روسيا وأمريكا: أحلام التقارب تصطدم بالدرع الصاروخي

موسكو.. الحلف الاطلسي والولايات المتحدة خطرا على العالم وعلينا

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: استبشرت روسيا الاتحادية خيراً بالاشارات الايجابية القادمة من واشنطن مع مجيئ ادارة الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض بالرغم من الخلافات العميقة والمشاكل المعقدة التي لا تزال تفصل بين مواقف الجانبين. وأبرز هذه الخلافات تتصل اساساً حول قضية الدرع الصاروخي الامريكي في اوروبا الشرقية الذي تعتبره روسيا مصدر تهديد لأمنها القومي وتوسُّع حلف الناتو شرقا على حساب مناطق النفوذ الروسية اضافة الى تباين وجهات النظر حيال الملف النووي الايراني ومصير معاهدة تصفية الاسلحة الاستراتيجية ومعاهدة الحد من الاسلحة التقليدية في اوروبا.

لكن سياسة الأمن القومي الروسي الجديدة أوضحت  أن حكومة الكرملين على استعداد للدخول في مواجهات عسكرية لحماية حصصها من الموارد الطبيعية الآخذة في التضاؤل في أنحاء العالم، ومن بينها الشرق الأوسط. ولم تستبعد الإستراتيجية الأمنية الجديدة، التي كشفت عنها موسكو مؤخراً، اللجوء للقوى العسكرية لحل الأزمات التي قد تنبثق جراء تناقص موارد الطاقة، كالنفط والغاز، ما سيزج بالعالم في منافسة محمومة لتأمين تلك المصادر...

وقال رئيس مركز قضايا الاسلحة النووية الاستراتيجية التابع لاكاديمية العلوم العسكرية الجنرال السابق فلاديمير دفوركين في تصريح لوكالة الانباء الكويتية اليوم ان الجانبين الروسي والامريكي يظهران اهتماما ببلورة معاهدة جديدة في مجال تصفية الاسلحة الاستراتيجية الهجومية بدلا لمعاهدة (ستارت 1) التي ينتهي العمل بها في نهاية العام الجاري. بحسب تقرير لـ كونا.

ولفت دفوركين النظر الى ان اتفاقية تصفية الاسلحة الاستراتيجية الهجومية الثانية التي وقعت في موسكو عام 2002 "ستضيع في فراغ" اذا لم يتم التوقيع على معاهدة جديدة للاسلحة الاستراتيجية نظرا لخلو اتفاقية موسكو من اليات الرقابة والتفتيش المنصوص عليها في معاهدة ستارت 1.

واكد الخبير الروسي دفوركين على ضرورة ان تكون المعاهدة الجديدة ملزمة قانونيا وان تتضمن اليات الرقابة الضرورية مشيرا الى الى هناك بعض العقبات التي تعيق التوصل الى مثل هذه الاتفاقية وهي الخلافات حول الدرع الصاروخي الامريكي في اوروبا وعملية احتساب الرؤوس النووية والذخائر غير النووية المحمولة على وسائل نقل استراتيجية وغيرها .

وقال ان روسيا تريد التوصل الى حلول وسط لمشكلة الدرع الصاروخي في اوروبا وتوقيع اتفاقية جديدة حول الاسلحة الاستراتيجية ومواصلة الحوار حول امكانية بلورة منظومة شاملة للامن العالمي والتوجه نحو بلورة منظومة مشتركة للدفاع الصاروخي.

وحذر من ان الفشل في التوصل الى اتفاقية جديدة حول تصفية الاسلحة الاستراتيجية سيؤثر سلبا على نظام عدم انتشار الاسلحة النووية.

وتجدر الاشارة الى ان معاهدة (ستارت 1) سمحت لكل من روسيا والولايات المتحدة الامريكية بامتلاك ما لا يزيد عن 6000 الاف راس نووي فيما نصت اتفاقية موسكو التي يسري مفعولها حتى عام 2012 بامتلاك كل من الجانبين ما يتراوح بين 1700 و2200 راس نووي.

واوضح دفوركين ان روسيا الاتحادية تملك حاليا 3000 راس نووي فيما تملك واشنطن 3600 راس نووي.

واكد دفوركين رفض بلاده لاجراء مقايضة تربط بين تراجع واشنطن عن نشر درع صاروخي امريكي في اوروبا واقناع ايران بالتراجع عن برنامجها النووي والصاروخي.

ودعا دفوركين الى عدم المبالغة في حجم تاثير روسيا على ايران فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني مشيرا الى انه "لا يملك أي معلومات حول وجود توجه لدى موسكو لتزويد ايران بمنظومات صاروخية من طراز اس 300 ".

واعرب دفوركين عن قناعته الشخصية بان البرنامج النووي والصاروخي الايراني يشكل تهديدا رغم قوله ان "الاوساط الرسمية الروسية لا تشارك هذا الراي " مشيرا الى ان "طهران طورت من قدراتها الصاروخية بشكل ملحوظ ".

السياسة الأمنية الجديدة لروسيا: جاهزون للقتال

من جهة ثانية أوضحت سياسة الأمن القومي الروسي الجديدة، أن حكومة الكرملين على استعداد للدخول في مواجهات عسكرية لحماية حصصها من الموارد الطبيعية الآخذة في التضاؤل، في أنحاء العالم، ومن بينها الشرق الأوسط. ولم تستبعد الإستراتيجية الأمنية الجديدة، التي كشفت عنها موسكو هذا الأسبوع، اللجوء للقوى العسكرية لحل الأزمات التي قد تنبثق جراء تناقص موارد الطاقة، كالنفط والغاز، ما سيزج بالعالم في منافسة قوية لتأمين تلك المصادر، وفق "التايم."

وجاء في الورقة الإستراتيجية التي وقعها الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف: "في خضم المنافسة على الموارد، استخدام القوى العسكرية لحل المشاكل التي ستنجم عن ذلك، أمر غير مستبعد. وتابعت: "هذا قد يدمر موازين القوى على حدود روسيا وحلفائها."

وأظهرت الحرب الخاطفة التي خاضتها القوات الروسية ضد جورجيا العام الماضي، ضرورة وضع سياسة أمنية جديدة عوضاً عن تلك القائمة منذ عام 2002، وتركز على الدور الروسي في الحرب على الإرهاب أثناء القتال في الشيشان. بحسب سي ان ان.

واتسمت لهجة الورقة الجديدة بالليونة، رغم التأكيد على استعداد روسيا، أكبر مصدر للنفط والغاز، لاستخدام القوة العسكرية لحماية وحتى توسيع نطاق احتياطياتها من الموارد الطبيعية.

وقال نيكولاي بتروف، المحلل بـ"مركز موسكو كارنيج": "روسيا تقدمت بصيغة محددة لسياستها الخارجية والدفاعية، وإلا أن هذه الورقة لا تحدد ملامح هذه السياسة فحسب. بل تفرض واقعاً."

وأضاف: "إذا نظرت إلى صيغة الخاصة بإستراتيجية القطب الشمالي العام الماضي، وقارنتها بالورقة الحالية، سترى تغيراً في موقف الحكومة وأصبح أكثر اعتدالاً."وأردف: "في تفسير آخر، وزارة الخارجية تسعى لتقديم إستراتيجية أقل عدوانية."

وعلى صعيد متصل، واصل الرئيس الروسي، انتقاده للمناورات العسكرية التي ينفذها حلف شمال الأطلسي "ناتو" في جورجيا منذ السادس من مايو/أيار الجاري.

وقال في مؤتمر صحفي عقده ورئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني، في ختام جلسة المحادثات التي جرت بينهما في مقر إقامة الرئيس الروسي في بارفيخا السبت إن أفعالا من هذا القبيل تصب في إطار شحن الأجواء ولا تساهم في حفظ الأمن الدولي، وفق نوفوستي.

واشنطن وموسكو تسعيان للتغلب على خلافاتهما المتزايدة

وفي تطور لاحق عبر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما عن اعتقاده بإمكانية تضييق الخلافات الروسية الأمريكية حول الأسلحة النووية، وذلك إثر استقباله وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف.

وقال أوباما للصحفيين عقب الاجتماع "إن لدينا فرصة ممتازة لإعادة ترتيب العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن جميع  القضايا."

وأوضح الرئيس الأمريكي أن تلك القضايا تشمل الانتشار النووي والأوضاع في  أفغانستان وباكستان والنزاعات في العراق والشرق الأوسط، والاقتصاد العالمي، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا."

وأضاف أوباما أنه ناقش مع وزير الخارجية الروسي الوضع في أفغانستان والأزمة المالية والملف الإيراني وبعض الموضوعات الأخرى ذات الاهتمام المشترك.

وردا على ذلك، أكد لافروف أن روسيا تقوم بالتعاون فيما يتعلق بتسوية النزاعات بين البلدين، قائلا "أعتقد أننا نعمل بشكل عملي وفعال جداً" لحل الخلافات بين البلدين. بحسب سي ان ان.

يذكر أن أوباما فاجأ الوفد الروسي ودبلوماسيين أمريكيين عندما أبدى رغبته لاستقبال وزير الخارجية الروسي، إذ لم يتضمن برنامج زيارة لافروف إلى العاصمة الأمريكية لقاء مع الرئيس الأمريكي.

وقبيل اجتماع أوباما مع لافروف، أجرت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، محادثات مع وزير الخارجية الروسي حول قضايا نزع السلاح، واتفق الجانبان على أن النزاع حول جورجيا لن يؤثر على  محادثات نزع السلاح القائمة بين واشنطن وموسكو.

وأعرب وزير الخارجية الروسي، في مؤتمر صحفي مشترك مع كلينتون، عن أمله في إمكانية استئناف أعمال مجلس "روسيا - الناتو" في وقت قريب.

وأضاف أن العراقيل التي تعترض طريق معاودة نشاط المجلس تحمل طابعاً مصطنعاً وسترفع كلياً لإفساح المجال أمام أعمال هذه الهيئة الهامة على قاعدة تلك المبادئ التي تم الاتفاق عليها عند تأسيس المجلس، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية "نوفوستي."

جورباتشوف: أوربا أهدرت 20 عاما منذ انتهاء الحرب الباردة

وقال الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف ان اوروبا أهدرت الفرصة التي أتيحت لها بفعل سقوط حائط برلين منذ 20 عاما مضت لبدء حقبة جديدة من التعاون بين الشرق والغرب. بحسب رويترز.

وأضاف جورباتشوف والذي كان يتولى المسؤولية عند انهيار الاتحاد السوفيتي انه وزعماء عالميين آخرين كانوا يأملون أن يسمح سقوط الحائط عام 1989 لاوروبا بأن تصبح نموذجا للامن والسلم لبقية العالم لكن هذا لم يحدث.

وقال جورباتشوف (78 عاما) في مؤتمر صحفي بمؤسسته الخيرية بوسط موسكو "أهدرنا الاعوام لعشرين الاخيرة... لم نفعل كل ما كان علينا فعله. هذا أمر مؤسف للغاية."

وانتقد جورباتشوف بشدة الغربيين الذين زعموا فوزهم بالحرب الباردة بهزيمة الاتحاد السوفيتي بدلا من النظر الى انتهاء المواجهة بين الشرق والغرب بوصفها قرارا مشتركا لمصلحة الجميع.

وما زال الروس يحنون الى ماضي امبراطورية الاتحاد السوفيتي الذي كان قوة عظمى وتظهر استطلاعات للرأي أنهم مستاءون من جورباتشوف لسماحه بانهياره وهو الحدث الذي وصفه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين ذات مرة بأنه اكبر مأساة جيوسياسية في القرن العشرين.

وقال جورباتشوف ان الامل في اعادة بناء الاتحاد السوفيتي غير واقعي لكنه نادى بأن تتحد الجمهوريات الاربع الاساسية التي كانت تشكل عصب اقتصاده من جديد لتكون منطقة تجارة حرة.

وأضاف "لم يفت بعد اوان بحث انشاء منطقة اقتصادية حرة بين روسيا واوكرانيا وروسيا البيضاء وقازاخستان" مضيفا أن من شأن هذا تعزيز الامن الاوروبي.

واشتكى الرئيس السوفيتي السابق من أن اوروبا فشلت في فهم روسيا بشكل ملائم قائلا "قول ان روسيا عدوانية او امبريالية محض هراء... روسيا لا تريد خوض حرب ضد أي أحد."

ولا يتمتع جورباتشوف بنفوذ سياسي يذكر في روسيا اليوم لكنه اكد مجددا اعتزامه المساعدة في تشكيل حزب جديد لتحدي الهيمنة المطلقة للالة السياسية الرئيسية بالكرملين وهي حزب روسيا المتحدة.

وقال انه تم تلقي اكثر من عشرة آلاف خطاب تدعم فكرة انشاء الحزب الجديد وانه سيتم انشاؤه قريبا غير أنه ذكر أنه لن يكون زعيم الحزب.

ووصف جورباتشوف حزب روسيا المتحدة الذي يتمتع بأغلبية دستورية في مجلس الدوما بأنه "نسخة أسوأ من الحزب الشيوعي السوفيتي."

روسيا تعتزم بناء غواصات نووية جديدة

وفي مايتعلق بسباق التسلح المحموم قال مصدر في وزارة الدفاع الروسية إن موسكو تعتزم بناء ست غواصات نووية لصالح قواتها البحرية، مزودة بصواريخ موجّهة بعيدة المدى وذات قدرة عالية على المناورة، قادرة على حمل رؤوس بأسلحة "تكتيكية" قادرة على تدمير حاملات الطائرات التي "قد تشكل خطراً مباشراً على الأمن الروسي.

وتابع المصدر الذي تحدث لوكالة "إيتار تاس" الروسية الرسمية دون الكشف عن اسمه، إن موسكو، ورغم خطط بناء هذه الغواصات، إلا أنه ملتزمة اتفاقيات حظر نشر الأسلحة النووية حول العالم "وفق شروط متساوية مع سائر الدول."وذكر المصدر أن الغواصات ستدخل الخدمة الفعلية عام 2011.

 ورجحت مصادر أن تكون الغواصات من طراز "سفيرودفنسك" وهي قيد الإنشاء حالياً في مرفأ "سيفماش" الذي يعتبر مركز النشاط البحري للأساطيل الروسية النووية.

وكانت موسكو قد عكفت مؤخراً على تطوير جيشها وقدراتها العسكرية، معتمدة على الأموال التي وفرتها مبيعات النفط والغاز.

وتنظر موسكو إلى التواجد العسكري الغربي، وتحديداً الأمريكي، على مقربة من حدودها في أوروبا الشرقية تهديداً مباشراً لها، وخاصة بالنسبة لمنظومة "الدرع الصاروخي" الذي سبق أن أعلنت واشنطن نيتها نشره في عدد من تلك الدول.

وتقول روسيا إن الدرع يستهدفها، في حين تصر واشنطن على أن المنظومة، التي تضم رادارات وأنظمة مضادة للصواريخ تهدف إلى مواجهة خطر الصواريخ البعيدة المدى التي تطورها دول مثل إيران.

وإلى جانب قواتها البحرية، فإن روسيا مهتمة أيضاً بتطوير قدراتها الجوية، وكان رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، قد أعاد خلال الفترة التي تولى فيها رئاسة روسيا عمل رحلات القاذفات الروسية وذلك صيف عام 2007.

وقال بوتين آنذاك أنه أصدر أوامره بإعادة الرحلات الروتينية للقاذفات الروسية الإستراتيجية طويلة المدى التي تشارك فيها 20 طائرة، علماً أن هذه الرحلات في الحقبة السوفيتية كانت تشمل تقليدياً المناطق التي يعتقد أنها تحتوي على مكامن الصواريخ النووية الموجهة نحو دول المنظومة الاشتراكية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/آيار/2009 - 23/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م