القذافي يدعو لإلغاء الأحزاب ويرفض دروسا عن الديمقراطية

يطوي صفحة السوء مع الاستعمار الايطالي ويشكو من عدم مكافأة الغرب لتخلّيه عن النووي

 

شبكة النبأ: سمحت زيارة الزعيم الليبي معمر القذافي الاخيرة الى ايطاليا بالإقفال الرسمي للخلاف الاستعماري بين البلدين، غير انها اثارت جدلاً في البلاد وأوشكت ان تودي الى ازمة دبلوماسية.

وفيما قرّرَ رئيس مجلس النواب الايطالي جانفرانكو فيني بعد ساعتين من الانتظار غير المجدي، الغاء زيارة القذافي الى مجلس النواب، حيث كان يفترض ان يلقي كلمة امام مئات النواب والشخصيات لم يوضح الزعيم الليبي سبب غيابه الذي عزته السفارة الليبية الى صلاة الجمعة!، ولم يقدم اعتذارات الى النواب الايطاليين.

ولكن الصحافة الايطالية تكهنت بأن القذافي لم يرغب بالاستماع الى بعض مقاطع الكلمة التي كان سيلقيها رئيس مجلس النواب الايطالي فيني.

وفي نص الكلمة يلوم فيني القذافي على ربط الولايات المتحدة بالارهاب ويطلب منه السماح لوفد من النواب الايطاليين بزيارة مخيمات اللاجئين غير الشرعيين في ليبيا لتفقد احوال حقوق الانسان فيها.

ولطي صفحة الحادثة، التقى برلوسكوني القذافي في خيمته المنصوبة في حدائق فيلا بامفيلي. وافادت مصادر رئيس الحكومة الايطالي ان القذافي اكد له "ان ايطاليا بلد صديق".

واعتمد القذافي منذ وصوله الاربعاء سلوكا استفزازيا، فلبس بدلة عسكرية مذهبة عليها صورة لعمر المختار بطل المقاومة الليبية الملقب ب"أسد الصحراء"، في لحظة توقيف نظام موسوليني الفاشي له عام 1931.

بعدئذ كرر القذافي التشديد على ان زيارته ما كانت لتحدث لو لم تقدم روما "اعتذاراتها" على الفترة الاستعمارية.

وكان القذافي قد احرج ضيوفه عندما هاجم الولايات المتحدة على قصفها ليبيا عام 1986 متهما اياها بالتصرف "مثل بن لادن".

ودان القذافي بوضوح وضع المرأة في العالم العربي والمسلم، معربا عن اسفه لاعتبارها "قطعة اثاث" يمكن تحريكها على الطلب بلا حسيب.لكن الزعيم الليبي تلقى بعض الصد عندما حرم من شرف القاء كلمة في مجلس الشيوخ.

فالمعارضة هددت بمقاطعة كلمة "حامل نوبل الارهاب" في حال سمح له التكلم من منبر لم يخول حامل نوبل السلام الدالاي لاما بنفسه القاء كلمة منه.

وتظاهر حماة حقوق الانسان عدة مرات احتجاجا على زيارة القذافي ما اثار مناوشات طفيفة مع قوى حفظ النظام.

القذافي ينصح ايطاليا بالغاء الاحزاب السياسية

وألقى الزعيم الليبي معمر القذافي كلمة في الايطاليين في ميدان تاريخي في روما وأحرج مضيفيه يوم الخميس بقوله انه لو كان الامر بيده لالغى الاحزاب السياسية ومنح الشعب الايطالي السلطة المباشرة.

وقال القذافي في كلمته في ميدان كامبيدوجليو الشهير انه لن يكون هناك يمين ولا يسار ولا وسط فالنظام الحزبي يجهض الديمقراطية.

واضاف القذافي انه لو كان الامر بيده لكان قد ألغى الاحزاب السياسية لاعطاء الشعب السلطة. وكان القذافي يلقي كلمته بينما حمل بعض أفراد الحشد صورا للزعيم الليبي ولافتات للترحيب به. بحسب رويترز.

وقال مضيفه الغاضب رئيس بلدية روما اليميني جياني اليمانو الذي اشاد بالزعيم الليبي قبل ذلك بساعة للصحفيين ان حديث القذافي عن الاحزاب السياسية "غير مقبول" و "اننا لا نقبل دروسا عن الديمقراطية من أحد."

واشاد القذافي ايضا بايطاليا على ادانتها الفاشية بعد الحقبة الاستعمارية. اليمانو الذي كان يقف الى جانب القذافي كان يوما الزعيم الشبابي لحزب للفاشية الجديدة وأثار جدالا العام الماضي برفضه وصف الفاشية بانها شر.

وفي وقت سابق من يوم الخميس واجه الزعيم الليبي احتجاجات طلابية خلال اول زيارة له لايطاليا بشأن سجل ليبيا في حقوق الانسان وبسبب اتفاق ثنائي بين ليبيا وايطاليا لرد المهاجرين الافارقة الذين يعبرون البحر المتوسط على اعقابهم.

وخارج قاعة المحاضرات في جامعة في روما حاول طلاب يحتجون على سجل القذافي في مجال حقوق الانسان منعه من الدخول وكانوا يقذفون بمواد الطلاء واشتبكوا مع الشرطة.

وقال القذافي للطلاب ان الارهاب هو من "مخلفات الاستعمار."واضاف قوله ان الارهاب يجب ادانته وان معظم ضحايا الارهاب ابرياء عزل. واستدرك بقوله انه يجب على المجتمع الدولي ان يدرس جذور الارهاب مثل الظلم.

وتحسنت علاقات ليبيا التي كانت منبوذة ومتهمة برعاية الارهاب في السابق مع الغرب منذ تعهد القذافي بالتخلي عن السعي لامتلاك اسلحة دمار شامل. ورفعت عنها العقوبات الدولية في عام 2003.

وتعتبر ايطاليا التي اعتذرت العام الماضي عن الفظائع التي ارتكبتها اثناء احتلالها لليبيا في الفترة بين عامي 1911 و1943 في طليعة دفء العلاقات الدبلوماسية وتحصل حاليا على ربع حاجتها من النفط من ليبيا اضافة الى ضخ اموال ليبية مؤخرا في شركات ايطالية.

لكن القذافي احتفظ بلهجته المتحدية ووصل الى ايطاليا يوم الاربعاء وهو يعلق على صدر زيه الرسمي صورة لعمر المختار بطل المقاومة الذي شنقه المحتلون الايطاليون في عام 1931.

ويعرض التلفزيون الايطالي يوم الخميس فيلم "اسد الصحراء" الذي صور في عام 1981 عن عمر المختار وكان ممنوعا في ايطاليا حتى الان.

وسيحضر القذافي الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي قمة مجموعة الثماني في ايطاليا الشهر القادم مع الرئيس الامريكي باراك اوباما. وانتقد الزعيم الليبي أيضا الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.

وقال القذافي في كلمة امام مجلس الشيوخ الايطالي ان العراق كان حصنا ضد الارهاب في وجود صدام حسين حيث كان تنظيم القاعدة لا يستطيع التسلل اليه لكنه الان بسبب الولايات المتحدة اصبح حلبة مفتوحة وهو ما يفيد القاعدة.

طلاب ايطاليون يواجهون القذافي بأسئلة عن الحقوق والديمقراطية

لم يعتد الزعيم الليبي معمر القذافي على مواجهة تحديات في بلاده بشأن الديمقراطية وحقوق الانسان لكنه واجه بعض الاسئلة الصعبة في جامعة روما خلال أول زيارة لايطاليا منذ توليه السلطة قبل 40 عاما.

وبعد ان أدلى الزعيم الليبي بحديث طويل ومليء بالاستطراد عن حالة العالم سأله طالب في الجامعة قائلا "متى ستجرى انتخابات حرة في ليبيا؟.."بحسب رويترز.

وقال الطالب "ما هو تعريفك للديمقراطية؟.. انها لا تعني مجرد إقامة مدراس ومستشفيات. فحتى (دكتاتور ايطاليا وقت الحرب بنيتو) موسوليني فعل ذلك."

ورد القذافي الذي يتولى السلطة في بلاده منذ انقلاب عام 1969 بحديث عن أصل كلمة الديمقراطية وقال ان الناس في ليبيا يعبرون عن رأيهم لان بامكانهم المشاركة في اللجان الشعبية المحلية.

وتحدى طالب آخر القذافي بشأن سجل ليبيا في مجال حقوق الانسان واستشهد بتقرير لمنظمة العفو الدولية عن أوضاع الأجانب في السجون الليبية وحقوق المهاجرين الذين يتم إعادتهم من اوروبا ويحتجزون في ليبيا.

واحتفظ القذافي الذي كان يرتدي بذلة بيضاء ووضع على صدره نموذجا مصغرا لخريطة افريقيا بهدوئه ورباطة جأشه.

وقال انه يتفق مع ضرورة احترام حقوق الناس وعلى ضرورة حماية اللاجئين السياسيين ولكن يتعين في المقام الأول معرفة من هم اللاجئون السياسيون.

وقال ان معظم من يحاولون الوصول الى الشواطيء الاوروبية وبينهم كثيرون أعادتهم ايطاليا الى ليبيا هم من اللاجئين الاقتصاديين وليس السياسيين.

وقال القذافي ان الافارقة يتضورون جوعا وهم ليسوا لاجئين سياسيين بل يسعون للحصول على الطعام ولا يعرفون شيئا عن السياسة ناهيك عن الانتخابات.

وخارج قاعة المحاضرات حاول طلاب يحتجون على سجل القذافي في مجال حقوق الانسان منعه من الدخول وكانوا يقذفون بمواد الطلاء واشتبكوا مع الشرطة.

القذافي يشكو عدم الحصول على "مكافأة" نبذ أسلحة الدمار الشامل

وقال القذافي لأعضاء مجلس الشيوخ الايطالي ان بلاده لا تقبل العيش في ظل الصواريخ العابرة للقارات والاسلحة النوية وهذا هو السبب الذي دفعها الى تغيير مسارها. وأضاف أنه كان يأمل أن تكون ليبيا نموذجا تحتذي به الدول الأخرى لكن بلاده لم تحصل على أية مكافأة من العالم.

وتحسنت علاقات ليبيا التي كانت منبوذة ومتهمة برعاية الارهاب في السابق مع الغرب منذ تعهد القذافي بالتخلي عن السعي لامتلاك أسلحة دمار شامل. ورفعت عنها العقوبات الدولية في عام 2003.

وتعتبر ايطاليا التي اعتذرت العام الماضي عن الفظائع التي ارتكبتها أثناء احتلالها لليبيا في الفترة بين عامي 1911 و1943 في طليعة دفء العلاقات الدبلوماسية وتحصل حاليا على ربع حاجتها من النفط من ليبيا اضافة الى ضخ اموال ليبية مؤخرا في شركات ايطالية.

وعرضَ التلفزيون الايطالي فيلم "أسد الصحراء" الذي صور في عام 1981 عن عمر المختار وكان ممنوعا في ايطاليا حتى الآن.

وقال القذافي في خطاب أمام مجلس الشيوخ الايطالي ان العراق كان قلعة ضد الارهاب في وجود صدام حيث كان تنظيم القاعدة لا يستطيع التسلل اليه لكنه الآن بسبب الولايات المتحدة أصبح حلبة مفتوحة وهو ما يفيد القاعدة. وقارن بين الضربة الجوية الامريكية على طرابلس في عام 1986 التي قتلت فيها احدى بناته بهجوم للقاعدة. وتساءل عن الفرق بين الهجوم الامريكي على المنازل الليبية في عام 1986 وبين الاعمال الارهابية لبن لادن. وقال انه اذا كان بن لادن لا يملك دولة وهو خارج عن القانون فان امريكا دولة تحكمها قواعد دولية.

القذافي يبحث تعويض يهود ليبيا ويلتقيهم في روما

من جهة ثانية قالت تقارير إن القذافي، دعا إلى عقد لقاء مصالحة مع الجالية اليهودية الليبية المقيمة في العاصمة الإيطالية روما، بهدف إيجاد حل لمسألة التعويضات التي يطالب بها أبناء الجالية لقاء أملاكهم التي صودرت عام 1967.

وعقب الحرب الإسرائيلية العربية، عمدت السلطات الليبية إلى طرد اليهود من لبيبا ومصادرة أملاكهم، ولم يتم حتى الآن تعويضهم عنها.

وقالت الصحيفة إن القذافي حدد موعدا لعقد اللقاء، في حين دعا شالوم تشوفا، نائب رئيس الجالية اليهودية في روما إلى تغيير موعد اللقاء، نظرا لقدسية يوم السبت لدى أتباع الديانة اليهودية.

وأكد تشوفا أن "السبت مقدس لدى كل من يهود ليبيا ويهود روما ولن نسمح بتدنيسه"، مضيفا "إن لم يتم تغيير الموعد فإن اللقاء لن يتم."

وفي السياق نفسه، اتفق الطرفان على عقد لقاء بين ممثلي الجالية والسفير الليبي في روما صباح الاثنين للتوصل إلى اتفاق نهائي.

ويقدر عدد اليهود المقيمين في روما بنحو 15 ألف نسمة، كانت البحرية الإيطالية قد ساهمت في إجلائهم إثر تهجيرهم، عقب الحرب بين إسرائيل وجيرانها العرب، والتي استمرت ستة أيام، في حزيران 1967.

وكان نجل الرئيس القذافي، سيف الإسلام، قال العام الماضي إن ليبيا "مستعدة لدفع تعويضات لليهود الليبيين، الذين غادروا ليبيا في العام 1948 وبعد هذا التاريخ."

وأعلن أن "بلاده تنوي البحث في تعويض يهود ليبيا، الذين غادروها إلى إسرائيل، وأنها تدعوهم أيضا، العودة إلى وطنهم، والحصول على الجنسية الليبية، وكافة الحقوق المترتبة عليها أيضا."

القذافي: عمر المختار عند الليبيين مثل المسيح للمسيحيين

وما أن وصل القذافي إلى العاصمة الإيطالية حتى استرعت انتباه المتواجدين ووسائل الإعلام الإيطالية، الصورة التي كان يحملها الزعيم الليبي على صدره، وتعود لقائد المقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي، عمر المختار، لحظة اعتقاله.

ودافع القذافي عن قراره وضع صورة اعتقال عمر المختار على بزته العسكرية عند وصوله إلى روما في زيارة تاريخية للبلاد، وهي مبادرة نعتها سياسيون بـ"الاستفزازية"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الإيطالية.

وقال الزعيم الليبي، في أول أول زيارة له لإيطاليا منذ توليه السلطة عام 1969، في مؤتمر صحفي مشترك جمعه برئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني "إن الليبيين يرون شنق عمر المختار مماثلا لصلب المسيح بالنسبة للمسيحيين.. هم (المسيحيون) يحملون الصليب على صدورهم."

وأوضح أن صورة قائد المقاومة الليبية التي على صدره بمثابة "رمز" إلى كارثة إعدامه شنقاً خلال الحقبة الاستعمارية الإيطالية من وجهة النظر الليبية، وفقاً للوكالة الإيطالية.

القذافي يؤكد اعطاء الاولوية لايطاليا وشركاتها في ليبيا

من جانب اخر اعلن القذافي ان ايطاليا وشركاتها ستكون لها "الاولوية" على البلدان الاخرى في ليبيا، في كلمة القاها امام الممثلين الرئيسيين عن اتحاد ارباب العمل الايطاليين كونفيندوستريا.

وقال القذافي في اليوم الثالث والاخير من زيارته الرسمية الى ايطاليا "ستكون الاولوية في ليبيا للشركات الايطالية ، وكل احتياجات ايطاليا في ليبيا سيكون لها الاولوية".

وايطاليا هي الشريك التجاري الاول لليبيا التي تحولت بفضل العائدات النفطية الى المساهم الثاني في احد المصارف الايطالية الرئيسية يونيكريديت الذي تملك اكثر من 4% من رأسماله، وقد ابدت رغبة في شراء حصة مهمة من مجموعة ايني النفطية العملاقة.

وتبنت ليبيا هذا الموقف الايجابي حيال ايطاليا بعد توقيع معاهدة صداقة في اب/اغسطس 2008 تعهدت روما بموجبها دفع تعويضات لليبيا عن حقبة الاستعمار بقيمة خمسة مليارات دولار على شكل استثمارات على مدى السنوات ال25 المقبلة.

وقال القذافي ان "ليبيا لن تعطي امتيازات لبلدان اخرى على حساب ايطاليا في مجال الطاقة". ورأت ايما مارتشيغاليا رئيسة كونفيندوستريا في زيارة القذافي "منعطفا في العلاقات الثنائية" بين البلدين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/حزيران/2009 - 18/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م