لقد اثبت الرئيس أوباما صحة ما قلنا في مقالات سابقة رغم لونه
وجذوره المختلفة عن بقية الرؤساء السابقين للولايات الأميركية، ورغم
ثقافته وانفتاحه انه ليس غير وان أميركا لا يحكمها شخص، وإنما مؤسسات
تعمل للمصالح الأميركية وحماية الكيان الصهيوني الإسرائيلي الغاصب فقط.
زيارة الرئيس أوباما للمنطقة العربية واتخاذها منبرا لخطابه للعالم
الإسلامي تأتي ضمن خطة وإستراتيجية أمريكية جديدة لتحقيق المصالح
الأمريكية الثابتة وتحسين صورتها في العالم وبالخصوص لدى الشارع العربي
والإسلامي التي تأثرت كثيرا بسبب السياسة الأمريكية الدائمة في دعم عدو
العرب الحقيقي الكيان الصهيوني المعتدي.
أما خطابه للعالم الإسلامي المليء بالأفكار..، والدعوة للاحترام
والتسامح والمساواة ودعم المرأة واحترام الأقليات والتأكيد على الحوار
والتعايش بين الشعوب، وعلى أهمية الشراكة بين الإسلام والغرب،
والاستشهاد بالآيات القرآنية، وان الإسلام لديه تاريخ يدعو للفخر في
التسامح، فهو خطاب جماهيري رنان يؤكد على الخطوط العريضة للمصالح
الأمريكية غير الجديدة، بعبرات جديدة من قبل رئيس جديد، وانه خطاب
تطبيعي بامتياز، ولكنه متناقض عبر الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود
والتأكيد على العلاقة القوية بين إسرائيل وأمريكا غير القابلة
للانكسار، والتي لن تتزعزع، والحديث عن مظلومية إسرائيل والتباكي على
اليهود وما حدث لهم..، ودعوته لنبذ العنف...، بينما لم يتحدث عن
مظلومية الشعب الفلسطيني وعن جرائم إسرائيل الدموية بقتل الشعب
الفلسطيني وتهجيره من أرضه وإقامة دولة على ترابه المحتلة، ولم يستشهد
بما يقع على الشعب الفلسطيني في غزة لغاية اليوم من ظلم واعتداء، وقد
تحدث بشكل عام عن حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة غير محددة المعالم،
وفيما هدد الرئيس أوباما إيران من امتلاك أسلحة نووية، لم يتحدث عن
خطورة ما يمتلكه الكيان الإسرائيلي من أسلحة نووية فتاكة على ارض
الواقع في المنطقة العربية.
ان هذا الخطاب ما هو إلا محاولة لامتصاص الغضب عند الشعوب العربية
والإسلامية بما يخدم المصالح الأمريكية، وإصلاح ما أفسده الرئيس
السابق، ومحاولة للتطبيع الشعبي العربي مع إسرائيل، وتحريك الدعم
العربي للمشروع الأمريكي.
فخامة الرئيس الأميركي «باراك حسين أوباما» إن الشعوب العربية شعوب
طيبة تحب الأمن والسلام والاستقرار والحياة، وضد الحرب والإرهاب
والأسلحة النووية والاعتداء، شعوب بحاجة لأن تعيش في أجواء من العدالة
والحرية والديمقراطية والتنمية وتطبيق الأنظمة، وإعادة الحق إلى أهله
في فلسطين العربية ومعاقبة الكيان الصهيوني المحتل الغاصب على جرائمه،
شعوب ملت من الخطابات الرنانة والوعود المطاطية الكاذبة، انها شعوب
بسيطة مغلوبة على أمرها ليست لديها مشكلة مع أي جهة أو فئة.. مشكلتها
الحقيقية مع الأنظمة الدكتاتورية المستبدة التي لا تعترف بالتعددية
وتداول السلطة والتوزيع العادل للثروة وحقوق الإنسان، والتنمية. |