بسبب الدعم الكبير من الحكومة للشركات الاستثمارية إلى حد الدلال،
وسيطرة أصحاب النفوذ في الدولة على الحصص الأكبر من هذه الشركات، برزت
عندنا بعض الشركات الوطنية التي تتعامل بغطرسة وغرور، وبمقولة وقاعدة
معاكسة تقول ان الزبون هو المحتاج المضطر الذليل، وعليه أن يتحمل
الاهانة والاحتقار،... فتفرض ما يخدمها وتأخذ ما تريد، وتسيء أدب
التعامل بالكذب وعدم الالتزام، بدون أن يكون هناك من يدافع عن حقوق
العملاء المساكين.
كان الناس يعيشون المعاناة من سوء الخدمات المقدمة من الجهات
الحكومية بسبب مرض البيروقراطية، وكانت فرحتهم كبيرة جدا بتحول هذه
الجهات إلى شركات عبر ما يسمى بالتخصيص، ولكن يا فرحة ما تمت من هذا
التحول، إذ تغير الاسم والشعار وتم تفعيل الحملات الإعلانية لكسب
المزيد من المال من جيوب الناس فقط. وأصبحت تحت سيطرة كبار شخصيات
البلد باسم الاستحواذ على اكبر كمية من الأسهم.
ولكن سوء الخدمة وعقلية التعامل لا تزال كما هي، حيث يتعرض العميل
البسيط الملزم بالتوجه إلى هذه الشركات (لأنها تحتكر الخدمة) للاحتقار
والتضييق والاستغلال والإهمال، وكأن العملاء من المواطنين والمقيمين من
ذوي الدخل المحدود لا يدفعون الأموال للحصول على الخدمة رغم أنهم
يشكلون الأغلبية من العملاء.
هذه الشركات ما شاء الله أصبحت تنتشر في بلادنا في العديد من
المجالات المصرفية والتمويل والاتصالات والمواصلات والبريد والتأمين،
ومن تلك الشركات شركة تعتبر صاحبة التجربة الأطول في التخصيص، وبفضل
خدماتها أصبحت تستحق الحصول على لقب أفضل نموذج للكذب على العملاء
بطريقة عصرية بلا منافس... مقابل ما تقدمه من سوء الخدمات في عالم
العناية بالعملاء في عالم الشركات المساهمة.
ومازالت تلك الشركة، تتعامل بفوقية وغرور وكأنه لا يوجد في هذا
البلد إلا هي، مستغلة الدعم الحكومي اللا محدود، وسيطرتها على مجالها
بلا منافس حقيقي، شركة اتخذت من أسلوب: «اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون»
طريقة في عملها، فماذا يسمى عندما يغضب العميل من سوء الخدمة ويتصل
بالشركة، فيرن الهاتف لساعات بدون مجيب، أو يرد الجهاز ان الرد على
مكالمتك قد يستغرق دقائق محددة لوجود عملاء يجري خدمتهم، فتمر الدقائق
المحددة ثم ضعفها ثم أضعاف مضاعفة من الوقت، وليس للعميل المسكين إلا
الانتظار والاستسلام للكذب وما يحرق الأعصاب أكثر ليس هناك من يعتذر
على مرور أضعاف الوقت المحدد، وإنما يرد الجهاز بكذب جديد بـ كلمة
عزيزي العميل جميع الموظفين مشغولون في خدمة عملاء آخرين، انتظارك محل
اهتمامنا!
إخواني أخواتي ماذا يسمى من تتعاقد معه على تقديم خدمة ويستلم حق
الخدمة مقدما ولكنه لا يقدمها لك؟ لماذا يعطي القانون الحق للشركات
بإلغاء الخدمة متى أرادت وبدون أن يترتب عليها أي جزاء تأديبي، ولماذا
لها الحق بإيقاف الخدمة عن العميل المتخلف عن السداد لأسباب خارجة عن
إرادته، بينما ليس للعميل الحق بمحاسبة الشركة على التقصير وسوء
وانعدام الخدمة - ولو كان بسبب ظروف خارجة عن الإرادة كما يقولون-
والتقدم بشكوى للجهات الحكومية للمطالبة بحقه وإيقاف تلك الشركات عن
العمل لعدم الوفاء بالعقد بتقديم الخدمة المطلوبة المدفوعة الثمن مسبقا
!
والأكثر غرابة أن الجهات الحكومية تقدم لتلك الشركات خدمات كبيرة
ومنها مساعدات مالية عند التعرض لهزة، وتوظف الحكومة أجهزتها بملاحقة
كل من يتخلف بالسداد للشركات بمنعه من السفر، وعدم السماح له من القيام
بأي عملية في الدوائر الحكومية، مما يعني دخول المواطن في دوامة مضاعفة
الرسوم والمخالفات وتأخر المعاملات!
فلماذا تتفانى الحكومة بالدفاع عن حقوق الشركات مقابل نسبة مادية
وكأننا نعيش في دولة فقيرة تنتظر صدقات وهبات الشركات! بينما تتخلى
الجهات الحكومية بالوقوف ودعم المواطن المسكين المغلوب على أمره من
تلاعب بعض الشركات، والذي لا يعلم كيف يعالج مصائبها، وسوء الخدمات
وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وضعف الرواتب والفصل التعسفي والبطالة
في ظل عدم دعم الحكومة للمواطن المحسوب بأنه من أغنى شعوب العالم.
أيها الشعب أيها العميل للشركات لا تصدق الكذبة، طالب بحقوقك ولا
تتنازل عنها مهما كانت صغيرة وبسيطة. وأقول للشركات في بلادي من حقك أن
تتعاملي بهذه الطريقة من الغرور والكذب والاحتقار للشعب، الشعب المسكين
الذي لا يجد من يدافع عن حقه. حقا من أمن العقوبة أساء الأدب، وكما قيل
إذا غاب القط العب يا فأر! |