امريكا وايران: الفخ الإيراني يستدرج الحمائم الامريكية

توقُّف السعي لقلب النظام وصفقة كبرى مقابل النووي

 

شبكة النبأ: تثيرالمعلومات التي تسربت عن اجتماعات سرية بين مسؤولين امريكيين وايرانيين ومواقف الادارة الامريكية الايجابية المتسارعة حيال ايران واعلانها تخليها عن مبدأ تغيير النظام الاصولي وذلك للمرة الاولى منذ قيام الثورة الاسلامية العام 1979، قلقاً كبيراً وجدلاً واسعا في الاوساط السياسية والاجتماعية والاعلامية في اسرائيل فضلا عن حلفاء امريكا العرب في السعودية ومصر والاردن.

وفي حين أطلقت ايران بنجاح صاروخ أرض/أرض يصل مداه حوالي 2000 كيلومتر معززة بذلك قدراتها الصاروخية الى أبعد بكثير من اسرائيل، أظهرت دراسة لمعهد أبحاث استندت الى إجماع خبراء أمريكيين وروس ان الدرع الصاروخية التي اقترحت الولايات المتحدة نشرها في اوروبا ضد أي تهديد ايراني مُحتمل لن تنجح ويجب ان تلغى...

وقال المحلل رون بن يشاي، ان التفاصيل التي سربت عن الحوار بين واشنطن ودمشق وطهران بدات تثير الذعر في مصر والسعودية ودول الخليج الى درجة اضطرمعها الرئيس اوباما الى ارسال وزير دفاعه غيتس على عجل الى القاهرة والرياض من دون اعلام اسرائيل كما درجت العادة، وهوما زاد من سخونة القلق في تل ابيب، حسب تعبيره.

واكد بن يشاي ان مصدر القلق الاسرائيلي لا يرتبط بما طلبته ادارة اوباما عبر نائب الرئيس بايدن ووزيرة الخارجية كلينتون في الموضوع الفلسطيني، وانما يعود الى التسوية التي تسعى اليها واشنطن مع ايران وعودة الدفء الى علاقاتها بدمشق. بحسب صحيفة الحياة.

لا تخفي ادارة اوباما حقيقة انها تعكف الان على رسم ستراتيجية سياسية ثورية وشاملة للشرق الاوسط تهدف الى امرين:الاول، كبح المشروع النووي الايراني، والثاني، تحقيق الاستقرار الاقليمي بعد انسحاب القوات الامريكية في العراق.

ومع ان عناصر هذه الاستراتيجية ما زالت غير واضحة اومعروفة، الا ان جريدتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» كشفتا بعض تفاصليها التي يقول بن يشاي ان عناصر هامة منها اخرى عرضت على عبد الله الثاني ملك الاردن خلال زيارته للعاصمة واشنطن.

يشير بن يشاي نقلا عن مصادر مطلعة «ان هناك مقاربة امريكية جديدة ستؤدي الى وقف السباق النووي الايراني نحوالقنبلة، تتيح لايران امكانية الحفاظ على ما حققته حتى الان في المجال النووي لاهداف تتعلق بكرامتها الوطنية وطموحها بان تصبح قوة اقليمية».

ووفقا للمحلل الاسرائيلي فان واشنطن عرضت على طهران للشروع في مفاوضات مباشرة علنية خفض نسبة تخصيب اليورانيوم وليس وقف العملية بالكامل مثلما كانت تصر عليه الادارة البوشية.

ومبعث الموقف الجديد هو الاستجابة لطلب طهران بضرورة عدم هدر الكرامة الوطنية للدولة الاسلامية والتسبب في خسارة آيات الله هيبتهم امام الشعب في حال الرضوخ الكامل لمطاليب الغرب، اضافة الى دوافع ترتبط بالامن على خلفية امتلاك باكستان السنية للسلاح النووي.

ويستنتج بن يشاي قائلا« ان خطر مثل هذه الصفقة التي تتجه واشنطن لابرامها مع ايران يكمن في انها تتضمن الموافقة على ان تكون دولة على «حافة القنبلة النووية»، اذ انها لا تمتلك هذه القنبلة، لكنها قادرة في اي وقت تشاء على صنعها وفي وقت قصير».

كيري: الولايات المتحدة لم تعد تريد تغيير النظام في ايران

من جانب ثان اكد السناتور الديموقراطي كون كيري ان الولايات المتحدة لم تعد تسعى الى "تغيير النظام" في ايران لكنه شدد على ضرورة ان تستجيب ايران للانفتاح الذي ابداه الرئيس باراك اوباما.

وقال كيري رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ خلال جلسة خصصت للبحث في آفاق السياسة الجديدة لاوباما للتقارب مع الجمهورية الاسلامية "لسنا في وضع تغيير النظام".

واضاف ان "جهودنا يجب ان تلقى استجابة من الجانب الآخر. فكما اننا نتخلى عن الدعوة الى تغيير النظام في طهران ونعترف بدور مشروع لايران في المنطقة، على القادة الايرانيين الاعتدال في سلوكهم وسلوك حليفيهم، حزب الله وحماس". بحسب فرانس برس.

واكد كيري ان لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ستصدر تقريرا هذا الاسبوع حول البرنامج النووي الايراني الذي يثير مخاوف واشنطن وشركائها الاوروبيين من استخدامه في انتاج ترسانة نووية.

واوضح ان التقرير سيبين ان الانفتاح الدبلوماسي الاميركي على ايران يهدف الى اقناع طهران بوقف تعزيز قدراتها على صنع قنبلة نووية وقبول عمليات مراقبة دولية صارمة.واضاف كيري ان "الحل الاخير للمشكلة التي تطرحها الطموحات النووية الايرانية ليس تقنيا بل سياسي".

ويقول التقرير "لا شيء يمنع ايران من انتاج سلاح نووي يوما ما سوى قرار سياسي لقادة البلاد (ايران) لكن هذا القرار بطبيعته يمكن الرجوع عنه" طالما تحتفظ ايران بقدرتها على تخصيب اليورانيوم.

ونشرت هذه الوثيقة بعد سلسلة جلسات الاستماع التي ترأسها كيري حول الانفتاح الدبلوماسي الذي يدعو اليه الرئيس الاميركي باراك اوباما حيال الجمهورية الاسلامية. ويدعم كيري هذا الطرح.

ويضيف التقرير "في الحد الادنى يمكن ان يكون احد اهداف استراتيجية الادارة (اوباما) بشأن ايران ضمان التوازن الصحيح بين الضغوط وبين الفرص التي تقدم لاقناع النظام (الايراني) بالقبول بعدم قطع مراحل جديدة في تعزيز قدرته على انتاج قنبلة (نووية) والقبول بمعايير صارمة للتحقق من ذلك".

واكد كيري ان هذه الوثيقة تهدف الى التحقق من الشكوك في رغبة طهران، التي تؤكد انها تطبق برنامجا نوويا مدنيا، في ان برنامجها يهدف الى التزود بترسانة نووية.

خامنئي يتهم امريكا بتدريب إرهابيين في كردستان العراق

ورفض أكراد الاتهامات التي أطلقها المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي عن تدريب الولايات المتحدة لمن وصفهم ارهابيين في اقليم كردستان لمحاربة ايران. وأعرب النائب الكردي محمود عثمان عن استغرابه من تصريحات خامنئي واعتبرها عارية عن الصحة، فيما عدّ النائب الكردي عبد الخالق زنكنة تصريحات خامنئي أمراً مفاجئاً.

وكان المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية اتهم الولايات المتحدة بـ تدريب إرهابيين في كردستان العراق لمحاربة ايران خلال خطاب ألقاه في ساغيز في مقاطعة كردستان الايرانية.

وقال خامنئي امام حشد هتف (الموت لأميركا): «وراء حدودنا الغربية يقوم الاميركيون بتدريب إرهابيين. واضاف: يوزعون الاموال والاسلحة لمحاربة نظام الجمهورية الاسلامية، مشددا على، ان للاميركيين خططا خطيرة لكردستان وأن هدفهم ليس مساعدة الاكراد بل السيطرة عليهم.

وكان خامنئي يشير الى مقاتلي مجموعة (بيجاك) الكردية الانفصالية التي تتمركز في شمال شرقي العراق ويتسلل عناصرها بانتظام الى ايران لتنفيذ عمليات مسلحة.

واضاف خامنئي، ان اصدقاءنا الاكراد في الجانب الآخر من الحدود ابلغونا ان ضباطا اميركيين يقومون في جبال قنديل بتوزيع الاموال على الاكراد الشباب للحصول على معلومات وتدريبهم. وهذا ليس جديراً بالاكراد.

وقال القيادي الكردي محمود عثمان في اتصال مع صحيفة (الحياة): نحن نرفض مثل تلك الاتهامات. وانه لأمر يثير استغرابنا كثيراً حيث ان التصريحات انطلقت من المرشد الاعلى في ايران. وأضاف ان ما ادعى به خامنئي عار عن الصحة. والحقيقة ان اميركا تقف ضد سكان جبال قنديل وتعتبرهم إرهابيين، بل انها تصنّفهم ضمن قائمة الارهاب الدولية. فكيف لها ان تساعدهم وتمدّهم بالمال والسلاح لضرب او محاربة ايران. وزاد أن اميركا تعاون تركيا، والاخيرة تساعد ايران في ضرب حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل.

وقال عثمان، إن من وصفهم خامنئي بالاصدقاء من الاكراد العراقيين ربما زودوا ايران بمعلومات مغلوطة. واستدرك قائلاً إن اميركا وايران كليهما يكذب في هذه المسألة، ويتبادلان الاتهامات بينهما في حال وقعت اي عملية عسكرية قرب حدود ايران او في قرى كردية قريبة من الحدود التركية الايرانية.

واشنطن تنفي الاتهامات

من جانبها نفت وزارة الدفاع الاميركية تمويل عمليات تستهدف زعزعة استقرار النظام الايراني وذلك ردا على اتهامات وجهها مرشد الجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي.

وقال المتحدث باسم الوزارة جوف موريل في مؤتمر صحافي "لست على علم باي بادرة من هذا النوع".

واضاف موريل "اجد ان اتهامنا من قبل الايرانيين بالتدخل (في شؤونهم الداخلية) مثيرا للسخرية في الوقت الذي يسعون فيه منذ ستة او سبعة اعوام في العراق باستمرار الى ضرب جهود السلام والاستقرار التي قمنا بها". وتابع "نحن لا نزال نعثر، خصوصا في العراق، على مخابىء اسلحة قادمة من ايران. وتم اكتشاف عدد كبير من العبوات الناسفة التقليدية (ايرانية التمويل بحسب الاميركيين) من مختلف الاحجام الاسبوع الماضي في العراق و لا نزال نلاحظ وجود مجموعات ارهابية في العراق تم تدريبها في ايران".

وتتهم ايران بانتظام الولايات المتحدة بدعم بيجاك ومنظمات اخرى عند حدود ايران وهو ما تنفيه واشنطن على الدوام. من جانبها تتهم الولايات المتحدة طهران بتسليح مقاتلين متمردين في العراق يخوضون قتالا ضد الجيش الاميركي. بحسب فرانس برس.

وبحسب التقديرات فإن حوالى ثلاثة الاف مقاتل كردي معظمهم من حزب العمال الكردستاني ومن بيجاك، يلجأون الى الجبال شمال العراق خصوصا في جبال قنديل عند تخوم كردستان العراق على الحدود مع ايران وتركيا. وحزب بيجاك مرتبط بحزب العمال الكردستاني الذي حمل السلاح في 1984 مطالبا بالحكم الذاتي لشمال شرق تركيا حيث الاغلبية من الاكراد.

ايران تطلق صاروخ مداه 2000 كم وأمريكا قلقة

من جهة اخرى قالت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية نقلا عن الرئيس محمود أحمدي نجاد ان ايران أطلقت بنجاح صاروخ أرض / أرض مداه حوالي 2000 كيلومتر.

وقال أحمدي نجاد خلال زيارة لاقليم سيمنان بشمال البلاد الذي ذكرت وكالة الانباء أن الصاروخ أطلق منه "أطلق اليوم الصاروخ سجيل 2 ذو التكنولوجيا المتطورة...وسقط على الهدف بالضبط."

ويقترب مدى الصاروخ وهو 2000 كيلومتر من مدى صاروخ ايراني اخر هو شهاب 3 ويمكنه ان يصل الى اسرائيل وقواعد امريكية في الخليج. بحسب رويترز.

ومن المتوقع ان يثير هذا الاعلان مزيدا من المخاوف في الغرب من طموحات ايران العسكرية. وتشك الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب في ان الجمهورية الاسلامية تسعى لامتلاك اسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران.

وأعلنت ايران في نوفمبر تشرين الثاني انها اختبرت اطلاق الصاروخ سجيل ووصفته بأنه جيل جديد من الصواريخ أرض / أرض. وتقول طهران انها مستعدة للدفاع عن نفسها ضد اي مهاجم.

وقالت واشنطن حينها ان التجربة الصاروخية الايرانية تبرز اهمية الحاجة الى الدرع الصاروخية التي تريد نشرها في بولندا وجمهورية التشيك للتصدي لمخاطر من تسميهم "الدول المارقة."

الدرع الصاروخية الأمريكية ضد إيران لن تنجح

وفي سياق متصل بجهود الولايات المتحدة لمحاصرة الطموحات الايرانية، أظهرت دراسة لمعهد أبحاث استندت الى إجماع خبراء أمريكيين وروس ان الدرع الصاروخية التي اقترحت الولايات المتحدة نشرها في اوروبا ضد أي تهديد ايراني محتمل لن تنجح ويجب ان تلغى.

وقال معهد الشرق والغرب ومقره نيويورك ان التخلي عن الدرع الذي تعارضه موسكو بقوة سيجعل من الأسهل للولايات المتحدة ان تعمل مع روسيا والقوى الكبرى الأخرى للسيطرة على إيران.

وقالت الدراسة ان ايران يمكنها ان تطور قنبلة نووية أساسية خلال عام الى ثلاثة أعوام ورأسا حربية نووية يحملها صاروخ بعد ذلك بخمس سنوات لكن لا يوجد دليل على هذه النوايا ومن غير المُرجح ان تبدأ إيران صراعا نوويا. بحسب رويترز.

وتقول ايران التي تتوسع في تخصيب اليورانيوم رغم قرارات الامم المتحدة التي تطالب بوقفها انها تريد الوقود النووي فقط لانتاج الكهرباء المشروع حتى يمكنها تصدير مزيد من النفط والغاز.

لكنها أثارت قلقا دوليا من خلال إخفاء نشاطها عن اللجنة الدولية للطاقة الذرية في الماضي واستمرت في تقييد عمل مفتشي الأمم المتحدة وعرقلة تحقيق في مزاعم مخابرات عن أبحاث في الماضي تتعلق بصنع قنابل.

وتقرير معهد دراسات الشرق والغرب هو أول دراسة لقدرات إيران النووية والصاروخية استنادا الى إجماع خبراء أمريكيين وروس بعد سنوات من الخلاف بين حكوماتهم بشأن ما ينبغي عمله مع طهران.

وخلصت واشنطن الى ان إيران تسعى الى صنع قنبلة ذرية وتفرض تهديدا فوريا. ويقول الكرملين انه لا توجد ادلة على أي من الاثنين. وقدمت نتائج الدراسة الى كبار مسؤولي السياسة الخارجية في الولايات المتحدةوروسيا في فبراير شباط الماضي.

ووافق الرئيس الامريكي السابق جورج بوش على فكرة خطة نظام الرادار الصاروخي والدرع الاعتراضية. وقال خلفه باراك أوباما انه سيتم تبني هذه الخطة بعد اجراء مراجعة لتكالفيها وكفاءتها الفنية.

وقال التقرير "الاضافة المقترحة للمكونات التي ستنشر في اوروبا (في بولندا وجمهورية التشيك) للدفاع الصاروخي الامريكي ... بها نقاط ضعف خطيرة... ولا يمكنها ان تقدم دفاعا يعتمد عليه لاوروبا أو الولايات المتحدة ضد الصواريخ التي تطلق من ايران."

وأي بلد قادر على نشر صواريخ طويلة المدى يمكنه ان اتخاذ اجراءات لتجنب الدرع. وقال التقرير "سيواجه (نظام الدفاع الصاروخي) مصاعب بالغة في التمييز بين الرؤوس الحربية التي تطلق من ايران ... ومن الشراك الخداعية التي تصاحبها."

وقال انه خلال ست الى ثماني سنوات قد تتمكن ايران من انتاج صاروخ قادر على حمل رأس حربية نووية مسافة 2000 كيلومتر وهو مدى يفترض ان يتصدى له نظام دفاع صاروخي ينشر في اوروبا يغطي الشرق الاوسط بما فيه اسرائيل العدو اللدود لايران.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 24/آيار/2009 - 26/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م