الشباب في العراق بين مطرقة التثقيف الخاطىء والتطرف الأعمى

علي الطالقاني

شبكة النبأ: بعد أن تعرض العراق لهجمة شرسة من قبل قوى الإرهاب خلال الأعوام الماضية، حري بنا أن نفكر ملياً من هي الجهات التي تقف وراء المنظمات الإرهابية، وماهي الآليات التي تستخدمها في تنفيذ عملياتها، حيث تمتاز بلداننا اليوم بفورة عنف إرهابية أستطاعت أن تخترق عقول الشباب وهذا مابينته الأحداث في كيفية استقطاب الشباب الى الجماعات الإرهابية التي تدعي الإسلام.

وكيف تخطط هذه المجموعات المتشددة لاستقطاب الشاب الذي يعاني من مشاكل الحياة، حيث تبدأ هذه المجموعات بالتأثير عليهم بكلمات وجمل رنانة مثل الجهاد والكفار والشرف والفدائي وشهيد الامة بعد مشاهدتهم لافلام القاعدة وغيرها من الممارسات.

ومن الوقائع التي دلت على مجموعات تقوم بتجنيد الشبان وإرسالهم الى العراق، وبخاصة في بلدان كانت تغض الطرف عن هذه الانشطة بامل تصريف العنف المحلي المتفاقم في هذه الدول الى الساحة العراقية، ففي البحرين ومصر واليمن والجزائر والمغرب القي القبض على المئات من المتطوعين قبل تحركهم الى العراق، في حين تتابع بعض هذه الدول مصادر التمويل المالي والايديولوجي وتضيّق عليها، وتلفت الكثير من المنظمات، الى خطورة المواقع الالكترونية الارهابية التي تروج لما يسمى بالاعمال الجهادية وتسعى الى التغرير بالشباب وتزويدهم بالافكارالمتطرفة.

في ظل هذه الأوضاع إننا اليوم أمام أسئلة تتكرر، من أبرزها من المسؤول عن زج أبناء العراق في معركة ضد بلدهم وأبناء شعبهم؟ ومن المسؤول عن تشويه سمعة المواطن العراقي؟

وبالرغم من إن الحكومة العراقية قامت بجهد كبير في التصدي لقوى الشر، لكن هذا لا يلبي طموح أبناء الشعب العراقي في ظل الحرب الفكرية والدينية والتي يطلقها بعض رموز التكفير من خلال وسائل الإعلام في بعض البلدان، فعلى الرغم من أن الإعلام في العراق بات يتصدى من خلال الدعاية التي تظهر على شاشات التلفزيون للفكر المتطرف، لكن ما زلنا نرى بعض الشباب يتفاعلون مع قوى الشر، مما يعرضهم للهلاك في ظل التنظيمات المتطرفة!

فهل علينا أن نلوم الدول المجاورة، وغيرهم نتيجة لما يحصل في العراق من عنف وإرهاب؟ أم الأولى أن نلوم أنفسنا نحن العراقيين أولا، ألا من المفترض أن يكون لدينا جهداً على الصعيد الثقافي والفكري عبر مختلف وسائل التعليم، وعبر الحوزات العلمية والمدارس الدينية والأكاديمية، لكي نحمي شبابنا ونحافظ عليهم من سطوات الفكر الإرهابي؟

فبالرغم من وجود دعم لوجستي وثقافي لقوى الإرهاب في العراق، وتجنيد الشباب، لكن المهم اليوم هو تعقب المحرضين في الداخل العراقي، والقيام بعمل فكري بالتوازي مع العمل الأمني، وعن طريق الحوار بين مختلف طبقات المجتمع العراقي.

فالحراك الديني والفكري في العراق لا بد أن يتضاعف من أجل حماية هؤلاء الشباب من الأشرار الذين يحرضونهم، وحمايتهم من أنفسهم أيضا، وقبل هذا وذاك حماية العراق.

أما على المستوى الحكومي ينبغي أن تكون هناك جهودا استثنائية من قبل وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم العالي في تحصين الشباب من الأفكار الهدامة والمتطرفة التي تحاول المساس بوحدة الشعب العراقي وبثوابته الدينية والوطنية، فأن إنشاء المكتبات والمجمعات الثقافية والقاعات الرياضية والمنتديات الشبابية والمخيمات الصيفية، كل ذلك يساعد في تعزيز طاقات الشباب وإشباع رغباتهم في مختلف المجالات سواء الدينية او المعرفية والإبداعية.

وينبغي أن تتوافر عدة شروط لتعزيز وتجيير طاقات الشباب لدعم أنفسهم أولا وبلدهم. ويأتي ذلك من خلال مايلي:

1ـ تهيئة فرص عمل: من المعلوم أن العمل يحمي الشبان من العرضة للاصابة بالانحراف ؛بسبب انشغالهم في أعمالهم التي ترفع من مستواهم في مختلف المجالات، وتغلق المنافذ التي تدخل منها الأفكار المنحرفة والمغرية في ظل دولة فتية.

2ـ خلق أجواء بديلة عن تلك المنحرفة وهي بمثابة لقاح المناعة من خلال برامج تملأ العقل والنفس والروح. يضاف الى ذلك توفير سكن مناسب وبيئة مناسبة ومدرسة نموذجية وأصدقاء صالحين.

3 ـ التوعية الدينية : ينبغي تثقيف الشباب بالفكر الاسلامي المبني على التسامح والتعايش السلمي واللاعنف ومعرفة الشريعة وأحكامها. كل ذلك سيسهم في توعية الشباب ومعرفتهم لأحكام الله.

4ـ تعدد القنوات التي تخدم شريحة الشباب: أن يساهم الأب والاستاذ والوجهاء في المجتمع ورجال الدين ووسائل الاعلام في توعية الشباب.

6 ـ دعم المنظمات والمؤسسات المهتمة بتزويج الشباب لأن الزواج هو تحصين لهم.

من هنا تتبين لنا ولمن يهمه الامر إمكانية إنتشال الشباب من حالات اليأس والفراغ والانحراف الى الارهاب أو غيره وسحبهم الى ساحة العمل الخلاق التي يمكن من خلالها بناء مجتمع مزدهر متطور ومستقر في الحاضر والمستقبل .

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/آيار/2009 - 28/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م