شبكة النبأ: أرجعَ مختصون في الاقتصاد
العراقي عدم تأثر العراق بالانخفاض في اسعار السلع عالميا الى احتكار
السوق المحلية من قبل عدد محدد من التجار، وانتشار (الفساد) الاداري،
داعين الحكومة الى تشريع قوانين من شأنها منع الاحتكار وفتح السوق
للمنافسة التامة.
وقال محمد شعبان رئيس قسم الاقتصاد بجامعة دهوك إن عدم تأثر العراق
بانخفاض الاسعار في دول الانتاج يعود الى أن السوق العراقية غير منظمة
بشكل جيد. ومن ابعد نقطة على الحدود تدخل منها البضاعة الى أن تصل ليد
المستهلك”.
وبين أن البضائع تمر بـ”تنظيمات كمركية وضريبية ضعيفة” فضلا عن
“ارتفاع اجور النقل وتداول البضائع بأيدي عدد كبير من الوسطاء، اضافة
الى “الاجور العالية للعمال والتي لم تتأثر بانخفاض الاسعار عالميا مثل
باقي الدول كونها غير مجزية اصلا”.
ورأى شعبان أن “تأثر قطاع البناء بانخفاض الاسعار عالميا يأتي كونه
يعتمد على الاستيراد، ولكن بعض القطاعات الاخرى لم تتعرض الى انخفاض
بنفس النسبة خصوصا تلك التي تستخدم مواد اولية محلية الصنع، كما أن
مايعانيه الاقتصاد العراقي من مشاكل كثيرة جدا سواء على مستوى توفر
المواد الخام او الكفاءة او اعادة الهيكلة والتحديث وهي امور بمجملها
انعكست على عدم الانخفاض بالاسعار كما حدث عالميا”. بحسب اصوات العراق.
واعتبر أن “الامور السياسية التي تحصل في العراق تلقي بظلالها بشكل
بالغ على الحركة الاقتصادية، فالنظام الاقتصادي المستقر الذي يعمل
بهيكلية شفافة وبقوانين واضحة يعرفها المنتج والمستهلك والمستورد يساعد
على استجابة السوق العراقي لحركة الاسعار في الخارج”.
وحول التجارة في العراق، قال إن “السوق العراقية متروكة لأيدٍ خفية
للتجار الذين عملوا احتكارات معينة تعمل لصالحهم وبالتالي فرض السعر
الذي يريدونه” وهو امر ناتج عن “ضعف الحكومات المحلية والفساد الاداري
المستشري، وعدم اصدار قوانين تنظم حركة الاستهلاك وحركة البيع والشراء
وحماية المستهلك والمنافسة”.
وتشهد السوق العراقية ارتفاعا مستمرا في اسعار السلع والبضائع
بمختلف انواعها، رغم انخفاضها في معظم دول العالم.
بدوره، رأى عبد الرحمن نجم المشهداني مدير القسم الاقتصادي لمعهد
المستنصرية للدرسات أن اسباب ارتفاع السلع في السوق العراقية يعود الى
“عدة عوامل منها غياب السيطرة النوعية التي تحدد نوعية السلع الداخلة
للسوق العراقة وتمنع دخول الرديء منها وهو جهاز معطل حاليا”.
وأوضح أن “الفساد الاداري الذي ينخر اجهزة الدولة له تأثير أيضا،
لأن البضائع الفاسدة يمكن ادخالها بالرشاوى ولذلك يستورد التاجر بأسعار
قليلة ويبيعها بأسعار عالية”، لافتا الى اهمية “تعرض التاجر الذي يجلب
بضائع رديئة ويتلاعب بالاسعار الى عقوبات رادعة اسوة بدول الجوار التي
تقوم بسحب رخصتهم ومنعهم من مزاولة المهنة، الامر الذي لم يحصل في
العراق خلال السنوات الست الماضية”.
وحول اللجوء الى تحديد الاسعار من قبل الحكومة، قال المشهداني إنها
“سياسة غير ناجحة لأن من غير الممكن ضبطها، الا عن طريق الاستيراد
بكميات كبيرة عن طريق اكثر من مستورد ويكون للمستهلك حرية الاختيار
بينها”.
وأضاف أن في حينها فقط “تتم السيطرة على الاسعار. أما في حال أن
يبقى الطلب متزايدا والعرض محدودا فان الوضع لن يتغير، خاصة وأن الطلب
في العراق غير مرن وعالٍ جدا حيث يعتبر العراق بلدا مستهلكا من الطراز
الاول والفرد العراقي يستهلك، بحسب احصاءات، ثلاثة او اربعة اضعاف ما
يستهلكه أي فرد آخر بالدول المجاورة”.
ولفت إلى أن “الفساد الاداري يعد السبب الرئيسي وراء تزايد الاسعار
وأن كثيرا من المستوردين العراقيين يشكون من الروتين والعرقلة الادارية
من ادخال بضائعم ومن الرشاوى الكبيرة التي يقومون بدفعها لانهاء
معاملاتهم لهيئة الكمارك وموضفي الامن وهي جميعها كلف تضاف الى البضائع
المستوردة”.
إلى ذلك، قال راغب رضا رئيس اتحاد رجال الاعمال العراقيين إن “هناك
فوضى في التجارة العراقية لأن عددا كبيرا من التجار اليوم لا يعملون
ضمن اختصاصهم إنما هم طارؤون على العملية وبدون خبرة سابقة، وهدفهم
الربح السريع فحسب بدون أي ضوابط”.
وأوضح رضا أن وضع التجارة في العراق “استثنائي حيث لا توجد ضوابط
بالاسعار والعرض والطلب ليس مبنيا على اساس بسبب الفوضى التي تعم
البلد”.
وبين أن “كل تاجر يفترض أن يكون لديه اختصاص محدد بحيث يعرف البضاعة
والاسعار والدول التي يستورد منها وحجم الربح”، لافتا الى أن “اغلب
الدول انخفضت فيها الاسعار مابين 20 – 30 % بعكس العراق الذي نرى فيه
ارتفاعا بأسعار السلع المستوردة”.
وأضاف رضا أن “هناك حالات يبقى بها السعر مرتفعا لأن التاجر يكون
اشترى بضاعته قبل الانخفاض في الاسعار عالميا دون أن يراعي ما حصل في
بقية العالم من تطورات”، دعيا الى أن تكون هناك “رقابة تساعد على ابقاء
السوق بحالة المنافسة التامة والتي من شأنها أن تشجع التجار على تخفيض
السعر واشاعة ثقافة اقتصادية صحيحة بين التجار لحثهم على ممارسة نشاطهم
بموضوعية وعدالة”.
واعتبر أن “التجارة اذا بقت على هذه الحالة لن تكون مجدية حيث ستفقد
الثقة بين التاجر والمستهلك”.
في حين رأى عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي يونادم كنة
أن “السوق العراقية محتكرة من قبل بعض التجار الكبار المدعومين من قبل
بعض الجهات بالسلطة، إذ أن الامر لم ينعكس على الاسعار فقط وادى الى
ارتفاعها بل تجاوزها ليتحول الحقل العراقي والمصنع العراقي إلى غير
منتج، وهذا يعد مأساة حقيقية”.
وأوضح كنّا أن البلد بحاجة الى “حزمة اجراءات تشريعية وتنفيذية مثل
قوانين لمنع الاحتكار والتعرفة الكمركية والتي تساعدنا خصوصا في بعض
المواسم الزراعية حتى تكون السوق العراقية حرة ومتوازنة وبشكل يضمن عدم
احتكارها والتلاعب باسعارها”.
وأضاف أن العراق اليوم “بحاجة الى تفعيل دور جهاز التقييس والسيطرة
النوعية والذي من شأنه حماية المستهلك من المواد الرديئة التي دخلت الى
العراق لنحميه” وهو ما سيدعو الى “انخفاض الاسعار لأن السوق مغرقة
لصالح بعض التجار.
وحول مدى تاثير الفساد الاداري بارتفاع الاسعار، قال كنا “لولا
الفساد الاداري لكانت السوق غير محتكرة اليوم من قبل عدد محدود من
التجار ولتحولت الى سوق منافسة حقيقية تأخذ الاسعار فيها مستواه
الحقيقي. |