جاء فوز المرشحات الأربع لعضوية مجلس الأمة ليحمل في طياته دلالات
عديدة، أولها ايصال رسالة للمتشنجين بأن المرأة لا تقل كفاءة عن أخيها
الرجل، وبأنها متحمسة وقادرة على خدمة المجتمع، وان المجتمع الكويتي
مجتمع منفتح سيصل ببلده إلى مركز الريادة كما كان وأفضل.
نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة 2009م في الكويت والتي أسفرت عن
فوز التيار المعتدل والمرأة لأول مرة وتراجع التيار الديني السلفي
المتشدد.. ليس مجرد انتصار عظيم للديمقراطية في الكويت، وانما ثورة
تغيير جديدة في المنطقة ضد التشدد والتطرف وثقافة الرأي الواحد وثقافة
المجتمع الذكوري، وضد أعداء التعددية والمساواة والحرية والانفتاح
ومشاركة المرأة بجانب الرجل في بناء المجتمع والوطن، لاسيما بعدما
استطاعت المرأة أن تفجر ثورة لا مفاجأة من العيار الثقيل بتحقيق ما
عجزت عنه العديد من النساء في معظم دول العالم التي تمارس النظام
الديمقراطي، وذلك بحصول أربع نساء على مقاعد في المجلس النيابي بأصوات
مرتفعة،.. وهذا النجاح المستحق رسالة إلى الجميع بان الوضع في الخليج
يتغير وان المرأة قادمة، وان ما حصل يمثل ثورة تغيير قادمة للمنطقة.
قبل أيام كتبت مقالا بعنوان «المرأة معصومة..الخليجيات قادمات»،
أوضحت فيه ان المرأة الخليجية وبالذات الكويتية قادمة وانها قادرة على
الوصول إلى المجلس واثبات قدرتها على التصدي وتحمل المسؤولية، لأنها «استطاعت
في فترة زمنية قصيرة أن تحقق الكثير من المكاسب، وأن تنتزع حقوقها
انتزاعا من مجتمع لم يفسح لها، وأن تصبح مسؤولة ووزيرة في ظل وجود
متشددين تفرغوا لمحاربة ومنع أي تطور جديد ومفيد للمجتمع، ومحاربة
المرأة بالذات، ومنها إصدار الفتاوى بمنعها من الترشح للانتخاب وحرمة
التصويت لها، نعم لقد أثبتت المرأة الكويتية بفوزها الساحق والمستحق
رغم كل ذلك أنها تملك الثقة والإرادة والقدرة على تجاوز التحديات
وإقناع الآخرين، وانها تحظى بالتقدير والثقة من قبل المجتمع من الجنسين.
إن فوز المرشحات الأربع في الانتخابات النيابية: معصومة المبارك،
وأسيل العوضي، ورولا دشتي، وسلوى الجسار. بهذه الأصوات المرتفعة، يصنف
بأنه مفاجأة كبرى، وثورة تغيير جديدة من قبل المجتمع ضد الفكر المتشنج
وضد العادات والتقاليد السلبية التي لم ينزل الله بها من سلطان. ولعل
من أهم العوامل التي ساهمت في سقوط التيار المتشنج ونجاح المرأة
الكويتية ووصولها إلى المجلس وبأصوات مرتفعة، وعي المجتمع بأهمية
ممارسة الحق الديمقراطي بشكل صحيح بترشيح من هو مناسب بدون ضغوط،
والإيمان بإعطاء المرأة الشريكة في الوطن الفرصة للدخول إلى المجلس
وتحمل المسؤولية وسقوط رموز الوصاية والاستسلام لأصحاب التوجهات
اللامنطقية الذين تعرضوا لضربة قوية وخسارة كبيرة، والبعض وصل في مراتب
متأخرة، بالإضافة إلى عدم اقتناع المجتمع الكويتي بفتوى تحريم التصويت
للمرأة. كما أن عدم نجاح النواب السابقين من الرجال كان له دور في دفع
مسيرة العمل البرلماني وردة فعل الشارع الكويتي.
لقد مل الجميع من كثرة الانشغال بالتأزيم، وحل المجلس وإقامة
انتخابات جديدة. وصاروا في توق للتغيير نحو الأفضل من خلال نواب لديهم
القدرة على وضع البرامج الصحيحة والسليمة للتنمية المستدامة وإصلاح
الخلل والعمل لمصلحة الوطن، والى كل ما يؤدي لاستقرار المجلس ونجاحه في
مهمته، وعودة الكويت لريادتها في الخليج. فالتغيير في هذا المرحلة
مطلوب ولو كان على يد المرأة حديثة العهد في البرلمان.
والمطلوب من الفائزين والفائزات تقدير ذلك الإنجاز التاريخي
والاستعداد الجيد للمرحلة المقبلة المليئة بالتحديات والصعوبات،
والعمل مع بقية النواب كفريق واحد بما يخدم الوطن وبناء دولة حديثة
متقدمة، والانفتاح على كافة التيارات وشكرا للديمقراطية الكويتية
وللشعب الكويتي الذي قدم درسا في الممارسة الديمقراطية. |