برنارد لويس وخطاب أبلسَة الآخر

دور المستشرقين في تعميق الصورة النمطية السلبية

 

شبكة النبأ: يرى الكاتب السوري خلدون الشمعة أن المفكر الامريكي برنارد لويس نموذج لاستمرار صناعة شرق متخيَّل أسسهُ مستشرقون تحت غطاء أكاديمي يزعم الجدّية. ويقول ان مؤلفات لويس أسهمت في التأسيس لخطاب شيطنة الآخر الذي يعني الشرق والعرب بالنسبة للغربيين.

وضرب مثلا بكتابه (اكتشاف الاسلام لأوربا) واصفاً اياه بأنه يصلح كنموذج تمثيلي للاستشراق الانجلو-ساكسوني والامريكي "الذي لا يسعى للنيل من الاسلام كدين فحسب بل يحاول قبل كل شيء الحط من شأن الحضارة الاسلامية."

وتابع أن "المظهر الاكاديمي الصارم الذي يتخفى وراء خطاب أبلسة الاخر لدى لويس هو نتاج صورة لديه للحقيقة متشكلة قبل الرؤية أي قبل البحث."بحسب رويترز.

واستشهد الشمعة بقول المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد ان لويس "لم يضع قدما في العالم العربي خلال أربعين عاما على الاقل. انه يعرف شيئا عن تركيا كما قيل لي. ولكنه لا يعرف شيئا عن العالم العربي."

ورصد سعيد (1935-2003) قبل أكثر من 30 عاما في كتابه ( الاستشراق) بعض نجوم الفكر والادب الاوروبيين الذين "كانت لهم اراؤهم المحددة بشأن الامتياز العنصري والامبريالية ومن اليسير ادراك تأثيرهما في كتاباتهم" ومنهم المؤرخ توماس كارلايل (1795 - 1881) والفيلسوف جون ستيورات مل (1806-1873) والشاعر ماثيو أرنولد (1822-1888) والروائيون جوستاف فلوبير (1821-1880) وتشارلز ديكنز (1812- 1870) وجورج اليوت (1819-1880).

وتساءل سعيد في كتابه.. كيف شارك فقه اللغة ووضع المعاجم والتاريخ والبيولوجيا والنظرية السياسية والاقتصادية وكتابة الروايات والشعر الغنائي في خدمة رؤية الاستشراق للعالم وهي الرؤية التي تعتبر امبريالية بصفة عامة.

كما قال سعيد ان لويس "يمضي في تشويه الحقيقة وان أفكاره شائعة للاسف بين صغار مساعديه ومقلديه وهم الذين تنحصر مهمتهم فيما يبدو في تنبيه المستهلكين الغربيين الى الخطر الذي يتهددهم والنابع من عالم اسلامي ساخط خلقه الله غير ديمقراطي وميالا للعنف."

وقال الشمعة في بحث عنوانه (خطاب أبلسة الاخر..برنارد لويس واكتشاف الاسلام لاوروبا) شارك به في (ندوة الرحالة العرب والمسلمين.. اكتشاف الذات والاخر) التي اختتمت الاسبوع الماضي بالمكتبة الوطنية في العاصمة المغربية الرباط ان خطاب أبلسة الاخر كما يتضح من كتابات لويس تقترن فيه السلطة بالمعرفة حيث يعد لويس من أبرز المنظرين لتوجهات اليمين الامريكي وخاصة في عصر الرئيس السابق جورج بوش.

وشارك في الندوة نحو 50 باحثا. وتعقد الندوة سنويا في بلد عربي أو أجنبي وينظمها (المركز العربي للادب الجغرافي-ارتياد الافاق) ومقره أبوظبي ولندن كما يمنح المركز سنويا جائزة ابن بطوطة بهدف تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات في خمسة فروع هي (تحقيق الرحلات) و(الرحلة المعاصرة) و(الرحلة الصحفية) و(اليوميات) و (الدراسات في أدب الرحلة).

وقال الشمعة ان خطاب أبلسة الاخر لدى لويس يهدف الى تعميق الصورة النمطية السلبية حيث يسبغ على هذه الصور "هالة الموضوعية الاكاديمية الناجزة" ناقلا مقطعا من كتابه (العرب في التاريخ) مشددا على أن للويس هدفا "معلنا هو التأكيد على أن الاسلام -ويقصد به الدين الاسلامي والحضارة الاسلامية دون تمييز- لا يمكن أن يتطور.. هي حضارة بدو أجلاف" تختلف عن الحضارة الغربية.

ووصف كتابات لويس الخاصة باكتشاف الاسلام لاوروبا بأنها " اختزال خطير.. استبعد على نحو مثير للريبة نشاط أشهر رحالة في تاريخ الادب الجغرافي العربي والاسلامي" وهو الرحالة المغربي الاشهر ابن بطوطة.

وتابع أن لويس أهمل أيضا رحلة أحمد بن فضلان التي قام بها عام 921 ميلادية الى شمالي أوربا "والتي يعد كتابه عنها من أبرز أعمال الانثروبولوجيا الثقافية المبكرة" وهي تؤرخ لجوانب من تاريخ الاوربيين وتقاليدهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/حزيران/2009 - 15/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م