
شبكة النبأ: هل سيتصادم الرئيس
الامريكي باراك اوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بشأن المقاربة
الامريكية الايرانية، والضغوط الامريكية على اسرائيل للمضي بعملية
السلام والقبول بحل الدولتين، فهل سينجح اوباما ام انه سيرضخ في
النهاية الى الضغوط الاسرائيلية واليهودية، ويكون مشروعه التغييري مجرد
زوبعة في فنجان.
فقد كتب مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن
لسياسة الشرق الأدنى "ديفيد ماكوفسكي" موضوعاً تحت عنوان أوباما
ونتنياهو، هل يتجهان نحو صِدام؟، تحدث فيه قائلا يستضيف الرئيس
الأمريكي باراك أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب الليكود
بنيامين (بيبي) نتنياهو في البيت الابيض يوم الاثنين 18 أيار/مايو، في
أول لقاء بينهما منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة قبل ستة
اسابيع. ويتوقع بعض المراقبين بأنه لا بد من حدوث تصادم في الآراء بين
الزعيمين، إن عاجلاً أو آجلاً؛ ومع ذلك، فإن إمكانية إجراء تبادل صريح
بين أولوياتهما من شأنها أن تبني الثقة وتجنب حدوث الصدام.
إجمالي قضايا "التصادم"
وأضاف "ديفيد ماكوفسكي" يشير التاريخ وكما تدل التصريحات العلنية
الأخيرة، إلى احتمال حدوث تصادم.
وأستدل "ماكوفسكي" تاريخياً حيث يقول، كانت هناك بداية ضعيفة لإثنين
من قادة الليكود الثلاثة الأخيرين في أولى جلساتهما مع رؤساء الولايات
المتحدة في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، ولكن تلك العلاقات لم
تتحسن بصورة تامة. مشيراً الى لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق شامير
مع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب للمرة الاولى في نيسان/أبريل 1989.
وأستعرض كاتب المقال قول الرئيس الأمريكي بأن لديه مشكلة حول موضوع
المستوطنات اليهودية. مشيراً الى إجابة شامير بأن المستوطنات هي موضوع
إسرائيلي داخلي، مضيفاً: لا تقلق، أنها لن تشكل مشكلة.
وأعرب عن رأيه في تفسير بوش الذي قال بدوره بأن شامير سوف لن يقوم
بتوسيع المستوطنات، قائلا شعر الرئيس الأمريكي بالمضايقة عندما استمر
التوسع. وقد بقيت العلاقة بينهما فاترة. وفي سياق مماثل، وبعد أول
اجتماع عُقد في البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال فترة ولايته السابقة في عام
1996، قال كلينتون لمساعديه في اجتماع بينهما بعد أن غادر رئيس الوزراء
الإسرائيلي – الذي كان واثقاً جداً من نفسه - الغرفة: يعتقد أنه هو
القوة العظمى. وفي الفترة التي تلت، اثبتت العلاقات بينهما بأنها كانت
صعبة للغاية.
وأشار ديفيد ماكوفسكي الى المستوى الخطابي، قائلا حيث انخرطت
الولايات المتحدة وإسرائيل، في لعبة كرة طاولة كلامية.
وضرب كاتب المقال ثلاثة أمثلة واصفاً إياها تتبادر إلى الأذهان:
الأول، رفْض نتنياهو القول، خلال المفاوضات الائتلافية التي أدت
إلى تشكيل حكومته، بأن المبادئ التوجيهية لسياسة حكومته ستقوم على أساس
حل الدولتين مع الفلسطينيين. ومن جهة أخرى يقول مسؤولون أمريكيون كبار
بصورة علنية بأن السبيل الوحيد للخروج من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
هو حل الدولتين.
الثاني، إشارة وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان إلى
مؤتمر أنابوليس للسلام الذي انعقد في عام 2007، والذي سعى لتحديد معالم
اتفاق ووضع الأساس لاستئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين،
بأنه باطل. بيد، قال الرئيس أوباما في كلمة ألقاها في أنقرة بأن مؤتمر
أنابوليس هو الأساس للمضي قدماً.
الثالث، إعلان إسرائيل بأن مقدرتها على التحرك قدماً بشأن القضية
الفلسطينية تعتمد على تقدم الولايات المتحدة حول موضوع إيران؛ وعندما
أعلنت ذلك أجاب مسؤول اميركي بأن النجاح حول الموضوع الإيراني يتوقف
على إحراز تقدم بشأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وهكذا قام كل
جانب بذكر شكل الارتباط الذي يؤيده.
حل الدولتين والارتباط
أما على مستوى المسؤولين الأميركيين والمراقبين قال كاتب المقال "ديفيد
ماكوفسكي" ، يشكل رفض نتنياهو قبول حل الدولتين سبباً للتوتر، لأنه
يوحي بإعادة تكرار الماضي. فخارطة الطريق التي أعدتها اللجنة الرباعية
الدولية للشرق الأوسط، والتي تم اعتمادها من قبل الحكومة الإسرائيلية
في 25 أيار/مايو 2003 بأغلبية 12 صوت مقابل 7 أصوات -- بالرغم من بعض
التحفظات -- تَذكر في البداية بأنها خارطة طريق قائمة على الأداء من
أجل التوصل إلى تسوية] للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتهدف إلى الوصول
إلى حل دائم مبني على تشكيل دولتين.
وأضاف الكاتب حتى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي
صوت ضد خطة خارطة الطريق في ذلك الوقت، يقول بأنها تلزم إسرائيل اليوم.
إن عدم تكرار الماضي هو أمر بالغ الأهمية، لأن الولايات المتحدة تسعى
للتأكد من أن شروط اللجنة الرباعية لا تزال سارية المفعول، بما فيها
الشرط المتعلق بقبول حركة حماس للاتفاقات الإسرائيلية الفلسطينية
السابقة.
وتعرض كاتب المقال الى كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين قالوا بأن
نتنياهو قد يقول لأوباما بصورة شخصية بأنه يقبل بحل الدولتين إذا ترافق
ذلك فرض نفس القيود على السيادة الفلسطينية -- مثل نزع السلاح – التي
يؤيدها قادة حزبا العمل وكديما، لكنه لن يصرح بذلك علناً خوفاً من أن
يخلق نظرة داخل إسرائيل عن ضعفه بعد مرور فترة وجيزة فقط على انتخابه.
ومع ذلك، قد يجد نتنياهو أنه من المفيد نزع فتيل هذه القضية من خلال
تصريحه الآن عن تأييده لحل الدولتين، حيث من الممكن حدوث تداعيات
سياسية داخلية في حال إعطائه مثل هذا التصريح، فقط بعد تزايد النداءات
الدولية في الأشهر المقبلة.
نيتنياهو وتلقي الدعم
وأحتمل الكاتب "ديفيد ماكوفسكي" أن يجد نتنياهو بعض الدعم في
الولايات المتحدة، للإعتقاد الذي يؤمن به بأنه ينبغي أن يكون الهدف من
إجراء المفاوضات هو الاعتراف من قبل جميع الأطراف بأن الدولة
الفلسطينية ستكون وطن للفلسطينييين، مثلها مثل دولة إسرائيل التي هي
وطن لليهود. وفي هذا الصدد، ألقى نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن
كلمة، قبل أسبوعين فقط، ذكر فيها إسرائيل كـ دولة يهودية آمنة.
وقال الكاتب ينبغي تجنب أيام مناقشة عامة حول مسألة الارتباط، أي
فيما إذا كانت إيران هي المفتاح لحل القضية الفلسطينية، أو العكس
بالعكس. هناك حاجة لبحث موضوعي إيران والقضية الفلسطينية بصورة متوازية،
دون إعطاء تأكيدات من قبل الإدارة الأمريكية حول الصلة بين الاثنين.
ويعترف كبار المسؤولين العرب بصورة غير علنية بأنه ليست هناك علاقة بين
عدم قدرتهم على التأكيد بصورة قطعية على موضوع إيران، وبين إسرائيل: إن
مخاوف العرب من إيران صادقة ولا تعني أخذ مصلحة إسرائيل.
وفي إشارة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وصفاً
إياه "ديفيد ماكوفسكي" بأنه ذو النقد اللاذع والمعروف، أنه ليس من
المعجبين بإسرائيل – كان قد أوضح ذلك هذا الاسبوع بصورة علنية بقوله إن
هذه مواضيع مختلفة. وعلاوة على ذلك، ونظراً لقيام إيران بتهديد وجود
إسرائيل، فإن القول بأن جهود الولايات المتحدة لممارسة ضغوط على إيران
هي [سياسة] مشروطة، هو من الامور المثيرة للمشاكل. ويتنافى ذلك مع
التزامات الرئيس أوباما العلنية والمتكررة تجاه أمن إسرائيل.
وقال الكاتب، لا يمكن لإسرائيل أن تضع جهود السلام في حالة انتظار
أيضاً. فعلى العكس من ذلك، هي تحتاج إلى بحث القضية الفلسطينية، في ضوء
التحديات الديموغرافية التي تواجهها.
بناء الثقة
وأفترض كاتب المقال قيام الزعيمان بالابتسام علناً والتعبير عن
صداقتهما خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقدانه، فالسؤال هو هل تسير
العلاقة بين بيبي وأوباما باتجاه المتاعب؟ ليس بالضرورة، ولكن يتعين
على الجانبين العمل بجد من أجل بناء الثقة. إن القلق الكامن الذي يشعر
به الجانبان هو الخوف من أن يكون كل منهما غير ملتزم حقاً بمعالجة
المواضيع المدرجة على رأس قائمة الأولويات بالنسبة للجانب الآخر.
ويعتقد نتنياهو بأن التاريخ قد دعاه ليكون في السلطة في هذا الوقت من
أجل منع حدوث محرقة أخرى. وقد قال ذلك في محادثة شخصية مع كبار مساعديه،
وليس فقط إلى الجمهور.
واستنتج الكاتب، بأن نتنياهو يريد أن يعرف ما الذي سيفعله أوباما
إذا فشلت الجهود الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران وإذا واصلت
طهران مسيرتها باتجاه الحصول على أسلحة نووية. من السهل الأعتقاد بأن
نتنياهو سيضغط على أوباما لشن هجوم على إيران في حال فشل الجهود
الدبلوماسية. وهناك العديد من الخيارات الأخرى، بدءاً من زيادة
العقوبات وانتهاءاً بتوجيه ضربة عسكرية إسرائيلية. ومع ذلك، ففي الوقت
الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تحقيق أقصى قدر من النفوذ الذي
بحوزتها قبل إجراء محادثات مع إيران، من المحتمل أن يكون نتنياهو قد
غضب من قيام بعض كبار المسؤولين الأمريكيين بصورة علنية -- وليس في
محادثات شخصية -- بتحذير إسرائيل من مهاجمة إيران. وسيقلق مما ستستخلصه
إيران من مثل هذه التصريحات العلنية من قبل إدارة أوباما.
ونقل الكاتب "ديفيد ماكوفسكي" رغبة الرئيس الأمريكي أوباما السماع
من نتنياهو بصورة واضحة عن خططه تجاه الفلسطينيين، حول كيفية إمكان
نجاح النهج الذي تتبعه إسرائيل تجاه الفلسطينيين إذا لا تقوم إسرائيل
بكبح النشاط الاستيطاني. وسوف يقدر أوباما التصريح الأخير الذي أدلى به
نتنياهو بأن التقدم الاقتصادي غير كاف، وأن مثل هذا التحسن يجب أن
يرافقه تقدم سياسي. إن المضي قدماً في هذا الموضوع مهماً لأوباما، حيث
يعتبره مثيراً وحيوياً وإن كان لا يرتبط بحل نزاعات أخرى -- في منطقة
يسعى فيها إلى تحسين مكانة الولايات المتحدة. ولهذا الغرض، من المرجح
أن يخبر أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن الجهود التي تبذلها
الولايات المتحدة حول قيام الدول العربية باتخاذ خطوات أولية تجاه
إسرائيل في الوقت الذي تقوم هي أيضاً باتخاذ خطوات إيجابية تجاه
الفلسطينيين عن طريق وقف النشاط الاستيطاني.
وأختتم كاتبا لمقال قائلا إذا لم تتم معالجة أولويات الزعيمين
بالكامل، من الممكن أن تحدث مشاكل في المستقبل المنظور. ونظراً
للتحديات التي كانت قائمة في الماضي بين البلدين، ليس هناك بديل من
قيام أوباما ونتنياهو بـ "إخلاء" الغرفة والبدأ في مناقشة صريحة جداً
حول النقاط الجوهرية. ويصر مساعدو نتنياهو بأن هذه الفترة لا تشابه
حقبة التسعينات من القرن الماضي وأنه على استعداد على أن يكون أكثر
إقبالاً على معالجة القضايا الفلسطينية اذا ما اقتنع بأن إيران،
الممولة لـ حماس وحزب الله، لا تشكل تهديداً نووياً على إسرائيل. ومع
ذلك، فإن عدم وضوح النوايا لن يؤدي إلا إلى تغذية انعدام الثقة.
وأضاف باختصار، يحتاج نتنياهو أن يكون واضحاً حول الاتجاه الذي
سيسير به بشأن القضية الفلسطينية، كما يحتاج أوباما أن يكون على نفس
المستوى مع نتنياهو حول كيفية رؤيته لسياسة الولايات المتحدة تجاه
إيران في حال فشل الجهود الدبلوماسية. ليست هناك طريق مختصرة نحو بناء
الثقة: يتعين على كل جانب أن يشاطر خطه الأدنى.
وهنا يكمن الأمل في قيام علاقات عمل مجدية، دون الخروج عن المسار
الصحيح. |