(لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن
يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ
أَجْراً عَظِيماً) النساء 114.
عندما تتدهور أحوال الأمم ينشغل القوم بالتافه من الأمر ولا يكفون
عن الضجيج والعجيج فنسمع جعجعة ولا نرى طحنا!!.
وقديما قالوا: الفاضي يعمل قاضي!!.
من ناحية أخرى فإن ابتذال بعض القضايا وتحويلها إلى مادة ل. اللت
والعك والعجن والشد والجذب فهذا يرى أن الانتماء لمذهب ما يعد انتماء
لدولة أجنبية وذاك يوصي بحسن معاملة هؤلاء الجواسيس المحتملين لئلا
يتحولوا إلى جواسيس حقيقيين!!.
المنطق الذي يطرحه الطرفان وإن بدا أنه على طرفي نقيض يعني أن ثمة
فريق من (الوصاة القضاة الفٌضاة) الذين منحوا أنفسهم الحق في تفتيش
وفحص نوايا أبناء الوطن والحكم لهم أو عليهم وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا
ونرى فيه إهانة ينبغي الرد عليها بقوة وحزم وننصح هؤلاء أن ينشغلوا
بحالهم!!.
آخر هؤلاء الفُضاة القُضاة هو ذلك النائب الموقر الليبرالي سابقا
الذي حذر من: محاولة حزب الله اختراق المجتمع المصري بكتابة شعارات على
أوراق العملات المصرية فئة عشرة وخمسة جنيهات وجنيه تقول (حزب الله.
أهل البيت. حب الله). كما حذر من استغلال حزب الله حب المصريين لأهل
البيت كمدخل لنشر المذهب الشيعي وضرب استقرار المجتمع المصري السني!!.
على الطرف الآخر تصدى أحد الصحفيين للنائب الليبرالي جدا محذرا من
أن (التحريض على المذهب الشيعى سيؤثر حتماً على الشيعة المصريين،
ويحولهم من مواطنين مصريين يمارسون حقهم الطبيعى والدستورى فى حرية
الاعتقاد إلى عملاء محتملين للمشروع السياسي لحزب الله ولنظام الملالى
فى إيران. وهذه جريمة كبرى، لا تليق ببلد عريق مثل مصر). كما نبه (لا
فض فوه) إلى خطورة (الخلط بين المذهب الشيعى وبين حزب الله والسلطة
الحاكمة فى إيران) وأنه لا يختلف عن (الخلط الفاضح الذى مازلنا نقع فيه،
بين إسرائيل واليهود)!!.
الأول يقول (بخمسة جنيهات يمكن أن يشتري حزب الله الضمائر ويعمي
البصائر) والثاني يقول أن (الشيعة هم عملاء محتملون لما يسميه بالمشروع
السياسي لحزب الله ونظام الملالي في إيران).
مكارثية بشلن!!
إنها المكارثية الليبرالية المصرية التي يلوح بها حضرة النائب
الموقر والتي ترى أن فقراء مصر على استعداد لبيع ضمائرهم من أجل تلك
الجنيهات الخمس أو العشر التي حلت محل (الشلن) و(البريزة) ولكنها
اشتغالة (الولاء) التي يزاود من خلالها هؤلاء الليبراليون المزيفون على
إخوانهم التكفيريين أصحاب اشتغالة (الولاء والبراء)!!.
ليس الفقراء من يبيعون ضمائرهم بشلن بل الأغنياء المترفون الذين
اشتعل الطمع والشره في نفوسهم ولن تملأ بطونهم إلا التراب!!.
البحث عن عدو!!
يقول الإمام علي بن أبي طالب: (يَا أيُّهَا النَّاسُ طُوبى لِمَنْ
شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، وَطُوبى لِمَنْ لَزِمَ
بَيْتَهُ، وَأَكَلَ قُوتَهُ، وَاشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ، وَبَكَى
عَلَى خَطِيئَتِهِ، فَكَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُل، وَالنَّاسُ مِنْهُ
فِي رَاحَة!).
ولأن المجتمعات يتعين عليها كما الأفراد أن تتأمل في عيوبها
وأخطائها وأن تحاول سد نقائصها قبل أن تفتش عن الأخطاء التي ارتكبها (نظام
الملالي في طهران) أو غيره من النظم وهو ما سيؤثر حتما وبصورة إيجابية
على أدائها السياسي والثقافي والاقتصادي ومن ثم فلن يكون هناك مبرر لأن
يبدي النائب الموقر خوفه الزائف على فقراء مصر من الانحراف العقائدي
المزعوم بسبب رشوة الشلن وهو ما لا يفي بثمن فطور أسرة متوسطة العدد
أما عشاؤنا وعشاؤهم فعليك يا رب!!.
هل تخلصت مصر من كل مشاكلها وأضحت مبرأة من كل عيب ولم يعد هناك ما
يعكر صفوها إلا (الخطر الذي يمثله نظام الملالي في طهران) فضلا عن حالة
القلق التي تؤرقها وتمنعها من النوم المريح لأنها تشك في ولاء الشيعة
المصريين لإيران؟!.
على المجتمعات – كما الأفراد- أن تتواضع قليلا وأن تقارن حالها بحال
المجتمعات الأخرى ويكفي أن تقارن بين ما يمكن أن يحدث لك إن أوحت إليك
(شياطين الفكر) أن تؤلف كتابا وتقوم بنشره في مصر وأن تدفع كل الأثمان
بدءا من ثمن الطباعة ومحاولة استجداء مؤسسات التوزيع للقبول بتوزيعه
ناهيك عن قرارات المصادرة المعلنة وغير المعلنة والأهم من هذا حملات
السب والقذف والتكفير التي ستطالك وحملات (حلق حوش إمسك تبشير شيعي),
أو أن ترسل نفس الكتاب إلى ناشر في بيروت فيقوم بطبعه طباعة فاخرة
ويكفيك تسول حق المؤلف وشر اللجوء للمحاكم من أجل الحصول على ال 10%
ويكفيك شر قرارات المصادرة الجهجهونية الصادرة عن هذه الجهات (الأحياء
منهم والأموات) ويقوم بتوزيعه هنا أو هناك بل وتسريب نسخ منه إلى
القاهرة (درة تاج الثقافة العربية) كل هذا وأنت نائم على فراشك!!.
ثم يقولون لنا أن مصر في خطر من (خمسة جنيه) رغم أن (كل حاجة على
العربية بخمسة جنيه) يا بلاش!!.
الغزو الثقافي الليبي!!
قبل فترة اتصلت بإحدى مؤسسات التوزيع الكبرى من أجل توزيع بعض كتبي
وبعد أخذ ورد جاء الرفض (لأننا لا نقوم بتوزيع كتب الدين والسياسة)
ويكفي كتب الكرة والجنس!!.
وفي نفس الوقت التي تخنق فيها كتب العبد لله يقوم القوم بالترويج
لكتب أحد المؤلفين الليبيين التي تتناول نفس القضايا والتي تتبنى رؤية
معاكسة وهي متوفرة والحمد لله رغم أنها أيضا (كتب في الدين والسياسة)!!.
ولأن التخوينيين كالتكفيريين لا ينظرون للمرآة إلا من أجل الاطمئنان
على صحتهم ووجوههم المتوردة ولأنهم يبحثون عن دور حتى ولو كان هامشيا,
لذا قرروا إنشاء (إدارة عموم فحص الذمة الوطنية) مؤجلين شرط (إعلان
البراء) من (نظام الملالي في طهران) لحين ميسرة!!.
ولأن مهرجان الحمق العالمي يوشك أن ينفض (ربح فيه من ربح وخسر فيه
من خسر) فنحن ننصح إدارة عموم (فحص الذمة الوطنية وليس المالية) أن
يراجعوا أنفسهم وأداءهم خلال الفترة الماضية وأن يجيبوا على السؤال
الأهم.
لماذا لا يناقش هؤلاء القوم فكرا بفكر ويطرحوا ما يرونه من حقائق
وأن يتوقفوا عن ممارسة العنجهية القاتلة التي ما وجدت في شعب أو أمة
إلا دمرتها.
العنجهية القاتلة التي تبيح لصاحبها أن يطل على الدنيا من عليائه
الوهمية وأن يردد آراء تافهة لا تستند إلى واقع ولا دليل (فهذا خائن
وجاسوس وهؤلاء عاملوهم برفق لئلا يتحولوا إلى جواسيس), أما هو وبقية
أصحاب المعالي (فقد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) وهم معصومون
من الكبائر والصغائر ومن انعدام الولاء والوفاء.
كان أبي رحمه الله يحكي لي أن الخواجة التركي عندما طرد من منصب
الوالي قام بملء مجموعة من (القلل) بالماء وجلس على قارعة الطريق فإذا
جاء أحدهم ليشرب قال له: اشرب من هذه واترك هذه!!.
ويبدو أن بعض المفلسين يريدون تكرار تلك التجربة الفاشلة ولكن بصورة
أسوأ وهم يريدون استعراض صدور البشر فهذا خائن وهذا عميل وهذا مشكوك
فيه يوضع تحت المراقبة وهذا ولي حميم!!.
أريد أن أعرف من تكونون؟! ومن الذي جعلكم أوصياء على الوطن؟!.
[email protected] |