تكنولوجيا الطيران بمواجهة جبروت الطبيعة..

تحطُّم الطائرة الفرنسية يثير القلق والحيرة من اجراءات السلامة والأمان

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: بعد قرابة أسبوع على اختفاء الطائرة التابعة لشركة إير فرانس، وعلى متنها 228 شخصاً، أعلنت السلطات البرازيلية أنها عثرت على جثث لأشخاص يُعتقد أنهم كانوا من بين ركاب الطائرة المنكوبة وسط تزايد الغموض حول أسباب اختفائها.

وسلّطَ اختفاء طائرة تابعة للناقل الوطني الفرنسي وترجيح تحطمها إثر دخولها منطقة اضطرابات جوية شديدة في المحيط الأطلسي، الضوء على المخاطر التي قد تمثلها الطبيعة بجبروتها رغم أفضل التقنيات المستخدمة في صناعة أحدث الطائرات.

وكانت الرحلة "AF 447" من ريو دي جانيرو والمتوجهة إلى باريس تقل 228 راكباً، اختفت من شاشات الرادار فور دخولها منطقة الإضطرابات الجوية، واحتمال إصابتها بعطل كهربائي، كما نقلت تقارير.

وفي ترجيح نادر، يقول خبراء إن صاعقة ربما ضربت الطائرة أدت لشل أجهزتها، علماً أن هناك العديد من الظواهر الجوية قد تمثل خطراً على ملايين الرحلات الجوية حول العالم سنوياً، ومنها:

البرق: سبق وأن أسفر عن حوادث قاتلة، منها رحلة تابعة لشركة "بان أمريكان" عام 1963 وأدى لمصرع 83 شخصاً، إلا أن الثورات التقنية في صناعة الرادارات والتكهن بالأحوال الجوية، جلعت من العواطف الرعدية، وما يصاحبها من برق - يسهل تجنبها.

وكانت وكالة الطيران والفضاء الأمريكية - ناسا - قد أجرت في مطلع الثمانينيات تجربة تضمنت طيران طائرة نفاثة داخل عاصفة ردعية، مما أدى لإصابتها بالبرق 72 مرة في غضون 45 دقيقة، وخرجت التجربة بمعلومات قيمة للعلماء.

ويقول علماء من جامعة فلوريدا أن البرق مازال يهاجم الطائرات التجارية، وعادة ما يستهدف طرفي الجناحين، مقدمة أو ذيل الطائرة، وغالباً ما يحدث أثناء ارتفاع الطائرة إلى معدلات التحليق الآلي أو أثناء الهبوط أو عند دخول الطائرة في غيوم. بحسب سي ان ان.

ويؤدي التلامس لاختلال أضواء الطائرة ووميضها لثوان، إلا أن أن الأمور سرعان ما تعود لطبيعتها ما لم يحدث شروخ في جسم الطائرة.

المطبات الهوائية Turbulence: وهي الأكثر شيوعاً ولا تخلو رحلة تجارية من تجربة المرور بها، وتتنوع هذه الاضطرابات حسب مسبباتها، منها ما تولده الحرارة الناتجة عن سطح الأرض مما يؤدي تحريك الهواء عاموديا إلى الأعلى، ومع ازدياد كميات الهواء تلك،  تزداد قوة الاضطرابات الهوائية. وهناك اضطرابات هوائية تتسبب بها الجبال وأخرى يتسبب بها بخار الطائرة ذاتها. وتقف التقنية الحديثة عاجزة أمام المطبات الهوائية حيث تعجز عن التكهن بها أو رصدها.

وتعزو دائرة الطيران الفيدرالي الأمريكي أغلب الإصابات الطفيفة في الرحلات الجوية إلى المطبات الهوائية، ووقعت بالطائرات التجارية الأمريكية، وخلال الفترة من 1980 وحتى يونيو/حزيران 2004، 198 حادثة جراء المطبات الهوائية، أسفرت عن 266 حادثة خطيرة وثلاثة وفيات.

العواصف الرعدية: قد تمثل خطراً على الطائرات خلال موسم الصيف، وتمكن خطورتها في التحركات الحرارية للهواء حيث قد يدفع التيار الأعلى والآخر الأسفل القويان الطائرة للدوران، أو إصابتها بأضرار.

علماً أن الطائرة تتلقى معلومات عن الأحوال الجوية دقيقة بدقيقة، كما يتابع منظموا الحركة الجوية الطقس في المناطق التي تتواجد بها الطائرات لمساعدتها عند الحاجة.

الجليد: قد يمثل خطراً داهماً خصوصاً في فترة الشتاء، وتراكمه على جناحي الطائرة يؤثر على سرعة وارتفاع الطائرة وله نتائج كارثية، أسفر عن عدد من الحوادث المهلكة.

وبحسب إحصائية وكالة سلامة النقل الوطني فإن 819 شخصاً قضوا في حوادث متصلة بتحطم طائرات جراء الجليد في الفترة من 1982 وحتى 2000. وتشكل الطيور، التي قد تشفطها محركات الطائرة، خطراً آخراً على الرحلات الجوية.

إيرفرانس تغيِّر عدادات قياس السرعة في الطائرات

وقالت شركة الخطوط الجوية الفرنسية إنها أمرت بالإسراع في استبدال أجهزة رصد وقياس السرعة في طائرات إيرباص التابعة لها وذلك بعد حادث اختفاء إحدى طائراتها فوق المحيط الأطلسي منذ ستة أيام.

وقالت الشركة إنها كانت قد لاحظت وجود مشاكل تتعلق بتجمد العدادات العام الماضي وبدأت في تغييرها في شهر أبريل/ نيسان من العام الجاري.

وكانت قد سرت تكهنات مفادها أن وجود معلومات خاطئة أظهرتها عدادات قياس السرعة القديمة وراء السبب في تحطم الطائرة التي كانت في طريقها من ريودي جانيرو إلى باريس وعلى متنها 228 راكبا.

وقالت البرازيل إن فريق الانقاذ البرازيلي الذي يعمل منذ ايام للعثور على بقايا طائرة الخطوط الجوية الفرنسية المنكوبة على جثتي رجلين يعتقد انهما كانا بين ضحايا الحادثة. بحسب فرانس برس.

وقال جورج امارال، المتحدث باسم القوات الجوية البرازيلية انه تم العثور على اول الجثث صباح السبت الماضي في مياه المحيط الاطلسي.

واضاف امارال ان انتشال الجثث تم بقرب المنطقة التي شهدت تحطم الطائرة على مسافة 640 كيلومترا شمال غرب جزيرة فيرناندو دي نورونها التي تقع على الساحل الشرقي للبرازيل.

كما عثرت القوات على حقائب سفر تعود لبعض ركاب الطائرة المنكوبة تحتوي على تذاكر لذات الرحلة، وهو ما اكدته شركة الخطوط الجوية الفرنسية التي قالت ان ما عثر عليه في احدى الحقائب يعود الى احد المسجلين على متن الرحلة.

ويقول المحققون إن أجهزة رصد السرعة الموجودة على متن الطائرة المختفية من طراز ايرباص 330 كانت تقدم "معلومات لا يمكن الاعتداد بها" قبل دقائق من اختفائها.

وقالت الخطوط الفرنسية إنها كانت قد بدات في مايو/ ايار 2008 تلاحظ وجود "فقدان رصد السرعة في طائرات ايرباص 330 و340 رغم أن هذه الأخطاء وقعت في عدد محدود فقط من الطائرات".

واضافت أنها اتصلت عندئذ بشركة إيرباص التي أرسلت توصية باستبدال الأجهزة. لكن الشركة الفرنسية تؤكد أن إيرباص لم تشدد على أن استبدال هذه الأجهزة يرقى إلى مستوى الضرورة القصوى.

الى ذلك، قال محققون فرنسيون في حادث الطائرة إنها بعثت 24 رسالة تشير إلى وقوع خلل قبل دقائق من تحطمها. وأضاف المحققون أن الطيار الآلي المزودة به الطائرة لم يكن في حالة التشغيل رغم أنهم لا يعلمون ما اذا لم يكن قد تم تشغيله أو أنه كان معطلا أصلا.

انتشال الجثث والحطام الذي سقط في الاطلسي

وانتشلت فرق البحث البرازيلية اول جثتين من الطائرة الفرنسية التي سقطت في المحيط الاطلسي وقال محققون انه تم اكتشاف قراءات سرعة خاطئة في نفس طراز الطائرة المتحطمة.

وقال مسؤولو الانقاذ ان سفن البحرية عثرت على جثتي رجلين وحطاما يضم مقعدا ازرق برقم مسلسل يماثل ارقام رحلة اير فرانس رقم 447 وحقيبة ظهر بها بطاقة تطعيم وحقيبة بداخلها تذكرة لاير فرانس.

وقال جورج امارال المتحدث باسم القوات الجوية البرازيلية للصحفيين في مدينة ريسيفي بشمال شرق البرازيل "هذا الصباح في الساعة 8.14 صباحا أكدنا العثور على أجزاء وجثث تخص طائرة اير فرانس."

وتجوب طائرات تابعة لسلاح الجو البرازيلي وسفن تابعة للبحرية البرازيلية منطقة واسعة من المحيط تبلغ مساحتها نحو 1100 كيلومتر قبالة الساحل الشمالي الشرقي للبرازيل منذ اختفاء الطائرة الايرباس ايه330-200 يوم الاثنين مما ادى الى مقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 228 شخصا.

ويعد تحطم هذه الطائرة خلال رحلة لها من ريو دي جانيرو الى باريس اسوأ الكوارث الجوية في العالم منذ عام 2001 والاسوأ منذ نشأة اير فرانس قبل 75 عاما. بحسب رويترز.

ويعتقد رجال الانقاذ ان جثثا كثيرة يمكن ان تكون غرقت او التهمتها اسماك القرش. وقالوا انه لن يتم ابلاغ احد سوى افراد العائلتين بهويتي الجثتين اللتين عثر عليهما. واسفرت عمليات التفتيش من قبل عن انتشال حطام من المحيط ثبت ان ليس له علاقة بالحادث .

وقال محققون فرنسيون يحاولون معرفة سبب تحطم الطائرة ان شركة ايرباص اكتشفت قراءات خاطئة للسرعة في طائرات ايه 330 قبل الاسبوع الماضي واوصت زبائنها بتغيير احد اجهزة قياس السرعة.

واصدرت اير فرانس في وقت لاحق بيانا قالت فيه انها بدأت في تغيير اجهزة قياس سرعة الطيران في طائرات شركة ايرباص ذات الجسم الطويل بسبب مخاوف من تكون ثلوج عليها وذلك قبل خمسة اسابيع من تحطم الطائرة ولكن ذلك لم يتم الا بعد ان فشلت في الاتفاق على حل مع شركة ايرباص.

بلاغ عن قنبلة استبق لغز تحطم الطائرة الفرنسية!

من جهة اخرى نقلت تقارير أن السلطات البرازيلية فتشت طائرة تابعة للطيران الفرنسي "أير فرانس"، في رحلة من "ريو دي جانيرو" إلى باريس، بعد تلقي الناقل الفرنسي تهديدات بوجود قنبلة، قبل أيام من التحطم الغامض للرحلة 447 فوق المحيط الأطلسي.

وأوردت شبكة "فوكس" عن تقارير برازيلية، أن الشرطة وسلطات مطار "إيزيزا" بريو دي جانيرو قامت بتفتيش الطائرة المعنية، ولم يسفر البحث، الذي استغرق 90 دقيقة، عن العثور على متفجرات.

وبحسب التقرير، لم يجر إخلاء الركاب أثناء البحث، وأن الرحلة بلغت وجهتها بسلام في 27 مايو/أيار الفائت.

وجاء التقرير إثر إعلان السلطات البرازيلية العثور على بقع زيت وحطام متناثر على مدى مسافة ثلاثة أميال وسط المحيط، حيث اختفت الطائرة المنكوبة. بحسب سي ان ان.

وقال وزير الدفاع البرازيلي، نيسلون جوبيم، في مؤتمر صحفي: "أؤكد بأن الحطام المتناثر على مدى خمسة كيلومترات هو للطائرة الفرنسية"، ونفى العثور على أي جثث أو مؤشرات حياة.

وتواجه السلطات الفرنسية والبرازيلية تحدي العثور على الصندوق الأسود للطائرة، الذي يبث إشارات تحدد موقعه لفترة 30 يوماً فقط، في وسط المحيط الأطلنطي.

وقال وزير الدفاع الفرنسي، فرانسوا فيلون، أمام البرلمان الثلاثاء: "نحن في سباق مع الزمن في أجوال جوية صعبة للغاية، وعمق المنطقة قد يصل إلى 7 آلاف متر، أي 22966 قدماً."

وأرسلت فرنسا سفينة أبحاث مزودة بغواصات آلية تستطيع الاستكشاف حتى عمق 6 آلاف متر في أعماق المحيط، بجانب أربعة طائرات عسكرية، منها واحدة م طراز "أواكس" للمساعدة في عمليات التفتيش ومحاولة انتشال الطائرة.

وقدمت البحرية الأمريكية طائرة استكشاف من طراز "P-3C Orion" وتتميز بقدرة التحليق على علو منخفض فوق المحيط لمدة 12 ساعة ومزودة بنظام ردادر وسونار، لرصد الغواصات في أعماق  المياه.

وحتى العثور على الصندوق الأسود، يظل تحطم  الطائرة المنكوبة لغزاً، ويركز خبراء طيران والأحوال الجوية على اعتراض مسار الطائرة لعاصفة عنيفة تبلغ سرعة الرياح فيها 160 كيلومتراً في الساعة.

مخاوف السلامة تسلط الضوء على شركات الطيران الامريكية

من جهة ثانية تواجه شركات الطيران التي تدير أكثر من نصف جميع الرحلات الداخلية في الولايات المتحدة ضغوطا فيما يدرس المسافرون مشاكل السلامة التي أثارها حادث تحطم طائرة في فبراير شباط.

وركز تحقيق اتحادي في حادث تحطم طائرة تابعة لشركة كولجان اير للطيران وأسفر عن مقتل 50 شخصا بولاية نيويورك على شركات الطيران الداخلي في وقت حرج لصناعة الطيران التجاري التي تحاول التكيف مع حالة الكساد.

وكولجان وحدة تابعة لبيناكل ايرلاينز كورب وتعمل تحت أسماء كونتيننتال كونيكشن لحساب كونتيننتال ايرلاينز ويونايتد اكسبرس لحساب يونايتد ايرلاينز ويو.اس ايروايز لحساب يو.اس ايروايز جروب.

وتحطمت رحلة كونتيننتال كونيكشن رقم 3407 في 12 فبراير شباط قرب بافلو. وكشفت جلسات استماع لمجلس سلامة الطيران عقدت الشهر الحالي عن مشاكل خاصة بارهاق الطيارين وقلة الخبرة وعدم ملائمة التدريب.

ووصل طاقم الطائرة الذي يحصل على أجر ضعيف الى مكان العمل في وقت مبكر من صباح يوم الحادث وقام برحلات طويلة لنيوارك ونيوجيرزي. بحسب رويترز.

وأقلع الطيار من فلوريدا على متن رحلة جوية وربما حصل على قسط من النوم في قاعة مخصصة للطاقم لتوفير نقود الإقامة في فندق. وأمضت مساعدة الطيار التي تحصل على أجر 24 الف دولار سنويا الليلتين السابقتين في السفر من منزلها في سياتل الى نيوارك.

والتقطت أجهزة تسجل كل ما يدور في قمرة القيادة حوارا بين الاثنين يناقشان عدم خبرتهما بالتحليق بالطائرة وسط الجليد أثناء هبوطهما بالطائرة في مناخ شتوي. وتجاهل قائد الطائرة نظام تحذير وخالف أفراد الطاقم اللوائح التي تمنع أي أحاديث لا تتصل بالرحلة حين تبدأ الطائرة الهبوط وهي مرحلة حرجة.

وقالت كولجان في بيان في الرابع عشر من الشهر الجاري "بدأت جلسات الاستماع.. مناقشات هامة بشأن الاجراءات التي يمكن أخذها على مستوى الصناعة ككل لتحسين السلامة للجميع... نريد مثل جميع الاخرين ان نعرف ماذا حدث."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/حزيران/2009 - 12/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م