الهاتف المحمول حجز زاوية التنمية في أفريقيا

 

شبكة النبأ: الهاتف المحمول اصبح حجر زاوية للتنمية وتعبئة الاقتصادات الريفية النائية، حيث زادت التحويلات الى القرى بنسبة تصل الى 30 في المئة مما يسمح للمزارعين بتنويع مصادر دخلهم والتحول الى مشاريع صغيرة وأتاح هذا الاسلوب نفاذ الاموال بسهولة اكبر الى المناطق الريفية حيث هناك حاجة حقيقية اليها.

الكينية ماري وانجيكو البالغة من العمر 28 عاما لديها هاتف محمول.. لكنه ليس هاتفا فحسب بل أيضا وسيلة رخيصة وآمنة وسهلة لارسال 40 دولارا الى والدتها.

وباستخدامها الهاتف لارسال أموال للاصدقاء والاسرة تنضم هي وملايين الافارقة الى اليابان في كسر حاجز تكنولوجي لا يزال موجودا في اوروبا والولايات المتحدة ويمهد الطريق لما يمكن أن يصبح نقود المستقبل.

وقالت وانجيكو من أمام وكيل خدمة (ام-بيسا) في نيروبي وهي شبكة الاموال الافتراضية التي تعني "الاموال عن طريق الجوال" بالسواحيلية وهي اللغة المحلية في كينيا "كنت أضطر من قبل للتوجه الى مسقط رأسي لتوصيل الاموال." بحسب رويترز.

وأضافت "ام-بيسا أحدثت ثورة في حياتي."

وتمد الشبكة التي تملكها سفاريكوم اكبر مؤسسة للهاتف المحمول في كينيا جذورها في افريقيا التي تفتقر للبنية التحتية خاصة فروع البنوك وحيث يطغى شغف باستخدام الهواتف المحمولة.

وهناك واحد من كل خمسة أشخاص لديه حساب بنكي والسبب في هذا أساسا هو التكاليف الباهظة لفتح حسابات في فروع البنوك القائمة في أجزاء نائية من القارة التي يعيش كثير من سكانها البالغ عددهم مليار نسمة على دولارات معدودة في اليوم.

لكن الهواتف المحمولة تنتشر بسرعة فائقة فقد ذكرت رابطة (جي.اس. ام.ايه) المعنية بصناعة الهاتف المحمول أن عدد المستخدمين قفز الى 270 مليونا عام 2007 بعد أن كان 50 مليونا فقط عام 2003.

خدمة (ام-بيسا) التي انطلقت بالتعاون مع بنك كينيا التجاري حتى يتسنى لمستخدمي الهاتف الذين لا يملكون حسابات مصرفية ارسال أموال لبعضهم البعض نجحت في تحقيق معادلة استقطبت 6.5 مليون عميل او واحد من كل ستة كينيين في نحو عامين فقط.

في اليابان التي كانت رائدة في استخدام هذه التكنولوجيا وادخال هذا النموذج على الهواتف المحمولة يتمتع نحو 55 مليون هاتف محمول بخاصية تحويل الاموال الكترونيا وبالتالي يحملها نحو نصف المستخدمين اليابانيين.

وذكرت مؤسسة جارتنر لاستشارات تكنولوجيا المعلومات في تقرير صدر في مايو ايار ان السوق العالمية لتحويل الاموال عن طريق الهاتف المحمول تنمو بمعدل 70 في المئة سنويا وأن هذه الخدمة ستكون شائعة بحلول عام 2012 ليستخدمها اكثر من 190 مليون عميل اي اكثر من ثلاثة في المئة من مستخدمي الهاتف المحمول.

وتوفر شركات أخرى للهاتف مثل (ام.تي.ان) ومقرها جنوب افريقيا والتي هي اكبر شركة لخدمات المحمول في افريقيا وشركة زين بالكويت خدمات مماثلة في مجموعة كبيرة من الدول من بينها جنوب افريقيا ونيجيريا كما أن لديها خططا رائدة من الشرق الاوسط الى افغانستان.

يقول ماركوس بيرسون المحلل بمؤسسة بيرج اينسايت "الهواتف المحمولة في وضع ممتاز يتيح لها أن صبح القناة الرقمية الرئيسية لمقدمى الخدمات المصرفية والخدمات المالية المتصلة بها في الاسواق الصاعدة."

وفي معظم أنحاء اوروبا والولايات المتحدة كبحت امكانية استخدام وصلات الانترنت السريعة التي تتيح اجراء المعاملات المصرفية عن طريق الشبكة العنكبوتية تطبيق تقنية تحويل الاموال عن طريق الهاتف المحمول لكن بيرج اينسايت تتوقع أن تلقى رواجا مع انتشار التقنيات اللاسلكية مثل البلوتوث.

ويتسع نطاق الانظمة الافريقية سريعا من تحويلات الاموال البسيطة عن طريق الرسائل النصية الى سداد تكلفة كل شيء من أجرة التاكسي الى فاتورة الماء او الكهرباء حتى أنه يمكن قضاء يوم في نيروبي دون حمل اي نقود.

وقال مايكل جوزيف الرئيس التنفيذي لسفاريكوم لرويترز "هذه مجرد بداية... نحن نسعى لان يخرج المرء دون اي نقود في جيبه."

وأضاف أن تكلفة بناء وادارة شبكة من تسعة الاف وكيل جدير بالثقة لحمل الاموال التي يجب سدادها في نهاية السلسلة تعني أنها لم تحقق أرباحا بعد.

لكن بخلاف المكسب البسيط يقول كريس جابرييل الرئيس التنفيذي لشركة زين افريقيا ان القيمة الحقيقية لتحويل الاموال عن طريق المحمول بالنسبة لمؤسسات الهاتف تكمن في اقامة رابطة طويلة الامد مع العملاء حيث تؤثر المنافسة الشرسة في سوق المحمول على المكاسب.

وأضاف جابرييل "نراها وسيلة لاحداث نوع من التعلق... نعم هي خدمة تدر عائدا لكن بتكلفة رسالة نصية قصيرة لن نحقق الثراء سريعا."

وبوسع زين وسفاريكوم المملوكتين جزئيا لمجموعة فودافون البريطانية اجراء تحويلات عبر الحدود مما يسمح لهما بالمنافسة على جزء من تدفقات التحويلات العالمية التي تجاوزت قيمتها 380 مليار دولار عام 2008 وفقا لما ذكرته الرابطة الدولية لشبكات تحويل الاموال ومقرها لندن.

وتعمق استخدام تحويل الاموال عن طريق الهاتف في كينيا.

ووجدت شركات مثل تلك التي تملك مزارع الشاي والقهوة أن باستطاعتها سداد رواتب الموظفين عن طريق المحمول كما تستطيع المؤسسات الخيرية تلقي المساعدات وتوزيعها باستخدامها مثلما فعل الصليب الاحمر اثناء أعمال العنف التي وقعت بعد انتخابات كينيا عام 2007.

وعلى الرغم من حداثة الظاهرة وصفها البنك الدولي في افريقيا بأنها "حجر زاوية للتنمية" لقدرتها على تعبئة الاقتصادات الريفية النائية.

وقالت اولجا مورافتشنسكي الباحثة بجامعة ادنبره ان التحويلات الى القرى زادت بنسبة تصل الى 30 في المئة بسبب (ام-بيسا) مما يسمح للمزارعين بتنويع مصادر دخلهم والتحول الى مشاريع صغيرة مثل صناعة الاثاث اوتشغيل اكشاك صغيرة على جوانب الطرق.

وأضافت لرويترز أن هذا الاسلوب "أتاح نفاذ الاموال بسهولة اكبر الى المناطق الريفية حيث هناك حاجة حقيقية اليها."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/حزيران/2009 - 9/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م