الإرهاب النووي الباكستاني وإرهاصات الحرب والفوضى

في ظل احتدام المعركة مع طالبان توقعات بتهريب مواد مشعة الى خارج البلاد

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يقول محللون انه في حين أن طالبان ليس لديها اي فرصة تقريبا لتكون في وضع يسمح لها بإطلاق رأس نووي فان هناك خطرا حقيقيا بأن يستغل المتشددون الفوضى في باكستان لخطف او سرقة ما يكفي من المواد المشعة لصنع القنبلة التي خشيها مسئولو مكافحة الإرهاب لفترة طويلة وهي القنبلة القذرة.

واحتمال حدوث سيناريو سيطرة متشددين متحالفين مع تنظيم القاعدة على الترسانة النووية لباكستان ضئيل للغاية. لكن المخاطر الأكثر واقعية مخيفة بما فيه الكفاية.

حيث عبر مسؤولون أمريكيون وغيرهم من الحلفاء عن قلق متزايد بشأن ما سيحدث للرؤوس النووية التي تمتلكها باكستان اذا سقطت البلاد في مزيد من الفوضى واقتربت حركة طالبان من الاستيلاء على السلطة.

السيطرة على الأسلحة النووية

حيث حذر ديفيد كيلكولن وهو خبير استرالي في مكافحة التمرد ومستشار للجنرال ديفيد بيتريوس قائد القيادة الامريكية الوسطى "انهيار باكستان وحصول القاعدة على أسلحة نووية وتولي المتطرفين المسؤولية... يتضاءل بجانبه كل شيء رأيناه في الحرب ضد الارهاب."

لكن معظم المحللين يقولون ان طالبان ليست قريبة من القدرة بأي شكل من القيام بالاستيلاء على السلطة في باكستان. وحتى اذا سيطروا على منطقة مخزنة فيها رؤوس حربية فان نظام القيادة النووية سيجعل من شبه المستحيل اطلاق أحدها.

وقال الاستير نيوتن كبير المحللين السياسيين بمؤسسة نومورا في العاصمة البريطانية لندن "لا أعتقد أن هناك خطرا من اي نوع بسقوط أسلحة نووية في أيدي عناصر اسلامية متطرفة خطيرة في المستقبل المنظور." بحسب رويترز.

ويقول مارك فيتزباتريك مدير برنامج منع الانتشار ونزع السلاح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن ان الجيش هو "المؤسسة الوحيدة التي تعمل بكفاءة في باكستان" وانه سيتدخل اذا اقتضت الضرورة لمنع انزلاق البلاد الى حالة من الفوضى.

وترى ماريا كووسيستو المحللة بمجموعة يوراسيا في لندن أن الامن النووي تحسن تحسنا كبيرا منذ عام 2001.

وتقول "خطف سلاح نووي بطريقة تقليدية سواء بسرقته او بالوصول الى القيادة النووية سيكون صعبا للغاية... هناك مخاوف لكن المخاوف أقل حدة مما تشير إليه العناوين."

ويقول محللون ان هناك سيناريوهين مثيرين للقلق بشكل خاص.

اذا بدأ مقاتلو طالبان بسط سيطرتهم تدريجيا بالقرب من منطقة مخزنة فيها رؤوس حربية ربما يشعر الجيش أنه بحاجة الى محاولة نقلها وقد تكون القافلة عرضة للخطف.

وقالت كووسيستو "الجيش الباكستاني يقول ان إجراءاته لنقل الأسلحة النووية وضعت بناء على تفكير عميق لكن نقل الأصول النووية يكون دائما نقطة ضعف."

أما السيناريو الثاني والمرجح حدوثه على الرغم من إجراءات التدقيق الموضوعة سيكون تمكن عناصر متعاطفة مع طالبان او القاعدة من الحصول على وظائف في منشأة نووية ويتسنى لها سرقة يورانيوم مخصب او مواد مشعة أخرى.

ولا يمكن أن يخلو التدقيق في الموظفين من الخطأ ابدا.

وقال ستيف فيكرز الرئيس والرئيس التنفيذي لمؤسسة اف تي اي للمخاطر الدولية والرئيس السابق للمخابرات الجنائية بشرطة هونج كونج "ما يقلقني هو أن الجيش يقول ان جميع الموظفين المكلفين بالعمل في منشآت نووية حساسة تقوم المخابرات الباكستانية بالتدقيق فيهم."

وأضاف "لا أظن أن أحدا سيقول ان أسلحة باكستان النووية آمنة مئة بالمئة." ولعب جهاز المخابرات العسكرية دورا في إنشاء حركة طالبان ويعتقد على نطاق واسع أنه يضم فصائل متعاطفة مع المتشددين.

وقال فيتزباتريك ان خطر سرقة مواد انشطارية هو مثار القلق الأكبر في باكستان "وان ذلك متصور حدوثه بالتأكيد."

وأشار محللون الى أن العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان لعب دورا أساسيا في نقل تكنولوجيا نووية الى دول مارقة. ورفعت الحكومة الحالية الإقامة الجبرية عن خان في فبراير شباط وينظر إليه على نطاق واسع على أنه بطل قومي.

ومن المعروف أن تنظيم القاعدة يسعى بنشاط للحصول على مواد نووية. ومن الممكن أن تكون باكستان المكان الذي يتمكنون من الحصول فيه على بعض منها.

وقالت كووسيستو "لن يكون الخطر هو استيلاء عناصر مارقة على أصول نووية باكستانية ثم تطلقها على الهند او تطلقها على الولايات المتحدة... ستكون قنبلة مشعة تنفجر في مكان ما ويتم اكتشاف أن أصلها يرجع الى باكستان."

وقدمت الولايات المتحدة المساعدة لباكستان في فحص الحاويات التي تغادر من موانئ رئيسية بحثا عن مواد نووية. لكن فيكرز قال ان تهريب مواد مشعة الى خارج البلاد لن يمثل مشكلة كبرى للمتشددين.

وقال "من الصعوبة الشديدة بمكان تأمين الحدود."

وقالت كووسيستو ان باكستان نقطة عبور رئيسية في تجار المخدرات الدولية "واذا كان الهيروين يتدفق الى الخارج فلست مقتنعة بأن المواد النووية لا يمكن أن تتدفق الى الخارج."

وأضافت "هناك الكثير من الطرق البرية وهناك الكثير من الخيارات."

ولا يتطلب صنع قنبلة قذرة معرفة فنية كبرى فهي في جوهرها قنبلة تقليدية تضاف اليها مادة مشعة وبالتالي فانه الى جانب الضرر الذي يلحقه الانفجار يتم تلويث منطقة كبيرة باشعاع يمكن أن يسبب الموت.

وتشير عدة تحليلات الى أنه سيكون من الصعوبة بمكان صنع قنبلة قذرة مشعة بما يكفي للتسبب في سقوط عدد كبير من القتلى.

لكنه سلاح يمكن أن يسبب قدرا هائلا من التعطل بسبب احتمال حدوث تلوث طويل المدى خاصة اذا استخدم لاستهداف نقطة التقاء أساسية في الاقتصاد العالمي المرتبط ببعض بشدة مثل ميناء رئيسي او منطقة مالية كبرى.

وحتى إعلان أن جماعة مسلحة حصلت على مادة انشطارية يمكن أن يسبب ذعرا ويصيب الحياة بالشلل على نطاق واسع.

وقال المنتدى الاقتصادي العالمي في تحليل عن أبرز المخاطر العالمية "التهديد الكبير من الإرهاب ينبع من خطر وقوع هجوم او أكثر على نقط هشة في النظام العالمي لتكون له اثار مركبة."

وأضاف "على المدى الطويل هناك تهديد معتدل بحدوث واقعة كهذه وستكون لها عواقب إنسانية وسياسية واقتصادية جمة."

التقارير حاقدة

من جانبه عد متحدث باكستاني ان التقارير الإخبارية عن ترسانة باكستان النووية والتي أثارت تساؤلات حول سلامتها هي جزء من حملة "حاقدة" ستأتي بنتيجة عكسية لجهود دحر الإرهاب.

ومع احتدام المعركة بين باكستان وحركة طالبان حذرت تقارير في وسائل الإعلام الأمريكي من إمكانية وقوع الأسلحة النووية في يد جماعات مسلحة، وقد أكدت باكستان مرارا وتكرارا على أن أسلحتها النووية في أمان. بحسب رويترز

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عبد الباسط في بيان مقتضب وهو يشير الى التقارير "نحن نعتبر ذلك... حملة مغرضة ضد باكستان وهي من وجهة نظرنا تجانب الحقيقة".

وقال "وهذه الحملة تقوض الجهود المشتركة لهزيمة العناصر المسلحة والارهاب كما انها تثير الشكوك لدى الشعب الباكستاني حول هدف هؤلاء الذين يقومون بالترويج لهذه الدعاية السلبية."

ويعتقد كثير من الباكستانيين أن الولايات المتحدة تنوي بصورة سرية مصادرة الاسلحة النووية الباكستانية على الرغم من أن المسؤولين الامريكيين بمن فيهم الرئيس باراك أوباما قالوا انهم يعتقدون أن الاسلحة النووية الباكستانية في أمان.

وعندما سُئل عبد الباسط عما اذا كانت باكستان تزيد من ترسانتها النووية لم يجب بصورة مباشرة لكنه قال ان باكستان دائما تحافظ على قدر أدنى من أسلحة الردع النووية في مواجهة الهند التي تمتلك أسلحة نووية وتزيد من أسلحتها التقليدية.

وقال عبد الباسط "ان الردع النووي هو حجر الزاوية في الأمن الباكستاني وهو يحظى بإجماع قومي شامل."

وقال "نحن مصممون على حماية فعالية أسلحتنا النووية عند الحد الأدنى الممكن وسوف نستمر في القيام بذلك."

وأضاف عبد الباسط أن السلاح النووي الباكستاني "لا غنى عنه" لاستقرار جنوب آسيا.

وقال "لقد لاحظنا حصول جارتنا على أسلحة تقليدية جديدة ومعقدة. ومن شأن ذلك أن يخل بالميزان التقليدي للقوة بين البلدين."

وقد اختبرت باكستان أسلحة نووية عام 1998 بعد أيام من اختبار الهند أسلحة نووية.

يذكر أن البلدين قد خاضا ثلاثة حروب منذ عام 1947 .

وصرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن إدارة أوباما تثق في أن باكستان لن تستخدم المساعدات الإضافية من جانب الولايات المتحدة في تعزيز ترسانتها النووية.

وقالت كلينتون في كلمتها أمام المشرعين الأمريكيين "نحن في غاية الوضوح والحزم ونحن مقتنعون تماما بأن المساعدات الإضافية لن تؤثر من أي ناحية في جهود باكستان الخاصة بزيادة أسلحتها النووية" وذلك دون الإشارة الى ما إذا كانت باكستان تعزز من ترسانتها النووية.

وقد وافقت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي على مضاعفة المساعدات الاقتصادية لباكستان ثلاثة أمثال لتصل الى 1.5 مليار دولار كل عام على مدار الأعوام الخمسة المقبلة وهي تشمل أموالا لبناء المدارس وإصلاح القضاء وتعزيز دور البرلمان والقانون.

باكستان تزيد ترسانتها النووية

في ذات السياق أفادت صحيفة نيويورك تايمز إن باكستان تزيد ترسانتها النووية بسرعة، ما يثير مخاوف لدى الكونغرس الأميركي من أن تحول إسلام آباد مساعدة قد تقدم له بقيمة مليارات الدولارات لتطوير برنامجها النووي.

وذكرت الصحيفة ان قائد هيئة الأركان المشتركة الأميركية الأميرال مايك مالن ابلغ النواب الأميركيين بهذا الوضع في جلسات إحاطة علنية وسرية. وتعتبر واشنطن تحركات إسلام أباد على صعيد برنامجها النووي مقلقة في وقت تخشى حاليا على امن الرؤوس النووية التي يملكها هذا البلد وتقدر ما بين ثمانية ومائة رأس، خوفا من ان تقع بين أيدي طالبان، بحسب الصحيفة.

كما كتبت الصحيفة ان باكستان تنتج كمية غير محددة من اليورانيوم، وبعد انجاز سلسلة من المفاعلات الجديدة، سوف تنتج البلوتونيوم أيضا لصنع أسلحة من الجيل الجديد.

ودعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الى توقيع معاهدة تضع حد لإنتاج كميات جديدة من المواد القابلة للانشطار في العالم. وأكد أعضاء في إدارته انهم أعلنوا للكونغرس عزمهم على التثبت من استخدام المساعدة العسكرية التي قدمت لباكستان من اجل مكافحة الارهاب وعدم تحويلها لأهداف أخرى. بحسب فرانس برس.

غير ان إعلان الأميرال مالن عن زيادة الترسانة النووية الباكستانية قد يثير مخاوف أعضاء الكونغرس برأي الصحيفة. ولفتت الصحيفة الى أن هذه التقارير ترد في وقت يبحث الكونغرس مساعدة لباكستان بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة تستخدم لتدريب الجيش الباكستاني وتجهيزه لمكافحة التمرد. وسوف تضاف هذه المساعدة في حال اقرارها الى مساعدة غير عسكرية بقيمة 7,5 مليارات دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/آيار/2009 - 28/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م