الفساد في العراق: صراع المكتسبات السياسية يولّد النهضة ضد الفساد

استعداداً للإنتخابات..الكتل السياسية تنتفض للحفاظ على ماتبقّى من جماهيريتها

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما قال مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنه قبِلَ استقالة وزير التجارة عبد الفلاح السوداني بسبب مزاعم عن فساد يتعلق بالبرنامج الضخم لاستيراد الاغذية في العراق تطلّ الصراعات السياسية النابعة من تنافسات تحضيرية للانتخابات النيابية العامة نهاية العام الجاري برأسها على شكل تدافع غريب وغير مسبوق في محاربة الفساد ومعاقبة المفسدين سواء في الحكومة او البرلمان الامر الذي يراه المراقبون على انه انتفاضة للكتل السياسية ضد بعضها البعض للحفاظ على المقدار الضئيل من مصداقيتها الذي بقي لديها عند المواطن.

ولكن الحرب على الفساد طويلة وشاقّة، فقد استنتج استطلاع جديد أجرته وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي لـ 120,000 أسرة، كانت قد تأهلت للحصول على المساعدات الغذائية الحكومية في 15 من محافظات العراق البالغ عددها 18 محافظة، أن 18 بالمائة من هذه الأسر لم تتلق حصتها الغذائية المكونة من تسعة عناصر لمدة 13 شهراً في حين لم تحصل 31.5 بالمائة من الأسر على هذه المساعدات لفترة تتراوح بين 7 و12 شهراً، ولم تحصل 14.5 بالمائة من الأسر على الحصص لفترة تتراوح بين 4 و6 أشهر و22 بالمائة لفترة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر و 14.5 بالمائة لمدة شهر واحد.

استقالة وزير التجارة بسبب فضائح الفساد

وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنه قبِلَ استقالة وزير التجارة عبد الفلاح السوداني بسبب مزاعم عن فساد يتعلق بالبرنامج الضخم لاستيراد الاغذية في العراق.

وقال المكتب في بيان ان السوداني قدم استقالته يوم 14 مايو ايار الحالي قبل استجوابه امام البرلمان بشأن فضيحة أدت الى اعتقال احد اشقائه وهروب شقيق آخر.

وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ ان الحكومة قبلت استقالة الوزير وأن أي اجراءات اخرى تعود للبرلمان وانه استقال مع عدم إبداء الاسباب.

ويتعرض رئيس الوزراء المالكي لضغوط كبيرة وهو يواجه الانتخابات البرلمانية المقررة في اوائل العام القادم لكي يعالج الفساد الذي اصبح مستشريا في البلاد. بحسب رويترز.

وانخفضت اعمال العنف التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 بشدة لكن الخدمات العامة السيئة والبطالة المنشرة وتراجع صادرات النفط والفساد المستشري يشكلون عقبات خطيرة امام التقدم والاستقرار.

واتهمت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي التي تكافح الفساد مسؤولين في وزارة التجارة بينهم اثنان من اشقاء الوزير وابن عم له بالحصول على رشا مقابل العقود. وتشتري الوزارة مئات الالاف من الاطنان كل عام من السكر والعدس والحبوب وغيرها من المواد الغذائية والسلع الرئيسية للمنازل لنظام الحصص التموينية الوطني.

ويعاني قطاع الزراعة في العراق من الجفاف ونقص الاستثمارات واصبح العراق من كبار المستوردين للارز والقمح.

ولم يتم توجيه اي اتهام للسوداني نفسه. ونفت الوزارة الاتهامات وانحت باللائمة على موظفين ساخطين او معارضين سياسيين.

وعندما توجهت قوات الامن العراقية الى الوزارة في وقت سابق من الشهر الحالي لإلقاء القبض على المشتبه بهم اطلق حرس الوزارة النار في الهواء ومنعهم من الدخول في الوقت الذي هرب فيه مسؤولون من الباب الخلفي. والقي القبض على احد شقيقي الوزير في وقت لاحق عند نقطة تفتيش.

الفساد يقوض برنامج المعونات الغذائية الحكومي

بدأ نظام الحصص الغذائية الذي تديره الحكومة العراقية يتدهور. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى ظاهرة الفساد المتفشي في أوساط رفيعة المستوى في البلاد.

وقد استنتج استطلاع جديد أجرته وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي لـ 120,000 أسرة، كانت قد تأهلت للحصول على المساعدات الغذائية الحكومية في 15 من محافظات العراق البالغ عددها 18 محافظة، أن 18 بالمائة من هذه الأسر لم تتلق حصتها الغذائية المكونة من تسعة عناصر لمدة 13 شهراً في حين لم تحصل 31.5 بالمائة من الأسر على هذه المساعدات لفترة تتراوح بين 7 و12 شهراً، ولم تحصل 14.5 بالمائة من الأسر على الحصص لفترة تتراوح بين 4 و6 أشهر و22 بالمائة لفترة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر و 14.5 بالمائة لمدة شهر واحد. بحسب تقرير شبكة الانباء الانسانية.

كما كشف المسح أيضاً عن مخاوف بشأن جودة المواد الغذائية، حيث أفادت 16 بالمائة من الأسر التي شملها المسح أن المواد التموينية التي حصلت عليها في شهر أبريل/نيسان كانت سيئة، في حين أفادت 45 بالمائة من الأسر أنها كانت مقبولة و29 بالمائة فقط من الأسر قالت أنها كانت جيدة. وجاء على رأس قائمة المواد السيئة الشاي تلاه الأرز والدقيق والسكر، حسب الاستطلاع.

وفي السياق نفسه، أفاد الشيخ صباح الساعدي، رئيس لجنة النزاهة في البرلمان، في 18 مايو/أيار أن وزير التجارة العراقي، عبد الفلاح السوداني، يواجه تصويتاً لحجب الثقة في البرلمان الأسبوع المقبل بسبب اتهامات بالاختلاس والفساد، خصوصاً فيما يتعلق بالواردات الغذائية المخصصة لنظام الحصص الغذائية. وأوضح بقوله: "جمعنا حتى الآن تواقيع 110 نواب من أجل هذا التصويت. إن الفساد متفشي بشكل كبير في وزارة التجارة لاسيما فيما يخص المواد الغذائية المستوردة والتي لا تصلح للاستهلاك الآدمي".

وأضاف أنه قد "تم هدر مليارات الدولارات في هذه الوزارة مما أدى إلى حصول المواطنين على مواد غذائية سيئة خلال السنوات القليلة الماضية بالإضافة إلى تأخير توزيع هذه المواد في بعض الأماكن".

ولا تحتاج إقالة وزير التجارة إلا لأغلبية بسيطة من أصل 275 عضواً في البرلمان. وكان السوداني قد مثل أمام البرلمان في 16 و 17 مايو/أيار حيث اعترف بحدوث بعض حالات الفساد في وزارته وبأن "بعض المواد الغذائية كانت سيئة." وقد تم اعتقال شقيق الوزير ومسؤول آخر في حين لم يتم إلقاء القبض بعد على سبعة مسؤولين آخرين، بمن فيهم أخ شقيق للوزير.

وأفاد المسح أنه "بالرغم من السلبيات التي سجلتها الدراسة، إلا أن الأسر لا تزال تعتبر نظام الحصص الغذائية الطريقة الوحيدة المضمونة لضمان الأمن الغذائي" .

وكان نظام الحصص الغذائية في العراق قد بدأ عام 1995 في إطار برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء، الذي ظهر في أعقاب غزو العراق للكويت قبل 17 عاماً. ولكن هذا النظام بدأ ينهار منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003 بسبب انعدام الأمن وسوء الإدارة والفساد.

ومن المفترض أن تشمل السلة الشهرية للحصص الغذائية الأرز (3 كلغ للشخص) والسكر (2 كلغ للشخص) وزيت الطهي (1.25 كلغ أو لتر واحد للشخص) والدقيق (9 كلغ للشخص) وحليب الكبار (250 غراماً للشخص) والشاي (200 غرام للشخص) والفاصوليا (250 غرام للشخص) وحليب الأطفال (1.8 كلغ لكل طفل) والصابون (250 غرام للشخص) والمنظفات (500 غرام للشخص) ومعجون الطماطم (500 غرام للشخص).

لجنة النزاهة تدعو الحكومة للتحفظ على وزير التجارة وسحب جوازاته

وفي نفس السياق دعا رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي الحكومة إلى التحفظ على وزير التجارة عبد الفلاح السوداني وعدم السماح له بمغادرة العراق وسحب جوازاته العراقية والبريطانية.

وأوضح صباح الساعدي لوكالة أصوات العراق “على الحكومة العراقية المتمثلة برئيس الوزراء نوري المالكي التحفظ على وزير التجارة عبد الفلاح السوداني وعدم السماح له بمغادرة البلاد، خاصة وان الاخير شعر ان اجاباته على التهم الموجهة إليه أمام مجلس النواب في جلستي الاستجواب غير مقنعة”.

يذكر أن مجلس النواب قام خلال جلساته الاخيرة برئاسة اياد السامرائي باستجواب وزير التجارة عبد الفلاح السوداني على خلفية تهم فساد مالي وإداري وجهتها لوزارته لجنة النزاهة.

وأضاف الساعدي أن “على رئيس الوزراء ايضاً سحب جوازاته العراقية والبريطانية، لئلا تتكرر عملية الهروب كما حدث مع مسؤولين آخرين.

35.79 % من المراجعين لدوائر حكومية يدفعون الرشوة

وبينت نتائج استطلاع أعدته هيئة النزاهة أن 35.79  % من مراجعي عشرة دوائر حكومية في جانبي الكرخ والرصافة قالوا أنهم دفعوا رشوة لانجاز معاملاتهم ، بحسب بيان لهيئة النزاهة.

وقال البيان أن” نتائج الاستطلاع الذي أعدته ونفذته هيئة النزاهة على عينات من مراجعي عشرة دوائر حكومية ، وبواقع مائة مراجع من كل دائرة أظهرت بأن ( 79 .35% ) من مراجعي الدوائر الحكومية أكدوا بأنهم دفعوا الرشوة لانجاز معاملاتهم”.

واضاف البيان ان الاستطلاع ” نُفذعلى عينات من مراجعي دوائر الجنسية والجوازات والضريبة  والتقاعد والتسجيل العقاري في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد”.

وكشف البيان عن ان النتائج “أظهرت بأن  38.87% من دافعي الرشوة من المراجعين المستطلعين يدفعونها لتجنب العراقيل الإدارية التي يضعها الموظف أو الدائرة أمام انجاز معاملاتهم و38.07% منهم يدفعونها للإسراع في انجاز معاملاتهم و20.92% منهم يدفعونها بسبب طلب الموظف المعني للرشوة ، في حين بلغت نسبة الذين يدفعون الرشوة لكون معاملاتهم غير أصولية 2.41 “. بحسب اصوات العراق.

وذكر البيان إن “نسبة الذين دفعوا الرشوة من مراجعي دائرة شهادة الجنسية العراقية / فرع الكرادة بلغت 17.81%، في حين ارتفعت هذه النسبة في دائرة التسجيل العقاري / فرع الرصافة إلى 48.45%، وزادت عن هذه النسبة في دائرة الضريبة / فرع الرصافة لتصل إلى 25%، وقاربتها نسبة دافعي الرشوة في دائرة التقاعد العامة لتصل إلى 25.58% “.

وقال البيان إن “نسبة دافعي الرشوة في دائرة شهادة الجنسية العراقية / فرع الكرخ بلغت 9.78%، وارتفعت هذه النسبة في دائرة الأحوال المدنية / فرع الكرخ – المنصور لتصل إلى 49.41%، ولترتفع أكثر في دائرة الأحوال المدنية / فرع الرصافة ( الكرادة وبغداد الجديدة ) لتصل إلى 43% “.

استدعاء 9 نواب للمثول أمام المحاكم بتهم الفساد

أعلنت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي أن عدداً من النواب نظموا حملة توقيع، مطالبين برفع الحصانة عن بعض زملائهم لإفساح المجال أمام القضاء لمساءلتهم قانونيا. وأكدت عضو اللجنة عن كتلة «الائتلاف» الشيعي إيمان الأسدي ان «105 نواب وقعوا عريضة والحملة ستستمر إلى حين اكتمال النصاب القانوني لتقديمها الى رئاسة البرلمان، مشيرة الى استدعاءات قانونية لتسعة نواب من مختلف الكتل طلبت المحاكم رفع الحصانة عنهم. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وقالت عضو لجنة النزاهة، النائب عن الكتلة العراقية عالية نصيف إن هناك اتجاهين في البرلمان لرفع الحصانة: الاول يتعلق بمطالبة بعض النواب برفعه عن مجموعة من الاعضاء المتهمين بممارسة الارهاب او دعمه، فضلا عن تهم اخرى تتعلق بفساد ادراي ومالي. ولفتت الى ان الاتجاه الاخر يتعلق بمطالبة بعض النواب في الكتل التي تضم وزراء متهمين بالفساد والتقصير اذ تطالب هذه الكتل برفع الحصانة عن بعض اعضاء لجنة النزاهة لمطالبتهم الدائمة باستجواب وزرائها كنوع من الضغط على اللجنة.

واعتبرت نصيف قضية رفع الحصانة سابقة، وقالت إن رفعها بالكيفية التي تمت بها مع النائب محمد الدايني سيؤول الى نتائج خطيرة. وطالبت باطلاع البرلمان على ملفات الاتهام، قبل رفع الحصانة عنهم. واكدت ان عدم اطلاعه عليها يشكل خرقا لحق النائب، لا سيما ان بعض التهم كيدي.

دعوة لعمل احصائيات عن حجم (غسيل) الاموال بالعراق

وفي شأن تقديرات حجم الفساد قال عضو اللجنة المالية في مجلس النواب سامي الاتروشي، إنه يجب أن تكون لدى لجنته والبنك المركزي العراقي احصائيات دقيقة تبين حجم ظاهرة “غسيل” الاموال في البلاد.

وأوضح الاتروشي لوكالة اصوات العراق “لاتوجد احصائيات دقيقة تبين حجم ظاهرة غسيل الاموال في العراق؛ لكننا متأكدون أن الظاهرة موجودة رغم انها لم تدق ناقوس الخطر.

وتوقع الاتروشي أن “تزداد ظاهرة غسيل الاموال مع دخول الشركات الاستثمارية للعراق، وقد ظهرت بعض الحالات لها سابقا، واللجنة المالية تقوم حاليا بدراسات على هذه الظاهرة لاصدار تشريعات قانونية؛ تكون كفيلة بالسيطرة على انتشارها في العراق”. وبين الاتروشي وهو عضو كتلة التحالف الكردستاني أن “البنك المركزي العراقي فرض اجراءات صارمة على المصارف في معاملات الحوالات المالية لتجنب انتشار هذه الظاهرة.

من جانبه، أوضح معاون مدير عام مراقبة الصيرفة والائتمان في البنك المركزي العراقي وليد عيد أن “البنك المركزي فرض اجراءات صارمة على المصارف، وانشأ مكتبا خاصا للسيطرة على هذه الظاهرة حيث يقوم بالمتابعة والرصد بالتنسيق مع الشركة العامة للصيرفة والائتمان”.

فيما قال الباحث الاقتصادي حسام الساموك إن “جميع دول العالم تعاقب من يقوم بهذه الظاهرة، والعراق حاله حال البلدان الاخرى؛ وبالتالي قوانين الحد من ظاهرة غسيل الاموال يجب ان تعمل في اتجاه الحد منها؛ وتكون في الوقت ذاته مرنة مع المستثمرين حتى لاتكون عائقا يقف امام استثماراتهم”.

يذكر أن قانون مكافحة غسيل الاموال العراقي لعام 2004 وضع الاجراءات الرقابية الواجبة على المؤسسات وخصوصا المصرفية منها، وقسم الرقابة الى محورين هما رقابة البنك المركزي العراقي على المؤسسات في مدى تجاوبها لالتزاماتها التي حددها القانون، ورقابة المؤسسات المالية على معاملاتها وتعاملاتها من خلال تنفيذها لالتزاماتها المحددة بموجب القانون.

295 طن من الطحين غير صالح للاستهلاك في ميسان

وفي نفس السياق ذكر مدير شعبة الرقابة الصحية في دائرة صحة ميسان، ان دائرته اكتشفت أكثر من 295  طنا من مادة الطحين غير صالحة للاستهلاك البشري في مخازن المواد الغذائية التابعة لمحافظة ميسان.

وذكر كريم احمد حسن لوكالة أصوات العراق ان المفارز الصحية التابعة لشعبة الرقابة الصحية في ميسان اكتشفت ، 295 طناً و700 كغم  من مادة الطحين غير صالحة للاستهلاك البشري في المخزن رقم (34) التابع لمخازن المواد الغذائية، مبينا ان“ ثمانية أطنان و500 كغم تحمل علامة برنامج المساعدات  و287 طن و200 كغم لاتحمل تاريخ  إنتاج.

وأضاف حسن انه“ من خلال الكشف الصحي تبين ان أكياس الطحين لاتوجد عليها علامة تجارية بالإضافة الى وجود حشرات وأعفان وتغيير بالصفات الحسّية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 27/آيار/2009 - 29/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م