القنبلة النووية الإيرانية بين دروس التاريخ وآمال أوباما بالتغيير

شبكة النبأ: كان الموضوع الرئيسي الذي هيمنَ على الاجتماع الاخير بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هوَ السؤال التالي: هل يمكن لاستراتيجية التواصل الدبلوماسي للرئيس أوباما، أن تُقنع إيران بوقف جهودها لتطوير أسلحة نووية؟

وبهذا الخصوص كتبَ جون هانا، زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى ومستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الامريكي السابق ديك تشيني في الفترة من 2005 إلى 2009. مقالاًً حول الموضوع جاء فيه: مما يؤسَف له أن التاريخ لا يعطي مبرراً كبيراً للأمل - وخاصة إذا استمرت الولايات المتحدة في محاولة التركيز على طمأنة إيران عن نوايا أمريكا الحميدة. فمن المرجح أن يحدث النجاح في نزع السلاح النووي لدول معادية نتيجة تغيير النظام، أو اتباع دبلوماسية قسرية أو القيام بعملية عسكرية، وليس بتعهد الولايات المتحدة على قيام احترام متبادل.

وأضاف الكاتب، تؤكد حالات عكسية ناجحة - التي أدت إلى التخلي عن تطوير الأسلحة النووية في الشرق الأوسط – على أهمية عنصر الإجبار في النجاح بالقيام بعمل ما بالإكراه. ففي كانون الأول/ديسمبر 2003، وافقت ليبيا تحت رئاسة معمر القذافي على عرض التقارب الذي قدمته الولايات المتحدة، مقابل تخلي رئيسها عن برنامج البنية التحتية المتعلقة بأسلحة بلاده النووية- بعد أن وفرت له القوات الأمريكية مثالاً قوياً عن عزل واعتقال زميله صدام.

لقد تطلّبَ وقف طموحات صدام حسين النووية اتخاذ تدابير أكثر تطرفاً. ففي عام 1981، قامت الطائرات الإسرائيلية بتدمير مفاعل "أوزيراك" في العراق، قبل بدئه بإنتاج البلوتونيوم [الضروري] لصنع أسلحة نووية. وبعد ذلك بعشر سنوات، أدى نجاح الولايات المتحدة فى حرب الخليج إلى تفكيك البرنامج السريع لتخصيب اليورانيوم الذي كان [يعتمده] صدام حسين لصنع قنبلة نووية.

وتابع الكاتب، لقد ثبت أن استخدام القوة العسكرية كان ضرورياً أيضاً ضد الأنشطة النووية التي كانت تقوم بها سوريا المارقة. ففي أيلول/سبتمبر 2007، قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف مفاعل [نووي] سري بينما كانت دمشق على وشك الانتهاء من بنائه بمساعدة كوريا الشمالية.

وبالنسبة لإيران قال الكاتب، تشير الحقائق بأن أكبر نجاح حققته الولايات المتحدة لإعاقة برنامج طهران النووي، لم يأت نتيجة أية مفاوضات، ولكن رداً على كثافة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية. وقد أشار تقييم المخابرات الوطنية الأمريكية من عام 2007، بأن إيران كانت قد أوقفت في عام 2003 برنامج العمل التصميمي لأسلحتها النووية (في الوقت الذي واصلت في جهود تخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ البالستية) بسبب الضغوط الدولية المتزايدة الناجمة عن الكشف عن برنامجها النووي السري. وقد لاحظ معظم المراقبين بأن قرار إيران تزامَن مع الغزو الأمريكي لجارتها العراق وإسقاط نظام صدام حسين بعد ثلاثة اسابيع من بدء الحرب – وهو نصر لم ينجح الجيش الإيراني في تحقيقه بعد حرب دامت ثماني سنوات في الثمانينات من القرن الماضي.

هناك درس من التاريخ بإمكان الرئيس أوباما أن يتعلمه، ويبدو أنه درس مباشر: إذا نستثني حدوث تغيير في النظام أو القيام بهجوم عسكري، فإن الطريقة المرجحة لإقناع دولة معادية للولايات المتحدة وترعى الإرهاب مثل إيران، على وقف برنامجها لتطوير الأسلحة النووية، هي التهديد بصورة حقيقية على قبضة ذلك النظام على السلطة. وفي الوقت الذي تُستخدم فيه استراتيجية التواصل الدبلوماسي المكثف مع طهران لتوضيح وجود فرصة تاريخية لتحقيق المصالحة، يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل في وقت واحد لمواجهة النظام بمزيج من الضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية والإكراه العسكري، التي تؤدي جميعها إلى شلل البلاد.

واستدرك الكاتب، يبدو أن إدارة الرئيس أوباما تميل إلى اتباع مسار آخر، على الأقل في الوقت الراهن. فبدلاً من استخدام المشاركة الدبلوماسية كآلية توضح لحكام إيران [ما هو] الاختيار الصارخ الذي يواجهونه، يقوم الرئيس اوباما على ما يبدو، بالتركيز بصورة استثنائية على إظهار رغبة أميركا في تحسين العلاقات. إن النتائج حتى الآن غير مشجعة، حيث [تشير] التعبيرات المتوالية عن حسن النية الذي أظهرته الولايات المتحدة بأن الجانب الإيراني قام بالرد على ذلك بسلسلة من الاستفزازات: إطلاق قمر صناعي إيراني؛ الكشف عن مصنع لإنتاج الوقود النووي؛ والاعتقال التعسفي لصحفية أمريكية (وإفراجها لاحقاً) بتهمة تجسس ملفقة.

وبيّنَ الكاتب، من الجدير بالذكر أن نهج الإدارة الأمريكية يخالف بصورة كبيرة النهج الذي يتبعه حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الذين يسعون إلى تحقيق أقصى قدر من الضغوط على طهران. ففي الشهر الماضي، قامت مصر بإطلاق حملة علنية عبرت عن جهد شجاع لحشد الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة على معارضة حملة تخريب إيرانية تمتد من العراق إلى المغرب. وبدلاً من التسرع في الدفاع عن الحلفاء الذين هم في محنة، التزم أوباما الصمت الى حد كبير، واختار بدلاً من ذلك تكرار القول حول رغبته في التوصل إلى نوع من التسوية مع طهران، التي هي مصدر المشاكل في المنطقة.

وقد ظهرت أيضاً خلافات مهمة بين الإدارة وإسرائيل، وخاصة حول احتمال استخدام القوة لوقف البرنامج النووي الإيراني. فقد قام كل من نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ووزير الدفاع روبرت غيتس بتحذير إسرائيل بصورة علنية، من [شن] أي هجوم على إيران. وقد تكهن غيتس بصراحة بأن أي عمل عسكري أميركي سيؤدي إلى نتائج عكسية.

ويختتم الكاتب مقاله بتساؤل مفاده، هل بإمكان اتباع نهج يتخلى عن مثل هذه الضغوط الدبلوماسية والعسكرية الحاسمة ولكنه ينجح ضد إيران العازمة على امتلاك أسلحة نووية؟ نظراً للمخاطر، ينبغي علينا جميعاً أن نصلي من أجل نجاح ذلك. ولكن استناداً إلى تاريخ أنظمة الشرق الأوسط المستبدة التي تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، يجب علينا أيضاً أن نعترف بأن استراتيجية أوباما تعكس انتصار الأمل على التجربة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 3/حزيران/2009 - 6/جمادى الآخرة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م