العراق وأمريكا: اسفنجة كبيرة وأهداف استراتيجية

تصاعد العنف قد يفتح ثغرة في الجدول الزمني للإنسحاب الأمريكي

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما قال مسؤول أمريكي أسهمَ بدور مهم في السياسية الأمريكية على مدى حقبتي بوش الأب والابن، إن العراق اسفنجة كبيرة امتصت وقت الولايات المتحدة وانتباهها مبينا أن الاستقرار فيه بلغ ذروته ولن يتحسن أكثر قبلَ سحب الولايات المتحدة قواتها، قالت صحيفة بريطانية إن البنتاغون يتهيأ لإبقاء القوات الامريكية في العراق لمدة تزيد على عقد على الرغم من الاتفاقية بين واشنطن وبغداد التي تقضي بانسحاب كامل القوات الامريكية بحلول نهاية العام 2011.

وقال ريتشارد هاس إن “هناك سقف لما يمكن أن تبلغه الأمور من مستوى جيد، بالنظر لطبيعة المجتمع العراقي، وفي ضوء الانقسامات التي يشهدها مضيفا “بأمانة، سأكون سعيدا لو أن العراق لم ينحدر إلى ما هو أسوأ خلال سنتين أو ثلاث.

وهاس، الذي يترأس حاليا مجلس العلاقات الخارجية ومقره نيويورك، قام مؤخرا بزيارة إلى العراق. ويخطط الرئيس الأمريكي باراك اوباما لسحب القوات القتالية بحلول 31 من آب أغسطس 2010، وجميع القوات بنهاية العام 2011، في وقت يزيد تركيزه على الحرب في أفغانستان. بحسب اصوات العراق.

وقال هاس، 57 عاما الذي خدم في البيت الأبيض تحت إدارة الرئيس جورج اتش دبليو بوش (الأب) ومخطط سياسة الخارجية الأمريكية في عهد جورج دبليو بوش (الأبن)، إن الولايات المتحدة لا تزال تدفع ما يسمى بتكاليف الفرص الضائعة في حرب إدارة بوش في العراق.

رئيس هيئة الأركان يلمّح الى احتمال بقاء قواته فترة أطول

من جهة ثانية ذكرت صحيفة تلغراف Telegraph البريطانية، أن القوات الامريكية قد تبقى في العراق لمدة عقد من الزمان بسبب اوضاع العالم الحالية، حسب ما نقلت عن رئيس هيئة الاركان الامريكية.

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الالكتروني، إن البنتاغون “يتهيأ لبقاء القوات الامريكية في العراق لمدة تزيد على عقد، على الرغم من الاتفاقية بين واشنطن وبغداد التي تقضي بانسحاب كامل القوات الامريكية بحلول نهاية العام 2011″، طبقا لما نقلت عن رئيس هيئة الاركان الامريكية.

ونقلت الصحيفة عن الجنرال جورج كيسي قوله ان مع بقاء العالم “خطرا وغير ممكن التكهن بأوضاعه”، فأن على البنتاغون “التخطيط لاطالة أمد عملياتها الحربية والامنية ونشر ما يزيد عن 50.000 عسكري في العراق وافغانستان، في مدة اطول مما تتصور الان”.

وقال كيسي ان “الاتجاهات العالمية تدفع الى الاتجاه الخطأ،” مضيفا ان هذه الاتجاهات “سوف تغير بنحو جوهري كيفية عمل الجيش”.

وشدد كيسي على انه ليس من صناع السياسة، ولا يريد ان يناقض سياسة ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما، لكنه يريد “تهيئة الجيش لاحتمال انتشار طويل الأمد”.

ويريد الرئيس الامريكي، باراك اوباما، سحب القوات القتالية الامريكية من العراق في العام 2010.

ويرى العديد من كبار المسؤولين الامريكيين، ان العراق قد يسعى الى طلب تمديد بقاء القوات الامريكية، حسب ما تقول الصحيفة، لذا فان الاتفاقية التي ابرمها البلدان في العام الماضي من الممكن تعديلها من اجل السماح الى وجود عسكري كبير. ويوجد في العراق الان حوالي 139.000 عسكري في العراق.

وقال الجنرال كيسي انه يتوقع نشر 10 الوية قتالية بالاضافة الى قوات القيادة والدعم في العراق وافغانستان. ويتكون اللواء الواحد من 3.000 الى 5.000 عسكري.

وتعلق الصحيفة بالقول ان حسابات كيسي حول مستويات القوات تتصل بمحاولته لتخفيف قسوة جدول الانتشار الذي قال عنه انه سوف “يجعل الجيش يجثو على ركبتيه”، في اشارة الى جدول المناوبة بين القوات الامريكية في العراق.

توقُّع تصاعد استهداف الامريكيين بالعراق

وفي نفس السياق توقعَ محلل امريكي تصاعد استهداف الامريكيين في الفترة المقبلة، فيما قالت صحيفة يو اس أي تودي USA Today الامريكية، إن شهر ايار مايو الجاري يعد “اشد” الشهور دموية في العراق منذ ايلول سبتمبر الماضي.

وأوضحت الصحيفة أن عدد القتلى الامريكيين بلغ 20 فردا مع اعلان الجيش عن مقتل جندي بانفجار قنبلة طريق، معتبرة أن ارتفاع هذه العدد يعزى في جزء منه الى عدد القتلى من غير المقاتلين، من بينهم ضحايا اطلاق نار في قاعدة عسكرية امريكية ببغداد بيد جندي امريكي.

وقتل خمسة من افراد الخدمة في حادث اطلاق نار في 11 من مايو ايار الجاري في عيادة للصحة النفسية في معسكر ليبرتي ببغداد. واتهم الرقيب جون رسل من الجيش الامريكي بهذا الحادث.

ونقلت الصحيفة عن جيمس فيليبس، وهو محلل في شؤون الشرق الاوسط بمؤسسة هيريتاج ومقرها واشنطن، قوله “لا بد من بعض المرونة في التصرف بهذه القوات”، موضحا “انا افهم رغبة الحكومة العراقية بالتمسك بتصريحاتها المعلنة، الا ان الواقع على الارض قد يفرض ضرورة التكيف معه”.

وقتل 8 من القوات الامريكية هذا الشهر في حوادث متصلة بعمليات حربية، طبقا لبيانات الجيش الامريكي، وهو عدد يبقى تقريبا في مستوى الخسائر بالارواح في الشهور الاخيرة. وبهذا تكون خسائر القوات الامريكية بالارواح 4.303 منذ بدء الحرب في العراق في العام 2003.

ويرى فيليبس ان استهداف الامريكيين ربما يتصاعد في الاسابيع والشهور القادمة مع خفض القوات الامريكية لوجودها.

ومع ذلك، كما تقول الصحيفة، “ترافق تصاعد اعداد القتلى مع تفجر العنف في العراق في الشهور الاخيرة، حيث كثفت جماعات مسلحة مثل القاعدة في العراق حملتها في تفجيرات انتحارية واغتيالات في وقت تستعد فيه القوات الامريكية للانسحاب من المناطق الحضرية بحلول 30 من حزيران يونيو بناء على الانتفاقية الامنية المبرمة مع الحكومة العراقية”.

المالكي لا يرى حاجة الى اعداد كبيرة من القوات العسكرية داخل المدن

من جهته قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال لقائه رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي في بغداد مؤخرا "لم نعد بحاجة الى اعداد كبيرة" من القوات العسكرية داخل المدن، حسبما ذكر بيان حكومي.

من جهتها، اكدت بيلوسي ان "الاتفاقية الامنية" الموقعة بين العراق والولايات المتحدة "واحدة من المسائل المتفق عليها"، مؤكدة ضرورة ان "تكون المغادرة متفق عليها بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة".

واوضح المالكي ان "الوضع الامني جيد ولم نعد بحاجة الى اعداد كبيرة من القوات العسكرية داخل المدن بعد ان تمكنا من السيطرة عليها وجهودنا الآن تنصب على تطوير اجهزتنا الاستخباراتية". واكد ان "الانسحاب المسؤول لن يؤثر على الوضع الامني".

وتبدو تصريحات المالكي حول "اعداد كبيرة" مؤشرا الى قبول ضمني ببقاء قوات اميركية محدودة داخل المدن التي تواجه اضطرابات امنية مثل بغداد والموصل وبعقوبة. بحسب فرانس برس.

وتاتي زيارة بيلوسي غير المعلنة مع اقتراب موعد انسحاب القوات الاميركية من المدن والقصبات في نهاية حزيران/يونيو المقبل، حسب ما تنص عليه الاتفاقية الامنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. لكن اوساطا سياسية تبدي شكوكا متزايدة حيال انسحاب اميركي كامل من المدن.

اوديرنو: قواتنا على المسار الصحيح للانسحاب والتمرّد سيبقى لسنوات

وفي نفس السياق قال قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال راي اوديرنو، إن قوات بلاده “على المسار الصحيح” باتجاه تلبية موعد الانسحاب من كل المدن الكبيرة في 30 من حزيران يونيو المقبل، لافتا إلى أن التمرد في العراق سيدوم إلى 15 سنة قادمة على الرغم من ضعفه، كما نقلت صحيفة بلومبيرغ Bloomberg الأمريكية.

وقال الجنرال ريموند اوديرنو “نحن خارج كل المدن باستثناء بغداد والموصل،” مضيفا “لا يزال لدينا عملية كبيرة جارية في الموصل،” و”اعتقد أننا على المسار الصحيح،” للوفاء بالموعد النهائي.

وبموجب الاتفاقية الأمنية التي وقعتها الحكومة العراقية نهاية العام الماضي، على القوات الأمريكية مغادرة المدن في 30 من حزيران يونيو المقبل والانسحاب من باقي مناطق البلد بنهاية العام 2011.

ورأى اوديرنو أن التمرد في العراق “مفكك” إلا انه لا يزال موجودا. بيد أن قائد القوات الأمريكية رفض القول بان التمرد في “أنفاسه الأخيرة”، كما ذكر نائب الرئيس الأمريكي السابق دك تشيني في العام 2005 قبل أن ينفجر العنف في العام 2006.

وقال اوديرنو “لن أقول إن التمرد في أنفاسه الأخيرة، أو بأنه غير ماض باتجاه نهايته، حسنا؟” مضيفا “سيكون هناك على الدوام بعض التمرد بمستوى منخفض في العراق على مدى السنوات الخمس أو العشرة أو الخمس عشرة القادمة. والقضية هي ما هو حجم ذلك التمرد؟ وهل سيتمكن العراقيون من التعامل معه بقواتهم وبحكومتهم؟”.     

ويرمي الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى خفض حجم القوات في العراق كي يتمكن من تعزيز قوات بلاده في أفغانستان، حيث تخوض قوات الناتو حربا ضد القاعدة وحلفائها من طالبان. ويبلغ حجم القوات الأمريكية في العراق حاليا 136,000 عسكري.

وتقول الصحيفة إن اوباما حث حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على تولي مسؤولية حل النزاع السني الشيعي بشأن “دمج السنة في الجيش والشرطة، والنزاع الكردي العربي على منطقة كركوك الغنية بالنفط”.

وأضافت الصحيفة أن الاتفاق على سحب القوات الأمريكية يسمح بتغيير جدول الانسحاب بالاتفاق المتبادل. وبهذا الصدد قال اوديرنو، الذي يتولى قيادة القوات متعددة الجنسيات، “إذا سألتم رئيس الوزراء، فاعتقد انه سيقول أننا سنخرج. لكن القرار عائد إليه”.

وذكرت الصحيفة أن مدينة الموصل، شمال العراق، تعد “معقل المسلحين السنة وتنظيم القاعدة”، حيث وصفها اوديرو بأنها “المدينة الوحيدة التي ربما تتطلب اقامة مطولة”.

وقال اوديرنو أيضا إن مجمل الوضع في العراق يعد بالأمل. وبان العنف “متدن” و “الأمن لا يزال في تحسن”، على الرغم من انه “ما زال هشا في بعض المناطق”.

العنف في الموصل يفتح ثغرة في الجدول الزمني للانسحاب الامريكي

ويحتمل ان تبقى القوات الاميركية في الموصل، اخر معقل للقاعدة، الى ما بعد الموعد المرتقب لانسحاب الجيش الاميركي في 30 حزيران/يونيو ما يفتح ثغرة في الجدول الزمني المحدد للانسحاب.

وقال الكولونيل غاري فولسكي قائد القوات الاميركية في محافظة نينوى (عاصمتها الموصل) في شمال العراق خلال مؤتمر عبر الهاتف، "اذا ارادت الحكومة العراقية ان نبقى، سنبقى". واضاف "نجري حاليا مع نظرائنا العراقيين تقييما للظروف الامنية في الموصل (..) وبناء على هذا التقييم سيتم اتخاذ قرار".

وينص اتفاق امني وقع نهاية 2008 بين واشنطن وبغداد على انسحاب القوات الاميركية من المدن في 30 حزيران/يونيو، على ان تغادر العراق نهائيا بحلول نهاية 2011.

واكد نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي الذي كان يزور باريس ان استحقاق نهاية 2011، اي بعد ثماني سنوات على اجتياح البلاد وسقوط نظام صدام حسين، "نهائي" ولن يتم اعادة التفاوض حوله. لكنه اضاف ان موعد 30 حزيران/يونيو يعتبر اكثر مرونة لا سيما بخصوص الموصل حيث اقر بانه لا يزال يتوجب ان تستعيد السلطات العراقية السيطرة الكاملة على الشارع. بحسب فرانس برس.

والموصل التي تعد اكثر من 1,5 ملايين نسمة من المسلمين السنة والشيعة والمسيحيين والاكراد تعتبرها القيادة الاميركية مركز تحركات مناصري القاعدة في العراق الذين تم طردهم من بغداد وغرب البلاد.

عصابة أمريكية سرقت وقوداً بـ 40 مليون دولار وباعته للمسلحين

وفي فضيحة جديدة، كشفت صحيفة نيو يورك تايمز عن عصابة تتكون من أمريكيين ونيباليين وعراقيين سرقت ما لا تقل قيمته عن 40 مليون دولار من الوقود وباعتها في أسواق سوداء تقع تحت سيطرة جماعات مسلحة.

وقالت الصحيفة نقلا عن لائحة اتهام أعدتها هيئة محلفين كبرى بولاية فرجينيا إن عصابة من أمريكيين وسائقيهم النيباليين “قامت بلعبة جريئة احتالت من خلالها على أكبر المواقع العسكرية الأمريكية أمنا في العراق وزورت بوقاحة شديدة وثائق لسرقة وقود بقيمة لا تقل عن 40 مليون دولار من مستودعات الجيش”.

وعلقت الصحيفة بالقول إن حتى لحظة إلقاء القبض عليهم، كانت هذه المجموعة التي تتكون من حوالي 12 شخصا “تمارس أعمال استغفال مذهلة في منطقة حرب”، إذ على ما يبدو فانه “يكفي الحصول على هويات مزورة وموهبة لتزوير وثائق طلب رسمية بالعراق” كما ذكرت لصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن وثائق المحكمة أن هذه المجموعة من الأمريكيين “كانوا يملأون الصهاريج من مستودع في مقر عسكري أمريكي على مقربة من مطار بغداد الدولي، وينزل الرجال ببساطة إلى المدينة ليبيعوا الوقود في السوق السوداء المحلية”.

وتشير الوثائق إلى أنه في العامين 2007 و2008 “باعت هذه العصابة ما لا يقل عن 10 ملايين غالون من الوقود المسروق، وربما أكثر بكثير من هذا الرقم، في سوق سوداء مشهورة بارتباطاتها مع جماعات مسلحة عراقية معروفة بسيطرتها على قطاعات واسعة من تلك السوق وجمع نسبة مئوية كبيرة من الأرباح”.

ووصفت لائحة الاتهام، كما تقول الصحيفة، هذه العملية “مثل عناصر مسلسل الجريمة المشهور تشيتش اند تشونغ، إذ هناك رسائل الكترونية تروي بالتفصيل مواعيد الدفع إلى أفراد العصابة، ومتعاقد أمني مزيف يحمل لقب بونغ، وإمضاء مزور لضابط تعاقد عسكري اطلقوا عليه اسم الرقيب ربح”.

وذكرت الصحيفة أيضا أن أفراد العصابة “قالوا إنهم يعملون لصالح شركة اسمها خدمات المستقبل”.

وترجح لائحة الاتهام أنه “ربما كان 10 سائقين نيباليين وعلى الأقل ستة من العراقيين والأمريكيين، متورطون أيضا في القضية”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/حزيران/2009 - 11/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م