"حوالي ثلثي النساء العراقيات المتزوجات تعرضن لتجارب العنف النفسي
و21% منهن تعرضن للعنف الجسدي على أيدي أفراد من العائلة "
الأرقام التي تتداولها الصحافة العراقية بين حين وآخر عن عدد
الأرامل تثير الأسى والإحباط، ليس بسبب ضخامة أعدادهن، وإنما لعدم
اهتمام المسئولين بالبحث عن حلول جادة للمعضلة التي أوجدتها الحروب
السابقة وتفاقمت بشكل خطير في عهد الاحتلال مع انفلات الأمن وانعدام
فرص العمل وبرامج الرعاية الاجتماعية التي تعني بالمرأة والطفل على حد
سواء، باعتبار الطفولة أول المتضررين من الترمل بعد فقدان رب الأسرة أو
ولي الأمر..
إن وزارة المرأة والمنظمات النسوية قد بذلتا جهودا للوصول إلى حلول
للمشكلة لكن المنجزات متواضعة جدا، لا بسبب ضعف جهودهن بل لأن سلطة
القرار في الدولة لها اهتماماتها وأولياتها التي ليس بينها معضلة
الترمل وهو خطأ فاضح.
جاء في آخر إحصاء لوزارة التخطيط أن في العراق 3 ملايين أرملة
تتراوح أعمارهن بين 23 و80 عاما. و تشكل الشابات اللواتي تقل اعمارهن
عن 30 عاما نسبة 40 % منهن، والأرامل الشابات، على ما تقول وزيرة شؤون
المرأة يصل عددهن الى مليون ونصف المليون، معظمهن ضحايا ما بعد الغزو
لعام 2003.
مصدر مسؤول في وزارة التخطيط أدلى لصحيفة الحياة بالقول : إن «الاعداد
الحقيقية للأرامل يفوق الارقام المعلنة رسمياً..وإعلان الارقام على
حقيقتها قد يثير المشاكل». واستدرك «أن الاحصاءات النهائية لهذه
الشريحة ستعلن نهاية العام الجاري لأن الوزارة تعمل الآن على اجراء مسح
ميداني شامل». وتشير إحدى الدراسات التي أجرتها وزارة التخطيط إلى أن
أكثر من نصف الأرامل في العراق فقدن أزواجهن خلال السنوات الخمس
الماضية وغالبيتهن مسئولات عن إعالة طفل واحد إلى ثلاثة أطفال. و بين
أن من بين ثلاثة مليون أرملة (83) الفا فقط منهن يتسلمن راتب الحماية
الاجتماعية، أي ما يزيد قليلا عن 2 % منهن يستلمن مبلغ (65) ألف دينار
شهريا فقط وهو لا يسد احتياجاتهن.
و في بيان لمنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، ديفيد
شيرير بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ورد أن امرأة واحدة تتحمل أعباء
ومسؤولية إعالة أسرة تتألف من عشرة أشخاص، في حين أصبح حوالي 80% من
النساء العراقيات أرامل بسبب فقدان أزواجهن أو الطلاق، بينما تشكل
النساء حوالي 17% من القوى العاملة في البلاد، مقارنةً بـ 83% من
الرجال الذين يستثنون النساء من المشاركة بالفرص الاقتصادية.
وشدد البيان على أن "سنوات العنف والصراعات الداخلية والحروب والقمع
ساهمت إلى حد بعيد في عدم احراز التقدّم المطلوب لتحقيق المساواة بين
الرجل والمرأة" في العراق، بالإضافة إلى المساس بـ"الحقوق الأساسية
للمرأة" في مختلف مجالات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية والعمل
والمشاركة السياسية.
واعتبر شيرير أنه "من أبرز اولويات الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية
خلال العام 2009، العمل على تحسين ظروف النساء والفتيات وتمكينهن من
الاستفادة أكثر من الفوائد الكاملة لانتعاش العراق". ورأى المسؤول
الأممي أن "هناك بعض العلامات الواعدة في هذا السياق، حيث أصبحت امرأة
عراقية واحدة من بين أربعة رجال فازوا في الانتخابات المحلية" التي جرت
في البلاد مؤخراً.
وشدّد شيرير على ضرورة البناء على هذا الانجاز من خلال الانضمام إلى
دعم قوات الحكومة والمشاركة في أنشطة منظمات المجتمع المدني من أجل
تحسين فرص المرأة ومستوى حقوق الإنسان في العراق، على حد قوله.
واستدرك قائلاً "ينبغي أن نأخذ في الاعتبار أنه ما زال أمام
العراقيين رجالاً ونساءً الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به في
المرحلتين الراهنة والمقبلة".
وأوضح شيرير أن "الأميّة في العراق تساهم في إضعاف مشاركة المرأة
العراقية في سوق العمل، حيث أن 24% من النساء العاملات هن من الفتيات
اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 10 و18 سنة، مقارنةً بـ 11% من الصبيان
من نفس الأعمار تقريباً". وأشار إلى أن العديد من الفتيات العراقيات
خلال السنوات الماضية عبّرن عن خشيتهن من ارتفاع مستويات العنف عند
ذهابهن إلى المدارس.
كما ذكر أن مؤشرات صحة المرأة في العراق باتت مصدر قلق خاص، حيث
تفيد الاحصائيات بأن معدل وفيات الأمهات والفتيات ارتفع بنسبة 84% بين
كل مائة ألف من المواليد، مقارنةً بـ 41% في الأردن و65% في سورية.
وبعدما أكد المسؤول الدولي أن حوالي ثلثي النساء العراقيات
المتزوجات تعرضن لتجارب العنف النفسي و21% منهن تعرضن للعنف الجسدي على
أيدي أفراد من العائلة، خلص إلى القول بأن الأمم المتحدة لا تزال تشعر
بـ"القلق إزاء ارتفاع معدل العنف ضد المرأة في العراق، وهو أمر ينبغي
معالجته من خلال حملات التوعية الاجتماعية والعائلية وزيادة دعم وتحديث
التشريعات المتعلقة بحماية حقوق المرأة" في البلاد.
وبالرغم من تشكيل رئاسة الوزراء لدائرة معنية بشؤون إعالة الأرامل
في العراق وتخصيص رواتب شهرية لهن او تشغيلهن إلا أنه لم يظهر حتى
اللحظة اي اثر حقيقي واضح لهذه الدائرة التي سترتبط برئاسة الوزراء
مباشرة، فضلاً عن أن المبالغ التي خصصتها شبكة الرعاية الاجتماعية لهذا
العدد الهائل من الأرامل العراقيات هي ضئيلة جدا، وتحتاج إلى مراجعات
كثيرة ومتطلبات معقدة يتعذر عليهن الوفاء بها في أكثر الآحوال لاثبات
حقهن في راتب شهري.
على سبيل المثال هناك الكثير ممن فقدن أزواجهن أو معيلهن لم يتحصلن
على أي معلومات تثبت أنه حي أو متوفي، ولا توجد أي جهة تستطيع حل مشكلة
الأرملة التي لم تستطع الحصول على دليل على وفاته أو فقده. وما دامت لم
تستطع إثبات الوفاة لن تستطيع الحصول على راتب الحماية الاجتماعية.
وتتسائل معظم الأرامل اللواتي يعانين من هذه المشكلة، ألا تستطيع
الحكومة إيجاد حل لمعضلتهن، فلابد من التفكير ومحاولة إيجاد مصدر
لتوفير القوت لهن ولأطفالهن... ؟؟
لنرفع أصواتنا لتحرير الأرامل في العراق من العوز والفاقة ولحماية
الطفولة من التسول والحرمان والانحراف. |