال اليدوية والذهنية، وأعمال الملاحظة، والموسيقى
والخطابة والغناء، والرسم والتصدير والنحت والكتابة والتمثيل، والمشاهد
والسماع وأنها تباشر جميعا بتلقائية فإذا ارتقت إلي مستوى التنظيم
والحبك ووضع القواعد والأسى، وبوشرت ودرست بشكل منسق ومرتب تصبح في
نطاق العلم، وكثير من الفنون، بدأت كدرب من دروب المعرفة التلقائية
والممارسة المكتسبة، من التجارب وتراكم الخبرات، ثم أخذت لها منهجا
يرقى بها مع التطوير والتعديل ثم التنظير، إلي علم قائم بذاته، كما أنه
يعني العرض لنشاط من الأنشطة الإنسانية، تاريخه والقواعد التي تحكمه
ومراحل تطوره، كما أن ذلك " الفن " يكون له أبعاد أساسية واجتماعية
واقتصادية ودينية يؤثر فيها، ويتأثر بها.
والفن الذي نقصده هنا، له مفهومان:
1- الفن الصحفي: أي الذي تناول صناعة الصحف، من بشر وأجهزة ومعدات
ووسائل مختلفة للاتصال... إلخ.
2- الصحافة الفنية: وهي الصحافة التي تعبر دربا، من دروب الصحافة،
المتخصصة و التي تتعلق بفنون المسرح والثقافة و التمثيل والأدب الدرامي
والإذاعة والتليفزيون والشعر والسينما والأجهزة والبشر الذي يعمل في
هذا المجال وكتاب ومحرر الفن.
وسوف نعرض لها جميعا حسب ترتيب هذا البحث.
ومن كل ما تقدم نستطيع أن نقول أن (الفن هو تحويل الكثير من الأفكار
إلي صور مرئية، أو صور ذهنية مسموعة، أو صور مكتوبة أو مرسومة أو مجسمة
أو ممارستها وهذه الأفكـار انعكاس لواقع المجتمع أو منظرة له أو عارضة
للاتجاهات السياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، في أشكال مختلفة تلتزم
فيها بالمبادىء الدينية والقيم والعادات وللتقاليد داخل المجتمع).
كما أن الفن، لا يقف مجردا، عن ان يعطي رأيا أو يسهم إسهاما فعليا
في حركة التاريخ وفي حركة المجتمع، ودائما كان الفرد، هو المعبر عن
آلام وآمال الأمة، عبر التاريخ، وهو بحق انعكاس للمجتمع ومرآة صادقة
لنبض الجماهير بنوعياتها المختلفة، وليس الفن مظهرا للجمال، بقدر ما هو
تعبير وإرشاد وتوجيه وهناك من يعطي للفن دورا سياسيا، علي أساس أن
الحكومة تهتم بالجمهور والجمهور يهتم بالفن، فلا شك أن تعني الحكومة،
بما يعـد أداة اتصال، بينها وبين الجمهور، فتحاول السيطرة علي، وتمرير
أفكارها، عبره وتبقى الصحافة العامة والفنية خاصة، قائمة بدور كبير في
عرض ونقد الأعمال الفنية، من أجل صالح الجمهور المتلقى، وكان لها دورا
كبيرا في تكريس جهدها، نحو مقاومة الاحتلال، وتأكيد الذات الشعبية عبر
تاريخ العالم عامة وعبر تاريخ مصر خاصة.
خلاصة:
ونخلص من هذا الجزء إلي تعدد تعريفات الفن، في اللغات الأجنبية
والعالم المغربي وقصره، في العالم العربي ولكننا نأخذه، من زاويتين
يتعلقان بهذا البحث:
1-الفـن الصحفي
2- الصحافة الفنية، و الفنون التي تغطيها كما سيرد في تقسيمان هذا
البحث.
مفهوم التطور وتاريخـه
في معجم لاروس أن التطور " يعني الانتقال من مرحلة إلي أخـرى، كما
أنه يعني التعديل والإضافة، بغرض التحسين، كما أنه يعني النمو والتقدم،
كما يضيف المعجم العربي الحديث (لاروس)، أن التطور " يعني تحول
الكائنات الحية تحولا تدريجيا، نتيجة لتغيرات تحدث في مورثاتها، ولكننا
لسنا مع الرأي من نظريات التطور (النشؤ والارتقاء) التي نادى بها (دارون)،
ليس لمخالفتها، لديننا الإسلامي فقط، بل إلي عيب في تكوينها، ذلك أنها
تأخذ بتسلسل وتطور الكائنات الحية، من الخلايا البسيطة (الأميبا)، إلي
الخلايا دقيقة التكوين (الإنسان) والعيب الذي وجـه إليها وجود حلقة
مفقودة بين (القـرد)، والإنسان ولكن العيب الأساسي من وجهة نظرنا، أنها
تلغى قاعدة أساسية، في هذا الوجود وهو أن الله جلت قدرته يقول " للشىء
كن فيكون "، ومن هذا فهو يستطيع بقدرته خلق الكثير من الأصناف والحيوان
والإنسان، في نفس الوقت فنجد الكثير من الخلايا البسيطة تعيش في ظروف
خلقت من أجلها ونجـد الخلايا المركبة، في أشكال مختلفة، ومن ثم فنحن مع
النظرية الطبيعية، وهي تعـدد الخلق، لأن الخالق واحـد وهو القادر وهو
المنشىء بل يؤكد ذلك أن دورة الحياة العلمية، تعتمد علي الخلق بأنواعه
المختلفة من نبات وحيوان وإنسان ومن الشمس وغير ذلك من المخلوقات فيما
يسمى " بدورة لازوت، وكذلك التمثيل الضوئي، و التي تسير بها الحياة في
الأرض وفي البحر وفي الجـو، وليس الخطأ في عدم الفهم أو قصور العلم، عن
الوصول، إلي كل حقائق الكون كما يقول (الشيخ الشعراوي)، فكم من
المستحدثات، موجودة أصلا، ولكن عدم معرفة قانونها، تجعلها مجهولة لنا.
وعلي هذا الأساس، نشأ التطور، بتفاعل عناصر الحياة، منذ بدء الخليقة
وحتى اليوم، وآيات القرآن جميعا، تعطي للعقل دورا كبيرا في إجراء هذا
التطور فيبدأ بسيطا، مع حياة بسيطة ويظل متدرجا، لمقابلة احتياجات
يومية ومحاولة حل مشاكل قائمة، وكلما زادت الحاجة، زادت الحاجة إلي
وجـود الحل لها، وطرحت البديلات المختلفة، ليختار البديل الملائم، الذي
يسعى إلي التطور ولنقص الموارد جاءت الحاجة إلي محاولة استغلالها،
استغلال أمثل، من حيث الوقت والتكلفة والجهد، وأدى ذلك، إلي تحسين
الوسائل لمقابلة هذا، ولقد أعطى الله للناس، فرصا واحـدة متساوية، ولكن
هناك من يشغل هذا العقل، ومنهم من يتكاسل في ذلك ومن ثم يظهر أثر ذلك،
في نتاج العقل المختلفة، كما ان الطبيعة البشرية والحاجة خلقت المنافسة
والأخيرة أدت إلي محاولة التفنن والتجدد والابتكار، ثم أدت أيضا إلى
الاحتكار، ماديا وعقليا، وابتكارا، فتقدمت مجتمعات، وتخلفت مجتمعات
وليس المهم في مقدار الموارد، التي تحتفظ بها دولة وإنما المهم في
كيفية استغلال هذه الموارد بطريقة سليمة واقتصادية، ومن قبل كيفية
اكتشافها وقد أدى هذا إلي محاولة تطوير في الأساليب، وفي الأجهزة
والمعدات وكافة الوسائل، وأصبح من يملك أدوات الاستغلال والاكتشاف، هو
المسيطر علي هذه الموارد، وازداد تبعا لذلك معدل التطور، حتى وصل في
القرن الحالي إلي مرحلة متقدمة جدا، عبر طفرات سريعة وقصيرة زمنيا،
وانعكس هذا التطور، علي كل شىء في الحياة من وسائل المعيشة (غذاء –
مسكن – ملبس – عمل – صناعة – زراعة – تجارة – اقتصاد) إلي وسائل الربط
بين المجتمع وهذه المجتمعات (مواصلات – أجهزة ومعدات – تربية وتعليم
وثقافة) وجمع بين كل هذا عملية التنمية للاستفادة بكل هذه العناصر
وتتطلب كل هذه الجهود إدارة تخطط وتنظم وتدير كل هذه العناصر.
ولكن هل كل تطور مطلوب ؟ وهل كل تطور يلائم كل مجتمع ؟ وهل التطور
في الدول المتقدمة يلائم التطور في الدول النامية أو المتخلفة، وهل
مستحدثات التطور في مجتمع مثلا غربي بما فيه من أجهزة ومعدات وتطور في
الأساليب، وفي العادات والأنماط الإنسانية، يلائم طبائع الإنسان العربي
المسلم، فقد يكومن التطور عاكسا لأنماط وعادات إنسانية تختلف مع
معتقدات وعادات وأنماط مسلم.
ليس هذا فقط، بل قد نتساءل، عن مستحدثات لا تلائم الإنسان العربي
المسلم فقط بل لا تلائم إنسان هذا المجتمع، علاوة علي أنها لا تفيد هذا
الإنسان بشىء حقيقي أو تضيف إلي المجتمع إضافة جديدة، مثل زيادة
الإنتاجية، أو ترشيد التكاليف أو تسهيل وسيولة الأعمال والخدمات.
في الحقيقة، أن التطور يجب أن يكون متلائما مع المجتمع ومع العادات
والتقاليد ولا يخالف بل نزيد علي ذلك أن يكون مفيدا، للمجتمع اقتصاديا
وإنسانيا وقبل كل ذلك الاستعداد له، بوجود الكوادر الفنية المؤهلة،
تدريبيا له، والمؤهلة نفسيا له ووجود دراسة الجدوى الاقتصادية، لاتخاذ
قرار، بإدخال مستحدثات في ضوء المقارنة بين بدائل الانفاق المختلفة،
مثلا هل من الأفضل إدخال آلة جديدة، تنتج الآيس كريم، علي مستوى واسع
أم إنشاء وحدة أو مستشفى صحية، أو إنشاء مدرسة جديدة أن اختيار الشكل
الملائم لإحداث التطور، يجب أن يكون عائدا بالخير، علي المجتمع وأفراده
وان يؤدي إلي استمرار هذا الخير، وكمثال آخر اخترعا شركة ناشيونال
العالمية " شيشة كهربائية، تشعل النار بالكهرباء " ماذا يضيفه هذا
الاختراع، للمجتمع بالعكس أنه يؤدي إلي زيادة المدخنين بالإضافة إلي
زيادة استهلاك كمية أكبر من الدخان والفحم، وتوجيه جزء أكبر من دخل
الأسرة لبند التدخين.
إننا نضرب هذا المثل مع غرابته لموضوع دراستنا.
ويرى د. عبد المنعم تليمة أن الفن " يوصف بالتطور، لأنه يعكس حركة
واقع جديد متغير أبدا، ولذا فإن نموذج هذا الواقع، متغير يفيد ويقول،
أن التغير معناه التغير إلي الأفضل ".
أما أرنست فيشر، فيرى أن تطور الفن محكوم بتطور المجتمع ويربط بين
التاريخ المنهجي للفن، باستخلاص قانون تطوره، وبكيفية عمل هذا القانون
وفق قوانين أعمل واشمل أي أن تاريخ الفن، يعتبر بجمالياته، انعكاس
للواقع، وتساعد هذه المنهجية علي الدرس العلمي للفن من حيث مراحل تطور
وازدهاره ومن حيث اتجاهاته ونظرياته وأساليبه ومناهجه ومدارسه وأنواعه،
ومن حيث قيمة موضوعاته ونماذجه الإنسانية، ويحتاج كل من هذه الجوانب،
في فن واحد، ومجتمع يعيش فيه إلي درس منهجي منظم، يوضح هذه العلاقة بين
المبدأ الجمالي، والمجتمع الذي ينشأ فيه الفن.
ويضيف بأن " الفن عمل خاص، وينتج الفنان آثاره، في ظل ظروف محددة،
من حيث تطور الوسائل المختلفة، من أدوات وخامات وعادات الفنان وعلاقاته،
ومن حيث تقسيم العمل الفني والتخصص فيه.
إن الفنان يتأثر بالمجتمع ويؤثر فيه وينعكس ذلك علي الفن وهذه
العلاقة يستطيع أن يجعل الفنان قادرات علي الإحساس بها، مستلهما ذلك من
تجاربه وخبراته السابقة، ومتطلعا إلي المستقبل.
والتطور ذلك، له قوانين العلمية، التي تحكمه " ويقف هيجل وجورج
فلهيم فردريك (1770 – 1831) علي رأس النظريين المثاليين، الذين جعلوا
التطور حركة عامة للظواهر والأحـداث في الطبيعة والتاريخ والمجتمع
والإنسان، ولكنه يرى في هيجل أنه مثالي المذهب موضوعي المنهج، ونحن كما
قلنا، مع مفهوم التطور (الذي يكتشفه الإنسان ويدفع به، بما أعطاه الله
من ملكة التفكير والعمل ولسنا مع النظرة إلي التطور كحتمية تاريخية)
ولقد أسس هيجل مذهب المثالي، علي أن الفكرة أو الروح المطلق جوهر
للعالم، وعلي أن الواقع بظواهره، ونشاطاته وأشيائه تجسيدا لهذا الجوهر
وتعبير عنه.
لهذا فإن تطور الفن، من جهة أشكاله وأنواعه، يتجه إلي الانتقال من (الحجوم)
إلي الجسوم إلي الرسوم، وكل انتقاله، من هذه الانتقالات الثلاث، هي
المفسر للاتجاه الفني الغالب، في كل نمط من أنماط الفن الثلاثة، وهي
المفسر للنوع الفني، الذي ساد في كل مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني
الثلاث (من العمارة) الحجم، في مثل النمط الرمزي، في تاريخ الفن، وهو
فن الحضارة الشرقية القديمة، وفن النحت (جسم)، هو مثال للنمط الكلاسيكي
في تاريخ الفن، هو في الحضارة اليونانية القديمة، وفن التصوير (رسم) هو
مع الموسيقى والشعر مثل النمط الرومانسي، في تاريخ الفن، وهو واحد من
الفنون الأساسية في الحضارة الحديثة.
خلاصة:
تعرضنا لمفهوم التطور وتاريخه والفن وتطوره وعلاقته، بالمجتمع وذلك
كتمهيد، لبحث تطور الفن الصحفي، ونخلص إلا أن التطور المنشود، لأي
مجتمع يجب أن يتسم بالصفات التالية:
1- أن يتناسب مع طبيعة المجتمع ودينه وعاداته وتقاليده وأخلاقياته.
2- أن يكون مفيدا لهذا المجتمع، ومساهما في التنمية الاقتصادية
والسياسية والثقافية والاجتماعية.
3- أن تكون الوسيلة المستخدمة لاحداث التطور، في أي ميدان، غير
متناقضة مع الدين الإسلامي وأخلاقيات المجتمع.
4- أن الدعـوة إلي قيم وتقاليد وعادات وأنماط جديدة ن فيما يسمى
بالمودرن أو العصرية، لا يعد تطورا، أو وصف من يتخلف عن الأخذ بها، أنه
غير متطور وغير عصري وقديم و تقليدي، إذ أن الثابت أن التمسك بالدين
والقيم والأخلاقيات والعادات الفاضلة، ترفع من مستوى المجتمع أي تطوره
إذن هي المقياس الذي يقاس علي أساسه وليس العكس.
5- التطور يحدث في الوسائل والآليات والأجهزة والمعدات والآلات
ويحدث أيضا علي مستوى البشر، فكر وسلوك وممارسة في ضوء ما تقدم.
ومن كل هذا نستطيع أن نقول، أن مفهوم التطور هو " مقدار ما يضاف إلي
المجتمع من تحسينات وإضافات وبما يعود علي، ويبسط ويسهل حركة الحياة،
ويرتقى بها ويعود بالرفاهية والخير، علي أفراد المجتمع جميعا، دون
تمييز إلا بالمساهمة والتعاون في هذا التقدم ويدعم من قيم وأخلاقيات
وتقاليد المجتمع ولا يتناقض مع دين أو عقيدة أو عادات أصلية.
تطور الفـن الصحفـي
قبل أن نعرض لمفهوم الصحافة، بوصفها احدي وسائل الاتصال، التي تسعى
إلي تحرير رسالة إعلامية، إلي الجمهور وإلي تلقى وجهة نظر الجمهور،
وتلعب دورها هذا في ضوء وسائل أخـرى، كالراديو والتليفزيون والسينما
والكتاب والمسجد وغير ذلك من وسائل الاتصال الأخـرى، الجماهيري
والمباشر والوسيط، كما عرضها علماء الاتصال.
نـود أن نعرض للبدايات الأولى مع البشرية بغرض تسجيل التطورات التي
طرأت علي هذه الوسيلة من حيث المفهوم والعناصر التي تساعدها في تأدية
مهامها.
لقد بدأت الكلمة مع " بداية البشرية، ذلك لأن الإنسان حيوان اجتماعي
بطبعه ولابد له من وسيلة تعبيرة يحقق بها وجوده باتصاله مع الآخرين
فكانت الكلمة، وهي الصفة التي تميز الإنسان من الحيوان".
والكلمة هي فكرة اتصالية احتاجها الجميع كرسالة اتصالية، بين البشر
فيما بينهم وبين الخالق والبشر والأديان السماوية جميعها كنت دعوة
تحتاج إلي داعية لتثبيت ونشر هذه الدعوة والإنزال السماوي، لهذه
الأفكار، التي تشكل الديانات تعد وسيلة اتصال وإعلام للبشر، بالكف عن
البشر، والاتجاه إلي عبادة الله الخالق والمنفذ لهذا الكون، ولان الله
العلي القدير، لا يظهر لبشر فكان لابد من وجود وسيلة لايصال الرسالة
السماوية وكان لابد أن تكون وسيلة الاتصال سليمة وجيدة وممتازة لايصال
الرسالة إلي البشر يقول الله العلى الحكيم في محكم كتابه "وما كان لبشر
أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ". 51 ك الشورى 42
وفي محكم كتابه أيضا " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم
والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله" 79 آل عمران 3
ويفهم من هذه الآيات وآيات أخرى عديدة في الكتاب الكريم أن وسائل
الاتصال ثلاثة:
1- الإيحـاء 2- الكلام من وراء حجاب 3- إرسال رسول
وقد تمت هذه الوسائل جميعها فيما أراده الله من تبليغ البشر كما أن
الاتصال من مفهوم الآيتين، أحدهما المخاطبة، والاتصال بالبشر، ومن ثم
فإن العلاقة بين الله والبشر لا تقتصر فقط علي الرسل والأنبياء فقد جاء
النص عموميا "لبشر" أي لاي فرد من الناس، ولكن علي نفس المستوى يأتي
التحديد والتخصيص بأن الذي يحدده ويختاره هو الله جلت قدرته.
ويفهم من " الأية الثانية " أن من يعطيه الله، هذا الحق أو ما يمنحه
الله لبعض البشر من الحكم والحكم والنبوة أن لا يتعدى حدود التفويض
الممنوح له، ويتصور أنه المفوض لنفسه، ويأمر الناس، بأن يكونوا عبادا
له من دون الله، هنا قد تعدى صفته وهو المفوض بفتح الواو وتشديدها وليس
بكسرها.
وإذا استعرضنا تاريخ الرسالات لوجدنا أن وسائل الاتصال، قد تمت
بوسائل مختلفة فسيدنا موسى كلم الله تكليما، من فوق جبل سيناء بالوادي
المقدس، وسيدنا محمد في رحلة الإسراء والمعراج، وخاطب الله سيدنا عيسى
في القرآن الكريم فيما معناه " أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي آلهين من
دون الله " كما أنا وجدنا قيام سيدنا جبريل، بدور كبير في الاتصالات
السماوية وهي يعطي الكلمة الأولى لسيدنا محمد النبي الأمي.. قال له
إقرأ.. قال له ما أنا بقارىء.. أقرأ باسم ربك الذل خلق.. هنا كانت
القراءة، هي الدرس الأول الذي تعلمه الرسول في الاتصال ولم تكن القراءة
بمعناه المعروف وإنما هي العلم بالشىء حيث أنه ليس هناك صحائف يقرأ
منها إنها إذن معنى أعمق إنها المعرفة، وجميع الرسل قد حملوا الرسالات،
وجاءوا معهم بالبراهين والمعجزات، فالناس أمام البرهان والمعجزة لابد
مصدقين لمداليل الرسالة وصدقها، إذن أنهم يرون ما فوق طاقة البشر، ومن
ثم فهي من عند قدير عليم فوق البشر، وكان قمة معجزة محمد رسول الله هي
الكلمة لقد جاء " خاتم الأنبياء " وقد نضجت العقول وكان مخاطبتها
بالعقل والكلمة ممثلة في القرآن وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم في
سبيل نشر دعوته بكل وسائل الاتصال المعروفة في هذا التاريخ.
وهكذا نجد أن الكلمة قديمة قدم العهد، والفليسوف الإنجليزي (برناردشو)
" يشير إلي أهمية الكلمة في مسرحية العودة إلي ماثوسيلا " بقوله عندما
قرر آدم وحواء ضرورة اختراع وسيلة للتفاهم والتعبير و توصلا إلي ابتكار
" الكلمة " التي تطور مفهومها عبر التاريخ الإنساني، فكانت وسيلة
التعامل بين البشر ويبرز القرآن الكريم أهمية الكلمة في حياة الإنسان،
كوظيفة اخبارية، في مجال الاتصال بقبوله تعالى " قال ربي اجعل لي آية
قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا" سورة مريم آية 10 – والفيلسوف
الإيطالي "جيانزباتستافيكو" يقول "الكلمة أساس الحضارة لأنها وسيلة
للمعرفة، كما أن الكلمة عند بول شوشارد "رمز لمدلول ما تتناقله الألسنة
ويتطور تداوله بتطور الإنسان في رسائل الاتصال ".
ولقد حاول الإنسان علي مر تاريخه الطويل أن يسجل الكلمة ويحدثنا "أدورد
كلود" أن عمليات التسجيل هذه قد مرت بعدة مراحل:
المرحلة الأولى: وهي " مرحلة التسجيل التذكري " التي استعمل فيها
الإنسان وسائل عادية للتفاهم والتسجيل مستغنيا عن الإشارات والصيحات
كوسيلة للتعبير، فاستخدم الإنسان الأول في الصين وسيلة " الحبال " في
صنع عقد مختلفة الأشكال والأحجام والألوان لتعبر عن معان مختلفة. وكذلك
العصى بأشكالها المتنوعة للتعبير عن مفهوم ما.
المرحلة الثانية: وهي وسيلة التسجيل بالصور، وهي المرحلة التي ترجع
إلي العصر الحجري الأول وفيها حفر الإنسان رسوم الشخص والحيوان علي
جدران الكهوف والمعابد وعلي الحجارة والعظام، وكانت الصورة تعبر عن
وسيلة اتصال الجماهير.
المرحلة الثالثة: من مراحل الاتصال الإخباري وهي "مرحلة التسجيل
الفكري" وهي مرحلة تعبر فيها الصورة عن الفكرة وعن الأشياء، ووصلت هذه
المرحلة إلي قمة الاتصال في العصر الفرعوني.
وفي القرن السادس الميلادي، تطورت الصورة فطبعت علي القماش، ثم ظهرت
الكتب المطبوعة المصنوعة من الألوان الخشبية في القرن السابع (46) في
الصين. ثم تطور الأمر شيئا فشيئا ليقرب (الخبر) من الجماهير.
المرحلة الرابعة والأخيرة:من مراحل بداية الاتصال بين البشر هي "
مرحلة التسجيل الصوتي" وهي مرحلة قامت فيها الأصوات بدور هام في إطار
لغة العبير، وبدأ "اللفظ" كعامل معبر عن الحدث ولقد تطور الإنسان
وتطورت معه وسائل الاتصال وكان محور المعرفة هو الخبر، وظل الصراع من
أجل وصول الخبر إلي أكبر قاعدة جماهيرية هو الذي يعني الباحثين في مجال
الاتصال، من هنا كانت الصحيفة، وعن الصحيفة تكونت الوكالة التي تبحث عن
مكونات الخبر لإبلاغه للصحيفة.
أولا: مفهوم الصحافة:
لا يوجد تعريف دقيق للصحافة، حسب رأي د. خليل صابات، فبعضهم يعتبرها
حرفة، وبعضهم الآخر يعرفها بأنها فن، في حين يؤكد المثاليون، أنها
رسالة قبل كل شىء، وسواء كانت الصحافة فنا أو حرفة أو صناعة أو رسالة
أو كل ذلك معا، فإنها استعداد طبيعي قبل كل شىء، فالإنسان يولد صحيفا،
أي أنه يجب أن تتوافر فيه الموهبة أولا قبل أن يمر بفترة تأهيل أو
تدريب، فهي إذن رسالة قبل كل شىء ثم موهبة واستعداد وفن وعلم، وهي
المهنة الصحفية (بكسر الصاد) وهي مجموعة ما ينشر في الصحف "إذا كانت
صادها مفتوحة ".
أما د. محمد حسن عبد العزيز، فيقول " أنها حرفة من الحرف التي يشتغل
الناس بها والذين يعملون بها تضم هيئة خاصة بهم هي " نقابة الصحفيين "
والصحافة ايضا علم عل أصوله المتعارف عليها بين المستغلين بها وله
مدارس تتميز كل منها باتجاه خاص، ويشير إلي تعرف دائرة المعارف
البريطانية لها وتشمل الصحافة كتابة ونشر الصحف والدوريات، وتشمل ايضا
مهام وعمليات مرتبطة بصفة أساسية – بإنتاج النشرات والدوريات.
ويعرض د. محمود فهمي إلي الأراء التي تعتبرها علما والآراء التي
تعتبرها موهبة) وهو نفس ما عرض له، الدكتور خليل صابات، فيذهب الفريق
الأول إلي أن الفن في الصحافة ذاتي وشخصي، تسيطر فيه الشخصية، علي
الأسس المختلفة للعمل الصحفي، أليس الكمال الفني، في العمل الصحفي،
نتيجة لسلسلة من التجارب التي تتصل بالشخصية الصحفية ونتيجة للانطباعات
المختلفة التي تصادف الصحفي في حياته، والرأي الثاني يقول إذا كانت
الصحافة "موهبة" فكيف أن نفسر قيام الصحف علي أساسين " التحرير
والإدارة " وكيف يمكن أن يكون هناك نظام للتحرير إذا لم ندرس هذه
المسألة دراسة استقرائية وكذلك كيف يمكن أن تقف الصحفية من الناحية
المالية والإدارية في وجه المنافسة إذا لم تكن هذه الناحية قد بحثت
بحثا علميا صحيحا، كما أن الدول اختلفت أيضا فيما بينهما بالنسبة غلي
دراسة الصحافة، فليس هناك رأيان مختلفان فقط، وإنما نجد بعض الدول تلجأ
إلي دراسة الصحافة باعتبارها علما كغيره من العلوم، بينما بعض الدول لا
تنشىء مثل هذه الدراسة في مدارسها وجامعاتها باعتبار أن الصحافة تعتمد
علي الموهبة الذاتية والدارس للفن عامة والفن الصحفي خاصة، يمكن أن
يلاحظ أن اللمسة الفنية الفردية هي العمل الفريد الذي ينطق به العمل
الفني بصورة خاصة والذين يهتمون باللمسة الفردية لا يغفلون من حسابهم
في الدراسة قيمة الثقافة والبيئة، والمنهج الذي ينبغي أن يسيروا علي
هديه في دراساتهم وخاصة إذا ما تعرضوا للحركات الاجتماعية والفكرية
التي تلازم الحركات الفنية دائما.
وترى د. إجـلال خليفة " أن التحرير الصحفي قديم، ترتبط نشأته بنشأة
الصحافة ولكن علم التحرير الصحفي ودراسته علي أسس فنية، هو لا شك علم
حادث في الملة كما يقول ابن خلدون، ونشأته قريبة العهد جدا وهذا ومازلت
الدراسات والكتابات فيه ضيقة المجال، محدودة النطاق، ومازال هذا العلم
ينتظر دراسات مستوعبة تتسع بنطاقه وتتقصى كل فنونه، وتتطور بتطور
مجالات المعرفة فيه مجاراة للتقدم العلمي لوسائل الإعلام والاتصال
بالجماهير، وتضيف أن علم التحرير الصحفي، وفنونه ليس علما جامدا في
قواعده ونظرياته ووسائله، ولكنه علم يتطور بالحياة اليومية للعالم
وبتطور سائل الإعلان ونقل لمعرفة إلي الناس في مختلفة ابعاد الدنيا
وأقطار الأرض فإن وسائل نقل المعرفة إلي الناس في مختلف أبعاد الدنيا
وأقطار الأرض.
فإن وسائل نقل المعرفة، قد تطورت في السنوات الأخيرة تطور فاق كل
تصور حتى أن الزمن فيها أصبح يقاس بالثانية، وبعد أن كان يقال في
الماضي، حدث منذ أسبوعين أصبحنا نقول ترون الآن زيارة الرئيس أو مباراة...
إلخ.
كما استطاع العلم في تقدمه أن يجعل من وسائل الإعـلام وحدة في نقل
المعرفة بحيث نجد فيها الكلمة المقروءة والكلمة المسموعة والصورة
المنظورة، لهذا كان من الطبيعي أن يتطور علم التحرير الصحفي، وأن تتطور
معه أساليبه وأن يتسع نطاق فنونه..
ثانيا: مفهوم الصحفية:
" وضعت دائرة المعارف البريطانية تعريفا للصحيفة " بأنها نشرة دورية
غير مغلفة تصدر في فصول منتظمة وتقوم بصفة أولية، بنقل الأخبار ومعظم
الصحف تصدر يوميا أو أسبوعيا، والفصل بينها وبين المجلة، صعب خاصة بين
الصحف التي تصدر كل أسبوع، ولك بصفة عامة يسمى المنشور مجلة إذا كان
مغلفا بغلافين.
وقد حدد كل من: Enwin Emerery 1928 , atto Groth الألماني والأمريكي
علي التوالي مسمات الصحيفة فيما يلي:
1- أن تنشر بكل دوري علي الأقل أسبوعيا.
2- أن تطبع ميكانيكيا.
3- أن تكون متاحة للناس من كل الجوانب
4- أن يكون محتوى الصحيفة ذى اهتمام جماهيري وجاذب.
5- أن تكون ذات توقيت محددة مع الاستمرارية.
وتفرق د. إجـلال خليفة، بين الصحيفة والمجلة " و بالنسبة للفرق بين
الصحيفة والمجلة " ترى ما يلــى:
1- من حيث التحرير:
تختلف الصحيفة، من حيث سرعة عرض المعلومات وسهولة الأسلوب، لاختلاف
قراء الصحف عن قراء المجلة، فالصحيفة يقرأها الجميع، لأنها ذات موضوع
خفيف، والمجلة يقرأها، مرحلة معينة لأنها ذات موضوع دسم.
2- من حيث الخبر:
تلقى الصحافة جانبا بعد قراءتها، والمجلة يقرأها، العامة من أجل
الصور الملونة والأمور المسلية ويحتفظ بالمجلة كما أن المجلة تهتم
بالخبر الموسع والرأي.
3- من حيث النشر والإخـراج:
الصحيفة تنشر موضوعات كثيرة في نبض تحريري سريع وسياسة الإخراج (وحدة
الصفحة)، بينما تهتم المجلة بالمواد الثقافية والأدبية وساسة المجلة
وحدة الموضوع والصفحة الأولى تحمل أهم موضوع في العدد "المناشيت
والعناوين المختلفة "
بينما المجلة ذات غلاف من نوع مخالف للمحتوى تتصدرها صورة جمالية
إذا كانت المجلة نسائية أو مصورة أو تسلية وقد تكون صورة خبرية أو صورة
موضوعية.
*من حيث العناصر التيبوغرافية تضح في المجلة أكثر من الصحيفة ولذلك
تستخدم الصور والرسوم والألوان والورق الكوشيه المصقول اللامع،
والساتنيه 6جم أكثر من الجريدة.
*من حيث الطباعة تستخدم في الصحف بصفة أساسية الطباعة البارزة، وإن
كانت هناك محاولات للأوفست بينما تستخدم المجلة كل أنواع الطباعة.
*تهتم الصحف بالخبر وحيوته، بينما تهتم المجلة بالرأي وقد يرجع ذلك
إلي إلي الصحيفة من طبيعتها أن تصدر يومية، والمجلة من طبيعتها أن تصدر
أسبوعية أو دورية أو سنوية، مما يعطيها وقتا أكثر للدراسة والتعمق ومن
ثم فإن الصحيفة اليومية تباشر الوظيفة الأولى، للإعلام كما حددها علماء
الاتصال، وهي "مراقبة البيئة " عن طريق جمع المعلومات وتوزيعها بكفاءة
أكثر من المجلة لأنها تمتاز بالسرعة والحالية بحيث لا يموت الخبر، وأن
المجلة تباشر الوظيفة الثانية ن بكفاءة أكثر من الصحيفة وهي "ترابط
المجتمع " وذلك بممارسة التفسير والإيضاح، كما أنها تباشر الوظيفة
الثالثة وهي "التثقيف " بكفاءة أكثر من الصحيفة، أما الوظيفة الرابعة
وهي "التسلية"، فيشترك فيها الصحيفة والمجلة وأيضاُ " المساهمة في
التنمية ".
كما نادى بذلك، علماء الاتصال والاجتماع.
ومما تقدم يتضح لنا أن الصحيفة يميل إطلاقها علي الصحيفة اليومية
وهو بذلك يحددها وقتيا، بالصدور الويمي، وأن إطلاق اللفظ علي عموميه قد
استقر علي هذا علي أساس أن ما يطلق علي الصحف الأسبوعية أو الدورية هو
لفظ المجلة.
إلا أن هذا لا يمنع، من وجود إصدارات شاذة، ولكنه لا يخل بالقاعدة
المذكورة.
ثالثا الصحافة في تطورها:
" تقدمت وسائل الاتصال بالجماهير في القرنين التاسع عشر والعشرين،
بشكل كبير وقفزات رائعة، بسبب كثير من التغييرات التي حققت في هذه
الفترة ومن أهمها التطورات الاجتماعية والفكرية وتقدم الاختراعات ".
فالصحافة قبل ذلك لم يكن لها مدلول هذه الكلمة، والسبب في ذلك، أن
الصحف كانت عبارة عن بعض الأخبار المنشورة تصدر أو لا تصدر في كل فترة
من الزمن، وكان صاحب دار الطباعة هو الذي يصدر هذه النشرة المنشورة،
ولم تكن دار الطباعة نسها علي درجة تؤهلها للقيام بهذا العمل البسيط.
ولم تكن الطباعة نفسها قد تطورت تطورا ذا بال منذ حاول جوتنبرح طبع
الإنجيل بحروف منفصلة سنة 1456، ثم أخذ الأمر يتطور حينما أخذ
المطبعجية في عيين مساعدنين لهم سواء في داخل الدار نفسها أو خارجها،
ومفهم بناجمين داي الذي كان يدير احدي المطابع والذي عين بعض معارفه،
للذهاب إلي أماكم للأحداث وكتابة التحقيقات وكان ذلك سنة 1833.. ومن ثم
عرفت الصحافة خاصة في الولايات المتحدة الخبر الصحفي إلا أن بعضهم يرى
طبقا لتعريف الباحث الألماني (Otto Groth) والأمريكي (Edwin Emerey)
السابق الإشارة إليهما أن أول جريدة حقيقية في العالم هي The oxford
Gazette التي سميت فيما بعد بـ London Gezette وصدرت أول عام 1665
وكانت تظهر مرتين في الأسبوع واستمرت في الصدور إلي أوائل القرن
العشرين وأن الجريدة الأولى باللغة الإنجليزية هي The Dailly Coureant
التي ظهرت في لندن عام 1702 وكانت مهمتة بشكل كبير بالمضمون الأدبي
والقضايا الفكرية، وتتوجه أساسا إلي الصفوة المتعلمة، واعتمدت بشكل
أساسي في تغطية كل تكاليفها علي الإعلان...
وفي عام 1660م أصدر طابع من بوسطون هو " بناجمين هاريس " جريدة أطلق
عليها " الشئون الخارجية والداخلية " تعد الجريدة الأمريكية الأولى،
ضمت أربع صفحات، وكانت الصفحة الرابعة تترك خالية ليملأها القراء
بانفسهم قبل تحريرها للأصدقاء، ولم يكن بها عناوين للموضوعات، وقد أراد
هاريس، أن ينشرها شهرية، ولكنها توقفت بعد عدد واحد لمهاجمتها حاكم
ولاية (ماسشوسيتسي) لأنها صدرت بدون إذا أو أمر من الحاكم وأوقف صاحبها
وعاد إلي لندن " ويتضح اختلاف في رأي الباحثين المشار إليهما فبينما
يحدد الباحث الأول يحدد تاريخ الصحافة، بتاريخ (بنجامين داي)، في
الولايات المتحدة سنة 1833 نجد أن الباحث يحددها، بعد تعريف دقيق لمغنى
الصحيفة أنها صدرت في 1665، بل يذهب إلي صحيفة أخرى صدرت في عام 1660،
ونحن نميل إلي التحديد المبنى علي أسس علمية، وهو تعريف معنى الصحيفة
أو المجلة أو الدورية ثم تطبيق هذه القواعد علي النوع المراد قياسه
وتحديده.
إلا أن د. بدر يرى أن " الصحافة المطبعة عرفت لأول مرة في الصين في
عهد أسرة تانج في القرن السابع الميلادي، حيث عرفت الصين، فنون الحفر
والطباعة القالبية وإذا تقدمنا في التاريخ مع بداية عصر النهضة في
أوروبا، سنتعرف علي الصحافة كما نعرفها اليوم، وذلك بعد اختراع الطباعة
بالشكل المعروف، علي يد (جوتنبرح)، ويعتبر هذا الحدث، احدي علامات
التطور الحضاري البارزة إذ توالت بعده صدور الصحف في أوروبا، فصدرت أول
جريدة مطبوعة في ألمانيا سنة 1502م وكانت تسمى (نيوزيتونج) وطبعت أول
صحيفة في إنجلترا عام 1922، وهي الأخبار الأسبوعية Weekly News صحيفة
في انجلترا عام 1922، وهي الأخبار الأسبوعية Weekly News ثم ظهرت أول
صحيفة، في إيطاليا، عام 1566 وفي هولندا عام 1616 وفي السويد عام 1624
وفي فرنسا عام 1631، ثم ظهرت الصحافة في المستعمرات الأمريكية، وفي
أمريكا بعد الاستقلال، فقد شهد عام 1830 تغييرات هائلة في مجال الصحافة،
إذ بدأ صدور صحيفة البنس The penny press أي التي يستطيع الجمهور
العادي شراءها وكانت تطبع منها أعـدادا كبيرة، وتغطي نفقاتها بالإعلان،
وتزيد التوزيع بالأخبار المثيرة والقصص المسلية، وسارت الصحافة
العالمية بعد ذلك مسيرتها العائلة مع إدخال التكنولوجيا المتطورة في:
1- الطباعة 2- الإخـراج
ونضيف إليها (فـن التحرير الصحفي)
كما نضيف إليهم الأجهزة والمعدات ووسائل الاتصال الأخـرى، وكذلك
العنصر البشري، فكمية هائلة من التحديثات، بدون فهم الإنسان لها
واستيعابه لها عن طريق التدريب والتعلم تعد مجرد قطع من الحديد
والأسلاك، المجمعة لا تغني ولا تسمن من جوع، وقد دخلت التحديثات، علي
العناصر السابقة بمرور الأيام وكان يحكمها عامل الإنتاج الكبير، الذي
لا يقدر عليه إلا الكيانات الكبيرة، وقد أدىت هذا إي محاولات التجمع في
شكل شركات ضخمة، أو محاولة تنظيم الحكومات لها في شكل كيانات كبيرة أو
تأميمها في جهات أخـرى للرقابة عليها من ناحية ولضخامة الاستثمارات
فيها والتي لا يقدر عليها إلا رأس المال الضخم، والصحيفة لا تتأثر
بصاحبها أو بالناشر فقط، وإنما هي تتاثر بمالها من أدوات وآلات وتطورات
تكنولوجية تتصل بصناعتها وإخراجها وبتجميع الأخبار وتقديمها ونشرها.
كما أن التحسينات في وسائل النقل من الحمام الزاجل، (ومن قبل
الهـدهـد)، باعتباره في رأينا أو ناقل للخبر، بل أول صاحب رأي (... من
سبأ بنبأ يقين)، ومن الجياد والسفن الشراعية، إلي الطائرات النفاثة إلي
الأقمار الصناعية قد عملت جميعها، علي سرعة تجميع ونشر الأخبار والصور
بينما ساعدت التطورات الميكانيكية في الطباعة وصناعة الورق، علي زيادة
حجمه وكميته، ويمكن القول أن التطور التكنولوجي، بدأ حقيقة منذ القرن
الخامس عشر منذ اختراع المطبعة، وحتى أوائل القرن التاسع عشر، كانت
الطباعة يدوية ثم استخدمت المطابع الاسطوانية Cylender press في جريدة
التايمز اللندنية سنة 1814، ثم استخدمت المطابع التي تعمل بالبخار بدلا
من تلك التي كان يتم تشغيلها يدويا، واخترعت في سنة 1860 والألواح
المصبوبة، Sterep type ثم جاء التطور الكبير بعد ذلك في سنة 1886،
باستخدام آلات الليونتيت Lino type بينما ساعدت (القوة الكهربائية) علي
تحسين عمليات تقطيع اللورق، وتجليده وطبعه، كما ساعدت التطورات السريعة
في التليفون والكتابة علي الألة الكاتبة وعمليات الحفر Engraving.
واستخدام الألوان والأحبار في التطوير التكنولوجي، الذي أدى إلي
إخراج الصحيفة الحديثة بشكل مختلفة كما شهد القرن العشرين تحسينات أخرى
في العمليات والآلات المستخدمة.
خصوصا تلك التي تتصل، بآلات الجمع التصويري وآلات الطبع الأوفست،
وتلك التي تتصل باختراع الطباعة عن بعد Teletyperselter وذلك حوالي
1928 بينما يطبع الخبر علي الآلة الكاتبة في بلد ما أو مكان معين، يقوم
التليتيب، بطباعته في بلد آخر، في نفس الوقت ثم المستحدثات في علم
التصوير الفوتوغرافي، واستخدامها الألوان وبالتالي ظهور الصحافة
الملونة Pictorial journalism ، كما أن صناعة الورق السالف، الإشارة
إليها قد تم صناعتها في أوائل القرن التاسع عشر من الخشب بدلا من الخرق
والثياب البالية، كما تم استخدام ملفات الورق الضخمة Huge paper Tolls
بدلا من قطع الورق Sheets التي كانت تستخدم من قبل وأمكن بذلك طباعة
ستين ألف نسخة، من الصحيفة المكونة من أربع وستين صفحة، خلال ساعة
واحدة ثم أعدادها للتوزيع بطرق آلية، وتشير التطورات التكنولوجية إلي
إمكانية الطباعة الفورية للصحف علي النطاق القومي والدولي وذلك عن طريق
النبضات الالكترونية Electronic impulses التي تترجم بصورة آلية إلي
صحف مطبوعة، ولكن ذلك يهدد من غير شك، وظائف كثيرة من الفنيين والعمال
(64) إلا أنه يمكن في رأينا، إعادة تدريبهم وتأهليهم، للتعامل مع
المستحدثات الجديدة، أو تحويلهم إلي أعمال أخرى تلائم طبيعتهم، أو
مساعدتهم في أعمال أخرى خارج الصحيفة، بحكم مركز الصحيفة الاجتماعي
واتصالاتها و لا تتوقف حركة التطورات فهي مستمرة باستمرار الحياة، كما
أن النجاح في إطلاق ما يسمى الأقمار الصناعية بصورتها المكثفة الحالية
يساعد مساعدة أكبر في طبع الصحيفة في أكثر من مكان في العالم وفي تسهيل
الاتصالات عبر العالم، وهي مهمة جـد حيوية للصحافة، ولوسائل الإعلام
الأخرى وآخرها القمر الصناعي العربي (آرابات) الذي أطلق منذ مدة قليلة،
ولكنهم اعـدوا له سنينا طويلة ثم أطلقوه، دون أن يستعدوا له بالمحطات
الأرضية فالمعـد لاستقباله من الدول العربية الأعضاء بمحطات أرضية،
محطتين فقط وكان يجب أن يتم التخطيط الشامل لهذا وأن تمشى الخطوط
متناسقة، بحيث تكون المحطات جاهزة قبل الإطـلاق مباشرة ولكنها عادة
عربية لا نستطيع الفكاك منها، لذا نصل دائما متأخرين عن الأخرين
المتقدمين.
* فصل من كتاب تطـور الفنــون الصحفية
دراسة مقارنة
[1]
محمد ذكي العشماوي.. فلسفة الجمال في الفكر المعاصر: عرض
للكتاب بإذاعة صوت العرب في برنامج قرأ لك (تقديم وفيق مازن
الاثنين 8/3/1985م).
[4]
عبد المنعم تليمة (د): مقدمة في نظرية الأدب – 1976 – مكتبة ك
الإعلام ص 97
[6]
أبو صالح الألفي: الموجز في تاريخ الفن العام – الهيئة المصرية
العامة للكتاب ص 15 سنة 1973م
[7]
أحمد المغازي: الصحافة الفنية، نشأتها وتطورها، من الحملة
الفرنسية 1789 حتى 1924م، الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة
1978 ص 33
[8]
نفس المصدر السابق ص 17
[10] أحمد الشايب (د): أصول النقد
الأدبي: مكتبة النهضة المصرية، سنة 1973 ص 57.
[11] نفس المصدر السابق ص 58
|