الاحتباس الحراري آخر هموم الدول الصناعية المتقدمة

التدهور المناخي مستمر والجهود متواضعة لا ترتقي الى حجم التهديد

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: حذرت مجموعة من العلماء من أن ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض يمثل "أعظم تهديد صحي في القرن الواحد والعشرين."

ويأتي التنبيه في سياق سلسلة من التقارير تعكس عمق الأزمة البيئة التي يواجهها كوكب الأرض، والأول من نوعه الذي يركز على دور السلطات الصحية، حول العالم، في تخفيف وطأة الظاهرة.

كما حذر باحثون أمريكيون من أن مستوى المياه في بعض انهار العالم الرئيسية انخفض بشكل ملحوظ خلال الخمسين عاما الأخيرة.

حيث أشارت إحدى الدراسات الى ان ذوبان الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي سيؤدي الى ارتفاع في مستوى مياه المحيطات اقل مما كان متوقعا حتى الان، بيد ان تبعاته لا تزال مأسوية.

الاحتباس الحراري تهديد فتاك

قال أنطوني كاستيلو، بروفيسور صحة الطفل، ومدير "معهد الصحة الدولية" بجامعة لندن: "ما من هيئة، وعلى المستوى الدولي، سيتسنى لها التعامل بفعالية في استنباط حلول معقدة لمشكلة معقدة كهذه."

وأضاف في التقرير الذي أعد بالتعاون مع دورية "لانسيت" الطبية وجامعة لندن: "هذا تهديد عاجل وخطير ومهمل، ويتطلب استجابات غير مسبوقة من حكومات ومنظمات دولية."

وتستند تكهنات التقرير على ارتفاع معدلات الحرارة في كوكب الأرض ما بين 2 إلى6 درجات مئوية على مدى القرن المقبل، إلا أن السيناريوهات تتركز على ارتفاع قدره 4 درجات، وفق مارك ماسلين، مدير المعهد البيئي بجامعة لندن. بحسب (CNN).

ومن العواقب الصحية الوخيمة لذلك الارتفاع: تحرك الأمراض المستوطنة في أماكن دافئة، كحمى الضنك والملاريا، نحو الشمال واتساع رقعة تفشيها جراء ارتفاع درجات الحرارة.

ستفتك موجات الحر الشديد بالمزيد من البشر في المزيد من مناطق العالم (وأدت موجة الحر التي اجتاحت أوروبا عام 2003 إلى مصرع أكثر من 70 ألف شخص."

تراجع المحاصيل، مما سيخلق المزيد من الاضطرابات في أمن الغذاء، في عالم ينام فيه 800 مليون شخص جياع يومياً.

سيرفع تراجع معدلات المياه معدلات سوء التغذية بالإضافة إلى التسبب بالمزيد من المشاكل الصحية.

وستصيب الفيضانات الناجمة عن التغير في نمط هطول الأمطار وذوبان المناطق الجليدية، أنظمة الصرف الصحي بالخلل، مما سيرفع حالات الإصابة ببعض الأمراض كالإسهال.

سيدفع تراجع الإسكان بالمزيد من سكان المدن للعيش في مناطق عشوائية ما يعني افتقاد أنظمة الصرف الصحي المناسبة والتعرض لسوء الأحوال الجوية.

يذكر أن الكرة الأرضية تعيش حالياً الكثير من التبدلات المناخية بسبب ارتفاع مستويات التلوث التي تسببت بظاهرة الاحتباس الحراري، ما أدى إلى تغييرات تطال مسار العواصف وكميات الأمطار، إلى جانب بدء ذوبان الجليد في القطب الشمالي والمناطق الجبلية.

جفاف" انهار العالم الرئيسية

يشار الى إن انخفاض مستوى المياه، كما يقول الباحثون، الى التغييرات المناخية التي يشهدها كوكب الارض، مشيرين الى ما لذلك من تأثيرات ضخمة في الوقت الذي يزداد فيه عدد سكان العالم.

وتعتبر منطقة القطب الشمالي هي المنطقة الوحيدة التي حدثت فيها زيادة كبيرة في مستوى المياه بسبب ذوبان الجليد، وزيادة سقوط الثلوج.

ونشرت الدراسة في مجلة المناخ التابعة للجمعية الامريكية للتغيرات المناخية.

ويقول الباحثون ان هناك تراجع في الموارد الرئيسية للماء العذب الذي يعتمد عليه سكان الارض، مثل النهر الاصفر شمالي الصين، ونهر الكانج في الهند ونهر كولورادو في الولايات المتحدة.

وقد درس الباحثون اوضاع اكثر من 900 نهر خلال فترة زمنية قدرها خمسون عاما الى عام 2005.

ووجد الباحثون ان هناك تراجعا عاما في مقدار تدفق المياه في محيطات العالم.

ويعود معظم الانخفاض الى انشطة بشرية مثل اقامة السدود او تحويل المياه لاغراض الزراعة.

الا ان الباحثين اكدوا على اهمية عنصر التغير المناخي مشيرين الى ان ارتفاع درجات الحرارة ادى الى تغير انماط سقوط المياه كما ادى الى زيادة معدلات التبخير.

خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 70% قد ينقذ الجليد القطبي

اظهرت دراسة ان خفض انبعاثات غازات الدفيئة ولا سيما ثاني اوكسيد الكربون خلال القرن الحالي سيكون كافيا لانقاذ الجليد في القطب الشمالي وتجنب اكثر الاثار الكارثية في ارتفاع حرارة الارض.

ويرى واضعو الدراسة ان ارتفاع الحرارة في القطب الشمالي سيخفض بالنصف تقريبا ما يساعد في المحافظة على الاسماك والطيور البحرية والحيوانات القطبية مثل الدب الابيض ولا سيما في شمال بحر برينغ.

واوضح وارن واشنطن الباحث في "ناشونال سنتر فور اتموسفيريك ريسيرتش" المشرف الرئيسي على هذه الدراسة انه يمكن من خلال ذلك التوصل وان جزئيا الى تجنب اخطر جوانب التغيير المناخي المحتملة ومنها ذوبان الغطاء الجليدي وتراجع المجلدة الارضية وارتفاع مستوى المحيطات.

وستصدر الدراسة التي مولتها وزارة الطاقة الاميركية في "جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز".

وقال واشنطن الذي استند الى عدة نماذج محاكاة معلوماتية ان "هذه الاعمال تظهر ان من غير الممكن تجنب حصول ارتفاع كبير في حرارة الارض في القرن الحادي والعشرين".

واضاف "لكن في حال تمكن العالم من خفض انبعاثات غازات الدفيئة بهذه النسبة اي 70% يمكننا ان نجمد التهديد الذي يطرحه التغير المناخي بحدود معينة وتجنب وقوع الكارثة".

وارتفع متوسط حرارة الارض بحوالى نصف درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الثورة الصناعية (منتصف القرن التاسع عشر). بحسب (CNN).

والارتفاع في حرارة الارض عائد خصوصا الى انبعاثات غازات الدفيئة ولا سيما ثاني اكسيد الكربون على ما ذكرت الدراسة.

حرارة الأرض لم ترتفع وبيانات الباحثين مغلوطة

في سياق متصل قال عالم أمريكي إن المخاوف حيال ظاهرة الاحتباس الحراري "مبالغ فيها" إلى درجة كبيرة، وأن الإجراءات التي يعكف البيت الأبيض على إعدادها لاعتماد مقاربة "خضراء" في قضايا البيئة والغازات الضارة "مكلفة وغير مجدية على أرض الواقع."

واعتبر جون كريستي، مدير برنامج مركز "نظام الأرض" في جامعة ألباما الأمريكية، إن البيانات التي حصل عليها العلماء في الأعوام الأخيرة، والتي تُظهر ارتفاعاً مطرداً لدرجات الحرارة، هي في واقع الأمر غير دقيقة، وقد تشوهت بسبب تأثيرات بناء المدن والتوسع العمراني. بحسب (CNN).

ويؤكد كريستي أن منتقدي أبحاثه لا يسعهم اتهامه بالعمل لصالح شركات السيارات أو النفط، كما يتهمون سواه من العلماء الذين يعترضون على الضجة المثارة حيال تبدلات المناخ، مشدداً على أنه لم يتلق طوال حياته المهنية أي مبالغ لتمويل أبحاثه إلا من إدارة البحار والمناخ الحكومية الأمريكية.

ويقول كريستي إن المعلومات التي سجلها العلماء حول ارتفاع حرارة سطح الأرض غير دقيقة لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار امتصاص أحجار البناء للحرارة في المدن، والتغييرات التي طرأت على حركة الرياح بسبب الأبنية الشاهقة.

ويضيف كريستي أن أجهزة الرصد الحراري التي كانت موجودة مطلع القرن الماضي في قرى صغيرة بدأت تُظهر ارتفاعاً في درجات الحرارة بالترافق مع ازدياد حجم القرى التي كانت فيها وتحولها إلى بلدات ومدن.

كما يؤكد أن تحليله لدرجات حرارة الأرض عبر المسح بالأقمار الصناعية يؤكد بأن حرارة الأرض لم ترتفع سوى بشكل محدود للغاية، مشدداً على أن لجوء العلماء إلى قياس حرارة الأرض في الليل يلعب دوراً في ظهور البيانات المغلوطة لأن تلك الفترة تشهد خروج الحرارة من أحجار البناء والمنشآت التي امتصتها طوال النهار.

واستدل كريستي على صحة تحليلاته بالقول إنه رصد حرارة مناطق مأهولة وأخرى نائية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية على مدار 100 عام، واتضح له أن درجات الحرارة كانت متقاربة خلال النهار، إلا أنها ارتفعت في المناطق المأهولة خلال فترة الليل بتأثير الأبنية.

وفي لقاء مع مجلة "فورتشن" قال كريستي إن معظم أجهزة الرصد الحراري باتت إلكترونية، ما يحتم أن تكون قريبة من مصدر طاقة وبالتالي من منشآت تمتص الحرارة وتزيد من درجاتها.

ونفى العالم الأمريكي أن يكون لزيادة الحرارة في المدن تأثير فعلي على البيئة، باستثناء تضخم كميات الهواء الساخن الذي يرتفع من المدن الكبرى باتجاه طبقات الجو العليا، الأمر الذي قد يسبب العواصف الرعدية.

ورأى كريستي أن بعض الظواهر المناخية الحديثة - وبينها ذوبان المسطحات الجليدية بالقطب الشمالي- تثير ذعر الناس دون أسباب منطقية على حد تعبيره، وذكر بأن الجليد يمر بدورات طبيعية يتشكل ويذوب معها، مضيفاً أن التقارير تؤكد بالمقابل بأن المناطق الجليدية في القطب الجنوبي تتوسع بشكل كبير.

وعن خطط الإدارة الأمريكية لخفض انبعاثات الغازات الضارة بنسبة 80 في المائة حتى 2050 قال كريستي إن الأمر سيكلف الكثير من الأموال في حين أن نتائجه ستكون محدودة، وستظهر من خلال تراجع الحرارة بنسبة لا تتجاوز 0.7 درجة مائوية.

وكان كريستي قد عمل عام 2001 ضمن لجنة شبه حكومية حول قضايا المناخ، وهو واحد من بين ثلاثة علماء شاركوا في كتابة تقرير اتحاد الجيوفيزيائيين حول تبدلات المناخ عام 2003

رحلة الطيور المهاجرة أطول

يدفع الاحترار المناخي الطيور المهاجرة من افريقيا الى شمال اوروبا الى اجتياز مسافات اطول مما قد يترك آثارا مدمرة عليها، كما تشير دراسة بريطانية نشرت الاربعاء.

وتفيد الدراسة التي اشرف عليها ستيفن ويليس من جامعة درهام البريطانية ان مسافة تزيد عن 400 كيلومتر قد تضاف الى مسار الطيور المهاجرة التي تقصد شمال اوروبا بحثا عن الغذاء والمناخ الملائم.

واشار ويليس الى ان "هذه الرحلات الطويلة قد تمتد اكثر لدى بعض الاجناس، وهذا ليس لمصلحة طيور الدخلة بيضاء الحلق (سيلفيا كومونيس) الصغيرة مثلا التي قد تشكل هذه المسافة الاضافية تهديدا كبيرا لها". بحسب فرانس برس.

القيمون على الدراسة، التي نشرتها مجلة "جورنال اوف بيوجيوغرافي"، راقبوا مسار 17 نوعا من طيور الدخلة، وهي من الطيور الشائعة في اوروبا.

ولجأ الباحثون الى نماذج محاكاة معلوماتية اظهرت ان مناطق تكاثر طيور الدخلة ستنتقل ابعد الى الشمال، فيما ستبقى مناطق المبيت الشتوي مستقرة بالنسبة لمعظم الانواع. وبحلول الفترة الممتدة بين 2071 و2100، قد تطول مسافة هجرة 9 انواع من بين الانواع ال17 المدروسة والتي يجتاز بعضها الصحراء الافريقية.

يذكر ان حوالى 500 مليون طير مهاجر، بينها عصافير لا يتعدى وزنها تسعة غرامات، تجتاز الاف الكيلومترات بين افريقيا واوروبا سنويا. وللصمود اثناء رحلة الهجرة، تلجأ بعض هذه العصافير الى مضاعفة وزنها قبل الانطلاق، فيما يعمد البعض الاخر الى تقليص حجم اعضائه الداخلية لادخار الطاقة.

ويؤكد ريس غرين، احد القيمين على الدراسة، ان "هذه العصافير الصغيرة تجتاز مسافات هائلة مستنفدة بذلك قدرة صمودها. لذا ان اي عامل من شأنه اطالة مسار رحلتها يعرض حياتها للخطر".

اضافت الدراسة ان بعض الاجناس، على غرار عصفور ابو قلنسوة (سيلفيا اتريكابيلا)، بدأت تتأقلم مع الواقع المناخي الجديد واختارت عدم المهاجرة بعد الان وتمضية فصل الشتاء في انكلترا. بيد ان هذا التكيف لا يزال استثنائيا.

 السعودية: محادثات المناخ تهدد بقاءنا

قال كبير مفاوضي السعودية في محادثات الامم المتحدة بشأن المناخ ان المحادثات تهدد الاقتصاد السعودي وان المملكة تريد تأييدا في أي تحول من الوقود الاحفوري الى مصادر اخرى للطاقة مثل الطاقة الشمسية.

ويعرقل تضارب مصالح الدول المختلفة محادثات المناخ المتعثرة والتي تهدف للتوصل الى اتفاق عالمي جديد بحلول ديسمبر كانون الاول في كوبنهاجن لكبح التغيرات المناخية التي يسببها الانسان.

وتقول دول تتشكل من جزر صغيرة ان ارتفاع منسوب المياه في البحار يهدد بقاءها. لكن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم تقول انها يمكن أن تعاني من أي اتفاق يقلص الطلب على النفط عن طريق فرض عقوبات على انبعاثات الكربون.

وعلى هامش محادثات تعقد في بون ومن المقرر ان تنتهي يوم الاربعاء بعد أحدث جولة من الاجتماعات التي تهدف الى ابرام اتفاق يحل محل أو يمدد بروتوكول كيوتو بعد عام 2012 أبلغ محمد الصبان رويترز قائلا "انها مسألة بقاء بالنسبة لنا ايضا. لذلك فاننا من بين أكثر الدول المعرضة للمشكلات من الناحية الاقتصادية." بحسب رويترز.

وتابع "السعودية لم تفعل ما يكفي بعد من أجل هذا التنوع."

وتتراوح الخلافات في المحادثات بين دول غنية في مواجهة دول فقيرة ودول تساهم بقدر أكبر في التغيرات المناخية مقارنة بغيرها ودول أكثر عرضة لارتفاع مستويات البحار والفيضانات والجفاف.

وعلى سبيل المثال تريد السعودية مساعدة في تطوير مصادر طاقة بديلة وان تحصل على حصص من الكربون مقابل دفن غازات مسببة للاحتباس الحراري في ابار بترول شبه ناضبة.

وقال الصبان ان طموحات الطاقة الشمسية للسعودية "تتجاوز كثيرا" مشروع مصدر في ابوظبي الذي تبلغ قيمته 15 مليار دولار للاستثمار في الطاقة المتجددة وتشييد مدينة خالية من الكربون لكنه احجم عن تحديد قيمة الخطط السعودية بالدولار.

واردف " لدينا الكثير من الشمس والارض ويمكننا تصدير الطاقة الشمسية لجيراننا على نطاق واسع وهذا هو هدفنا الاستراتيجي لتنويع اقتصادنا. سيكون ضخما.

"نحتاج مساعدة الدول الصناعية من خلال الاستثمارات المباشرة ونقل التكنولوجيا" للتخفيف من أعباء اتفاق جديد للمناخ.

ومن بين المطالب السعودية الاخرى من محادثات الامم المتحدة تعديل الضرائب على الوقود الاحفوري في الدول الصناعية لتركز على الكربون بدلا من الطاقة وهو ما يمكن أن يعود بالنفع على النفط لانه يسبب قدرا اقل من الانبعاثات مقارنة بالفحم.

كما ترغب في خفض الدعم للوقود الحيوي المنافس الذي تقول انه يضر بالبيئة ويرفع اسعار الغذاء.

وقال الصبان ان السعودية "قلقة" من التهديد "الخطير" على اقتصادها لكنها ستتعاون.

وتقول جماعات حماية البيئة ان السعودية عرقلت لسنوات محادثات المناخ التي تضم ما يصل الى 190 دولة.

ويقول الصبان "اعتدنا على هذه المزاعم. نشارك باخلاص في هذ المحادثات. الجميع جاءوا هنا لحماية مصالحهم ونحن نفعل نفس الشيء وكذلك الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة."

غاز الكربون ضارا بالصحة

من جانب آخر قررت هيئة حماية البيئة الاميركية اعتبار الغازات المسببة للانحباس الحراري، وبصورة خاصة ثاني اكسيد الكربون، خطرة على الصحة العامة، في تطور مهم يعكس رغبة الادارة الاميركية في محاربة تلك الظاهرة.

واعلنت هيئة حماية البيئة في بيان على موقعها الالكتروني انها وبعد دراسة معمقة امرت المحكمة العليا باجرائها في 2007، خلصت الى ان غازات الدفيئة وخصوصا ثاني اكسيد الكربون تساهم في تلوث الجو ومن شأنها تعريض الصحة العامة للخطر.

وكشفت نتائج هذا الفحص وجود ستة انواع من الغازات الملوثة المهددة للصحة.

ويشكل هذا القرار المرتقب تطورا مهما في الولايات المتحدة حول مسألة الاحتباس الحراري ويكشف نية السلطات الفدرالية في اتخاذ تدابير للحد من انبعاث هذه الغازات التي تساهم في ارتفاع درجات حرارة الارض. بحسب فرانس برس.

وفي البيان قالت ليزا جاكسون مديرة الهيئة الاميركية لحماية البيئة ان "نتائج هذه الدراسات تؤكد ان غازات الدفيئة تطرح مشكلة خطيرة اليوم وعلى الاجيال الصاعدة. انها ولحسن الحظ تدعم دعوة الرئيس (باراك) اوباما من اجل اقتصاد ينتج كميات اقل من الكربون ومن اجل دور قيادي قوي للكونغرس من اجل طاقة نظيفة واعتماد تشريعات مناخية".

واضافت "مشكلة التلوث لها حل - حل سيخلق الملايين من فرص العمل الصديقة للبيئة وينهي تبعية بلادنا للنفط المستورد".

وقالت جاكسون "كما تفيد نتائج الدراسة، يشكل التغير المناخي مشكلة هائلة. غازات الدفيئة المسؤولة عن ذلك تضر بالصحة العامة وبما يكفله القانون المتعلق بتوفير هواء نقي (للمواطنين)"

وقررت المحكمة العليا اعتبار ثاني اكسيد الكربون غازا ملوثا في اطار قانون الهواء النقي.

وامرت المحكمة هيئة حماية البيئة ان تقرر بشأن مدى خطورة غازات الانحباس الحراري على صحة الناس ورفاهيتهم.

في كانون الاول/ديسمبر 2007، ارسلت هيئة حماية البيئة نسخة اولية من التقرير الى البيت الابيض، يفيد ان ثاني اكسيد الكربون يشكل خطرا على الصحة العامة.

لكن ادارة جورج بوش لم تاخذ بالتقرير وقاومت قرار المحكمة العليا، مثيرة بذلك غضب مجموعات حماية البيئة بعد ثماني سنوات من رفضها اتخاذ اي قرار لمواجهة الازمة ووقف ما اعتبرته هذه الجمعيات "تلاعبا وتجاهلا لما يؤكده العلم باي ثمن".

وقال جون ووك، المحامي المسؤول في مجلس الدفاع عن الموارد الوطنية، الشهر الماضي ان تقرير هيئة حماية البيئة "يعني ان غازات الدفيئة لا تهدد الصحة العامة فحسب -- والانظمة البيئة والبيئة والكوكب بصورة عامة - وانما كذلك يقيم رابطا مهما بين انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الكوكب وكيف تؤثر على سحب الدخان الملوثة والملاريا وغيرها من المشكلات الصحية العامة".

واعتبر جو مندلسون احد المسؤولين في الاتحاد الوطني لحماية الحياة البرية، ان "قرار الهيئة الاميركية لحماية البيئة تاريخي ويغير السياسة المناخية التي سيكون لها انعكاسات في الولايات المتحدة والعالم".

ارتفاع مستوى المحيطات

كما اظهرت دراسة ان مستوى المياه في المحيطات يمكن ان يرتفع بسرعة، حتى ثلاثة امتار في غضون عقود قليلة، قياسا على ما حصل قبل 120 الف سنة في العصر بين الجليدي.

وقال المشرف على الدراسة بول بلانشون، وهو جيوفيزيائي من جامعة المكسيك الوطنية لوكالة فرانس برس ان هذا السيناريو الذي من شأنه ان يغير معالم السواحل كليا "بات الان احتمالا واردا خلال المئة سنة المقبلة". ونشرت هذه الدراسة الخميس مجلة "نيتشر" العلمية.

وتغطي اكبر البقع الجليدية المحيط المتجمد الجنوبي وغرينلاند. بحسب فرانس برس.

في العام 2007، كان الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ توقع ارتفاعا لا يتعدى 59 سم لمستوى المياه بحلول العام 2100، آخذين بعين الاعتبار التوسع الطبيعي لحجم المياه في المحيطات بسبب ارتفاع حرارتها، من دون احتساب ذوبان الجليد في غرينلاند.

ولكن حتى هذا الارتفاع البسيط نسبيا قد تكون عواقبه وخيمة على الجزر الصغرى وعلى دلتا الانهر الكبرى، لاسيما في اسيا.

ولكن ارتفاعا سريعا في مستوى المحيطات يصل الى ثلاثة امتار قد يهدد عشرات المدن الكبرى في العالم على غرار شنغهاي وكالكتا ونيو اورلينز وميامي ونيويورك.

ويوضح بلانشون ان "العلماء كانوا يميلون الى الظن ان مستويات البحار وصلت الى حدها الاقصى في العصر بين الجليدي السابق، اي قبل 120 الف سنة، بشكل تدريجي على امتداد الاف السنين، ولكننا اليوم ندرك ان الامر لم يحصل على هذا النحو".

والادلة على الارتفاع السريع في مستوى المياه في شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية ظهرت صدفة، اثناء اعمال تمهيد للارض لتشييد مجمع ترفيهي.

وعثر بول بلانشون وثلاثة من زملائه، من معهد لايبنيز للعلوم البحرية في المانيا، على بقايا شعب مرجانية اتاحت لهم دراسة تقلبات مستوى البحار بدقة اكبر.

وبالاستناد الى مرتفعات الشعب الاقرب الى سطح الماء، تمكن العلماء من رصد ارتفاع مفاجئ لمستوى البحر قبل 121 الف سنة.

وقال بلانشون ان "ذلك الارتفاع بلغ ثلاثة امتار في خمسين عاما، وهذا اول دليل على ارتفاع مفاجئ في مستوى الماء في تلك المرحلة".

وحده ذوبان الغطاء الجليدي يفسر مثل هذا الارتفاع، على ما قال بلانشون. الا ان العصر بين الجليدي السابق عندما كانت مستويات المحيطات تفوق المستويات الحالية بستة امتار، كان يشهد درجات حرارة اعلى بكثير من يومنا هذا.

وشبه جزيرة يوكاتان هي من من المناطق القليلة في العالم التي لم تشهد نشاطا زلزاليا لالاف السنين ما يسمح بقياس مستويات المحيطات بدقة عالية.

واضاف بلانشون "اننا بحاجة لمتابعة هذه الدراسات في مناطق اخرى ذات درجة استقرار عالية على غرار غرب استراليا".

ويخشى العلماء مع الزيادة السريعة في انبعاثات غازات الدفيئة العائدة الى النشاط البشري منذ مطلع القرن العشرين، ان يؤدي الاحترار المناخي بحلول العام 2100

الى تكرار ما حصل وتسريع تفكك المساحات الجليدية.

وقد لا يكون هناك اثر مباشر لتفكك الجرف الجليدي الضخم، ولكينز، في المحيط المتجمد الجنوبي، على مستويات المياه، لكنه قد يسرع ذوبان الجبال الجليدية في البحر.

التلوث "عامل مساعد لمعالجة الاحتباس الحراري"

يقول علماء ان تلوث الجو ربما كان عاملا مساعدا في مكافحة ارتفاع درجة حرارة الارض، من خلال تشجيع النباتات على استهلاك المزيد من غاز ثاني اكسيد الكربون.

ويشير بحث علمي جديد الى انه، ومنذ الستينيات، ادت الزيادات في تلوث اجواء الارض الى رفع مستوى انتاجية النبات عموما، ووصلت في بعض الاحيان الى نحو 25 في المئة.

ويقول البحث، الذي ينشر في الدورية العلمية "نيتشر" او الطبيعة، انه بموجب هذه التقديرات فان هذا يعني ان تربة الارض استوعبت نحو 10 في المئة من غاز ثاني اكسيد الكربون.

يشار الى ان هناك افتراضا شائعا ان النباتات تنمو بشكل افضل في جو مشمس نظيف، الا ان العلماء يقولون ان هذا ليس دائما الافتراض الصحيح.

فقد بين البحث ان الغابات والمحاصيل الزراعية يمكن ان تنمو وتزدهر في ظروف مختلفة كالاجواء الملبدة بالغيوم، ووجود الجزيئات الملوثة في الاجواء، وقلة ظهور الشمس، وهو ما يدفعها الى زيادة التورق.

كما انه يمكن ان يحفز من عملية التمثيل الضوئي، وهي العملية التي يحول فيها النبات الضوء وثاني اكسيد الكربون الى غذاء له.

ويقول العلماء انه حللوا تأثير الاجواء قليلة الاضاءة والسماء المبلدة على النبات، والتي نتجت من تلوث الاجواء في العالم منذ الستينيات.

واستنتج العلماء من خلال حساباتهم ان ما يعرف بظاهرة "عتمة الارض" وهي الظاهرة المسؤولة عن ارتفاع انتاجية النبات بنسبة وصلت احيانا الى 25 في المئة منذ الستينيات وحتى عام 1999.

وقالت الدكتورة لينا ميركادو، من المركز البريطاني للانظمة البيئية والمائية، ورئيسة فريق البحث، ان هذه الظاهرة احدثت زيادة في نسبة الكربون الذي خزنته الارض نسبتها عشرة في المئة.

كما نوهت الدراسة الى عدد من التعقيدات المتعلقة بمحاولة الانسان التصدي لمشكلة ارتفاع حرارة الارض.

تغيرات المناخ تجبر قرية للاسكيمو على الهجرة

ذوبان الثلوج يجبر السكان على النزوح

أفادت مصادر حكومية أمريكية، أن الطوفانات التي أتت بسبب التغيرات المناخية، قد أجبرت سكان قرية واحدة، تابعة لشعب الاسكيمو، على الأقل في ولاية ألاسكا على مغادرة قريتهم إلى منطقة أبعد بحوالي تسعة أميال شمالا.

إيطاليا وسويسرا تعيدان ترسيم الحدود بسبب ذوبان الثلوج بحسب سي ان ان.

وتعليقا على المسألة وأثرها على السكان، قال ستانلي توم، عضو إدارة المجلس القبائلي الخاص بقرية "نيوتوك" التي رحل سكانها، "إننا نشهد تآكل وذوبان الجليد وغرق قريتنا أمامنا الآن، وهو ما يهدد حياتنا"، وأضاف أن أجداده عاشوا في هذه المنطقة لقرون خلت، وأن الأرض بالنسبة للاسكيمو مصدر معيشتهم ويعتبرونها وطنهم، ولذلك فهو يشعر بأن الرحيل إلى قرية أخرى سيكون "حدثا مميتا للسكان."

وبالمقابل رأى خبراء من اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، التابعة للأمم المتحدة، أن حجم الكارثة ليس محصورا بنيتوك وسكانها، بل إن التغيرات المناخية التي تؤدي ذوبان الجليد وارتفاع درجة حرارة الجو من شأنها أن تشرد 150 مليون شخص بحدود العام 2050.

وتأتي أحداث عملية نقل سكان القرية، في الوقت الذي تعقد فيه القمة العالمية للسكان الأصليين في "انكوراج" بألاسكا، والتي ستستمر لخمسة أيام وسيناقش فيها تأثير التغيرات المناخية على مجتمعات السكان الأصليين في البلاد وتوحيد صفوفهم في مواجهة هذه الأزمة، ويصبو المؤتمر إلى رفع درجة الوعي البيئي بين الناس.

ويذكر أن علماء الأمم المتحدة قد أشاروا أن الارتفاع المذهل في درجات الحرارية، والذي يؤدي إلى انهيارات جليدية كبيرة ويسبب فيضانات وانقراضات للحيوانات، ناجم عن زيادة بث الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وحرق الوقود المصنوع من البترول.

كذب مجموعة صناعية

كشفت صحيفة واشنطن بوست ان مجموعة اميركية كبرى تمثل صناعات النفط والفحم والسيارات كانت تؤكد ان غازات الدفيئة لا تساهم في الاحتباس الحراري، بالرغم من علمها طوال سنوات ان العكس صحيح.

واكدت مجموعة التحالف المناخي الشامل لسنوات ان الاثباتات العلمية على ارتباط انبعاثات ثاني اكسيد الكربون والاحتباس الحراري غير كافية لتبرير مصادقة الولايات المتحدة على بروتوكول كيوتو.

مع ذلك، كتبت الصحيفة في عدد السبت "عام 1995 استنتج تقرير صاغه علماء (المجموعة) نفسها بان +الاسس العلمية حول غازات الدفيئة والتاثير المحتمل للانبعاثات البشرية المصدر (...) على غرار ثاني اكسيد الكربون باتت مثبتة ويتعذر نفيها+".

كشفت الصحيفة ان هذا الاستنتاج تم "محوه" قبل النشر.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت هذه المعلومة، ونفاها وليام اوكيف الذي ترأس المجموعة حتى 2002، تاريخ حلها.

وصرح للواشنطن بوست "يخال المرء ان الشركات المنتمية الى التحالف عمدت الى خداع الناس حيال دور البشر في تغيير المناخ". واضاف "هذا وهم"، "كل ما قلنا وقتئذ هو ان عناصر الشك الموجودة في التاثير البشري على المناخ تكفي لعدم تبرير بروتوكول كيوتو".

واعتبر السيناتور الديموقراطي جون كيري الذي تحدث الى الصحيفة ان الكشف عن تلك الفقرة "ينبه الى ضرورة توخي الحيطة حيال التحاليل والدراسات التي يجريها الصناعيون لتنشر" في الاشهر المقبلة، بالتزامن مع مناقشة الكونغرس لمشروع قانون الطاقة.

وتجري حاليا صياغة مشروع قانون جريء حول المناخ والطاقة في مجلس النواب، ينص على تقليص انبعاثات غازات الدفيئة الاميركية بنسبة 20% مع حلول العام 2020 مقارنة بالعام 2005، وانشاء الاف الوظائف في قطاعات بيئية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 20/آيار/2009 - 23/جمادى الآولى/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م