- المسرح الشعري الحسيني مسرح رسالي
هدفه تقديم النموذج الحسيني الى العالم بإسلوب معاصر خلاق يليق بمكانة
الامام الحسين (ع)
- الشعر رؤى خلاقة وتداعيات آهلة
بالحيوية والتأويل والايحاء تتوفر على صور باهرة مدهشة تبعث على التأمل
والاستمتاع، وهذا لايأتي من فراغ
- لابد من تجديد الأفكار والمعاني
النبيلة السامية التي جسدتها الملحمة الحسينية الخالدة والتي قام بها
الإمام الحسين وحرصَ على تطبيقها على أرض الواقع
شبكة النبأ: ينتمي الشاعر رضا الخفاجي
إلى الجيل الشعري السبعيني في العراق حيث شكل هذا الجيل علامة شعرية
متوهجة في سماء الشعر العراقي، ومن اقرانه الشعراء صاحب الشاهر وزاهر
الجيزاني وخزعل الماجدي وحميد قاسم وأديب كمال الدين وغيرهم، وقد بدأ
الخفاجي حيويا متواصلا في الكتابة والنشر والتأليف، فنشر في أهم
الدوريات والصحف العراقية والعربية آنذاك كالاقلام والآداب والموقف
الثقافي وغيرها ثم اصدر مجموعته الشعرية في عام 1988 التي حملت عنوان
فاتحة الكرنفال، وتبعها بمجموعة ثانية حملت عنوان (بيضاء يدي) ثم سلسلة
من المسرحيات الشعرية (في المسرح الحسيني) ومؤخرا صدر له كتاب جديد حمل
عنوان (نظرية المسرح الحسيني) ولا يزال متواصلا في عطائه المتعدد
الحقول والاجناس، وكان لشبكة النبأ هذا الحوار مع الشاعر الخفاجي:
*ماهي مقومات المسرح الحسيني
المكتوب شعرا وفق رؤيتكم الخاصة؟
- قبل الاجابة عن هذا السؤال لابد لنا من التذكير ولو بشكل مختصر ان
المسرح نشأ دينيا وشعريا منذ عصر الملحمة مرورا بالعصر الاغريقي والعصر
الوسيط، اي في زمن شكسبير والى الوقت الحاضر.. اما المسرح النثري فقد
ظهر في العصر الوسيط واستمر ولا يزال وفيما يتعلق بالمسرح الشعري
الحسيني فاننا نعتقد بما يلي:
1- هو مسرح رسالي هدفه تقديم النموذج الحسيني الى العالم باسلوب
معاصر خلاق يليق بمكانة الامام الحسين (ع) وبالتضحيات الكبيرة التي
قدمها مع اهل بيته الاطهار وانصاره الابرار عام 61هـ وعلى ارض مدينة
كربلاء المقدسة.
2- إذن لابد من تجديد الأفكار والمعاني النبيلة السامية التي جسدتها
الملحمة الحسينية الخالدة والتي قام بها الأمام الحسين وحرص على
تطبيقها على أرض الواقع ـ وكذك تجسيد الكيفية الخلاقة المثالية
والعقائدية التي أدار بها سيد الشهداء الصراع ـ ضد التحريف الأموي.
3 - وعليه، فلا بد للكاتب في ـ المسرح الشعري الحسيني ـ أن يؤمن
ايمانا مطلقا بما يكتب وبجدوى كتاباتة ومدى قابليتها على احداث التغير
المطوب في كافة المجتمعات التي ماتزال ضحية السياسات العدوانية
والانظمة الديكتاتورية المقيتة... وضحية التمييز العنصري والفتنة
الطائفية.
4- على الكاتب ان يقدم النموذج الحسيني ـ من خلال المسرح- إلى
العالم كونه النموذج الامثل والأكمل والاشمل المؤهل لتخليص العالم من
جميع مشاكله وإزاحاته .. إن هو اقتدى به!
5- من جميع هذه المعطيات لا نعتقد .. بأن أي شخص يكتب عن القضية
الحسينية في المسرح أو في غيره بأنه ينتمي إلى منظومته الفكرية.. ولنا
في اشكالية –مسرحية عبد الرزاق عبد الواحد – خير مثال على ذلك، فالشاعر
عندما كتب مسرحية /الحر ابن يزيد ألرياحي/اعتقد بان الحر كان مسيحيا
ولم يكن يعرف الإمام الحسين ع وبالتالي فانه غير معني بالصراع .. هذا
ماجاء في سير الاحداث المسرحية وما اكده الناقد الراحل جبرا ابراهيم
جبرا –في المقدمة التي كتبها عن مسرحية عبد الرزاق عبد الواحد – وقد
قمنا بالرد على هذه الاشكالية وهذه المغالطات وعلى صفحات جريدة /المصور
العربي /عندما اجرت لقاء معي عام 1994 من خلال الاستاذ الناقد والصحفي
المعروف –ناظم السعود –حيث كنت قد تصديت إلى تلك المغالطات وكتبت
مسرحية اسميتها (صوت الحر ألرياحي)وقد قُدمت في كربلاء عام 1998
بموافقة لجنة المسرح العراقي في بغداد التي أجازتها واعتبرتها من افضل
النصوص المقدمة إليها وأعطتها الامتياز.. هذا نموذج واحد يؤكد صحة ما
ذهبنا إليه.
5- إننا نرفض –بدعوى الحداثة والمعاصرة- أن يختلق الكاتب أوهاما لا
تنسجم مع روحية القضية الحسينية ويقحمها في جسد النص لأنها ستكون طارئة
ونشازا، وهنا تكمن الصعوبة في هكذا كتابات حيث على الكاتب أن يعتبر –
القضية الحسينية- هي القضية الجوهرية والمحورية الاولى ومن خلالها
يتجسد الخلق والتخليق، لا أن يستغل القضية الحسينية لقضية أخرى يعتبرها
الأهم في حين تأتي القضية الحسينية في المرتبة الثانية والعاشرة، فلو
حصل هذا فإنه سيفقد إنتماءه للقضية حتى وإن كان العمل يتوفر على جانب
كبير من الابداع.
لأننا نكرر بإستمرار إن القضية هي قضية مبادئ وانتماء ورسالة، فإذا
كان الكاتب مبدعا حقيقيا فإنه يستطيع المحافظة على الجوهر وعلى قضيته
المركزية وفي نفس الوقت يوفر لعمله الاسلوب الذي يجعله مؤهلا فنيا أيضا
بكل معاني الفن- من دهشة وإمتاع وإيحاءات وتأويلات وثيمة درامية.
وهذا يتطلب لغة معاصرة مؤثرة تنسجم مع روحية الملحمة الحسينية وهناك
قضايا اخرى لا يسمح المجال لذكرها الآن ولكن بودي أن أنوّه بأن كتابي /
نظرية المسرح الحسيني/ الذي صدر قبل ايام وهو من منشورات قسم الشؤون
الفكرية لعتبة العباسية المطهرة يتوفر على رؤية شاملة لهذا الموضوع مع
نماذج تطبيقية ودراسة نقدية للناقد الراحل لواء الفواز ثبتها كنموذج
نقدي لمثل هكذا كتابات.
* الشعر بمعناه العام كما يراه (ادونيس)
هو اللغة الخالية من الأفكار: ماذا تقول في ذلك؟
الشعر رؤى خلاقة وتداعيات آهلة بالحيوية والتأويل والايحاء، تتوفر
على صور باهرة مدهشة تبعث على التأمل والاستمتاع، فهل يأتي كل هذا من
فراغ؟!
الجواب بالتأكيد كلا.. لأن اللاشعور عندما يتحفز في اللحظة الشعرية
، أي لحظة الكشف فإنه يعتمد على معينه الذي لا ينضب/ وهو الشعور أو
مجموعة المشاعر والرؤى النابعة من منظومته الفكرية.
حتى العبثيون الذين خرجو علينا بموجات متعددة وحاولوا فيها تهشيم
اللغة واحداث الصدمة والى آخره من المزاعم، هم أيضا لهم مرجعياتهم
الفكرية.
وعليه فإنني أعتقد بأن الشاعر ادونيس لم يكن يقصد ذلك إنما كان يقصد
الأفكار العادية المباشرة ذات النبرة الخطابية الفجة والتي لا تتوافر
على حالات الابداع الحقيقي المتوفرة في لحظات الشعر الخالصة، فعندما
يحلق الشاعر في المطلق ويتوغل في مديات لانهائية ليكتشف ويكتشف ويكتشف
! فإن نوعية ينابيعه هي التي تحفزه على هذا التوغل والاكتشاف وهذا
مبعثه قوة وعيه التي توصله إلى تلك العوالم.. وكل هذا لايحدث من فراغ
فكري إطلاقا" وفي اللقاء الآخر الذي أجري مع الشاعر أدونيس شمال الوطن،
فإنه لم يكن يعني ذلك بالتأكيد.. إنما أراد للشعر أن يحلق ويسمو وهو في
لحظاته الباهرة، حتى يحدث التغيير المطلوب الذي يسعى وراءه الشاعر
المبدع حقا.
*أيهما تفضل بكتابة الشعر.. الشكل
العربي التقليدي أم الشكل النثري؟.
- لقد قلت في مناسبات عديدة بأن جوهر الشعر واحد وإن إختلفت أشكاله،
المهم أن تولد القصيدة في لحظات الشعر الحقيقية الخالصة، بمعنى أن تولد
القصيدة عندي ولادة طبيعية، أو بالاحرى .. ما أنا إلاّ وسيط تفرض
القصيدة شكلها عليه فأسكبها على الورقة، وبعد أن اخرج من حالة الشعر
ولحظاته السامية، أعيد ماذا صنعته السجية، قد يكون هناك بعض الترهل أو
التكرار من جراء إحتشاد الصور والمعاني وتدافعها في لحظة الشعر.
هذا هو جوهر الشعر.. وبالمناسبة فإنني كتبت بجميع أشكال الشعر ولي
فيها دوواين.
فمجموعتي الأولى –فاتحة الكرنفال- والثانية –بيضاء يدي- كانتا من
الشعر الحر وشعر التفعيلة.
وجميع قصائدي الصوفية والتي تتغنى بحب آل البيت الأطهار وهي اربع
مجاميع شعرية كتبتها بالشكل العمودي إلاّ ما ندر. ومجموعتي الشعرية
–المدفوعة إلى إلى المطابع- والتي نُشرت الكثير منها في المجلات والصحف
وعنوانها –كربائيلو- فهي نصوص مفتوحة تتوفر على الاشكال الثلاثة في كل
نص منها.
أما مسرحياتي الشعرية السبع فقد كتبتها بإسلوب الشعر الحر، ومن خبب
المتدارك.. المهم عندي أنني لا اكتب القصيدة أو هي لا تكتبني إلاّ
عندما أدخل في منطقة الشعر.
* حبذا لو تطلعنا على المشهد الادبي
في كربلاء من وجهة نظركم؟
- كربلاء المقدسة مدينة علم وأدب وفن منذ زمن طويل واذا اردنا إن
نتكلم تفصيلا عن المشهد الأدبي فهذا يستغرق صفحات كثيرة.. ولكننا نقول
بعد أن أنعم الله على بلدنا العزيز بإنقاذه من براثن الدكتاتورية
المقيتة عاد الابداع الكربلائي ليحتل مكانته الطبيعية بعد عهود من زمن
التغييب المتعمد والحرب الشعواء التي شنت عليه كونه ينطلق من مركز
اشعاعي كوني وهو كربلاء المقدسة.
لقد كان اسم كربلاء وما يزال يرعب الطغاة والارهابيين وجميع اعداء
الحرية والاصالة والتقدم لذلك تجد إن الكثير من مثقفي العراق يحاولون
اللجوء إلى كربلاء والعيش فيها والانطلاق منها وهذا ما حصل ويحصل العصر
كما حصل في عصور سابقة عندما كانت مقرا للحوزة العلمية لسنوات طويلة
وقبلها ومنذ البدء عندما كان اسمها كربائيلو أي بيت الرب أو حرم الإله،
وعندما كان اسمها نينوى كان الناس يأتون حاجين إليها.. لكني استطيع أن
اتكلم عن مميزات المشهد الادبي والثقافي كربلاء كونه يختلف كثيرا عن
بقية المحافظات، فنوعية الابداع وكميتها متميزة لذلك لا يستطيع أي اسم
ادبي أن ينحت اسمه ليعانق ذاكرة المدينة وسفرها إلا ذلك المبدع الحقيقي
الذي يتوفر على انجاز ادبي وفني خلاق، لذلك تأتي الاسماء وتذهب ولا
يبقى الذي يتوفر على النمو والمطاولة والخلود وهذه هي سنة الحياة.
والابداع الادبي يعتمد على الجهد الفردي للمبدع وعلى مدى اهمية
وحيوية وجدوى الينابيع التي يستقي منها ذلك المبدع، إن كربلاء مدينة
عالمية ثقافيا وفكريا ولذلك فإن ابداعاتها الاصيلة يُشار له بالبنان
ورموزها في الزمن الحاضر يتواجدون على كل مساحة الوطن الثقافية وكذلك
في القارات الاخرى وهم في الداخل والخارج متواجدون وليس صحيحا إن نؤشر
ما موجود حاليا في كربلاء ونترك أو نغيّب اسماء خارج الوطن، لقد ولى
زمن التغييب ولابد لنا إن نكون منصفين وموضوعيين وفي النهاية اقول، إن
هناك حراكا ثقافيا متميزا حيث انتشرت بؤر الاشعاع الفكري والثقافي
وتنوعت وكذلك هناك نشاط ادبي وفني متميز واسماء كبيرة اتمنى إن تواصل
عطاءها خدمة لعموم الحركة الثقافية والفكرية الانسانية.
*في حدود تجربتكم الشعرية الخاصة
كيف تنظرون إلى تجارب الشباب وما هي اوجه التشابه والاختلاف؟
- أعتقد إن الاجابة عن السؤال الذي كان قبله أجاب عن جوهر هذا
السؤال ومع ذلك أقول:
في مدينة كربلاء هناك كما كبيرا من هواة الشعر والمسرح وباقي الفنون
وفي هذا الزمن الجديد توفرت الآن فرصة كبيرة في السابق بجزء يسير منها
حيث انتشرت المرافق الثقافية في المدينة بشكل غير معهود ولأول مرة في
كربلاء تتواجد قنوات فضائية ومحطات اذاعة وتلفاز ومجاميع من الصحف
المحلية ورغم إن هذه الظاهرة قد عمّت جميع مدن العراق لكن كربلاء تأتي
في المقدمة بعد العاصمة حسب اعتقادي مما اتاح لجميع الكتاب إن يحصلوا
على فرص مهمة لنشر ابداعاتهم، وعليه فإن هذا الهامش الواسع من الحرية
ومن الفرص الاستثنائية يبشر بالخير والتفاؤل، واستطيع إن اقول بان هناك
تجارب واعدة في مجال الشعر والمسرح تحديدا وكذلك في الفنون التشكيلية
وبالتأكيد ستكون هناك ولادة حقيقية لاسماء مستقبلية كبيرة بعد هذا
الارهاص المتعب والطويل.. ولا اعتقد بأن كربلاء ستغير هويتها لأنها
قدرها.
|