العطلة الصيفية والبديل

محمد علي جواد تقي

في الوقت الذي يبدي طلبة المدارس فرحهم وسرورهم من حلول العطلة الصيفية وطيّ صفحة أخرى من سنة دراسية شاقة – طبعاً هذا الشعور يشمل الناجحين فقط- فان أولياء الأمور والمعنيين بأمر التربية يبدون خشيتهم وتخوفهم من التعرجات والمنعطفات التي تحفل بها مسيرة العطل الصيفية، وهو تخوف مبرر بل ومطلوب، لأن حديثي السن والتجربة بحاجة الى من يدلهم على موقع المطبّ أو بداية المنزلق، وهي مسؤولية وخدمة يسديها الكبار للصغار، لكن يبقى السؤال القديم – الجديد هو: كيف؟

من المعروف إن من أبرز الأشياء التي يكون الطالب بعيداً عنها أيام الدراسة إلى حدٍ ما، ثم يلتقي بها بكثير من الشوق واللهفة، هو جهاز التلفاز وملحقاته و خط الأنترنت عند البعض، وهاتين الوسيلتين أصبحتا في مقدمة الوسائل التي تملأ فراغ الشباب في العطلة الصيفية.

 في مقابل هاتين الوسيلتين نشهد إقامة دورات ثقافية وتعليمية من قبل أهل الخير في الحسينيات والمساجد ومراكز ثقافية مختلفة، يتلقى فيها الطالب (المعطّل علمياً) دروس الفقه وأحكام الحلال والحرام وأحكام تلاوة القرآن الكريم والأخلاق وغيرها، لكن هل ينتهي عند هذا الحد دور المبلغين والمعنيين بأمر تربية النشأ الجديد؟ وهل تزول تلك المخاوف من المؤثرات الخارجية؟

الجواب على هذا السؤال يأتينا من وجود الأطباق اللاقطة للقنوات الفضائية وهوائيات الانترنت وغيرها من الوسائل التي تعمل بحرية كاملة بشكل موازي للحرية التي تحظى بها المساجد والحسينيات، ونحن في الوقت الذي ندعو لإقامة مثل هكذا دورات ومعاهد وأجواء دينية وأخلاقية، فاننا لسنا متخوفون بالمرة من التلفاز أو شبكة الانترنت، لأنها ببساطة إحدى أهم وسائلنا الاعلامية، لكن المشكلة في تجاوز الكثير من القنوات الفضائية وأصحاب المواقع الالكترونية على شرف المهنة وعلى الضمير أيضاً، فيوظفون الإثارة الكاذبة ويحاكون الغريزة التي منحها الله للانسان خدمةً لأهداف بعيدة عن الانسان نفسه.

 ويبدو واضحاً وبجلاء أن الغريز الجنسية، أهم ما يتعكز عليه أولئك المتجاوزين على الضمير وشرف المهنة الاعلامية، لذا نكون مقصرين – باعتقادي القاصر- إذا بقينا متفرجين على سوء استغلال هذه المسألة البديهية والبسيطة، حتى وإن أقمنا آلاف المدارس والمحافل القرآنية بين البيوت، فما المانع في أن يتطرق عالم الدين أو المبلغ الى مسألة الجنس، وقد تفضّلت الحوزة العلمية وبجهود كبار علمائنا، وألمّت بكل جوانب هذه المسألة شرعياً وأخلاقياً؟ وبامكان المبلّغ إضافة الجانب العلمي والصحي، والاستدلال على أن الدين هو أول وآخر من يرسم خارطة الطريق الصحيحة لحياة جنسية سليمة لدى الانسان سواءً المتزوج أو الأعزب، والسبيل الى ذلك متاح، إما بالمحاورة والمحادثة المباشرة أو بشكل غير مباشر كأن يكون بطرح الأسئلة مكتوبةً، أو أي أسلوب آخر يشق الطريق نحو ثقافة اجتماعية شاملة.

وإذا كنّا عاجزين عن منافسة القنوات المتخصصة في عرض الأفلام السينمائية ذات الاثارة الرخيصة والكاذبة، فان بامكاننا تشجيع المسرح والتمثيل، وكم من المواهب والطاقات الذهنية كامنة في نفوس شبابنا ولا من معين يستخرجها ويصوغها لتقدم الى المجتمع بحلّة جميلة ومفيدة، وهناك الكثير، الكثير من مجالات العمل الفنية مثل الرسم والخط والخياطة والنحت والتمثيل وغيرها، من شأنها أن تخدم الشباب والمجتمع معاً، بحيث يتحولوا بها الى أحداث مثيرة تتسابق اليها نفس تلك الوسائل الاعلامية، وبالنتيجة، بدلاً من أن يكون الشباب أسير التلفاز والانترنت يشاهد ويسمع مكتوف الأيدي، سيتحول الى صانع حدث فني وثقافي كبير يأسر المشاهدين في كل مكان.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/حزيران/2009 - 7/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م