لا احد ينكر الخلاف الكردي العربي في العراق والذي اسست له
الدكتاتوريات بشكل كبير جدا خصوصا الدور الذي قام به حزب البعث في هذا
الصعيد مما ادى الى تفكيك التماسك المطلوب بين المكونات العراقية،
لاسيما بين المكونين الرئيسين للدولة العراقية وهم العرب والاكراد.
نعم كان هناك اضطهاد للاكراد، كان اقصاء.. والى جنب ذلك كانت هناك
ايضا بعض التلكؤات من الاكراد انفسهم ربما ساهمت هي الاخرى في زيادة
الفجوة التي نتمنى ان تزول في اقرب وقت، علينا الاعتراف بالخطا، علينا
انصاف المظلوم وتوضيح الملابسات من الطرفين ومن ثم نسعى في تجاوز
الماضي الاسود.
ذلك التاريخ المرير الذي عانى منه طيف واسع من الشعب العراقي بدأ
يزول بعد السقوط ، تلك المتغيرات الحاصلة اعادت للاكراد كفتهم في الحكم
من جديد، فرايهم مسموع ومناصبهم محفوظة حيث انهم يقودون وزارة الخارجية
منذ بداية تشكيلها عام 2003 وحتى هذه اللحظة الى جنب منصب رئيس
الجمهورية ومنصب نائب رئيس الوزراء وبقية الوزارات الاخرى.
استطاعوا ان يمرروا ارادتهم في قانون ادارة الدولة وكذلك في الدستور
العراقي فكان لهم ما رادوا من حقوق.
ان هذه العودة لاحضان الوطن لماذا لا يحاول الكرد اعتبارها عودة
جديدة لكل ارجاء العراق وليست لكردستان وحدها؟! لماذا لا يعتبر الكرد
صراعهم مع الاستبداد والطغيان هو في اطار صراع الاغلبية الساحقة للشعب
العراقي مع الدكتاتوريات وليس في اطار صراع عربي كردي متاصل؟!
ثم لماذا توضع اية صيحات نقدية للساسة الاكراد في سياق العداء
والاضطهاد والاقصاء؟! وتأدلج في هذا الاطار، رغم ان الجميع في هذه
المرحلة يخضعون لمبدأ النقد ولصيحات الصحافة، والاكراد ليسوا استثناءا
من ذلك، فهذه القوى السياسية العراقية تتعرض للانتقاد والتجريح والقتل
والانفجارات وليس الاحزاب الكردية يتيمة في هذا الجانب.
ثم لماذا هذا الحيز الكبير من تفكير الاكراد ممنوح لفكرة الانفصال
والاستقلال في ظروف دولية واقليمية حالية لا تسمح بذلك؟ !! كيف لا توجه
انتقادات الى بعض القوى الكردية وهي تعتز بكرديتها اكثر من اعتزازها
بالوطن ؟ بل لا تريد رسم سياساتها ومصالحها في اطار المصلحة العامة
للشعب العراقي كي تكون اكثر منطقية في تحققها ومن ثم لا تحتج بعدم
تلبية تلك المطالب.
ثم اذا اعطيت للاكراد مشروعية الصيحات المطالبة بالحقوق الكردية
المضيعة فهناك اقليات تطالب بحقوقها التي تحاول تضييعها القوى الكردية
تحت ذريعة واخرى، فالتركمان اقلية في العراق ندافع عنهم كما ندافع عن
الاكراد وبقية الاقليات فلماذا هذا الاقصاء لهذه الاقلية في كركوك تحت
حجة الدفاع عن حقوق الاكراد؟!!
حاليا فان اكراد العراق هم اكثر التجمعات الكردية في المنطقة
استحواذا على حقوقها ومطالباتها، كم كنا نتمنى ان لا يضع الكرد ذريعة
لمن يتهمون الاكراد بالابتعاد عن طبيعة وهموم الشعب العراقي، من حقنا
ان نطالب ابناء جلدتنا الاكراد ان يتفهموا دور جماعات الضغط في كل
البلدان الديمقراطية وفي العراق ايضا اذا ما كنا بالفعل نريد الاتجاه
نحو عراق ديمقراطي.
ان على الاخوة الكرد ان يتفهموا صوت من يطالب باعادة النظر في
المسائل الخلافية مثل الدستور واوضاع كركوك وكذلك مختلف المناطق
المتنازع عليها، اضف الى ذلك بعض الصيحات الكردية التي تقف بوجه تسليح
الجيش او اتفاقيات الحكومة المركزية مع العديد من دول العالم.
نطالب النخبة الكردية بالانفتاح اكثر على المكونات العراقية الاخرى
وان تكون اكثر عقلانية ومرونة في الطرح السياسي من اجل ان لا تضيع
حقوقهم وحقوق غيرهم تحت شعارات التهديد بالحرب الاهلية.
ان هذه الصيحات تبحث عند الطرف الاخر عن اذان صاغية وصدور رحبة
تتفهم نسيج الوضع العراقي المعقد وقادرة على الاستجابة لمتطلبات
المرحلة بمرونة تساهم في تجاوز العقبات في قريب المستقبل.
* كاتب عراقي
gamalksn@hotmail.com |